خَفيفٌ أنا يا سنديانةُ
كريشةٍ تتطايرُ في الهواءِ
لا مالَ لي كي أستعبدَ
بهِ العبّادَ
ولا منصبَ
كي أعدِّدَ منجزاتي المزيَّفةَ
على المتملّقين
ولا حسبَ شريفًا
يتمناهُ السَّذَجُ
كي أتفضَّلَ بهِ على الفُقراء
ولدتْني أمّي خَفيفًا وحرًّا
على ضفةِ الفراتِ
فابتسمَ لي دجلة فرِحًا
هكذا نحنُ أبناءُ الطيِّبات
يريدون موتَنا
أيَّتها السنديانة البريَّة
وقد ولدتْنا أمهاتُنا أحياء
والعرّافون تنبئوا كثيرًا
لكنَّ زمنَ النبوءاتِ ولّى
ولن نُقتلَ بوصايا
الخلَّبِ من المبجَّلين
فالقلوبُ تبحثُ عن جواهرِها
والنفوسُ المرتبكةُ الخُطى
لا مستقرَّ لها
المدنُ طاشَتْ عقولُها
كما يطيشُ الرصاصُ
على الأجسادِ البريئة
الرزقُ ضئيلٌ
والزمنُ يقتِّرُ على المُعدمين
كما تقتِّرُ الغيومُ
بأمطارها على الوديانِ الصادية
الفتيانُ الوسيمون
يبيعونَ الماءَ بالشوارعِ
ويقفون تحتَ هَجير تمّوز
والشمسُ شرَّدتِ الغيومَ
كي لا تحمي رؤوسَهم
وأولادُ أولي الأمر
يهربون من الدوامِ
في الوزاراتِ
براتبٍ كاملٍ ووفيرٍ
لا تزالُ كهرمانة
في قلبِ بغداد
تسكبُ الماءَ على الجِّرار
وفي كلِّ جرّةِ
الكثيرُ من الحراميّة الوقورين
حينما خمنتُ: إنَّهم أربعون
ضحكَ علي بابا
ربَّما أربعمائة
فقهقهَ عاليا
عجبًا هل هم أربعة آلاف
فسقطَ مغشيًّا عليه من الضحكِ
حتى انفجرتِ الجرارُ
من الدراهمَ والدنانيرَ الذهبيّة
لا أحدَ يعرفُ العددَ
وكهرمانةُ لا تعرفُ الحِساب
إذا كنتم تنشدونَ الآخرةَ
ولا تعرفون السقي
لم لا تعتكفون
وتتركونَ البستانَ لفلاحيهِ
أتهجرونَ صاياتِ المسجدِ
وتلبسون البدلاتِ الغالية
إذا كنتم صوتَنا بالدنيا
ووسيلتَنا بالآخرةِ
فماذا أبقيتُم للرسلِ
أيُّها المحترمون
الذكرى لا تنفعُ مع الأشرار
وبرغمِ خفةِ وزني
لكنَّني ثقيلٌ بعملي
فلي دينٌ عظيمٌ
ولكم دينٌ لا نعرفُ
عنهُ شيئًا
سيموتَ الجميعُ من ذوي
الأحسابِ والأموالِ والمناصبِ
ونحن الفقراءُ
كما وُلدنا نعودُ
أصلبَ جذرًا
بما ليسَ لكم
وميزانُ الربِّ عادلٌ
يرتفعُ وينخفضُ بالأعمالِ
والثقلُ والخفةُ
قد تعمي عيونَ المبجّلين
لكنَّ عينَّ الربِّ حَديد
فالفسحةُ بين كفَّتي الميزان
قد تكونُ
كالفسحةِ بينَ إصبعين
لكنَّها واسعةٌ
كالفسحةِ بين الغيمِةِ
وسطح بنايةٍ عالية
سأظلُّ أدورُ خفيفًا
كريشةٍ تتلاعبُ بها الدنيا
أو كنجيمٍ يسبحُ في الكونِ
عارفًا إلى أينَ
مبتغاه
الحقيقةُ واضحةٌ
لكنَّ الخيارَ صعبٌ
أيَّتُها السنديانةُ المقدَّسةُ
سيستظلُّ تحتَ أغصانكِ
الكثيرُ من الأنبياءِ الفقراء
فدربُ التبّانةِ
فيه من اللبنِ الكثيرُ
بغداد- الثلاثاء
26/07/2022 03:33:17 م
كريشةٍ تتطايرُ في الهواءِ
لا مالَ لي كي أستعبدَ
بهِ العبّادَ
ولا منصبَ
كي أعدِّدَ منجزاتي المزيَّفةَ
على المتملّقين
ولا حسبَ شريفًا
يتمناهُ السَّذَجُ
كي أتفضَّلَ بهِ على الفُقراء
ولدتْني أمّي خَفيفًا وحرًّا
على ضفةِ الفراتِ
فابتسمَ لي دجلة فرِحًا
هكذا نحنُ أبناءُ الطيِّبات
يريدون موتَنا
أيَّتها السنديانة البريَّة
وقد ولدتْنا أمهاتُنا أحياء
والعرّافون تنبئوا كثيرًا
لكنَّ زمنَ النبوءاتِ ولّى
ولن نُقتلَ بوصايا
الخلَّبِ من المبجَّلين
فالقلوبُ تبحثُ عن جواهرِها
والنفوسُ المرتبكةُ الخُطى
لا مستقرَّ لها
المدنُ طاشَتْ عقولُها
كما يطيشُ الرصاصُ
على الأجسادِ البريئة
الرزقُ ضئيلٌ
والزمنُ يقتِّرُ على المُعدمين
كما تقتِّرُ الغيومُ
بأمطارها على الوديانِ الصادية
الفتيانُ الوسيمون
يبيعونَ الماءَ بالشوارعِ
ويقفون تحتَ هَجير تمّوز
والشمسُ شرَّدتِ الغيومَ
كي لا تحمي رؤوسَهم
وأولادُ أولي الأمر
يهربون من الدوامِ
في الوزاراتِ
براتبٍ كاملٍ ووفيرٍ
لا تزالُ كهرمانة
في قلبِ بغداد
تسكبُ الماءَ على الجِّرار
وفي كلِّ جرّةِ
الكثيرُ من الحراميّة الوقورين
حينما خمنتُ: إنَّهم أربعون
ضحكَ علي بابا
ربَّما أربعمائة
فقهقهَ عاليا
عجبًا هل هم أربعة آلاف
فسقطَ مغشيًّا عليه من الضحكِ
حتى انفجرتِ الجرارُ
من الدراهمَ والدنانيرَ الذهبيّة
لا أحدَ يعرفُ العددَ
وكهرمانةُ لا تعرفُ الحِساب
إذا كنتم تنشدونَ الآخرةَ
ولا تعرفون السقي
لم لا تعتكفون
وتتركونَ البستانَ لفلاحيهِ
أتهجرونَ صاياتِ المسجدِ
وتلبسون البدلاتِ الغالية
إذا كنتم صوتَنا بالدنيا
ووسيلتَنا بالآخرةِ
فماذا أبقيتُم للرسلِ
أيُّها المحترمون
الذكرى لا تنفعُ مع الأشرار
وبرغمِ خفةِ وزني
لكنَّني ثقيلٌ بعملي
فلي دينٌ عظيمٌ
ولكم دينٌ لا نعرفُ
عنهُ شيئًا
سيموتَ الجميعُ من ذوي
الأحسابِ والأموالِ والمناصبِ
ونحن الفقراءُ
كما وُلدنا نعودُ
أصلبَ جذرًا
بما ليسَ لكم
وميزانُ الربِّ عادلٌ
يرتفعُ وينخفضُ بالأعمالِ
والثقلُ والخفةُ
قد تعمي عيونَ المبجّلين
لكنَّ عينَّ الربِّ حَديد
فالفسحةُ بين كفَّتي الميزان
قد تكونُ
كالفسحةِ بينَ إصبعين
لكنَّها واسعةٌ
كالفسحةِ بين الغيمِةِ
وسطح بنايةٍ عالية
سأظلُّ أدورُ خفيفًا
كريشةٍ تتلاعبُ بها الدنيا
أو كنجيمٍ يسبحُ في الكونِ
عارفًا إلى أينَ
مبتغاه
الحقيقةُ واضحةٌ
لكنَّ الخيارَ صعبٌ
أيَّتُها السنديانةُ المقدَّسةُ
سيستظلُّ تحتَ أغصانكِ
الكثيرُ من الأنبياءِ الفقراء
فدربُ التبّانةِ
فيه من اللبنِ الكثيرُ
بغداد- الثلاثاء
26/07/2022 03:33:17 م