كلنا
الملكُ والواعظُ وأنا
خلقنا الله من تراب
لكنَّ الملكُ نزلَ من السَّماء
والواعظَ جاءَ من الغيبِ
وأنا خرجتُ
من ثقبٍ في الأرض
الملكُ يجلسُ على الكرسي
يضع على رأسهِ التاج
الواعظُ يجلسُ بالصومعة
واضعا العمامة
وأنا أحملُ الرفشَ والزنبيل
في الحقل واضعا الغترة(*)
يعتني الملكِ بأولادِه
ليكونوا ملوكا...
خَفيفٌ أنا يا سنديانةُ
كريشةٍ تتطايرُ في الهواءِ
لا مالَ لي كي أستعبدَ
بهِ العبّادَ
ولا منصبَ
كي أعدِّدَ منجزاتي المزيَّفةَ
على المتملّقين
ولا حسبَ شريفًا
يتمناهُ السَّذَجُ
كي أتفضَّلَ بهِ على الفُقراء
ولدتْني أمّي خَفيفًا وحرًّا
على ضفةِ الفراتِ
فابتسمَ لي دجلة فرِحًا
هكذا نحنُ أبناءُ الطيِّبات...
ما الليلُ
إلا صدىً يَرتدي النجمَ
والضوءُ في غاسقِ الحلمِ
لو أشتهي دمعةً ماؤها الوجدُ
والروحُ كالنارِ
ترنو إلى جمرةٍ تحرقُ الضلعَ
أوّاهُ يا نارُ
فالخطوُ قيثارُ
من وقعهِ العينُ
تُسابقُ الرمشَ كي تضحكَ الدارُ
هنالكَ الأهلُ لو أطرقُ البابَ
هل يسمعُ النهرُ
آهاتِ من غابَ
كأنَّها الموجُ في صبوةِ الجرفِ...
يَذكرُ (ديوجين اللاترسي) نقلًا عَن العالم ِالرِّياضي فيثاغورس(1) أنَّهُ (يبوحُ لبعضِ مُريديه بِأنَّهُ يتذكرُ بكلِّ وضوحٍ مَجرى كَينوناتهِ المُتقدمة، فَأكدَ لهم أنَّهُ باعتبارهِ منَ النسلِ المباشرِ لـ (أبولو) فقد أوتي لهُ أن يَتجسَّد في شَخصِ (إيثاليداس بن هرمس) ثمَّ في شخصِ (هيرموتين) ثم (بيروس)...
تمهيد
ما يقارب الأربعين عاما بين قصيدة السياب المسماة "حفار القبور" وبين قصيدة "الحفار" للشاعر حسب الشيخ جعفر، ورغم أن الموضوعة واحدة كما يدل عليه العنوان في النصين من خلال تركيزها على شخصية الحفار بوصفها شخصية غير عادية لتعاملها مع الأجساد الميتة ولكونها شخصية غير مرغوب بها وقد تكون...
من الواضحِ أنَّ الوجودَ الطبيعي للأشياء(كينونةً وتشكلًا ثلاثيَّ الحالة) يسبقُ اللغة، أي يسبقُ الوجودَ الصوتي الذي أطلقهُ الإنسان كمسمىً على هذه الأشياء، أو ما يسمى بالوجود اللغوي(الدال)للأشياء، يعني أنّ الأشياءَ( الحجر والماء والريح والنار والشجرة وغيرها..) كانت موجودةً منذ القدم كما نعرفها الآن...
في الوقتِ الحاضرِ ونتيجةً للتلاقحِ مع آدابِ الأمم الأخرى تغيّرتِ الكثيرُ من المفاهيم وأخذ الشعرُ بالامتداد إلى أماكنَ أخرى كان يحتلها النثرُ بجدارةٍ والعكس صحيحٌ أيضا، فالنثّار أخذوا ينشدون القصيدةَ النثرية كالشعراء الذين كانوا ينشدون ويكتبون قصيدتهم المعروفة بأوزانها وقوافيها، وشاهدنا وجودَ...