ذياب شاهين

الرحمُ قبرٌ أولُ نكبرُ فيهِ نتحركُ ونأنسُ الجسدُ قبرٌ للروحِ تقومُ قدماهُ يزحفُ ويسيرُ ويلعبُ يأنسُ للنومِ وللعشقِ وللجدلِ لكنْ أحياناً يتذمّرُ ليركبَ سرجَ حصانٍ أو ظهرَ جملِ أو مقعدَ سيّارةٍ لكنَّ السيّارةَ قبرٌ وثيرٌ على عجلاتٍ تمشي فيمشي الشجرُ معها وخطوطُ الشارعِ مسرعةً تسابقُ قرقعةَ الريحِ...
عمِّرْ كــؤوســأ مُـتـرعـاتِ سُلافا واكتـمْ كـلامًـا قـد يُـقــال جزافا لا تـحـسـبنْ نزفَ القـلوبِ رُعافا بيضُ الدروبِ إلى الغريب سـوادُ للبيـنِ مثـلَ الـمـوتِ قــام حـدادُ واحذرْ صخورا تجرحُ الأخفافا...
العشقُ آخرُ الكلماتِ في راحِ العاشقِ قد يطيشُ الشوقُ وقد تتكلمُ رسومُ الديار بذكرياتٍ محفوفة بالندمِ لكنَّ ما فاتَ كان زمناً بينَ قَرنتينِ النهارُ والليلُ وأرشيةٌ تحملُ العمرَ الدلوُ كرأس الفارسِ والغبارُ دخاناً يقومُ من خفيّ حصانٍ الذكرى تشتعلُ كقدحِ حَصى برجز الحَدواتِ لا ماءَ في جسدي لن...
القراءة بوصفها اللحظة الأولى للدخول للنص، بالنسبة للمتلقي تنطوي على متعتين تجذبان القارئ للنص الشعري (القصيدة) ومكوناتها الأولية(الأبيات الشعرية والأشطر)، فالمتعة الأولى هي الاكتشاف، والثانية هي الفهم، ولكي نكتشف نصا ما يجب أن نقرأه ثم نحلله لمكوناته الصغرى( الجملة بوصفها مسندا ومسند إليه)...
لا طيورَ بالقريةِ كي أسترشدَ بغنائِها إلى أشجار اليوسفي الشمسُ ساخنةٌ مثلُ كيرِ نار من ماءٍ كانَ الناسُ وأعمارُهم كالأنهرِ تضيقُ وتتسعُ، تنحني وتستقيم تصطبغُ بالأسى حين تجفُّ وتُنقشُ بالفرحةِ حين تمتلئ أيُّ طريقٍ يقود للماضي وأيُّ طريقٍ يقودُ للغروب الطرقُ غيرُ سالكةٍ كانَ لا بدًّ من تعلمِ...
الحروبُ فاتنةٌ كالنساءِ الغَريبات لا مدىً لها الانتصارُ فيها خسارةٌ مريعةٌ والتيجانُ ملطَّخةٌ بالنجيعِ والغبار أيّةُ أقدارٍ تعبثُ بالناسِ وأيةٌ تخمةٍ ستصيبُ الوحشَ وكواسرِ السماء طالما وقفتُ حائرًا بينَ نبؤاتِ العرّافين وجدلِ المتكلمين والمؤولين كانَ صعبًا أن أغلقَ رأسي بفلينة الأساطيرِ فالتاريخ...
فوق الجسرِ البردُ قارسٌ عند الضحى وصبايا الجامعة يرمين قطعَ الخبز في دجلةَ وقبل أن تصلَ الموجَ تلتقطها النوارس بمناقيرها الورديةِ المحترفة للريحِ حفيفٌ يضربُ الوجوه وللشمس نورٌ باردٌ يغشي العيون تسبحُ الطيور بحرير أجنحتها وكأنّها سفنٌ فضائية صغيرة يتطايرُ شعرُ البنات راسماً ظلالا على وجوههنَ...
كلنا الملكُ والواعظُ وأنا خلقنا الله من تراب لكنَّ الملكُ نزلَ من السَّماء والواعظَ جاءَ من الغيبِ وأنا خرجتُ من ثقبٍ في الأرض الملكُ يجلسُ على الكرسي يضع على رأسهِ التاج الواعظُ يجلسُ بالصومعة واضعا العمامة وأنا أحملُ الرفشَ والزنبيل في الحقل واضعا الغترة(*) يعتني الملكِ بأولادِه ليكونوا ملوكا...
آهٍ يا بغدادُ أيتها المدورةُ كشمسٍ تسبحُ في دجلةَ كفوفُ الأفقِ تمسدُ ضفائرَ النخلاتِ فتنحني حياءً أوخوفًا مبتعدةً عنكِ أخافُ عليكِ الغزلَ وضربَ العيدانِ وشجن الصَبا أيةُ عينين واسعتينِ تلعبان في محجريك الناسُ طيبون كطبقِ الخستاوي وصعبون كظهيرة صيفِ في آب مرحون كنسمةٍ بالخريف وموجوعون كالصحراءِ...
خَفيفٌ أنا يا سنديانةُ كريشةٍ تتطايرُ في الهواءِ لا مالَ لي كي أستعبدَ بهِ العبّادَ ولا منصبَ كي أعدِّدَ منجزاتي المزيَّفةَ على المتملّقين ولا حسبَ شريفًا يتمناهُ السَّذَجُ كي أتفضَّلَ بهِ على الفُقراء ولدتْني أمّي خَفيفًا وحرًّا على ضفةِ الفراتِ فابتسمَ لي دجلة فرِحًا هكذا نحنُ أبناءُ الطيِّبات...
أماتتِ المدينةُ فالدروبُ سوداءُ كالقلوبِ فرماها الله بحاصبٍ كالجمرِ ثقيلٍ فجاءَها الترابُ أحمرَ يسعى ليدفنَها سريعًا فالريحُ كما الغُرابِ تعرفُ فنَّ الدفنِ دونَما رفوش المدينةُ اليومَ كجبّانةٍ مفتوحةِ الفمِ تلتهمُ الأمنياتِ والوجوه القبورُ والترابُ كالأجسادِ والعَلق للأجسادِ أرجلٌ تسيرُ مبرمجةً...
ما الليلُ إلا صدىً يَرتدي النجمَ والضوءُ في غاسقِ الحلمِ لو أشتهي دمعةً ماؤها الوجدُ والروحُ كالنارِ ترنو إلى جمرةٍ تحرقُ الضلعَ أوّاهُ يا نارُ فالخطوُ قيثارُ من وقعهِ العينُ تُسابقُ الرمشَ كي تضحكَ الدارُ هنالكَ الأهلُ لو أطرقُ البابَ هل يسمعُ النهرُ آهاتِ من غابَ كأنَّها الموجُ في صبوةِ الجرفِ...
الآلامُ التي تَرَكْتُها عائِمَةً عَلى ظَهْرِ دِجْلَة ما انْفَكَّتْ تُباغِتُني في مَنْفايَ هَواجِسَ وَكَوابيسَ وَالشَّظايا التي تُجَرِّحُ عَميقاً أَجْسادَ التَّماثيلِ العالياتِ فِي ساحاتِ بَغْدادَ تَنْزِفُ دِماءَها قانِياتٍ مِنْ جَسَدي الصَّغير أَمّا الأَجْسادُ التي هَرَسَتْها المُفَخَّخاتُ...
يَذكرُ (ديوجين اللاترسي) نقلًا عَن العالم ِالرِّياضي فيثاغورس(1) أنَّهُ (يبوحُ لبعضِ مُريديه بِأنَّهُ يتذكرُ بكلِّ وضوحٍ مَجرى كَينوناتهِ المُتقدمة، فَأكدَ لهم أنَّهُ باعتبارهِ منَ النسلِ المباشرِ لـ (أبولو) فقد أوتي لهُ أن يَتجسَّد في شَخصِ (إيثاليداس بن هرمس) ثمَّ في شخصِ (هيرموتين) ثم (بيروس)...
تمهيد ما يقارب الأربعين عاما بين قصيدة السياب المسماة "حفار القبور" وبين قصيدة "الحفار" للشاعر حسب الشيخ جعفر، ورغم أن الموضوعة واحدة كما يدل عليه العنوان في النصين من خلال تركيزها على شخصية الحفار بوصفها شخصية غير عادية لتعاملها مع الأجساد الميتة ولكونها شخصية غير مرغوب بها وقد تكون...

هذا الملف

نصوص
53
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى