ذياب شاهين - للخلقِ شهادتان لا غير

لا طيورَ بالقريةِ
كي أسترشدَ بغنائِها
إلى أشجار اليوسفي
الشمسُ ساخنةٌ مثلُ كيرِ نار
من ماءٍ كانَ الناسُ
وأعمارُهم كالأنهرِ
تضيقُ وتتسعُ، تنحني وتستقيم
تصطبغُ بالأسى حين تجفُّ
وتُنقشُ بالفرحةِ حين تمتلئ
أيُّ طريقٍ يقود للماضي
وأيُّ طريقٍ يقودُ للغروب
الطرقُ غيرُ سالكةٍ
كانَ لا بدًّ من تعلمِ الصيدِ
كم طلقةَ مدفعٍ
كي نصيدَ التماسيحَ بالبحيرة
وهي تصيدُ الغزلانَ والجاموس
من قريتنا
كان يعرفُ أن الصيفَ قريب
وضفةُ النهرِ تقتلها الأدغال
لا شراعَ بالنهرِ
كي يصلَ الجنوبَ الكئيب
وحين يتذكر
يجدُ أنه
عاشَ بين ذكرى عصبتين
تحملان اسمي معركتين قديمتين
النجاةُ تبدو حلما
والبيوتُ ذاتُها تكشرُ
عن بنادقَ يحملها المطلسمون
لا يتذكر كيفَ قطعت القابلةُ
الحبل السريِّ
فقد تأخر الطلق ثلاثة أيامٍ
وما كان يود الخروجَ
من بطنِ أمهِ، هكذا أخبرته
ولكنَّ بالجادة أول ذكرى
حين امتلأت بالمسلحين
وقت الانقلاب الرهيب
المغامرون كثرُ
والعدالةُ تبذِّر دماءَ المعدمين
ولا تتحقق
كثرما قرأ عن بدرٍ وحنيْن
ومثلما كان بيتهم
في نهاية الزقاق
لا يتذكرُ منه سوى السقفَ
الجذوعُ غامقة
الباريات صفرٌ والطين فوقهما
لا شيءَ جديدا
القريةُ ذاتها بقت مهدمةً
وذوي البدلات الخضر هربوا
وجاء مغامرون جدد
ببدلات سودٍ وكواتم
أية مصائر بالأرض الموبوءة
لا يزال يرتع بالذكرى المقتولة
فالعمرُ نهر طويلٌ
لا شهادةَ ميلادٍ معروفة
وربما لا شهادةَ وفاةٍ
من يتذكرُ الفقراءَ
التوبةُ
ما كانت يوما للمحرومين
فجاءتْ براءَ دون اسم الله
ما أقسى
أن تسيرَ خائفاً
بين شهادتين
يخنقكَ الجندُ المدججون
كي تتذكرَ حربين قديمتين
سرقوا اسميهما عنوة
الجوُّ كئيبٌ والسماءُ دون نجوم
والذكرى
سالكةٌ كدربِ شهيد
للأعلى


بابل- الاثنين
‏13‏/03‏/2023‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى