ذياب شاهين - بغدادُ مدينةُ الموتِ الرَّحيم

آهٍ يا بغدادُ
أيتها المدورةُ كشمسٍ
تسبحُ في دجلةَ
كفوفُ الأفقِ
تمسدُ ضفائرَ النخلاتِ
فتنحني حياءً
أوخوفًا مبتعدةً عنكِ
أخافُ عليكِ الغزلَ
وضربَ العيدانِ
وشجن الصَبا
أيةُ عينين واسعتينِ
تلعبان في محجريك
الناسُ طيبون كطبقِ الخستاوي
وصعبون كظهيرة صيفِ في آب
مرحون كنسمةٍ بالخريف
وموجوعون كالصحراءِ
هل أقولُ آهٍ أخرى
ما عدتِ مدينةً للعيشِ
ولا الحبِّ والسلمِ
فالموتُ فيك مستعجلٌ
ينشدهُ المعطوبون
بعضالٍ لا شفاءَ له
سيصحو الزمنُ
ويمسحُ عن جبينهِ
قطراتِ العرقِ خجلًا
فعيناك للموتِ تجودان بالدمعِ
عيناك بحيرتا دموعٍ
ونهداكِ قبتان تلطخهما
حروفٌ مبهمةٌ
أما رحمكِ
فبات صندوقٌ لأحجارِ
الزمرد والياقوتِ
يتاجرُ بها العيّارون والشطار
في حاناتِ الكرّادة
بغدادُ
من أدخلَ السلاحفَ لدجلة
وأغلقَ الدروبَ بالمدرَّعاتِ
من سدَّ الطرقَ للمتنبي
أيّام الجمعِ
وركنَ الباصاتِ في المرائب
كم عارٍ يحيقُ بكِ
في زمنِ السيطراتِ
والبكّائين زورًا
على الراعي الطيِّب
ياحبيبةً
تقدُّ قميصَ يوسفِها من قُبلٍ
أتبقين رهينةّ السجنِ
ينزع عنك الأغرابُ
ثيابَ العفَّةِ
لا تنتظري المنقذَ
أغلقي أبوابَك
وانفجري كالبركانِ
فالبركانُ بدون ثورةٍ
محض حجرٍ
انزعي ثوبَكِ القديم
واستبدليهِ بثوبٍ
من النارِ ومصهورِ الحديد
ستتوردُ خدودكِ
وتتجدّد دوراتُ الطمثِ برحمكِ
وتموتُ السلاحفُ الغريبةِ
غرقا بدجلةَ
ولا تنفعُها
جلودُها المدرعةِ
سيغني البلبلُ
وتزهرُ شجرةُ الرمان
ويشرقٌ قوسُ قزحٍ
من رحمِ الغيمةِ
ناشرًا عطرَك والمطرَ
في الوادي المقدَّسِ
وحينها ستردِّدُ المنشداتُ
أهلا بعشتارَ
أهلا بالناياتِ وحبّات الحنطة
وشربتَ الزَّبيبِ
عندَ الرشيدِ
لتُستوفى النذور

بابل- الخميس
‏25‏/08‏/2022‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى