ذياب شاهين

من الواضحِ أنَّ الوجودَ الطبيعي للأشياء(كينونةً وتشكلًا ثلاثيَّ الحالة) يسبقُ اللغة، أي يسبقُ الوجودَ الصوتي الذي أطلقهُ الإنسان كمسمىً على هذه الأشياء، أو ما يسمى بالوجود اللغوي(الدال)للأشياء، يعني أنّ الأشياءَ( الحجر والماء والريح والنار والشجرة وغيرها..) كانت موجودةً منذ القدم كما نعرفها الآن...
خَرَجتْ الزجاجةُ من عنُقي لتمتلئَ بالماءِ وأمتلئَ بالهواءِ فصيلةُ دمي (+B) وفيرةٌ كوفرةِ بختي الغاطسِ بوحلِ المستنقعاتِ البعيدةِ سأكسِرُ بابَ غُرفتي الخشبيَّة لأنقذَهُ وأغسلَهُ بماءِ النهرِ الحليبُ الذي أرضعتْنا إيّاهُ أمَّهاتُنا كانَ دافئًا لا يَزالُ طعمُهُ لذيذًا بفَمي كدفءِ يومٍ مشمسٍ...
في الوقتِ الحاضرِ ونتيجةً للتلاقحِ مع آدابِ الأمم الأخرى تغيّرتِ الكثيرُ من المفاهيم وأخذ الشعرُ بالامتداد إلى أماكنَ أخرى كان يحتلها النثرُ بجدارةٍ والعكس صحيحٌ أيضا، فالنثّار أخذوا ينشدون القصيدةَ النثرية كالشعراء الذين كانوا ينشدون ويكتبون قصيدتهم المعروفة بأوزانها وقوافيها، وشاهدنا وجودَ...
أيُّــها البُـستــانُ زدْنــا تَـــرَفـــا....منْ حَبيــبٍ قـدْ سَــبـانـا طـَرَفـــا قــاعـِدًا كــالمــاءِ ثلجًا، راحـلًا ..شَــوقَ نَـهــرٍ، آبَ غَيْــمـاً فَشَـــفى إنَّــهُ الغَــمْــرُ بــِأولـــى البَـلــلِ... يقــدَحُ النـارَ لقلبٍ صَفْصَفا(1) وَصَدى الأسمـاءِ دفـــقٌ...
أنادياتِ الشفاهِ لا تَعضَضْنَ الأصابعَ كي لا يستفيقَ ندمي منْ سباتهِ فعيونُكن اللازورديّةُ مغاراتُ سحرٍ وافتتانِ وروحي الهائمةُ كرحّالة صوفيٍّ تجوسُ منعرجاتِها أسمعُ وجيبَ قلوبِكنَّ حينما تهتزُّ هلعاً من طيشِ الأقدارِ وهي تختطفُ رجالَكنَّ الأحبَّةَ فنفسي تتضورُ أسىً عندما ترى الرياحَ المجنونةَ...
في المُدنِ المحتلّةِ يتعجبُّ اللهُ من صلواتِ الخائقين وفتنةِ المسحورين وسطوة الأرواحِ الشريرةِ على المعمّهين فيهمسُ بصوتٍ تخشعُ له الملائكةُ قائلًا: الأيدي والعقولُ والقلوبُ التي تساووا بها بأمرٍ منّي تفسُدُ سَريعاً الانسانُ ليسَ شبيهي ولا ينبغي الخلودُ لهُ فأنا الأبديًّ الجميلُ ... ... فتضجُّ...
ماءٌ وصوتُـك بالصُّخور خريـــرُ...نــاءٍ وصمتُـك بالوهــادِ صفيـرُ خُذني إلى وجعِ الدروبِ قِطــارا...كي تشربَ الأمـواهَ منهُ صخورُ وَلِيسْفـَحَ النـــارنجُ دمعَ غصـونٍ...رقصتْ يُلاغي نـوحَها شُحـرورُ من ذا سيــرسمُ صورةَ المُلتــاعِ...لوْ ضاعَ عمـرٌ منْ يديْـكَ قصيـرُ سرُّ القـلوبِ على العُيونِ...
أتكئُ على أفعايَ ولمّا أرميها تصيرُ عصا فيبهتُ السَّحرةُ وتهتزُّ الصولجاناتُ الذهبية فللشعراءِ معجزاتُهم أيضًا خليطٌ من عَماءِ العيونِ وموهبةِ الأصابِع الأسئلةُ صعبةٌ والزَّمنُ ينمو كالإنسان ينبجسُ روحًا وجسدًا الروحُ خالدةٌ بأجنحتِها والمادَّة تتسللُ ماءً للقاعِ أيُّ رمادٍ يعانقُ نسيجَ الطينِ...
ولدْنا في العام ذاتِه وسبقتَني للهدأةِ تحملُ اسمَ ثلاثةِ أنبياءٍ حيثُ الحانِ السماوي والنادلةُ الرؤوم "سلمان" حيثُ العرشِ إلى بلقيسِ القصيدة "داؤد" حيثُ الغناءُ نثراً بصوتِك المتهدجِ الرخيم "محمد" حيثُ ختمتَ القصيدةَ بملاكِ النثر عند حرائك القريبِ من حديقةِ الأمّة ومدادِ أحزاننا المهولة ما...
حينما نتكلم عن النقد سيكون من المريع ألا نبحث بوساطته عن الجذور في النص الأدبي، وما نقصده بالجذور هي النصوص المؤسسة للثقافة الأولى لأمة معينة، وهذه الجذور المؤسسة مختفية في التراث الكتابي أو الشفوي سواء أكانت سردياتٍ أو شعر أو أساطير وخرافات متوارثة، وحتى نقوش ولقى وتماثيل، فالانقطاع عن الجذور...
الكاملُ بمنقوصِهِ و الناقصُ بمكمِّلهِ كالشروقِ والغروبِ الجمالُ حركةٌ وسكونْ .... جَمالُهُ نورٌ يقطعُ نسيجَ الزَّمكانِ تُحنيهِ الثقوبُ السَّوداءُ بجاذبيةِ الكواكبِ ... كالغيمةِ بَرقاً ورعداً والثمرةِ طعماً وعطراً يتزيَّنُ الربُّ احتجاباً فالمَسيهِ ... سَكنتِ أجملَ المَطابخِ ونمتِ بأحسنِ...
رُبَّما يَسْأَلُني الإيمانُ كَأْسا إنَّ في شَوْقي مِياهَ الغادِياتْ وَأُغَنّي.. لَيْسَ في روحي رَنينٌ فِي الذُّهولْ أَقــْرُبُ الخَطوَ اِلى الأَحْلامِ رَمْسا وَلِسانِي عَرّبِيُّ الحَرْفِ فِي غَمْرِ الجَّوى وَانْتَوَيْتُ ... خَمْرَتي مِنْ عَتيقٍ عَصَرَتْهُ الخاباياتُ في صَداها وًالكُرومْ أَيُّها...
عُذراً يا سيدةَ الأقدار الخروجُ من البيتِ باتَ لعنةً تَطعنُ أقدامي بالخوفِ والارتيابِ ربَّما يُقبض عليَّ بتهمةِ تشابهِ الأسماء فينهالُ عليَّ مجرمو مكافحة الإجرامِ حتّى الموت وربّما يقتُلني طرفٌ رابعٌ بتهمةِ التظاهرِ كوني جوكرياً سابقاً جلبَ الاحتلال لبلدهِ وربّما يَطلقُ على رأسي الرصاصَ مُرتزقٌ...
انّهُ العيدُ أيتُها الشفاهُ اليابساتُ فلتقرعي الكؤوسَ كؤوسَ المياهِ المالحةِ إنَهُ العيدُ تعرّينَ أيتُها الغرفُ المظلمةُ واقرعنَ الصحونَ البائسةَ صحونَ الكهرباء الماصخةِ إنّهُ العيدُ اهزجنَ أيتُها الأجسادُ الواهنة ومزقن الجيوبَ الفارغة جيوبَ الرواتبِ التقاعديةِ المرّة إنَّهُ العيدُ اصرخنَ...
هذا الموضوع تعليق على مقال الأستاذ عبد العزيز عسير الذي نشره مؤخرا في صفحته ودعاني مشكورا للمشاركة في الحوار وإبداء الرأي على مقاله المهم حول الإيقاع في الشعر الشعبي أو ما سماه ( بالزجل) بالرغم من اهتمامي بالشعر الفصيح حصرا، ولكن يبقى النظام العروضي بوصفه ظاهرة صوتية ينطبق على اللغات واللهجات...

هذا الملف

نصوص
53
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى