ذياب شاهين - جَريدةُ الأحزابِ(*)

ماذا تبقّى من ماركس
سوى غرفةٍ
في اتحاد الأدباءِ
وبضعةُ منشوراتٍ سريّة
يتقاذفُها الأسباطُ
ماذا تبقّى من عفلق
سوى غرفةِ تحقيق
في دائرةِ الأمن
تُخزنُ فيها أدواتُ التعْذيب
وتُحفظ في أرشيفها
أسماءُ المعدومين البؤساء
ماذا سيتبقى من الدُّعاةِ الجدد
سوى كيشوانيّة في إحدى العَتبات
وربّما سيطرة
في مدخلِ المدينةِ تضجّ فيها
رائحةُ المخدراتِ والدولارات المهرّبةِ
ماذا عن الملكيّة
فقد تبقّى منها
القصرُ الأبيض للملك
وقد لطّخت الدِّماءُ
أسيجتَهُ الخارجيّة
وماذا تبقى من الزَّعيم الأمين
سوى تمثالٍ
في مدخلِ وزارةِ الدِّفاع
وعشراتٍ من القصصِ
التي يردِّدُها الفُقراء
وماذا تبقى لنا
نحنُ أبناءُ المعدماتِ
سوى بسطيّةٍ في الشورجة
أو جنبر بسوقِ الحطّابات
أو على رصيف بالعشّار
أو منفىً قديم
في نقرةِ السلمان
ولكنْ لا تنسيْ
فالسَّماءُ تبقى لنا
على امتدادِ الوَطن العميق
ربَّما تسوطُ ألسنتَنا
حبيباتُ الملحِ اللاذعة
أو ربَّما ستحرِقٌنا
الحروبُ الوفيرة
وربَّما سيُرعِبنا شَرَطي
بشواربَ ثخينةٍ
وقد تخنقُنا مشانقُ الطغاةِ
وكواتمُ الملثّمين
ويُخيفُنا معممٌ متخمٌ
من يومِ القيامةِ
وينهبُ نفطَنا المحتلون
وأولياؤهم الشياطين
وربّما وربّما
هذا ما أنبأتنا بهِ الجريدةُ
وما كذبتْ يوماً جريدتُنا
ولكنْ...
سيرحَلون ونَبقى
إسألي قصائدَنا
المنقوشةَ على الأحجار
من أوروك
حتّى الحيرةِ والأنبار
وسَلي الدَّليلَ
دليلَ رهطِ الشعراءِ المهمّشين
بأنَّ لا بيتَ لنا
سوى القصيدةِ
وخبزِ التنّور الحار
الذي تخبزُهُ أمهاتُنا
برغم اللسعاتِ الحارقة
التي تقومُ حَمراء
من أياديهنَّ الطيبة
فما أسعدَنا
وما أتعسَهم
حين تلاحقُهم شَتائمُ
أحفادِنا للأبد
وحين تقصُّ جدّاتنا
قصصاً مطرّزةً
بتدليسِ الإخباريين والرواة
وهنَّ يسهرنَ لياليهنَّ
بتكريز حبِّ الرقّي(**)
وحَلوى(حلّال المَشاكل)(***)
التي لا تُحلُّ مشكلةً
لننامَ في أحضانِهنَ
ولمّا تزلْ الحَلوى
طريَّةٍ في حلوقنا

بابل - الأربعاء
‏31‏/05‏/2023‏


(*) استخدمت مصطلح جريدة بدلا من قصيدة، لأن هذا النوع من النصوص التي تقف على حافة النثر والشعر يتطلب مسمى آخر غير مسمى القصيدة، والجريدة اسم مناسبٌ برأيي لذا وجب التنويه.
(**) الرقّي: في العراق يسمى البطيخ الأحمر بالرقي ، أما الشمام فيسمى بالعراق البطيخ.
(***) حلّال المشاكل يعرفه العراقيون هي خلطة متكونة (من الجكليت والحامض حلو وبعض المكسرات كالفستق والحب والحمص وغيره) وتوضع في كيس تشتريه النساء من العطّارين وكانت توزعه علينا أمهاتنا منذ صغرنا ولما كبرنا يوزعنه على الأطفال في المناسبات الدينية أو النذور وعند المراقد المقدسة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى