إطلاق الحرية الفكرية هو أول الدرب المؤدية إلى وحدة عربية حقيقية.
فمع أنّ كل جزء من الأمة العربية يستشعر وشائج الإخاء الذي تجمعه إلى سائر الأجزاء ، إلّا أننا نحس بأنّ كل أمة في هذه الرقعة تعيش في معزل عن الأخرى، لم تتهيأ لها الظروف الملائمة لتتصافح القلوب وتتلاقى العقول في جو من الحرية الفكرية الكاملة.
والسبب هو الإرهاب الفكري الذي يسيطر على العالم العربي.
والذين يتهيبون من منح الحرية الفكرية الكاملة للمواطنين لم يهتدوا بعد إلى طريقة مثلى تنقذهم من أوهامهم وتضع حدا لهذه الحرب الدائرة في العالم العربي بين الحاكم والمحكوم، الحاكم الذي يعتبر منح الحرية بابا لا آخر له يؤدي إلى إفلات زمام الأمر من يده، والمحكوم الذي يؤمن بأنّ له حقا في الحرية كحقه في الحياة.
الحرية الفكرية لا تحل الناس من النظام والقوانين، بالعكس، إنها تشدهم إليها بصورة أوثق وأضمن.
فالفكر نفسه قيد، والعقيدة سجن، ولا يمكن لصاحب فكرة أو حامل عقيدة أن يضرب زجاجا بحجر أو يجندل رأسا بسيف، بل همه أن يوفر المناخ الملائم لفكره وعقيدته.
إنّ منح الحرية الفكرية للناس لا يحولهم إلى قتلة ولصوص، ولا إلى مشعوذين ومضللين، بل يقودهم شيئا فشيئا إلى التعايش الفكري وهو أول العلامات على طريق الوحدة، فالأفكار كالرمال على الشاطئ، وإذا قرعت الحجة بالحجة، وحك الرأي بالرأي، نعمت آراؤنا ورقت حواشيها كما تفعل الأمواج بالرمال، لا تزال تتلاطم فوقها حتى تزيل منها القشور المدببة المسننة والمعروف اليوم أن اكثر البلاد التحاما بالوحدة، هي أشدها تمتعا بالحرية حتى ولو كانت الأفكار فيها على ألف نقيض.
---------------
يعقوب الشوملي في جريدة الدستور بتاريخ 09.09.1967
موقعة باسم "فيتونجي". وهي سلسلة مقالات شبه يومية نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي على مدى 4 سنوات من عام 1965 حتى عام 1968 في جريدة الدستور .
......
فمع أنّ كل جزء من الأمة العربية يستشعر وشائج الإخاء الذي تجمعه إلى سائر الأجزاء ، إلّا أننا نحس بأنّ كل أمة في هذه الرقعة تعيش في معزل عن الأخرى، لم تتهيأ لها الظروف الملائمة لتتصافح القلوب وتتلاقى العقول في جو من الحرية الفكرية الكاملة.
والسبب هو الإرهاب الفكري الذي يسيطر على العالم العربي.
والذين يتهيبون من منح الحرية الفكرية الكاملة للمواطنين لم يهتدوا بعد إلى طريقة مثلى تنقذهم من أوهامهم وتضع حدا لهذه الحرب الدائرة في العالم العربي بين الحاكم والمحكوم، الحاكم الذي يعتبر منح الحرية بابا لا آخر له يؤدي إلى إفلات زمام الأمر من يده، والمحكوم الذي يؤمن بأنّ له حقا في الحرية كحقه في الحياة.
الحرية الفكرية لا تحل الناس من النظام والقوانين، بالعكس، إنها تشدهم إليها بصورة أوثق وأضمن.
فالفكر نفسه قيد، والعقيدة سجن، ولا يمكن لصاحب فكرة أو حامل عقيدة أن يضرب زجاجا بحجر أو يجندل رأسا بسيف، بل همه أن يوفر المناخ الملائم لفكره وعقيدته.
إنّ منح الحرية الفكرية للناس لا يحولهم إلى قتلة ولصوص، ولا إلى مشعوذين ومضللين، بل يقودهم شيئا فشيئا إلى التعايش الفكري وهو أول العلامات على طريق الوحدة، فالأفكار كالرمال على الشاطئ، وإذا قرعت الحجة بالحجة، وحك الرأي بالرأي، نعمت آراؤنا ورقت حواشيها كما تفعل الأمواج بالرمال، لا تزال تتلاطم فوقها حتى تزيل منها القشور المدببة المسننة والمعروف اليوم أن اكثر البلاد التحاما بالوحدة، هي أشدها تمتعا بالحرية حتى ولو كانت الأفكار فيها على ألف نقيض.
---------------
يعقوب الشوملي في جريدة الدستور بتاريخ 09.09.1967
موقعة باسم "فيتونجي". وهي سلسلة مقالات شبه يومية نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي على مدى 4 سنوات من عام 1965 حتى عام 1968 في جريدة الدستور .
......