معنى الوطنية أوسع من أن يتناوله تعريف، وأبعد من أن يحيط به أي تحديد، هو ليس مثلًا يضرب، أو صورة تعكس، هو حالة فيها الأمثال مما لا يخطر على بال، وفيها الصور من كل الألوان.
هو أكثر من الاستعداد الفوري لحمل السلاح، وهو أسمى من حمل الروح على الراحة وبذل الدم بكل سخاء، هو أوسع من حياة الفرد وأبعد من تصرفه الخاص.
معنى الوطنية في أعماق الوجدان يصهره ليذوب في مصلحة وطنه، هو في جوانح الشعور يصقله ويهذبه ليعمل في خدمة أمته، معنى الوطنية في ترويض العواطف الخاصة لتتفاعل مع العواطف العامة، وهو أيضًا تناسي الأحقاد، والتسامي فوق الأغراض الخاصة، هو حمل النفس بالقوة لتنسجم مع إرادة الأمة مع الاستعداد للتضحية بهذه النفس لمصلحة الأمة. هي المرجل الذي تنصهر فيه كافة الاتجاهات والإرادات لتخلق اتجاهًا وإرادة واحدة.
والقضية الفلسطينية مزقتها الاجتهادات الكثيرة البعيدة عن أصلها. والقضية الفلسطينية مزقتها الاجتهادات الكثيرة من قبل الانتداب البريطاني حتى إلى ما بعد الاحتلال الصهيوني. وانتفاضتنا الرائعة في فلسطين تعرضت لهزّات داخلية، سرعان ما عطّلت مسيرة القافلة وكثيرا ما كان يرتد السلاح من صدر العدو ويطعن صدرا تنتظره الأمة، صدرا لو اتسع الصدر لسماع رأيه، لكان إلى جانبنا في المعركة.
والعدو يغذّي هذه الخلافات، ويعلم أن بقاءه مرهون ببقاء اليد العربية بعيدة عن أختها بل إنه ليطمع في أكثر من ذلك، يطمع بأن تقتتل اليدان، تموت الواحدة وتضعف الأخرى.
والذين استمعوا إلى حرارة تعليقات العدو على سوء التفاهم في منظمة التحرير، ومحاولة تعميق الخلافات بين سوريا ولبنان، وتجسيم الحالة في اليمن، والتهويل في الجنوب والتركيز على أي خبر يدل على انشقاق بين الأمة، من يستمع إلى إذاعة العدو وهو يردد تعليقاته السامة، يعلم جيدًا مدى ما يعلق العدو على خلافاتنا من آمال.
19.08.1968
فيتونجي
* "معنى الوطنية" مقالة نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي في جريدة الدستور بتاريخ 19.08.1968 (أي قبل 54 عاما)
موقعة باسم "فيتونجي". وهي سلسلة مقالات شبه يومية نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي على مدى 4 سنوات من عام 1965 حتى عام 1968 في جريدة الدستور .
......
هو أكثر من الاستعداد الفوري لحمل السلاح، وهو أسمى من حمل الروح على الراحة وبذل الدم بكل سخاء، هو أوسع من حياة الفرد وأبعد من تصرفه الخاص.
معنى الوطنية في أعماق الوجدان يصهره ليذوب في مصلحة وطنه، هو في جوانح الشعور يصقله ويهذبه ليعمل في خدمة أمته، معنى الوطنية في ترويض العواطف الخاصة لتتفاعل مع العواطف العامة، وهو أيضًا تناسي الأحقاد، والتسامي فوق الأغراض الخاصة، هو حمل النفس بالقوة لتنسجم مع إرادة الأمة مع الاستعداد للتضحية بهذه النفس لمصلحة الأمة. هي المرجل الذي تنصهر فيه كافة الاتجاهات والإرادات لتخلق اتجاهًا وإرادة واحدة.
والقضية الفلسطينية مزقتها الاجتهادات الكثيرة البعيدة عن أصلها. والقضية الفلسطينية مزقتها الاجتهادات الكثيرة من قبل الانتداب البريطاني حتى إلى ما بعد الاحتلال الصهيوني. وانتفاضتنا الرائعة في فلسطين تعرضت لهزّات داخلية، سرعان ما عطّلت مسيرة القافلة وكثيرا ما كان يرتد السلاح من صدر العدو ويطعن صدرا تنتظره الأمة، صدرا لو اتسع الصدر لسماع رأيه، لكان إلى جانبنا في المعركة.
والعدو يغذّي هذه الخلافات، ويعلم أن بقاءه مرهون ببقاء اليد العربية بعيدة عن أختها بل إنه ليطمع في أكثر من ذلك، يطمع بأن تقتتل اليدان، تموت الواحدة وتضعف الأخرى.
والذين استمعوا إلى حرارة تعليقات العدو على سوء التفاهم في منظمة التحرير، ومحاولة تعميق الخلافات بين سوريا ولبنان، وتجسيم الحالة في اليمن، والتهويل في الجنوب والتركيز على أي خبر يدل على انشقاق بين الأمة، من يستمع إلى إذاعة العدو وهو يردد تعليقاته السامة، يعلم جيدًا مدى ما يعلق العدو على خلافاتنا من آمال.
19.08.1968
فيتونجي
* "معنى الوطنية" مقالة نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي في جريدة الدستور بتاريخ 19.08.1968 (أي قبل 54 عاما)
موقعة باسم "فيتونجي". وهي سلسلة مقالات شبه يومية نشرها الأديب الراحل يعقوب الشوملي على مدى 4 سنوات من عام 1965 حتى عام 1968 في جريدة الدستور .
......