متعبٌ أنا
من هذا الجسد
الذي أقطنه منذ أكثر من أربعين سنة
ومع هذا لم تمنحني بلديّة السّماء شهادة في ملكيّته
خوفا من أن أؤجّره،
لامرأة حزينة ووحيدة،
مَزَارِعَ
تُربّي فيها:
لُهاث أنوثتها، أسماءها
وقصائد لا تكفّ عن الصّراخ !
يُتعبُني
هذا الجسد الذي لا يُشبهُ الطّفل الذي يضحك،
في مكان ما منّي ولا أراه،
كلّما فاجأه وجهه في المرآة
وكلّما وعدته دمية بنت الجيران.. بقبلة...
متعب أنا
من المقهى الذي لا يعرف اسمه.. مثلي،
من النّادل الذي مازال يسألني عن مشروبي المفضّل
وأحيانا، عن اسمي الذي لا أعرفه،
من الكراسي التي تحاول تقليد مشيتي
وتضحك،
من الطّاولة العرجاء التي تقلب قهوتي
ولا تعتذر لأصابعي !
من أصابعي التي تكبر خارج المعنى
كأشجار لم تذهب، يوما، إلى الغابة
لتجتاز اختبار الحرائق
وتنال شهادتها الابتدائية في الحياة/ طريقها الوحيد نحو الموت
ومن كلّ أولئك الذين – كما المحطّات – كنتُ أعجّ بهم
وذهبوا
حين اكتملت "بازل" صورتي في فراغاتهم...
***
كصيّاد سيبيريّ
يعلّق على جدران كوخه رؤوس الدّببة و الوعول المحنّطة
التي ربّما اصطادها
أعلّق على جدران غرفتي
أو أجعلها تتدلّى من السّقف
وقد أدسّها تحت السّرير أو في الثلّاجة
أو في الفرن
رؤوسي الفارغة !
تنفد الرّؤوس بسرعة حين يقف المقاتلون في الشّرفة
حاملين عيونهم الورديّة
وأغنيات
ويتبادلون إطلاق الحب مع شرفات الجارات !
تنفد رؤوسي بسرعة
رغم أنّي لم أكُ، يوما، مقاتلا
وليس في بيتنا شرفات غير وجهي الذي يطلّ على الفراغ !
تنفد رؤوسي بسرعة
ولا تصير أشباحا
-كما في حكاية الصيّاد السّيبيريّ-
حين أعلّقها على جدار أو أدسّها في ألبوم صور ذاكرة مرّت كسيل !
تنفد رؤوسي بسرعة
ربّما.. لأنّي مازلتُ منذ ربع قرن و يزيد
أحاول كتابة قصيدة واحدة ناجحة !
قصيدة،
بعد قرن من موتي أو أكثر،
و في أمسية شعريّة
-قد تكون باردة-
ستفاجئ كلّ الشّعراء وكلّ الشّاعرات
الحاضرين بكلّ برودهم و بكلّ رغباتهم
وتُعلِمهم أنّي
"شاعر" !
وحده الموت ينّصب الشّعراء !!
لهذا
أنا متعبٌ جدّا
من كلّ هذا الشّعر الذي كنت أكتبه بعينين مغمضتين
ومازلت أكتبه بعينين مغمضتين
طبعا،
ليس لأنّي "شاعر حذق"
كما يقول
-الشّاعر السّودانيّ الذي سيصير شاعرا كونيّا-
"علي تيراب"
وهو يحمل يومه، كاملا، على ظهره،
كعتّال يُجيدُ حياكة حدبة تمتصّ الكثير من التعب و من الوقوع،
ليشحنه على متن أحلامه الصّغيرة
قبل أن يلاحق اسما مستعارا كان يرتديه النّيل الأزرق حتّى لا ينسى مذاق عرائسه
ولكن
لأنّي أحاول أن لا يتسرّب كلّ الشعر من عينَيّ
فتنفد رأسي بسرعة
ولا أكتبَ، حينها، قصيدة واحدة ناجحة
تنصّبني شاعرا بعد قرن من موتي...
من هذا الجسد
الذي أقطنه منذ أكثر من أربعين سنة
ومع هذا لم تمنحني بلديّة السّماء شهادة في ملكيّته
خوفا من أن أؤجّره،
لامرأة حزينة ووحيدة،
مَزَارِعَ
تُربّي فيها:
لُهاث أنوثتها، أسماءها
وقصائد لا تكفّ عن الصّراخ !
يُتعبُني
هذا الجسد الذي لا يُشبهُ الطّفل الذي يضحك،
في مكان ما منّي ولا أراه،
كلّما فاجأه وجهه في المرآة
وكلّما وعدته دمية بنت الجيران.. بقبلة...
متعب أنا
من المقهى الذي لا يعرف اسمه.. مثلي،
من النّادل الذي مازال يسألني عن مشروبي المفضّل
وأحيانا، عن اسمي الذي لا أعرفه،
من الكراسي التي تحاول تقليد مشيتي
وتضحك،
من الطّاولة العرجاء التي تقلب قهوتي
ولا تعتذر لأصابعي !
من أصابعي التي تكبر خارج المعنى
كأشجار لم تذهب، يوما، إلى الغابة
لتجتاز اختبار الحرائق
وتنال شهادتها الابتدائية في الحياة/ طريقها الوحيد نحو الموت
ومن كلّ أولئك الذين – كما المحطّات – كنتُ أعجّ بهم
وذهبوا
حين اكتملت "بازل" صورتي في فراغاتهم...
***
كصيّاد سيبيريّ
يعلّق على جدران كوخه رؤوس الدّببة و الوعول المحنّطة
التي ربّما اصطادها
أعلّق على جدران غرفتي
أو أجعلها تتدلّى من السّقف
وقد أدسّها تحت السّرير أو في الثلّاجة
أو في الفرن
رؤوسي الفارغة !
تنفد الرّؤوس بسرعة حين يقف المقاتلون في الشّرفة
حاملين عيونهم الورديّة
وأغنيات
ويتبادلون إطلاق الحب مع شرفات الجارات !
تنفد رؤوسي بسرعة
رغم أنّي لم أكُ، يوما، مقاتلا
وليس في بيتنا شرفات غير وجهي الذي يطلّ على الفراغ !
تنفد رؤوسي بسرعة
ولا تصير أشباحا
-كما في حكاية الصيّاد السّيبيريّ-
حين أعلّقها على جدار أو أدسّها في ألبوم صور ذاكرة مرّت كسيل !
تنفد رؤوسي بسرعة
ربّما.. لأنّي مازلتُ منذ ربع قرن و يزيد
أحاول كتابة قصيدة واحدة ناجحة !
قصيدة،
بعد قرن من موتي أو أكثر،
و في أمسية شعريّة
-قد تكون باردة-
ستفاجئ كلّ الشّعراء وكلّ الشّاعرات
الحاضرين بكلّ برودهم و بكلّ رغباتهم
وتُعلِمهم أنّي
"شاعر" !
وحده الموت ينّصب الشّعراء !!
لهذا
أنا متعبٌ جدّا
من كلّ هذا الشّعر الذي كنت أكتبه بعينين مغمضتين
ومازلت أكتبه بعينين مغمضتين
طبعا،
ليس لأنّي "شاعر حذق"
كما يقول
-الشّاعر السّودانيّ الذي سيصير شاعرا كونيّا-
"علي تيراب"
وهو يحمل يومه، كاملا، على ظهره،
كعتّال يُجيدُ حياكة حدبة تمتصّ الكثير من التعب و من الوقوع،
ليشحنه على متن أحلامه الصّغيرة
قبل أن يلاحق اسما مستعارا كان يرتديه النّيل الأزرق حتّى لا ينسى مذاق عرائسه
ولكن
لأنّي أحاول أن لا يتسرّب كلّ الشعر من عينَيّ
فتنفد رأسي بسرعة
ولا أكتبَ، حينها، قصيدة واحدة ناجحة
تنصّبني شاعرا بعد قرن من موتي...