قد طال نومُكَ في الثرى يا «أحمدُ»
فانهضْ لتسمعَ ما لأَلفِكَ يُنشَدُ
مرّت عليكَ الألفُ يا ربَّ القريـ
ـضِ ! وطرفُنا في كلّ يومٍ يَسهد
ما زلتَ منتظراً، وأنتَ علمتَ كَيْـ
ـفَ يكون طرفٌ ألفَ عامٍ مُسهَد
قرحتْ مآقي بني العروبة، كلُّهم
يبكون إنْ قصدوا وإن لم يقصدوا
حتى إذا أعياهمُ التنحابُ قا
مُوا، يُنشدون لديكَ ما قد قَصّدوا
حقّاً يُقيم العُرب ذكرى غيرَ أنْ
لن يُطفئوا ما بالجوانح مُوقَد
هل يطفئُ الماءُ الزلالُ لهيبَ قَلْـ
بٍ في الهوى مُتألّمٍ، أو يُبرِد؟
قد كان قَبْلاً خالياً لكنّهُ
لما رآكَ غدا خِضَمّاً يُزبِد
ومَلَكْتَه في عالم الأرواحِ من
قبلُ، فكلُّ بني العروبة أَعْبُد
شهدوا بأنكَ سيّدٌ، هل ترتضي
أن تغتدي مَلِكاً لهم يا أحمد؟
لا ترتضي هذا الذي قد رشّحو
كَ له؛ لأنكَ فوق هذا تَقْصِد
ظنّوا بأنك تطلب الـمُلْكَ الذي
قد مهّدوا فغدوتَ عنه تُحسَد
أَوْ ما عساه يكون فعلُهمُ إذا
هم بُلِّغوا ذاك الذي قد تَنْشُد؟
قد غرَّهم أن مُلِّكوا جسمَ الورى
والجسمُ - لو يدرون - شيءٌ يُفقَد
وملكتَ أرواحَ الورى من قبلهم
والروحُ أسمى وهْي دوماً تَخْلُد
وكذا يكون الشاعرُ الفذّ الذي
في شعره، في شخصه هو مُفرَد
تفنى النفوسُ ويدّعي أن الورى
قد أهملوه، وإنْ هُمُ قد أُجهدوا
هذا الذي مَلَكَ الزمانَ وأهلَهُ
وعلى الزمان وأهلِهِ مُتمرّد
في شعره متمرّدٌ، وهلِ القريـ
ـضُ يكون حلواً، ليس فيه تمرّد ؟
قد ظلَّ يفخر بالمكارم والنُّهى
ويُطيل مدحتَه على مَنْ يُنْشِد
****
من قال شعراً مادحاً ملكاً فلم
يمدح سواه، وهْو عنه يشهد
شِعرُ الفتى مُلْكٌ بناه، وإنما
هذي الملوكُ له دِعامٌ يعمد
تفنى الملوكُ ويمّحي ما شيّدوا
والشعرُ دوماً خالداً مُتجدّد
****
شَيَّدْتَ يا فخرَ العروبةِ هيكلاً
من شعركَ العذب الذي لا ينفد
وتركتَه في العالمين تخالُهُ
غضّاً، وإنْ هو في الحقيقة مُتْلِد
لولا النبوّةُ كنتُ أحسبُ ما أتى
سِحراً، ولكنْ بعدها لا أجحد
هَبْ أنه سِحرٌ فعذبُ الشعرِ ما
يأتي به «هاروتُ» لا المتعبِّد
شعرٌ ولكنْ لا يُطاق تحدّياً
عذبٌ ولكنْ لا يُمَلّ المورد
في لفظه عسلٌ وفي معناه سِحْـ
ـرٌ، والبلاغةُ فيه شعرٌ مُفرَد
فيه الصبابةُ للذي يهوى المها
فيه التصوّفُ للذي يتعبّد
فيه العصا للمستحقّين العصا
فيه السماحةُ للذي يتودّد
فيه البطولةُ للكماة الذائدِ
ينَ، وفيه للأدباء نوعٌ جيّد
فيه البُكا للميْت لـمّا يُفْقَدُ
فيه الهنا للطفل لـمّا يُولَد
فيه القساوةُ والليونة والحنا
نُ، وفيه للإنسان ما يتفقَّد
هذي رسالتُه وحجّتُه التي
لا ريبَ فيها، والقوافي تشهد
هذا هو الوحي الذي يدعو بهِ
وبه أقام الدهرَ فينا يُرشد
يا أنفسَ الشعراءِ، هذا مُهتدٍ
ببيانكم فتقبّلوا ما يُنشِد
« يفنى الكلامُ ولا يُحيط بوصفكم
أيُحيط ما يفنى بما لا ينفد»
فانهضْ لتسمعَ ما لأَلفِكَ يُنشَدُ
مرّت عليكَ الألفُ يا ربَّ القريـ
ـضِ ! وطرفُنا في كلّ يومٍ يَسهد
ما زلتَ منتظراً، وأنتَ علمتَ كَيْـ
ـفَ يكون طرفٌ ألفَ عامٍ مُسهَد
قرحتْ مآقي بني العروبة، كلُّهم
يبكون إنْ قصدوا وإن لم يقصدوا
حتى إذا أعياهمُ التنحابُ قا
مُوا، يُنشدون لديكَ ما قد قَصّدوا
حقّاً يُقيم العُرب ذكرى غيرَ أنْ
لن يُطفئوا ما بالجوانح مُوقَد
هل يطفئُ الماءُ الزلالُ لهيبَ قَلْـ
بٍ في الهوى مُتألّمٍ، أو يُبرِد؟
قد كان قَبْلاً خالياً لكنّهُ
لما رآكَ غدا خِضَمّاً يُزبِد
ومَلَكْتَه في عالم الأرواحِ من
قبلُ، فكلُّ بني العروبة أَعْبُد
شهدوا بأنكَ سيّدٌ، هل ترتضي
أن تغتدي مَلِكاً لهم يا أحمد؟
لا ترتضي هذا الذي قد رشّحو
كَ له؛ لأنكَ فوق هذا تَقْصِد
ظنّوا بأنك تطلب الـمُلْكَ الذي
قد مهّدوا فغدوتَ عنه تُحسَد
أَوْ ما عساه يكون فعلُهمُ إذا
هم بُلِّغوا ذاك الذي قد تَنْشُد؟
قد غرَّهم أن مُلِّكوا جسمَ الورى
والجسمُ - لو يدرون - شيءٌ يُفقَد
وملكتَ أرواحَ الورى من قبلهم
والروحُ أسمى وهْي دوماً تَخْلُد
وكذا يكون الشاعرُ الفذّ الذي
في شعره، في شخصه هو مُفرَد
تفنى النفوسُ ويدّعي أن الورى
قد أهملوه، وإنْ هُمُ قد أُجهدوا
هذا الذي مَلَكَ الزمانَ وأهلَهُ
وعلى الزمان وأهلِهِ مُتمرّد
في شعره متمرّدٌ، وهلِ القريـ
ـضُ يكون حلواً، ليس فيه تمرّد ؟
قد ظلَّ يفخر بالمكارم والنُّهى
ويُطيل مدحتَه على مَنْ يُنْشِد
****
من قال شعراً مادحاً ملكاً فلم
يمدح سواه، وهْو عنه يشهد
شِعرُ الفتى مُلْكٌ بناه، وإنما
هذي الملوكُ له دِعامٌ يعمد
تفنى الملوكُ ويمّحي ما شيّدوا
والشعرُ دوماً خالداً مُتجدّد
****
شَيَّدْتَ يا فخرَ العروبةِ هيكلاً
من شعركَ العذب الذي لا ينفد
وتركتَه في العالمين تخالُهُ
غضّاً، وإنْ هو في الحقيقة مُتْلِد
لولا النبوّةُ كنتُ أحسبُ ما أتى
سِحراً، ولكنْ بعدها لا أجحد
هَبْ أنه سِحرٌ فعذبُ الشعرِ ما
يأتي به «هاروتُ» لا المتعبِّد
شعرٌ ولكنْ لا يُطاق تحدّياً
عذبٌ ولكنْ لا يُمَلّ المورد
في لفظه عسلٌ وفي معناه سِحْـ
ـرٌ، والبلاغةُ فيه شعرٌ مُفرَد
فيه الصبابةُ للذي يهوى المها
فيه التصوّفُ للذي يتعبّد
فيه العصا للمستحقّين العصا
فيه السماحةُ للذي يتودّد
فيه البطولةُ للكماة الذائدِ
ينَ، وفيه للأدباء نوعٌ جيّد
فيه البُكا للميْت لـمّا يُفْقَدُ
فيه الهنا للطفل لـمّا يُولَد
فيه القساوةُ والليونة والحنا
نُ، وفيه للإنسان ما يتفقَّد
هذي رسالتُه وحجّتُه التي
لا ريبَ فيها، والقوافي تشهد
هذا هو الوحي الذي يدعو بهِ
وبه أقام الدهرَ فينا يُرشد
يا أنفسَ الشعراءِ، هذا مُهتدٍ
ببيانكم فتقبّلوا ما يُنشِد
« يفنى الكلامُ ولا يُحيط بوصفكم
أيُحيط ما يفنى بما لا ينفد»