كلما أدخل غرفته، يدير بوزه الى الجهة الآخرى، وعندما أقول له " السلام عليكم " يرد ببرود وأشمئزاز، بكلمة نافرة لا تحمل إي معنى " سلام "، فأخرج من الغرفة بسرعة، ذلك لأنني خجول و " معيدي " لا يقبل لنفسه أن تثلم كرامته بهذه الطريقة المشينة. حتى جاء اليوم الذي وجدتُ فيه نفسي قادرا على الانتقام من ثلم كرامتي، فقد طلبت مني زميلة جميلة جدا بيضاء ذات شعر أسود مصاحبتها في الرواق بين غرف الدائرة التي نعمل فيها سوية، ولما وصلنا الى غرفة هذا الانسان " الجاحد "، توقفنا عند الباب، ثم سلمت عليه، فيما كانت يدها بيدي، ألتفت هذا الانسان ونهض فورا، مرتبكا، رد السلام بأحسن منه " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ".. تفضلوا.. تفضلوا، اهملناه وسرنا في الرواق باتجاه غرفتي.
بعد ساعة من مغادرة الزميلة غرفتي ، جاءني هذا الانسان الجاحد ، أسمه عباس ، مبتسما ، منحنيا قليلا ، وجهه الى الارض كأنه يبحث عن شيء ضاع منه ، يسير بخفة ، قال " السلام عليكم " فقلت " سلام " بالطريقة نفسها التي كان يرد بها على سلامي ، وبعدها نظرتُ الى الجهة الاخرى مثله ، قال " أتسمح أن أجلس بجانبك " ، أشرت الى كرسي قرب الباب بعيدا عني مسافة ثلاثة أمتار ، ( مساحة الغرفة خمسة أمتار ) ، فقال ، " كلا ، أريد الجلوس بالقرب منك ، حتى لا يسمع أحد كلامنا "، في تلك الاثناء رن التلفون الداخلي فأجبت " نعم ، اهلا نسرين ، هل نسيت الملف على منضدتي ، سأجلبه بنفسي " أخذت الملف ونهضت " اعذرني " .. خرجتُ من الغرفة وتركته لوحده.
بقي على انتهاء الدوام الرسمي قرابة الساعة ، جلستُ بجانب نسرين التي تعمل في شعبة الاضابير الشخصية ( الذاتية ) ، معها امرأة عجوز خبيثة أسمها سلوى ، تعلم هذه العجوز إننا اقرباء ، فكانت تشعر بالغضاضة من وجودي معها ، بقينا نثرثر حول امورنا الاجتماعية ، من تزوجت ومن طلقت من أقربائنا ، ومن مات ومن أنجبت ، حتى أنهيتُ الساعة المتبقية لنهاية الدوام من دون أن أشعر بها ، ذلك لأن نسرين ذات روح مرحة ، وإذا ضحكت تكشف عن أسنان بيض بصوت موسيقي ، فضلا عن العطر الفواح الذي تضعه تحت إبطيها ، ذهبتُ الى غرفتي لكي ألملم أغراضي الشخصية ،ولما وصلتها ، وجدت عباس مازال جالسا قرب الباب كما طلبتُ منه ، كان يحدق بالسقف كالأبله . قلت له " أنتهى الدوام " فقال " أعرف " قالها منكسرا وحزينا، نهض ثم أردف " سنتحدث في الغد ".
في اليوم التالي، مررت في الرواق بجانب غرفته، وتعمّدت الإبطاء في سيري قرب الباب، فسمعتُ صوته، صباح الخير عزيزي " فلم أجبه، ولما جلستُ في مكاني في غرفتي، أطل على بابتسامته البلهاء، " قلت لك صباح الخير، فلم ترد على تحيتي " لم أجبه وانشغلت بالأوراق التي على منضدتي، جلس بجانبي، " أرسلت على فنجانين قهوة، أعرف إنك تحبها بدون سكر "، قلت له " ماذا تريد بالضبط؟ " بعد تلعثم، وتردد، قال " أريدك أن تكون واسطة خير، جلب عامل الخدمة عبود صينية القهوة ووضع الفنجانين على منضدتي، وبعد مغادرته، قلت له " لديها طلبات كثيرة حتى تقبل الزواج "، انشرحت أساريره " كلها مقضية ". قلت له، إنها تحب اللون البنفسجي، تحب الرجل أن يكون بدون لحية وشوارب " وأن يرتدي الاصلع عمامة "، نهض، وقال " مقضية ".
في اليوم التالي جاء حالقا لحيته وشاربه يرتدي بدلة بنفسجية مضحكة وعلى صلعته عمامة بيضاء، لم أستطع كتم ضحكة مدوية أظنها وصلت الى غرفة المدير العام قريبه، جلس بجانبي، كيف تراني اليوم؟ قلت له " لا أدرى "، بعد قليل ستأتي الى هنا لتراك وهي تقرر. لن أحدثكم ماذا فعلت نسرين حينما رأته ببدلته البنفسجية وعمامته البيضاء، سأذهب الى بيت عباس ، حيث استقبلت زوجته زوجها وهي متوترة عصبية المزاج ، " منو قشمرك حتى ترتدي العمامة على صلعتك وفوكاها لابس بدلة بنفسجي " ، وبعد تبادل الشتائم بين الزوجين ، خرجت الزوجة من البيت باتجاه سيد راضي أبن عمها الذي يشغل وظيفة مهمة في هيئة مهمة أيضا ، وأخبرته بالذي جرى لزوجها .
في اليوم التالي ألتقى سيد راضي بالمدير العام في دائرة عباس ثم ذهب الى شعبة عباس فوجده بتلك الهيئة المضحكة ، وعرف من خلاله إنه عمل ذلك حتى يغوي زميلة معه في الدوام، وتعرف سيد راضي علي من خلال الزميل عباس ، ولما مد يده لي بعجرفة ولم يرفعها الى مستوى بطنه ، رفضت مد يدي له ذلك لأنني أكره المتكبرين والمتعجرفين فقلت له " نعم تفضل امر خدمة " فقال "نريد أن نرى خطيبة عباس" ، شعرت بالخجل من الدور الذي وضعت نفسي فيه ، قلت له ، يمكن للأخ عباس أن يأخذك إليها ، وفعلا ما أنهيت عبارتي حتى غادرا غرفتي منكسرين ، في تلك الإثناء أخبرت نسرين شيئا ، فضحكت وقالت لي كلاما ثم أغلقت التلفون .
في اليوم التالي، وجدتُ سيد راضي يرتدي بدلة بنفسجية ويضع عمامة بيضاء على رأسه يجلس بانتظاري في غرفتي ، وبجانبه عباس زميلي ببدلته البنفسجية وعمامته البيضاء ، وعندما رأيتهما خرجت فورا من الغرفة ، صاح علي سيد راضي بصوته الجهوري المزعج " يمعود وين رايح " لم ألتفت لهما .
خرجت من الدائرة بإجازة زمنية، شربتُ قدحا من الشاي ودخنت نصف علبة سجائر، ثم أتصلت بنسرين فأخبرتني بانهما غادرا غرفتي . عدتُ الى الدائرة ، وأنهيت دوامي متجنبا المرور على غرفة عباس . في اليوم التالي ، جاء مع سيد مرتضى شخصان آخران ، يرتديان بدلتين لونهما بنفسجي ويضعان عمامتين على رأسيهما ، دخلا الغرفة مع زميلي عباس ، فنهضت ، نظرت اليهم وأنا لم أصدق ما يجري ، ثم غادرت الغرفة فورا ، فصاحوا جميعا " يمعود وين رايح " ..
في اليوم التالي ، وعند باب الدائرة وجدت حشدا من الرجال ، يرتدون بدلات بنفسجية ويضعون عمائم بيض على رؤوسهم ، ولما شاهدوني ، صاحوا هذا هو قد جاء ، وقفت في مكاني قبل دخول الدائرة، ثم ألتفت الى الخلف ، فوجدت رجالا آخرين يترجلون من سياراتهم يرتدون البدلات البنفسجية وعلى رؤوسهم عمائم بيض ، مضيتُ أركض بعيدا عنهم ، والكل يصيحون " يمعود وين رايح " ثم اخذوا يركضون خلفي بعد أن شمروا العمائم ، ولحد الان مازالوا يركضون خلفي .
بعد ساعة من مغادرة الزميلة غرفتي ، جاءني هذا الانسان الجاحد ، أسمه عباس ، مبتسما ، منحنيا قليلا ، وجهه الى الارض كأنه يبحث عن شيء ضاع منه ، يسير بخفة ، قال " السلام عليكم " فقلت " سلام " بالطريقة نفسها التي كان يرد بها على سلامي ، وبعدها نظرتُ الى الجهة الاخرى مثله ، قال " أتسمح أن أجلس بجانبك " ، أشرت الى كرسي قرب الباب بعيدا عني مسافة ثلاثة أمتار ، ( مساحة الغرفة خمسة أمتار ) ، فقال ، " كلا ، أريد الجلوس بالقرب منك ، حتى لا يسمع أحد كلامنا "، في تلك الاثناء رن التلفون الداخلي فأجبت " نعم ، اهلا نسرين ، هل نسيت الملف على منضدتي ، سأجلبه بنفسي " أخذت الملف ونهضت " اعذرني " .. خرجتُ من الغرفة وتركته لوحده.
بقي على انتهاء الدوام الرسمي قرابة الساعة ، جلستُ بجانب نسرين التي تعمل في شعبة الاضابير الشخصية ( الذاتية ) ، معها امرأة عجوز خبيثة أسمها سلوى ، تعلم هذه العجوز إننا اقرباء ، فكانت تشعر بالغضاضة من وجودي معها ، بقينا نثرثر حول امورنا الاجتماعية ، من تزوجت ومن طلقت من أقربائنا ، ومن مات ومن أنجبت ، حتى أنهيتُ الساعة المتبقية لنهاية الدوام من دون أن أشعر بها ، ذلك لأن نسرين ذات روح مرحة ، وإذا ضحكت تكشف عن أسنان بيض بصوت موسيقي ، فضلا عن العطر الفواح الذي تضعه تحت إبطيها ، ذهبتُ الى غرفتي لكي ألملم أغراضي الشخصية ،ولما وصلتها ، وجدت عباس مازال جالسا قرب الباب كما طلبتُ منه ، كان يحدق بالسقف كالأبله . قلت له " أنتهى الدوام " فقال " أعرف " قالها منكسرا وحزينا، نهض ثم أردف " سنتحدث في الغد ".
في اليوم التالي، مررت في الرواق بجانب غرفته، وتعمّدت الإبطاء في سيري قرب الباب، فسمعتُ صوته، صباح الخير عزيزي " فلم أجبه، ولما جلستُ في مكاني في غرفتي، أطل على بابتسامته البلهاء، " قلت لك صباح الخير، فلم ترد على تحيتي " لم أجبه وانشغلت بالأوراق التي على منضدتي، جلس بجانبي، " أرسلت على فنجانين قهوة، أعرف إنك تحبها بدون سكر "، قلت له " ماذا تريد بالضبط؟ " بعد تلعثم، وتردد، قال " أريدك أن تكون واسطة خير، جلب عامل الخدمة عبود صينية القهوة ووضع الفنجانين على منضدتي، وبعد مغادرته، قلت له " لديها طلبات كثيرة حتى تقبل الزواج "، انشرحت أساريره " كلها مقضية ". قلت له، إنها تحب اللون البنفسجي، تحب الرجل أن يكون بدون لحية وشوارب " وأن يرتدي الاصلع عمامة "، نهض، وقال " مقضية ".
في اليوم التالي جاء حالقا لحيته وشاربه يرتدي بدلة بنفسجية مضحكة وعلى صلعته عمامة بيضاء، لم أستطع كتم ضحكة مدوية أظنها وصلت الى غرفة المدير العام قريبه، جلس بجانبي، كيف تراني اليوم؟ قلت له " لا أدرى "، بعد قليل ستأتي الى هنا لتراك وهي تقرر. لن أحدثكم ماذا فعلت نسرين حينما رأته ببدلته البنفسجية وعمامته البيضاء، سأذهب الى بيت عباس ، حيث استقبلت زوجته زوجها وهي متوترة عصبية المزاج ، " منو قشمرك حتى ترتدي العمامة على صلعتك وفوكاها لابس بدلة بنفسجي " ، وبعد تبادل الشتائم بين الزوجين ، خرجت الزوجة من البيت باتجاه سيد راضي أبن عمها الذي يشغل وظيفة مهمة في هيئة مهمة أيضا ، وأخبرته بالذي جرى لزوجها .
في اليوم التالي ألتقى سيد راضي بالمدير العام في دائرة عباس ثم ذهب الى شعبة عباس فوجده بتلك الهيئة المضحكة ، وعرف من خلاله إنه عمل ذلك حتى يغوي زميلة معه في الدوام، وتعرف سيد راضي علي من خلال الزميل عباس ، ولما مد يده لي بعجرفة ولم يرفعها الى مستوى بطنه ، رفضت مد يدي له ذلك لأنني أكره المتكبرين والمتعجرفين فقلت له " نعم تفضل امر خدمة " فقال "نريد أن نرى خطيبة عباس" ، شعرت بالخجل من الدور الذي وضعت نفسي فيه ، قلت له ، يمكن للأخ عباس أن يأخذك إليها ، وفعلا ما أنهيت عبارتي حتى غادرا غرفتي منكسرين ، في تلك الإثناء أخبرت نسرين شيئا ، فضحكت وقالت لي كلاما ثم أغلقت التلفون .
في اليوم التالي، وجدتُ سيد راضي يرتدي بدلة بنفسجية ويضع عمامة بيضاء على رأسه يجلس بانتظاري في غرفتي ، وبجانبه عباس زميلي ببدلته البنفسجية وعمامته البيضاء ، وعندما رأيتهما خرجت فورا من الغرفة ، صاح علي سيد راضي بصوته الجهوري المزعج " يمعود وين رايح " لم ألتفت لهما .
خرجت من الدائرة بإجازة زمنية، شربتُ قدحا من الشاي ودخنت نصف علبة سجائر، ثم أتصلت بنسرين فأخبرتني بانهما غادرا غرفتي . عدتُ الى الدائرة ، وأنهيت دوامي متجنبا المرور على غرفة عباس . في اليوم التالي ، جاء مع سيد مرتضى شخصان آخران ، يرتديان بدلتين لونهما بنفسجي ويضعان عمامتين على رأسيهما ، دخلا الغرفة مع زميلي عباس ، فنهضت ، نظرت اليهم وأنا لم أصدق ما يجري ، ثم غادرت الغرفة فورا ، فصاحوا جميعا " يمعود وين رايح " ..
في اليوم التالي ، وعند باب الدائرة وجدت حشدا من الرجال ، يرتدون بدلات بنفسجية ويضعون عمائم بيض على رؤوسهم ، ولما شاهدوني ، صاحوا هذا هو قد جاء ، وقفت في مكاني قبل دخول الدائرة، ثم ألتفت الى الخلف ، فوجدت رجالا آخرين يترجلون من سياراتهم يرتدون البدلات البنفسجية وعلى رؤوسهم عمائم بيض ، مضيتُ أركض بعيدا عنهم ، والكل يصيحون " يمعود وين رايح " ثم اخذوا يركضون خلفي بعد أن شمروا العمائم ، ولحد الان مازالوا يركضون خلفي .