محمد عمار شعابنية - لكأنني.. شعر

ـ 1ـ
لكأنني سأطير مثل سحابةٍ
أوْ طائر يدري بأنّ الأرضَ ضيّقةٌ
وأنّ الجاذبيّة في الفضاء الرّحبِ
تُربكُ مَن يطيرُ
إنّي أفتّش عن صدى صوتي
وما قالته أغنيّتي وردّده الأثيرُ
يا أيها الجوِّ الفسيحُ لِمَا إزَارُك لا يغطّيني
ويحملني كطفل في قِماطِ
سحَبتْ مخيّلتي بساطي
لتقول لي : لا ترتكبْ خطأً فتجلسُ
مثل شيخ لا ينامُ
وانظرْ إلى أعلى فثمّةَ نجمة ضحكتْ
ففرّ يهاب ضحكتها الظلامُ
لي أنْ أطيعَ مَقالَها
علِّي إذا راوغتُ غُول الجاذبية أستريحُ
وكنيْزكٍ قد ساح في أفُقٍ أسوحُ
ـ 2 ـ
لكأنني سأطير مثل حمامةٍ
وحبوب سنبلتي غذاء للحمامِ
وعلى جبيني فِكرةٌ لم يحْوِها ورَقٌ
ولمْ تدْخُلْ كلامي
ـ 3 ـ
لكأنّني أنساب حِذْوَ الرّيحِ في سَبْقٍ وعاصفة ورائي
تَعْوِي فأجْعَلها إذا جَنّتْ هواءً في هوائي
وأقُول للأشجارِ لا تبْكي ولا تَحْني غُصُونكِ كيْ تموتي
فلَديْكِ مُتّسَعٌ من الإثْمار في حَقْلي
وللرّيح العنيفةِ أنْ تَؤُول إلى السّكوتِ
ولدَيَّ مُتّسَعٌ مِن الوقتِ المُرشّح للسعادة والشّقاءِ
ـ 4 ـ
لكأنّني ـ وأنا أُمَشٍّطُ شَعْرَ ذاكرتي ـ
أرى عَرَقًا يَلُفُّ أبِي
فأمْشي حين يمشي
وأراه يحمِل فوْق قامتِه الهزيلةِ ألفَ رَفْشِ
لِيَغُوصَ في نَفَقٍ وفي نَفَقِ ،كما قَبْر، يغُوصُ
هوّ مَنْجَمِيٌّ والمناجم ما لإعْيُنِها على صُبْحٍ بَصِيصُ
ـ 5 ـ
لكأنّني أذْنَبْتُ في وَطَنٍ تفَرّقَ عاشِقُوهْ
والــْ ...حَـارِقُوهْ
في البَحْرِ ألْقُوا ما تجَمَّعَ مِنْ رَمَادَهْ
وأنا أصِيح كمَن ينامُ على الزُّجاجِ لأَنّني
أذْنَبْتُ حِين سكَبْتُ ما في القلْب مِن دمْعٍ ولمْ
أسْكُبْ دِمائي في حِدَادِهْ
ـ 6 ـ
لكأنني في الليل إذْ أمشي
قطارُ النّمْل يتْبعُني
ويتْبعُني سُهادي
فأنا هَجَرتُ مِخدّتي
وأزَحتُ عن رأسي رُقادي
وتَركتُ بابي مُشْرعًا
وخَرجتُ أبحَثُ عن ضياءٍ لمْ تَلِدْه الشّمْسُ
بلْ سيطول بي توْقي العنيفِ إلى الضّياءِ
وإلى السّماء
سأظلّ أنظُرُ علّني
أرْقَى وأَعْلُو
لأعُدَّ أحجارَ الكواكبِ في الفضاء

محمد عمار شعابنية
المتلوي في 17 و16 نوفمبر 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...