أمل الكردفاني - اللقاء.. قصة قصيرة

- بسرعة يا درية قد يكون لقائي معه فرصة للحصول على عمل والنجاة من الموت جوعا.. إنه صديقي القديم الذي هاجر لأمريكا منذ سنوات... هيا بسرعة اعطني الحذاء..
- خد.. بإذن الله بإذن الله يكون فاتحة خير وبركة عليك..
ويخرج سالم من المنزل للقاء صديقه القديم في مقهى وانشوت، ويبقى جالساً في انتظاره لربع ساعة، وهو يخشى أن يعتذر فيضطر لدفع ثمن كوب القهوة. غير أن ظنونه تبددت حين رأى صديق الطفولة وقد أصبح سميناً، غير أن ملامحه البريئة اختفت لتحل محلها ملامح جديدة، لقد امتلأ وجهه بالتجاعيد. وبعد أن تصافحا قال:
- الاستثمار هنا مشجع.. فالبلد تحتاج لمستثمرين.. يأتون بدولارات العم سام ليغذوا بها حركة النقود..
كان صديقه يرشف من الشاي ويدخن علبة سجائر أمريكية لم يرها سالم من قبل. ثم أطفأ السجارة ببطء وقال:
- هذا غير مشجع يا صديقي.. هذا سيجعلني أفكر في العودة مرة أخرى..
انقبض قلب سالم وقال:
- لا يا صديقي بل على العكس.. تستطيع أن تنشئ مشروعا بخمسين ألف دولار فقط..
ضحك صديقه وقال:
- خمسون ألف دولار؟ هل تعتقد إنني كنت تاجر مخدرات في إمريكا.. لقد عملت سائقاً لسنوات.. وأمريكا لا تتيح لأمثالنا فرصة الإدخار.. كنت أتمنى أن اجد فرصة عمل في وطني.. وأعتقد بأنك ستساعدني.. هل تعلم يا صديقي لقد درست كيمياء حيو..
وغاب صوت صديقه عن أذنيه، لم يعد يسمع شيئاً.. كان باباً أخر يغلق من ضمان آلاف الأبواب التي أغلقت من قبل، لكن المشكلة الأكبر هي: كيف سيخبر درية ويحبط آمالها.. نظر إلى حذائه الذي ورنشته بعناية وقميصه الذي كوته بصبر، فمد يده وأخرج من علبة صديقه لفافة وأشلعها ثم قاطعه قائلاً:
- هل ستدفع ثمن كوبي الشاي.. فأنا لا املك شيئاً؟

(تمت)
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...