يستيقظ أغلب النزلاء على صراخ هستيريّ يجمع بين الأنوثة والذكورة! إنه صراخ نبهان القبيح، ونبهان هذا استمد اسمه من غرابة تقاسيم جسمه ووجهه، وجهٌ أملس كأنه ملطخ ببقع سخام قدر عزاء أحرقته النار ثلاثة أيام بلياليها، تنبتُ على عارضيه بضعة شعيرات متناثرة لا تتناسب مع هيئة رجلٍ في سنِ الأربعين. وغالبًا ما يزعق ويصيح:
- يجب أن تقتصوا من زوجتي! لقد قتلتني وفاء غدراً! فتحت أنبوب الغاز وأغلقت الأبواب ثم أشعلت النيران فالتهمت الغرفة بقضها وقضيضها.
يسمع الدكتور عرفان أصواتاً وعويلاً، يستفهم عن هذه الضوضاء، فيشرح له أحد العاملين في مستشفى المجانين:
- أَعلمُ أنها ليلتك الأولى هنا في المستشفى، ولكنك ستعتاد على هذا الوضع.
- أي وضع تعني؟
- وضع المجانين، سيما وضع نبهان. (يرد الممرض).
يحمرُّ وجه الطبيب، ويوجّه كلامه للممرض:
- أرجو ألّا أسمع كلمة مجانين من اليوم فصاعداً، هؤلاء مرضى وعلينا التعامل معهم وفقاً لهذا المعنى.
ويضيف:
- ثمّ هل هيّأتم كل شيء ليوم الغد؟
- نعم دكتور، لقد أكملنا تجهيز الغرفة لمقابلة نزلاء المستشفى من المجانين كما طلبت… آآآسف .. أقصدُ… المرضى.
- وهو كذلك، يجب إعادة تقييمهم، والتعامل معهم على وفق التقارير التي سأدوًنها أنا.
يتمتم مع نفسه:
- العلم والفوضى لا يتواءمان، والطمأنينة والعنف لا يقترنان.
في فجر اليوم التالي يبدأ الدكتور عرفان بزيارة غرف المستشفى وردهاتها للاطلاع على الخدمات المقدمة للمرضى سيما أولئك الذين سيقابلهم اليوم.
يعاني العاملون في مستشفى الأمراض العقلية من صعوبة تهيئة الجميع لهذه المقابلة، فبعضهم ما يزال في غيبوبة جراء الصعقات الكهربائية، وبعضهم تهدّه الحبوب المخدّرة.
تبدأ المقابلات مع حنون هذا الذي لا يتفوّه إلا بكلمتين (يعيش القائد). لا يعرفون عنه شيئاً سوى أن سيارةً مظللةً رمته قرب باب المستشفى، كانت تقلُّ مجموعة تنتمي إلى جهةٍ مهمة جداً، أمرت حرس الباب باستلام حنون وإيداعه في المستشفى، فهم لا يعلمون عنه غير اسمه وشعاره (يعيش القائد).
الثاني الذي أُدخل هو نبهان والذي لا يعلمه عنه الطبيب أنه يتشارك مع خمس نزيلات أخريات الغرفة داخل المستشفى!
- ما اسمك؟ سأله الدكتور.
- نبهان.
- تكلم وأخبرني كيف حالك؟
- حالي؟ ليست على ما يرام ولن تهدأ لي حال إن لم يقتصوا من وفاء زوجتي، لقد أشعلتْ النيران في البيت و أحرقتني بلا سبب!
يلتفت الدكتور نحو الممرض ويستفسر منه:
- أين زوجته الآن، هل تم إيداعها السجن؟
- دكتور الذي يتحدث معك امرأة وليست رجلًا وهي وفاء نفسها!!
(تعلو الدهشة ملامح وجه الدكتور)
يسترسل الممرض:
أما زوجها فقد تفحم جسده. وها هي منذ الحادثة تتقمص شخصية زوجها نبهان وتطلب القصاص له!
سمع الدكتور ذلك الكلام وصمت لبرهة قائلاً للممرض:
- نادوا على المريض الثالث.
- يجب أن تقتصوا من زوجتي! لقد قتلتني وفاء غدراً! فتحت أنبوب الغاز وأغلقت الأبواب ثم أشعلت النيران فالتهمت الغرفة بقضها وقضيضها.
يسمع الدكتور عرفان أصواتاً وعويلاً، يستفهم عن هذه الضوضاء، فيشرح له أحد العاملين في مستشفى المجانين:
- أَعلمُ أنها ليلتك الأولى هنا في المستشفى، ولكنك ستعتاد على هذا الوضع.
- أي وضع تعني؟
- وضع المجانين، سيما وضع نبهان. (يرد الممرض).
يحمرُّ وجه الطبيب، ويوجّه كلامه للممرض:
- أرجو ألّا أسمع كلمة مجانين من اليوم فصاعداً، هؤلاء مرضى وعلينا التعامل معهم وفقاً لهذا المعنى.
ويضيف:
- ثمّ هل هيّأتم كل شيء ليوم الغد؟
- نعم دكتور، لقد أكملنا تجهيز الغرفة لمقابلة نزلاء المستشفى من المجانين كما طلبت… آآآسف .. أقصدُ… المرضى.
- وهو كذلك، يجب إعادة تقييمهم، والتعامل معهم على وفق التقارير التي سأدوًنها أنا.
يتمتم مع نفسه:
- العلم والفوضى لا يتواءمان، والطمأنينة والعنف لا يقترنان.
في فجر اليوم التالي يبدأ الدكتور عرفان بزيارة غرف المستشفى وردهاتها للاطلاع على الخدمات المقدمة للمرضى سيما أولئك الذين سيقابلهم اليوم.
يعاني العاملون في مستشفى الأمراض العقلية من صعوبة تهيئة الجميع لهذه المقابلة، فبعضهم ما يزال في غيبوبة جراء الصعقات الكهربائية، وبعضهم تهدّه الحبوب المخدّرة.
تبدأ المقابلات مع حنون هذا الذي لا يتفوّه إلا بكلمتين (يعيش القائد). لا يعرفون عنه شيئاً سوى أن سيارةً مظللةً رمته قرب باب المستشفى، كانت تقلُّ مجموعة تنتمي إلى جهةٍ مهمة جداً، أمرت حرس الباب باستلام حنون وإيداعه في المستشفى، فهم لا يعلمون عنه غير اسمه وشعاره (يعيش القائد).
الثاني الذي أُدخل هو نبهان والذي لا يعلمه عنه الطبيب أنه يتشارك مع خمس نزيلات أخريات الغرفة داخل المستشفى!
- ما اسمك؟ سأله الدكتور.
- نبهان.
- تكلم وأخبرني كيف حالك؟
- حالي؟ ليست على ما يرام ولن تهدأ لي حال إن لم يقتصوا من وفاء زوجتي، لقد أشعلتْ النيران في البيت و أحرقتني بلا سبب!
يلتفت الدكتور نحو الممرض ويستفسر منه:
- أين زوجته الآن، هل تم إيداعها السجن؟
- دكتور الذي يتحدث معك امرأة وليست رجلًا وهي وفاء نفسها!!
(تعلو الدهشة ملامح وجه الدكتور)
يسترسل الممرض:
أما زوجها فقد تفحم جسده. وها هي منذ الحادثة تتقمص شخصية زوجها نبهان وتطلب القصاص له!
سمع الدكتور ذلك الكلام وصمت لبرهة قائلاً للممرض:
- نادوا على المريض الثالث.