محمود عماد - دير الحياة

ذكروا الشبابَ فقلتُ: إِي والله
ما كنت عن ذكر الشباب بساهي
لكن يَعزُّ عليَّ نعيي باقياً
وبِفِيَّ لا بسواه من أفواهِ
نعيُ الفتوةِ والنضارة والهوى
والرقص في النيران والأمواهِ
والروغ من فرضٍ عليَّ وواجبٍ
لم يُعفِني لم أُعفَ من إِكراه
أمرٌ وفائيٌّ صَدَعْتُ به وكم
بعد الشباب أوامرٌ ونواهي؟
وبصيرةٌ كشفت لعيني بعدما
كلَّت مآسي كُنَّ قبلُ ملاهي
قوسُ السحاب أَرى به أتواَءه
لاما احتوى من كل لونٍ زاهي
وإِذا بدَا الشفق الغَرِيُّ تهولني
ظَلمٌ لدى الأفق البعيد دواهي
والورد يَسنح لي فأبحث جاهداً
عن شوكهِ خلف الجمال الباهي
فإِذا الذي هو مؤنسي هو موحشي
وإِذا الذي أغرى شبابيَ ناهي
وإِذا الحدود تغيَّرَت أوضاعُها
وخلودُ أحلاِم الشباب تناهي
يا رَاعيَ الغزلانِ في (وادي طوىً)
أقْصِرْ، فأعينهن عنك سواهي!
اخلعْ هنا نعليكَ إِنك واقفٌ
في موقف المتبتِّلِ الأوَّاه
وانظم صدى الَوادي بكل عهوده
لحناً تُغنيِّه بصوتٍ واهي
ذكروا المشيبَ فقلتُ: لا والله
ما كنتُ في ديرِ الحياةِ بلاهي

محمود عماد

مجلة الرسالة - العدد 513
بتاريخ: 03 - 05 - 1943
أعلى