مدق صحراوي.. رأيته مئات المرات.. لا يمثل شيئاً يذكر، لما يمكنه أن يلفت النظر، حب الاستطلاع وحده، هو الذي دفعني يساراً، عبر هذا المدق، بلا جهد إضافي.. نهبت السيارة طريقها..، كأنها تسابق ظلها، اجتازت عشرات الكيلو مترات،.. حتى رأيت خيام بدوية..، ضغط الكابح، توقفت..، استقبلني وفد، كأنه مجهز مسبقاً، استسلمت لترحيبهم، اصطحبوني لمجلس شيخ القبيلة، الذي تلقاني محتضنا ومقبلا، كأنه يعرفني وينتظرني. مارسوا طقوس ضيافتهم، كما قرأت عنها..، لم يسألوني عن سبب زيارتي..! أهي عن قصد أم لضلال الطريق؟..، صارحتهم من تلقاء نفسي.. بأنها بلا إرادة واعية.. تبسم شيخهم، أخبرني.. بأن المدق يسمى مدق( الجذب)، لم يؤثر ذلك على معاملتهم، التي انتهجوها معي..،
حتى يومي الثاني بينهم، الذي سمعت فيه جلبة..، تملكتني رغبة شغفية..، صحبني شيخ القبيلة إليها..، وجدتها حلقة بشرية. يتوسطها رجل وامرأة مكبلين.. اقتربت أكثر.. بصحبة شيخهم، الذي أخبرني، بأنها محاكمة صحراوية.. بدأت المراسم..، ثبتت التهمة، نادى المنادي:
ــ هل لأحد الحاضرين اعتراض..؟
..، خرج السيف من غمده، أجتث رأس الزاني، نادى مرة أخرى..
ــ هل لأحدكم أرب في الزواج منها؟
..لم ينطق أحد. إلا يدي.. ارتفعت رغماً عني، لإنقاذ رئة الجمال وأنفاسها، عين الفتنة وبؤبؤها، في العشرين تقريباً. انتبه إليّ الجمع، صاحوا عليّ بلقب.. لن أنساه..( زوج ال..)..، حاولت إنزال يدي.. أبت، رفضت. وفرض شيخ القبيلة كلمته:
ــ بئس الهدية.. هي لك بلا مهر أو فدية..
إلى هذا الحد من أحداث، نظرات، معايرة، سخرية.. تحملتها رغماً عني. بصلابة لم أعهدها في نفسي.. استأذنت للمغادرة.. برفقتي شهيق الفتنة وزفيرها.. سمح الشيخ..، ودعني، واضعاً يده على كتفي:
ــ الشجرة المرة. لن تثمر إلا مراً، حتى لو طليتها بالعسل.
ابتلعت عبارته بضيق.. أفقدني نشوتي.. بإنقاذي إنسانة من تسييف حتمي، ركبت وأسيرتي سيارتي، عدت إلى الطريق الصحراوي، منه إلى بلدتي، أوفيت بشرطهم..، دخلت منزلي كزوجة، راعني إجادتها للقراءة،..لكل ما يقع عليه بصرها،.. تستوعبه.. حتى ظننت أنها حضرية.. بإدارتها لمنزلي وحياتي، أدائها بمطبخها، أزيائها..، التي خاطتها بنفسها، اكتسب لسانها لكنة مدنية.. زادتها فتنة وألقا، خلال شهر تقريباً. جذبتني إليها، احتوتني كليا..، امتصت روح رجولتي، أصبحت أسيرها.. طلبت أن تتعلم.. ألحقتها بكلية الآداب، بإحدى الجامعات الخاصة، تخصصت برغبتها في الفلسفة، حصلت بعدها على الماجستير، بلا مقدمات أو أسباب.. اختفت.. بحثت عنها بكل الوسائل..، في كل مكان.. تحت أظافري، بقايا قهوتي..، فتحت الكتاب، المندل، بذلت كل نفيس..، لدى الإنس والجان، حتى يئست.. ثلاث سنوات..، رأيت صورتها في الصحف، تحت عنوان
(العدالة تطلب المساعدة..)، هاتفت المسؤولين..، قابلت أولي الأمر.. أفادوني بالقبض عليها.. ترأس شبكة دعارة دولية، كما أفادت عضواتها، التحريات، التسجيلات، كافة الأدلة.. أدعت فقدان ذاكرتها، أحيلت للطب الشرعي، الذي أكد فقدانها.. وفقداني..
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
9 / 1 / 2020
القاص عصام
القاص عصام سعد حامد
حتى يومي الثاني بينهم، الذي سمعت فيه جلبة..، تملكتني رغبة شغفية..، صحبني شيخ القبيلة إليها..، وجدتها حلقة بشرية. يتوسطها رجل وامرأة مكبلين.. اقتربت أكثر.. بصحبة شيخهم، الذي أخبرني، بأنها محاكمة صحراوية.. بدأت المراسم..، ثبتت التهمة، نادى المنادي:
ــ هل لأحد الحاضرين اعتراض..؟
..، خرج السيف من غمده، أجتث رأس الزاني، نادى مرة أخرى..
ــ هل لأحدكم أرب في الزواج منها؟
..لم ينطق أحد. إلا يدي.. ارتفعت رغماً عني، لإنقاذ رئة الجمال وأنفاسها، عين الفتنة وبؤبؤها، في العشرين تقريباً. انتبه إليّ الجمع، صاحوا عليّ بلقب.. لن أنساه..( زوج ال..)..، حاولت إنزال يدي.. أبت، رفضت. وفرض شيخ القبيلة كلمته:
ــ بئس الهدية.. هي لك بلا مهر أو فدية..
إلى هذا الحد من أحداث، نظرات، معايرة، سخرية.. تحملتها رغماً عني. بصلابة لم أعهدها في نفسي.. استأذنت للمغادرة.. برفقتي شهيق الفتنة وزفيرها.. سمح الشيخ..، ودعني، واضعاً يده على كتفي:
ــ الشجرة المرة. لن تثمر إلا مراً، حتى لو طليتها بالعسل.
ابتلعت عبارته بضيق.. أفقدني نشوتي.. بإنقاذي إنسانة من تسييف حتمي، ركبت وأسيرتي سيارتي، عدت إلى الطريق الصحراوي، منه إلى بلدتي، أوفيت بشرطهم..، دخلت منزلي كزوجة، راعني إجادتها للقراءة،..لكل ما يقع عليه بصرها،.. تستوعبه.. حتى ظننت أنها حضرية.. بإدارتها لمنزلي وحياتي، أدائها بمطبخها، أزيائها..، التي خاطتها بنفسها، اكتسب لسانها لكنة مدنية.. زادتها فتنة وألقا، خلال شهر تقريباً. جذبتني إليها، احتوتني كليا..، امتصت روح رجولتي، أصبحت أسيرها.. طلبت أن تتعلم.. ألحقتها بكلية الآداب، بإحدى الجامعات الخاصة، تخصصت برغبتها في الفلسفة، حصلت بعدها على الماجستير، بلا مقدمات أو أسباب.. اختفت.. بحثت عنها بكل الوسائل..، في كل مكان.. تحت أظافري، بقايا قهوتي..، فتحت الكتاب، المندل، بذلت كل نفيس..، لدى الإنس والجان، حتى يئست.. ثلاث سنوات..، رأيت صورتها في الصحف، تحت عنوان
(العدالة تطلب المساعدة..)، هاتفت المسؤولين..، قابلت أولي الأمر.. أفادوني بالقبض عليها.. ترأس شبكة دعارة دولية، كما أفادت عضواتها، التحريات، التسجيلات، كافة الأدلة.. أدعت فقدان ذاكرتها، أحيلت للطب الشرعي، الذي أكد فقدانها.. وفقداني..
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
9 / 1 / 2020
القاص عصام
القاص عصام سعد حامد