وضعت الام المهجرة المكلومة الثكلى يدها على قبر ابنها الراحل للتوّ، ووضعت يدها الأخرى على قلبها وهي ترسل نظراتها في الفضاء المسترخي قبالتها، كانت القبو تملأ الرحب. ما أصعب فقدها لابنها. املها المتبقي في العودة الى قريتها. هكذا برمشة عين انزلق، انفلت من بين يديها، ورحل في طريقه الابدي تاركًا وراءه حلما فتيا وابنًا ..طفلًا صغيرًا ادخل الفرحة إلى البيت والروح.. عندما وضع خطوته الأولى على أرضية البيت، بيت جدته. همت من عينها دمعة حارة حارقة. كيف يمكنها ان تواجه هكذا فقد، كيف يمكنها أن تتحمّل هكذا خسارة، الخسائر تترى واحدة وراء الأخرى. قبل سنوات فقدت زوجها، والد ابنها الراحل، بعده فقدت اخاها الأصغر وها هي الآن تفقد ابنها فلذة كبدها.. اخر شركائها في الحلم والعودة. ابنها نام ولم يفق. رحل دون كلمة وداع.
أغمضت الأم عينيها، وسرحت في الماضي، كانت صورة زوجة ابنها وأم حفيدها تطلّ عليها بنوع من الغضب. هي زوجته وليس غيرها من قتله. الخلافات ابتدأت بين ابنها وكنتها منذ اليوم الأول لارتباط ابنها بأم ابنه. ليتها كانت تعلم بما كان يمكن أن يحدث. لو كانت تعلم لحملت ابنها بأسنانها وطارت به بعيدًا عن تلك المرأة. لحمته برمش العين. الصور تتلاحق أمام عينيها كأنما هي كابوس يأبى المفارقة. قصة ابنها مع تلك المرأة التي لا تُذكر الا لتجرح القلب، ابتدأت قبل أقل من ثلاث سنوات. في السنة الأولى جاءها ابنها بزوجته تلك واضعا إياها تحت أمر واقع ولا مفرّ منه. وعندما لفتت نظره إلى فارق العمر بين وبين تلك المرأة الصبية، قال لها ان العمر لا يقاس بالسنوات، وانما بالإحساس. وأرسل ابتسامة نحو امه:" انا لا اشعر انني قاربت الخمسين. كل ما اشعر به انني ما زلت ذلك الطفل الشقي الحالم.. هي أيضا، قاصدا زوجته الطرية، هي أيضا يا امي تشعر انها ما زالت في ميعة الصبا، لو تعرفين ماذا قالت لي عندما تحدثنا عن فارق العمر لما اثارك الامر ولما قلت ما قلته. أخيرا تقبلت الامر الا انها لم تهضمه، المرأة تفهم المرأة أكثر من سواها. وانا فهمت تلك جيدا. قالت لنفسها داعية لابنها بالسلامة.
تحركت الام في مكانها القريب من القبر، بدا لها الامس كأنما هو فيلم سينمائي قصير، بالأمس.. بالأمس فقط، ابتدأت المشاكل مثل شرارة صغيرة، اشتعلت في كومة قش، وفي غفلة من عيون الجميع، تبين ان الشرارة تحولت إلى حريق. تبين لها ذلك عندما جلس اليها ابنها وهو يشكو ابتعاد زوجته وانغلاقها بعيدا عنه. يومها ارادت ان تقول له انك انت من اختارها، وانك انت من فرضها امرا واقعا علينا، غير انها تراجعت في اللحظة الأخيرة، وفضلت ان تساعده بدلا من ان تلومه، يومها جرى حديث ما زالت تتذكر بعضا منه..
هي: لماذا وكيف حصل هذا كله؟
هو: لا اعرف يا امي.. لا اعرف. كان علي ان اسمع كلامك.
وقف ابنها يومها امامها عاجزا لا حيلة بيده، وحكى لها ان زوجته ابتدأت بالتغير، غير عابئة بابنهما صغيرها المحبوب، وانها لبست قبعها ولحقت ربعها، بل اكثر من هذا اخذت تتهدده كلما حاول ان يسوي اموره معها، اصمت اذنيها، ووضعت يديها على اذنيها الاثنتين معلنة انها لا تريد ان تسمع:" تصوري يا امي.. تلك القطة الصغيرة.. كبرت وباتت تتهددني بالشرطة كلما فُهت بما لا يعجبها.". قال يومها لامه وواصل ودمعة اسية تلوح في عينه:" تصوّري يا امي انها اخذت ابننا صغيرنا الحبيب واختفت به بعيدا عني وعندما علمت في أي مكان يمكنني ان التقي بها، ان اطلب منها ان تريني ابني، اخذت انتظرها الى ان مرت من هناك، الى ان رايتها تأتي من بعيد. تمشى الهوينا. حاولت أن تبتعد عني الا انني امسكت بيدها، ما الذي جرى لك. الم نتعاهد على المودة والرحمة؟.. قلت فردت كان ذلك في الماضي. اما الان فقد تغير كل شيء. وابننا ماذا مع ابننا.. لا اعرف ومضت مبتعدة.. مسرعة..
رفعت الام راسها وعادت الى الماضي مواصلة متابعتها له ولصوره الأخيرة التعيسة، لم يكن امام ابنها من مفر بعد ان تركته زوجته الا ان يعود اليها .. الى بيتها ليقيم معها وتحت جناحها. اضحى ابنها يومها وحيدا. كلهم تخلوا عنه الا هي. امه لم يكن بإمكانها ان تفعل ما فعله الاخرون. هكذا وقفت معه وساندته، وعندما هزه الشوق الى ابنه محبوبه الصغير واراد ان يراه، ساعدتها في الاتصال بها.. بزوجته تلك الما تتسمى، فوجئت بابنها ينهار وهو يستمع الى زوجته العنيدة الحرون تقول له انك لن ترى ابنك، دعني أرى حياتي مع من هو من جيلي. وعندما خرج عن طوره، ولم يعد بإمكانه ان يتحمل، سقط على أرضية الغرفة. وسط نظرات امه الحائرة، ووقف مرة أخرى منفعلا وصارخا. بعد دقائق كان رجال الشرطة يدقون باب بيته. واقتادوه الى مركزهم القريب. وعندما عاد بعد ساعات، أخبرها انهم منعوه من الاقتراب منها وانها استصدرت امرا بإبعاده.
احتضنت الام قبر ابنها.. بكت بحرارة كاوية.. نمت يومها يا حبيبي وعندما طلبت منك ان تستيقظ لنشرب القهوة معا. قلت لي انك متعب وانك تريد ان تناوم، فتركتك .. ولأول مرة منذ عودتك اليّ شربت القهوة وحيدة. في الصباح كان ما كان. دعوتك للاستيقاظ. هززتك، فاهتززت. ليتكرر موقف فقدي لوالدك. قم يا ولدي.. قم كي نواصل الطريق.. ها انا ذي أتصور الطريق وارى ابنك فيه هناك..
ناجي ظاهر
www.facebook.com
أغمضت الأم عينيها، وسرحت في الماضي، كانت صورة زوجة ابنها وأم حفيدها تطلّ عليها بنوع من الغضب. هي زوجته وليس غيرها من قتله. الخلافات ابتدأت بين ابنها وكنتها منذ اليوم الأول لارتباط ابنها بأم ابنه. ليتها كانت تعلم بما كان يمكن أن يحدث. لو كانت تعلم لحملت ابنها بأسنانها وطارت به بعيدًا عن تلك المرأة. لحمته برمش العين. الصور تتلاحق أمام عينيها كأنما هي كابوس يأبى المفارقة. قصة ابنها مع تلك المرأة التي لا تُذكر الا لتجرح القلب، ابتدأت قبل أقل من ثلاث سنوات. في السنة الأولى جاءها ابنها بزوجته تلك واضعا إياها تحت أمر واقع ولا مفرّ منه. وعندما لفتت نظره إلى فارق العمر بين وبين تلك المرأة الصبية، قال لها ان العمر لا يقاس بالسنوات، وانما بالإحساس. وأرسل ابتسامة نحو امه:" انا لا اشعر انني قاربت الخمسين. كل ما اشعر به انني ما زلت ذلك الطفل الشقي الحالم.. هي أيضا، قاصدا زوجته الطرية، هي أيضا يا امي تشعر انها ما زالت في ميعة الصبا، لو تعرفين ماذا قالت لي عندما تحدثنا عن فارق العمر لما اثارك الامر ولما قلت ما قلته. أخيرا تقبلت الامر الا انها لم تهضمه، المرأة تفهم المرأة أكثر من سواها. وانا فهمت تلك جيدا. قالت لنفسها داعية لابنها بالسلامة.
تحركت الام في مكانها القريب من القبر، بدا لها الامس كأنما هو فيلم سينمائي قصير، بالأمس.. بالأمس فقط، ابتدأت المشاكل مثل شرارة صغيرة، اشتعلت في كومة قش، وفي غفلة من عيون الجميع، تبين ان الشرارة تحولت إلى حريق. تبين لها ذلك عندما جلس اليها ابنها وهو يشكو ابتعاد زوجته وانغلاقها بعيدا عنه. يومها ارادت ان تقول له انك انت من اختارها، وانك انت من فرضها امرا واقعا علينا، غير انها تراجعت في اللحظة الأخيرة، وفضلت ان تساعده بدلا من ان تلومه، يومها جرى حديث ما زالت تتذكر بعضا منه..
هي: لماذا وكيف حصل هذا كله؟
هو: لا اعرف يا امي.. لا اعرف. كان علي ان اسمع كلامك.
وقف ابنها يومها امامها عاجزا لا حيلة بيده، وحكى لها ان زوجته ابتدأت بالتغير، غير عابئة بابنهما صغيرها المحبوب، وانها لبست قبعها ولحقت ربعها، بل اكثر من هذا اخذت تتهدده كلما حاول ان يسوي اموره معها، اصمت اذنيها، ووضعت يديها على اذنيها الاثنتين معلنة انها لا تريد ان تسمع:" تصوري يا امي.. تلك القطة الصغيرة.. كبرت وباتت تتهددني بالشرطة كلما فُهت بما لا يعجبها.". قال يومها لامه وواصل ودمعة اسية تلوح في عينه:" تصوّري يا امي انها اخذت ابننا صغيرنا الحبيب واختفت به بعيدا عني وعندما علمت في أي مكان يمكنني ان التقي بها، ان اطلب منها ان تريني ابني، اخذت انتظرها الى ان مرت من هناك، الى ان رايتها تأتي من بعيد. تمشى الهوينا. حاولت أن تبتعد عني الا انني امسكت بيدها، ما الذي جرى لك. الم نتعاهد على المودة والرحمة؟.. قلت فردت كان ذلك في الماضي. اما الان فقد تغير كل شيء. وابننا ماذا مع ابننا.. لا اعرف ومضت مبتعدة.. مسرعة..
رفعت الام راسها وعادت الى الماضي مواصلة متابعتها له ولصوره الأخيرة التعيسة، لم يكن امام ابنها من مفر بعد ان تركته زوجته الا ان يعود اليها .. الى بيتها ليقيم معها وتحت جناحها. اضحى ابنها يومها وحيدا. كلهم تخلوا عنه الا هي. امه لم يكن بإمكانها ان تفعل ما فعله الاخرون. هكذا وقفت معه وساندته، وعندما هزه الشوق الى ابنه محبوبه الصغير واراد ان يراه، ساعدتها في الاتصال بها.. بزوجته تلك الما تتسمى، فوجئت بابنها ينهار وهو يستمع الى زوجته العنيدة الحرون تقول له انك لن ترى ابنك، دعني أرى حياتي مع من هو من جيلي. وعندما خرج عن طوره، ولم يعد بإمكانه ان يتحمل، سقط على أرضية الغرفة. وسط نظرات امه الحائرة، ووقف مرة أخرى منفعلا وصارخا. بعد دقائق كان رجال الشرطة يدقون باب بيته. واقتادوه الى مركزهم القريب. وعندما عاد بعد ساعات، أخبرها انهم منعوه من الاقتراب منها وانها استصدرت امرا بإبعاده.
احتضنت الام قبر ابنها.. بكت بحرارة كاوية.. نمت يومها يا حبيبي وعندما طلبت منك ان تستيقظ لنشرب القهوة معا. قلت لي انك متعب وانك تريد ان تناوم، فتركتك .. ولأول مرة منذ عودتك اليّ شربت القهوة وحيدة. في الصباح كان ما كان. دعوتك للاستيقاظ. هززتك، فاهتززت. ليتكرر موقف فقدي لوالدك. قم يا ولدي.. قم كي نواصل الطريق.. ها انا ذي أتصور الطريق وارى ابنك فيه هناك..
ناجي ظاهر
ناجي ظاهر
ناجي ظاهر is on Facebook. Join Facebook to connect with ناجي ظاهر and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.