فتحي مهذب - أمجاد الشجرة.

رأيت شجرة تمشي مثل كنغر
باتجاه طائر يتخبط مذعورا
بعد وقوعه في فخ الصياد.
خلصته ماسحة على رأسه بأوراقها الجميلة.
لما رأتني إبتسمت
وهي تحث الخطى إلى مكانها القديم.
رأيت شجرة
تدفن غرابا نافقا
وتبكي.
بعد إهالة التراب عليه
عادت مترنحة إلى حديقتنا الحزينة.
لابسة ثوب الحداد إلى الأبد
مباركة يا أمنا الشجرة.
رأيت شجرة
ترمي ثمارها الحلوة
فوق رؤوس المشردين
وكلما هبت الريح
تصفق أغصانها
احتفاء بحشود الفقراء.
بالأمس
رأيت شجرتين يتعانقان
أمام سياج الكنيسة
فوق رؤوسهما جوقة من العصافير
تقرع الأجراس
الهواء وحده
يدرك سر هذه المحبة الأبدية.
رأيت شجرة
تصفع حطابا
تركل مؤخرته بجذعها الصلب
بينما الحطاب يركض
باتجاه المدينة
مثل عاصفة مليئة بالشر.
لك المجد أيتها الشجرة المقاتلة.
رأيت شجرة
تشيع عميانا إلى الغابة
ليقيموا بيوتا من الضوء
ويؤاخوا الينابيع قبل غروب الشمس.
رأيت شجرة
تقوم بعد سقوط الصاعقة
على ذؤابتها
متجاوزة كل شروط الموت.
ما أعظمك يا أمنا الشجرة
يا قاهرة وحوش الحتميات.
رأيت شجرة
تنادي باسمي
بعدما طردني الناس من المدينة
معملين سيوفهم في رقبتي الهزيلة
إقتربت كثيرا منها
حزينا جدا ومنكسرا
ضمتني إلى صدرها الدفيء
بكيت طويلا
بينما أوراقها تتساقط على وجهي
مثل كم هائل من الدموع.
آه يا أمنا الشجرة
أنا إبنك المطارد
منذ الأزل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...