ملخص:
تمحورت الدراسة حول رهانات الترجمة الأدبية المتمثلة في المحافظة على المعنى والخصائص الفنية والجمالية للنص الأصلي في الآن نفسه.موضوع الدراسة هو رواية ” الحضــــارة أمي” للكاتب إدريس الشرايبي المكتوبة في الأصـل باللغة الفرنسية :« La Civilisation, ma Mère !… » (1972 ) التي تمت مقارنتها مع الترجمة العربية الصادرة سنة 2014.
باعتماد نظرية الباحثين فيناي و درابلني (1995) Vinay et Drabelnet في الترجمة، قامت الدراسة بتقويم عملية الترجمة التي أنجزها المترجم عبر تحديد أهم الآليات التي لجأ إليها المترجم لتبديد الصعوبات التي واجهته. وخلصت الدراسة إلى أن المترجم استطاع تحقيق المطلوب رغم اعتماده بشكل أساسي على الترجمة الحرفية. أثبتت الدراسة كذلك ومن خلال العينة التي تم اعتمادها أن اختيار الترجمة الحرفية كان اختيارا ناجحا في العديد من الحالات وساهم هذا الاختيار بشكل كبير في الحفاظ على المعنى والخصائص الفنية. وأثبتت الدراسة من جهة أخرى أن الترجمة الحرفية لم تكن أيضا اختيارا صائبا في حالات أخرى وكان بالإمكان استبدالها باستراتيجيات أخرى.
1.1.مقدمة
تعتبر الترجمة الأدبية من أهم أنواع الترجمة وأصعبها عموما، فهي إلى جانب مواجهاتها لإشكالات التركيب، المعنى ،والدلالات الثقافية وغيرها ،فإن الحفاظ على الخاصيات والسمات الجمالية للنص الأصلي يبقى من أهم تحدياتها. الترجمة الأدبية ليست بحثا عقيما عن المترادفات والتكافؤ ولكنها عملية علمية و فنية تقتضى إبداعا خاصا من لدن المترجم الأدبي. فالنص الأدبي يحمل العديد من السمات الثقافية واللغوية والجمالية التي ينبغي تفكيكها ونقلها إلى اللغة الهدف خاصة أن كل أشكال الكتابة هي متعددة اللغات كما يقول جاك دريدا (1985) في نظريته للترجمة وعملية فك الرموز ونقل المعنى تجعل جميع النصوص ترجمات داخل ترجمات.1
واعتبارا لأهمية الترجمة الأدبية واعتبارا كذلك لأهم المشاكل التي تعترض المترجم الأدبي، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل ترجمة رواية “الحضارة أمي”2 للكاتب إدريس الشرايبي عبر مقارنتها مع النص الأصلي المكتـوب باللغـة الفرنسـية والموسوم ب: « La Civilisation, ma Mère !… »3 .وتسعى الدراسة كذلك إلى البحث في الآليات التي لجأ إليها المترجم من أجل تبديد الصعوبات.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف الدراسة إلى تقويم عملية الترجمة في هذا المؤلف الذي صدر سنة 2014 عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن سلسلة إبداعات عالمية. هذه الإستراتيجية في البحث ستتركز بالخصوص على كيفية نقل الدلالات الثقافية والسمات الجمالية من اللغة الأصل إلى اللغة الهدف وذلك بالأخذ بعين الاعتبار عدم وجود ترجمة مكتملة بصفة مطلقة.
الفرضيات:
ليست هناك ترجمة أدبية مكتملة إلا في بعض الاستثناءات القليلة
ترجمة النصوص الإبداعية مختلفة عن ترجمة النصوص العامة
الترجمة الأدبية أكثر صعوبة من أنواع الترجمة الأخرى
انطلاقا من الفرضيات سالفة الذكر تتوخى الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:
أسئلة البحث:
ما هي أهم الآليات التي اعتمدها المترجم في عملية الترجمة؟
إلى أي حد استطاعت الترجمة أن تنقل المعنى مع مراعاة السياق الثقافي المختلف للغة الأصل واللغة الهدف؟
إلى أي حد تمكنت الترجمة من الحفاظ على الأثر الجمالي للنص الأصلي؟
الأهداف
تهدف هذه الدراسة إلى مقارنة النص الأصلي المكتوب باللغة الفرنسية والترجمة باللغة العربية مع التركيز على مدى محافظة المترجم على الخصائص الجمالية للنص الأصلي Source text.
1.2. الترجمة الأدبية
في تعريفه للترجمة يقول الباحث عبد السلام بنعبد العالي أن:
” الترجمة كنقل لمحتوى دلالي، من شكل في الدلالة إلى آخر، عملية ممكنة. صحيح أنها تطرح بعض الصعوبات، مادامت تريد أن تضع نصا يقول “الشيء نفسه”، ويرمي إلى “الغاية نفسها”، ولكنها عملية ممكنة. ويكفي ألا نخون روح النص المترجم. ومهمة المترجم وقيمته تتجليان في مدى قهره للصعوبات التي يطرحها تعدد اللغات، وتباين الثقافات، وذلك بأن ينتج نصا يكون طبق الأصل. مهمته أن يقهر المسافة التي تفصل النص عن ترجمته، والأصل عن نسخته، وأن يمحو اسمه ليسمح لكاتب النص الأصلي أن يتكلم بلغة أخرى من دون أن يفقد هويته. يريد المترجم أن يكتب النص باسم كاتبه، أن يكتبه بدون أن يوقعه ،يريد أن يتدخل من دون أن يتدخل، وأن يظهر ليختفي.”4
إذن، فالترجمة عموما هي عملية معقدة لأنها تتأسس ضمن عدة مستويات وأنساق متشابكة فيما بينها. ولكنها بالرغم من ذلك تظل عملية ممكنة.
بيد أن الترجمة الأدبية تبقى مختلفة عن الترجمة العامة كما يشير إلى ذلك ميشيل ريفاتير (1992) إذ يورد عدة سمات من هذا الاختلاف أهمها طرائق توظيف اللغة .و يؤكد على أن مهمة المترجم الأدبي تكمن في تحقيق الأثر الجمالي في اللغة الهدف.5
ويضيف أن الترجمة الأدبية ينبغي أن تعيد إنتاج السمات الفنية للنص الأصلي. بمعنى أن الترجمة ينبغي أن تكون مثل الأصل ولكن بتوظيف مختلف لعناصره الفنية و لحمولته الدلالية.6
و ينبغي التأكيد على أن الترجمة الأدبية يقصد بها ترجمة جميع الأجناس الأدبية من شعر ورواية وقصة ومسرح من لغة معينة إلى لغة أخرى. وتكمن صعوبة الترجمة الأدبية في أن المترجم لا يتعامل مع نص عام بل مع نص إبداعي له مبدئيا مقومات فنية متمثلة في جنوحه أحيانا إلى الرمزية، الاستعارة وإلى الغموض أحيانا أخرى. فنيتشه مثلا يحدد صعوبة الترجمة من لغة إلى أخرى ،ومن ضمنها الترجمة الأدبية بطبيعة الحال، في الإيقاع الأسلوبي, وهذا الإيقاع يختلف بالتأكيد من لغة إلى أخرى.7
هذا، وتتحدد الترجمة الأدبية ضمن عدة مستويات وأنساق وتعترضها عدة صعوبات وتحديات أهمها على الخصوص المحور الثقافي، المحور اللغوي ومستوى بناء النص المراد ترجمته. و هذه المستويات كلها متقاربة ومتشابكة ولا يمكن الفصل بينها فهي أساسية باعتبارها خصوصيات للنص الأصلي وأيضا باعتبارها إشكالات ينبغي أخذها بعين الاعتبار مجتمعة في عملية الترجمة وإلا فستصير الترجمة مثل ترجمة نص عام ليس إلا. بيد أن هذا التعامل الخاص ينبغي أن يرافقه اطلاع ومعرفة من قبل المترجم لأهم النظريات في الترجمة وأهم الحلول التي أتى بها الباحثون من أجل تذييل الصعوبات أمام المترجمين. لهذا فالمترجم مكون أساسي في مدى نجاح عملية الترجمة أو فشلها. وهذا ما يوضحه مثلا و ولتر بنيامينWalter Benjamin الذي يؤكد على أن المترجم الأدبي لا ينقل فقط معلومات وإنما مقومات شعرية وإبداعية ويجب عليه هو أيضا أن يكون مبدعا لكي يحافظ على قيمتها الجمالية في اللغة الهدف .و يضيف أنه لا يمكن الحديث عن ترجمة معينة دون الرجوع إلى النص الأصلي ومقارنتها معه .8
ومن جهته، يؤكد جاكسون Jackson على أن أهم تحدي بالنسبة للترجمة الأدبية هو مدى قدرتها على تقديم تأويل مناسب للمعنى المراد وكذا للمفعول أو الأثر meaning and effect .لهذا فالمترجم الأدبي بالنسبة له دائما منشغل في البحث عن حلول مطابقة لإشكاليات الصوت voice ،النبرة tone ،المزاج mood والمفعول أو الأثر effect.9
إلا أن الحديث عن صعوبات الترجمة الأدبية هو في الأصل حديث عن إشكاليات ترجمة المقومات الفنية والجمالية للنص الأصلي. وهذا ما يؤكده لا ندرز (landers) الذي يشير إلى أن أكبر تحدي بالنسبة للمترجم الأدبي هو مدى قدرته على الإتيان بنص جديد فيه من المقومات الجمالية ما يجعله خالدا ،ويبقى هذا الطموح بالنسبة له صعب المنال.10
وفي حديثه عن المترجم الأدبي الذي يعتبر عموما هو العامل الأهم في عملية الترجمة الأدبية، يقول بيتر نيومارك Peter Newmark بأنه شخص يولي عناية خاصة للكتابة الجيدة آخذا بعين الاعتبار خصوصياتها على مستوى اللغة والبنيات والمضمون كيفما كان النص المراد ترجمته. يساهم المترجم بهذا في المجهود الإبداعي الذي قام به الكاتب الأصلي ويعيد إنتاج البنيات والرموز عبر تكييف نص اللغة الهدف مع نص اللغة الأصل.ويحتاج في هذا إلى ليس فقط المحافظة على القيمة الأدبية للنص الأصلي ولكن أيضا لمقبوليتهAcceptability للقارئ المنتمي للغة الهدف وهذا يحتاج إلى معرفة عميقة للتاريخ الأدبي والثقافي للغة الأصل ولغة الوصول معا.11
.3طريقة المعالجةMethodology
توخت الدراسة المنهج الكيفي عن طريق أخذ عينات من النص المترجم ومقارنتها مع النص الأصلي. بطبيعة الحال لا يمكن جرد جميع الأمثلة التي تمت دراستها والتي تجاوز عددها 120 وذلك لتفادي الإطالة والسقوط في التكرار العديم الفائدة.وبالتالي تم انتقاء العدد الكافي بصفة عشوائية من هذا العدد الهائل من الأمثلة للإجابة عن أسئلة البحث.
ولمحاولة البحث في مدى تمكن المترجم من المحافظة على المعنى وكذا على المقومات الجمالية للنص الأصلي، اعتمدت الدراسة على نظرية فيناي ودرابلناي Vinay et Drabelnet (1995) في الترجمة كمنهج للتحليل.
1.3.نظرية أو نموذج فيناي ودرابلناي Vinay et Drabelnet
وجب التأكيد على أن هذه النظرية وغيرها من النظريات في الترجمة جاءت في الأصل من أجل تذييل الصعوبات أمام المترجمين وتقترح حلولا لبعض المشاكل في الترجمة. وقد اقترح باحثون آخرون استراتيجيات أخرى تساهم هي أيضا في تقديم حلول مهمة للمترجمين. واختيار هذه النظرية دون غيرها تم بناء على أنها تستوعب العديد من الآليات في الترجمة يوظفها عادة المترجم بشكل عام والمترجم الأدبي بشكل خاص .بمعنى سواء كان هذا المترجم دارسا لأهم النظريات في الترجمة ومستوعبا لأهم الاستراتيجيات والآليات التي ابتكرها باحثون في مجال الترجمة أو لا.
وفي مقدمة كتابهما يؤكد هذان الباحثان أن هذه النظرية أتت من أجل مساعدة المترجمين على مواجهة نصوص معقدة ومنها بطبيعة الحال النصوص الأدبية.12.وفي هذا السياق، فهما يفرقان بين نوعين من الترجمة: الترجمة المباشرة Direct translation والترجمة غير المباشرة Oblique translation وقد قسما هاتين الإستراتيجيتين إلى سبع آليات. ويضيفان أن التفرقة بين الترجمة المباشرة والترجمة غير المباشرة هي في الأصل نفس التفرقة الكلاسيكية بين الترجمة الحرفيةliteral translation والترجمة الحرة Free translation ،ترجمة حرفية هي مقابل لترجمة مباشرة.13
وفي نظرهما ،يتم استعمال الترجمة المباشرة عندما يكون بالإمكان نقل العناصر النظرية Conceptual elements إلى اللغة الهدف. ويقسم الباحثان الآليات السبع في الترجمة إلى قسمين :
1.1.3.الآليات المباشرة :
1.1.1.3الترجمة الحرفيةLiteral translation :
وتهدف إلى الترجمة كلمة كلمة بدون الابتعاد عن النص الأصلي وبدون أن تخالف نظام لغة الوصول 14.Target language
2.1.1.3 الترجمة بالدخيل أو الاقتراض Borrowing:
وهي تقنية هدفها بالدرجة الأولى جمالي في أغلب الأحيان، وتعني أن تقترض كلمة من اللغة الأصل وتستعملها في لغة الوصول أو الهدف وذلك رغم وجود مقابل لها.15
3.1.1.3 الترجمة بالنسخCalque :
هي نوع من الاقتباس، يقوم المترجم باقتباس تعبير معين Expression من اللغة الأصل ويترجمه ترجمة حرفية.16
2.1.3 الآليات غير المباشرة:
1.2.1.3. الاقتباس والتصرف Adaptation :
يعمد المترجم إلى ابتكار تعبير مشابه للتعبير الموجود في اللغة الأصل من أجل تحقيق المعنى.17
2.1.3..2المعادلة أو المقابلة Equivalence,:
يتم اللجوء إلى هذه التقنية عندما تكون الترجمة الحرفية غير قادرة عي الإيفاء بالغرض. وهي ترجمة حالة معينة عن طريق تعبير مقابل لها في اللغة الهدف.18
3.2.1.3 التكييف Modulation :
وتعني الترجمة عن طريق تكييف الفكرة لكي تكون أكثر ملاءمة لروح لغة الهدف. 19
4.2.1.3 التحوير Transposition: وتعني أن يغير المترجم جزءا جملة بالنص الأصلي كالفعل والصفة مثلا واستبداله بجزء آخر دون أن يختل المعنى20. وتدخل ضمن آلية التحوير ثلاث حالات هي:
– تبديل الثابتchassé-croisé وتسمى أيضا التحوير المتعاكس transposition croisée كأن يتحول فعل في النص الأصلي إلى اسم فاعل في لغة الوصول أو حرف جر إلى فعل.21
– الترجمة بالزيادة étoffement: وتقتضي إضافة كلمة أو أكثر من أجل وصف الصورة الموجودة في النص الأصلي.22
-الترجمة بالنقصان أو الحذف effacement ou allègementوتقتضي ترجمة كلمات من النص الأصلي بعدد أقل منها.23
2.3 .الكاتب إدريس الشرايبي:
كاتب مغربي يكتب باللغة الفرنسية، ازداد بمدينة الجديدة سنة 1926 وتابع دراسته بمدينة الدار البيضاء ثم سافر إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا في شعبة الكيمياء حيث تخرج سنة 1950.أصدر روايته الأولى “Le Passé Simple ” “الماضي البسيط” وهو في سن الثامنة وعشرين. اشتغل في عدة مجالات من بينها: التعليم، والعمل الإذاعي. ودرس الأدب المغربي بجامعة لافال بكندا. صدرت له أكثر من 20 مؤلفا أغلبها في جنس الرواية.
3.3. رواية “الحضارة أمي“:
صدرت الرواية سنة 1972 والترجمة الحالية هي الترجمة الثانية لها وصدرت عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن سلسلة إبداعات عالمية سنة 2014.وقد قام بترجمة الرواية المترجم والكاتب المغربي سعيد بلمبخوت.
الكتابة الإبداعية عموما هي شكل من أشكال الترجمة والأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية ممثلا في “الحضارة أمي”موضوع هذه الدراسة هو تجسيد حقيقي لهذه الفرضية .عندما يتم الحديث عن الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية لا بد من ذكر أسماء بصمت تاريخ هذه الكتابة المتفردة أمثال:عبد الكبير الخطيبي،كاتب ياسين،محمد خير الدين،مولود فرعون،عبد اللطيف اللعبي، أسية جبار،ألبير ميمي وغيرهم.
تتميز الكتابة الإبداعية عند إدريس الشرايبي عموما وهذه الرواية على الخصوص ببساطتها واقترابها من الواقع.يستعمل الكاتب فيه جملا قصيرة جدا،لغة سهلة وأسلوبا سلسا.كما يتميز الكاتب بجنوحه نحو السخرية كآلية من أجل وصف موقف،تحديد معالم شخصية في الرواية أو فقط من أجل الانتقاد باستعمال أسلوب التهكم.وتحتوي رواية “الحضارة أمي” على العديد من المواقف الساخرة التي استوحاها الكاتب من الواقع الشعبي المغربي ونقلها إلى اللغة الفرنسية بحرفية شديدة.
تدور أحداث الرواية بالمغرب في مرحلة الثلاثينيات من القرن الماضي.أخوان من عائلة بورجوازية متشبثة بالتقاليد يسعيان إلى إخراج أمهما من تقوقعها وعزلتها ويساعدانها بالتالي على الانفتاح نحو ما يسمى بالحضارة.
تنقسم الرواية إلى جزأين،الجزء الأول الموسوم ب:”Etre” ترجمه المترجم ب:“كيف كانت“ والجزء الثاني اختار له الكاتب العنوان التالي:““Avoir” وترجم ب:“كيف أصبحت“ .
الشخصية المحورية في الرواية وهي الأم يتم وصفها وتحديد معالم وتفاصيل شخصيتها من طرف ابنيهما وهما الساردان الرئيسيان للعمل الروائي.
في الجزء الأول،ابنها الأصغر هو من يتكلف بعملية السرد وبعملية وصفها وتحديد سمات شخصيتها .فهي يتيمة،أمينة ،تزوجت في سن صغيرة: 13 سنة.مع بروز بعض رموز الحداثة من قبيل المذياع والهاتف ستتمكن من ولوج العالم الخارجي وتغادر عزلتها الوجودية والمعرفية.
فيما يخص الجزء الثاني، سيتكلف ابنها الأكبر وهو السارد الثاني بوصف الأم التي ستتحرر أكثر وتشرع في الاهتمام بأحوالها وتصارع من أجل تحسين وضعية المرأة المغربية في المجتمع حيث ستصبح مناضلة حقيقية. ويذهب طموحها في هذا السياق إلى رغبتها في الالتقاء بالجنرال دوغول .ستقوم أيضا في إقامة موائد مستديرة تنقل من خلالها أفكارها وتصوراتها إلى المجتمع.
إذن، فهذه الدراسة هي بهذا المعنى مقارنة بين النص المكتوب في الأصل باللغة الفرنسية والترجمة باللغة العربية التي قام بها المترجم المغربي سعيد بلمبخوت.
لا بد من الإقرار انه من الصعب الحصول دائما على ترجمة مماثلة للنص الأصلي. وهذا لا ينفي وجود ترجمات ممتازة تجاوزت في بعض الأحيان النصوص الأصلية. ولكن تبقى الترجمة هي شكل من أشكال “الموازنة” بين النص في اللغة المصدر والنص في اللغة الهدف كما يقول عبد الفتاح كيليطو.
وقد خلصت الدراسة إلى أن المترجم اعتمد بشكل أساسي على الترجمة الحرفية Literal translation،وتبين من خلال الدراسة أن هذه الآلية كانت اختيارا صائبا في الكثير من الأحيان وفي الآن نفسه كان بإمكان المترجم استعمال آليات بديلة في أحيان أخرى.
ويتبين من خلال الأمثلة التالية التي تناولتها الدراسة بالتحليل أن المترجم حافظ فيها على بنية الجملة المكتوبة في النص الأصلي باستخدامه للترجمة الحرفية أكثر من استعماله للاستراتيجيات الأخرى:
1.4. النتائج وتحليلها
الر قم الترتيبي النص الأصلي رقم الصفحة الترجمة رقم الصفحة الآلية المستعملة في الترجمة
1
Pour presque rien13من أجل-تقريبا لا شيء17ترجمة حرفية Literal translation 2
C’était un fer à repasser en acier chromé et brillant comme la joie,
51كانت المكواة من الحديد المرصع بالكروم اللامع كأنه وميض الفرح .تعمل بالكهرباء.49 ترجمة حرفية Literal translation 3
Si la résistance grilla, personne ne l’entendit. Les produits de la technologie ont-ils une âme ?je l’ignore .Ce que je sais, c’est ce fer à repasser me dit rien quand il mourut ne poussa pas un cri de douleur
إذا ما ذاب أحد محتوياتها لن تتكلم أو تصرح التكنولوجيا لأنه لا روح فيها ؟لا أدري كل ما اعرفه أن المكواة لن تتكلم من الأمل أبدا إذا ماتت49
آلية التحويرTransposition
وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement
4Apprendre à ma mère les rudiments de l’électivité ? أترجم لأمي التيار الكهربائي50آلية التحويرTransposition وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement5Je te parle de sa pointure, cervelle de haricot sec. Elle chausse du 36.59أنا أتكلم عن مقاس قدمها يا “رأس اللوبية” اليابسة (الفاصولية) اليابسة ،إنها تستعمل مقاس 36.58ترجمة حرفية Literal translation 6Il avait un béret vissé sur la tête, des dents en or60كان يضع طربوشا عصريا وأسنانا من ذهب58استعمل المترجم آلية” التحويرTransposition “وتحديدا التحوير المتعاكس7Une autre vague vient par-dessus.14تأتي موجة أخرى استعمل المترجم آلية” التحويرTransposition وتحديدا الترجمة عن طريق الحذف أو النقصانeffacement ou allègement8Je revenais de l’école, jetais mon cartable dans le vestibule…15أعود من المدرسة أرمي حقيبتي في الدهليز..19ترجمة حرفية Literal translation 9Si la résistance grilla, personne ne l’entendit. Les produits de la technologie ont-ils une âme ?Je l’ignore.51إذا ما ذاب أحد محتوياتها لن تتكلم أو تصرخ التكنولوجيا لأنه لا روح فيها؟لا أدري.49استعمل المترجم هنا آلية الترجمة عن طريق ما يسمى “بالتكييف”Modulation 10Nous n’avions pas besoin de crocodiles, vivants ou morts ou en morceaux.60لم يكن يخصنا جلد التمساح حيا أو ميتا أو مقطعا.58استعمل المترجم آلية”التحويرTransposition وبالتحديد الترجمة بالزيادة étoffement11Va chauffer une théière à la créatrice de nos jours !64 اذهب وسخن الشاي لمخلوقة زمننا63 ترجمة حرفية Literal translation 12…la brise du soir montée du fond de la mer vient caresser toute mélancolie, toute colère – apaise êtres et choses.69 نسيم المساء البحري هب ليداعب الأحزان وكل غضب – يهدئ الأحزان والأشياء.67 ترجمة حرفية Literal translation 13 Ma mère était assise en face de lui : son public.72 كانت أمي جالسة أمامه: جمهوره. 70ترجمة حرفية Literal translation 14…et une maison sans murs et sans plafond, ouverte au ciel, toute verte, et peuplée et de fleurs, c’est quoi ?…Aha !un parc !…74 …والبيت من دون جدران ومن دون سقف، مشرع على السماء كلها اخضرار مزروع بالأشجار والزهور ،ماذا يكون ؟….ـأها ! حديقة؟ 73 ترجمة حرفية Literal translation 15Ils étudièrent ma mère des cheveux aux chevilles…77كانوا يدرسون أمي من شعرها حتى قدميها….75 ترجمة حرفية Literal translation 16C’est un ordre !80 أنا آمرك؟ 78 استعمل المترجم آلية «التحويرTransposition “وتحديدا التحوير المتعاكس17En maillot de bain fait de paillettes étincelantes, légers, très légers.80تلبس بدلة سباحة براقة خفيفة جدا. استعمل آلية «التحويرTransposition من خلال الطريقتين التاليتين:
الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement
آلية الترجمة بالزيادة étoffement
18Et une civilisation qui se vidait d’année en année et de guerre en guerre de sa spiritualité, sinon de son humanisme.85حضارة أفرغت- من سنة إلى أخرى ومن حرب إلى حرب- من روحها.82-83
ترجمة حرفية
Literal translation - الترجمة عن طريق التكييف Modulation 19Ce furent un cahier d’écolier, un crayon, une ardoise…88 هكذا كانت الأشياء: دفتر مدرسي، القلم الرصاص، لوحة …. 85 التحوير Transposition من خلال استعماله للترجمة بالزيادة étoffement20 Je lui ai appris son corps89 علمتها جسمها.87 ترجمة حرفية Literal translation 21 Lisant avant l’âge. Tout ce qui me tombait sous la main.89 كنت أقرأ كثيرا منذ صغري كل شيء يقع بين يدي…87 التحوير Transposition من خلال استعماله للترجمة بالزيادة étoffement22 Et les anecdotes salaces…89 النكت الحامضة….87ترجمة حرفية Literal translation 23 Ce que je visais, tenacement, c’était la carapace d’ignorance, d’idées reçues et de fausses valeurs qui la maintenant prisonnière au fond d’elle-même.90 ما كنت أركز عليه إلحاح هو قوقعة الجهل،الأفكار الموروثة من قيم خاطئة والتي تسجنها داخل ذاتها.87 التحوير Transposition وبالضبط تقنية التبديل الثابت”Chassé croisé 24 [ ] il vendit ses livres et ses cahiers, son cartable et ne retourna plus au lycée.91 [ ] حيث باع كتبه ودفاتره ومحفظته ولم يرجع إلى الثانوية. 88الترجمة عن طريق التحوير Transposition باستخدام حالة النقصان effacement ou allègement25 De bonnes notes, meilleures que les miennes, d’excellentes appréciations : « Protège les petits…Serviable…Premier prix aux poids… »91 نتائج جيدة، أحسن من التي أحصل عليها،وتقول مشجعة تقول:”اعتن بالصغار…خدوم. الجائزة الأولى في حمل الأثقال…”89 الترجمة عن طريق التحوير Transposition باستخدام حالة الزيادة étoffement26…ramassait la plupart des achats de la veille,95يجمع أغلب مشتريات البارحة93ترجمة حرفية Literal translation27Alors, tu es à Paris ? Comme un oiseau tombé du nid ?103 قل، أنت في باريس؟ كالعصفور الذي سقط من العش؟101ترجمة حرفية Literal translation28 Et cela était bon93 وكان ذلك من الأحسن93 الترجمة عن طريق التحوير Transposition29 Elle me saisit par les épaules, me secoue, crispée ,le visage hagard et la voix âpre …98 شدت على كتفي، رجتني، بتجهم الوجه متحسر والصوت حزين… 96 ترجمة حرفية Literal translation30La nuit tomba d’un noir fondamental sur nous tous-et ce fut la fin de mon passé.99جاء الليل بسواده العميق فوقنا جميعا،وكانت نهاية للماضي،الماضي الشخصي.97
ترجمة حرفية
Literal translation
الترجمة عن طريق الزيادةétoffement
31Bon. Je commence par la genèse ,tout comme leCréateur.104طيب. سأبدأ من البداية.102آلية التحويرTransposition وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement32J’étais là, les oreilles aussi dressées que celle d’un lièvre des buissons, au petit matin, quand la rosée est encore pure et qu’il n’ya pas un chien à l’horizon.105كنت هناك، الأذنان واقفتان كأذني أرنب الغابة في الصباح الباكر،حيث يكون لا يزال صافيا وليس هناك أي كلب في الأفق.103ترجمة حرفية Literal translation 33C’est trop, s’exclamait ma mère .Beaucoup trop.105غير معقول، إنه كثير،صرخت أمي،إنه أكثر من اللازم.103- ترجمة حرفية Literal translation
الترجمة عن طريق التحوير
Transposition وبالضبط الترجمة عن طريق الزيادةétoffement 34D’ailleurs, les grands chefs sont arrivés à Casablanca, de Gaulle en tête.105على كل حال،فكبار القادة وصلوا إلى الدار البيضاء ،ديجول على رأسهم.103الترجمة الحرفية literal translation35Dis –moi, ma fille : ou se trouve Benghazi ?105قولي ابنتي:أين توجد بنغازي؟103ترجمة حرفية Literal translation 36Elle téléphona jusqu’au soir. Sans discontinuer.107كانت تهاتف حتى المساء.من دون انقطاع. 106 اختار المترجم آلية الترجمة الحرفية literal translation وكذا آلية الترجمة عن طريق التحوير Transposition 37Quatre soldats étaient venus nous encadrer, ma mère et moi. En uniformes rutilants.114 أربعة من العساكر من حولنا ،أنا وأمي.. بزيهم العسكري.112 الترجمة حرفية Literal translation 38Maitre d’œuvre de la ruche, ma mère fait écourter le repas, mobilise les femmes en groupes d’études de trois à quatre personnes chacun, va l’un à l’autre, surveillant, animant, sans cesse en mouvement et en fièvre.164-165 الرئيس المباشر للخلية، هي أمي تنظم توزيع الطعام، تقسم النساء في مجموعات دراسية بثلاث أو أربع في كل مجموعة، تذهب من هذه إلى تلك ،تراقب ،تنشط، من دون توقف بحركة وحماس.163 ترجمة حرفية Literal translation 39Elle m’a donné une gifle sifflante et j’ai aussitôt happé cette main qui venait de me frapper, l’ai embrassé très fort.180 أعطتني صفعة مدوية وحينها لقفت تلك اليد التي ضربتني، وقبلتها بحرارة.177 ترجمة حرفية Literal translation 40Que son rire était cristallin, mon Dieu, répercuté par le hublot ouvert sur toute l’étendue de la mer !181كم كانت ضحكتها بلورية، ياربي، مؤثرة، تعكسها النافذة المفتوحة، على امتداد عرض البحر !178 ترجمة حرفية Literal translation
2.4 خلاصات:
يتبين من خلال العينات التي اعتمدتها الدراسة أن المترجم استعمل عدة آليات واستراتيجيات في ترجمته لرواية “الحضارة أمي”. حيث استعمل آليات مثل الترجمة الحرفية و الترجمة عن طريق الزيادة و الترجمة عن طريق الحذف والترجمة عن طريق التكييف. ويتضح من خلال الدراسة هيمنة إستراتيجية الترجمة الحرفية على باقي الآليات الأخرى إذ حافظ المترجم بواسطتها في العديد من الحالات على بنية الجملة في النص الأصلي ونقل المعنى بأمانة مما جعل ترجمته تبدو متماسكة و لغتها سهلة ومنسابة. وبتعدد وتنوع الآليات التي وظفها المترجم في عملية الترجمة فقد نجح في الحفاظ بشكل عام على المعنى في أغلب النصوص وتمكن بصفة عامة من إبراز السمات الفنية والخصائص الجمالية للنص الأصلي في لغة الوصول.
وفيما يلي إحصائيات للآليات التي استخدمها المترجم في ترجمته لروايته “الحضارة، أمي” وكذا رسم بياني يوضح بالتدقيق درجة استخدام هذه الآليات:
الترجمة الحرفية Literal translation:استخدمت 24 مرة
التحوير Transpositionالتي تضم أيضا تقنيات:الترجمة بالزيادة ،الترجمة عن طريق الحذف أو النقصان وتبديل الثابت:استخدمت هذه الآلية بتقنياتها الأخرى:18 مرة
الترجمة عن طريق التكييفModulation:استخدمت هذه الآلية مرتين (02)
يتبين من خلال الرسم البياني أن المترجم اعتمد بشكل رئيسي على آليتين هما :الترجمة الحرفية Literal translationو الترجمة عن طريق التحوير Transpositionوالتي تضم أيضا تقنيات الترجمة بالزيادة والترجمة عن طريق الحذف أو النقصان وتبديل الثابت.
مثال رقم 1: تقيد المترجم بشكل كلي ببنية الجملة الأصلية في استعماله لآلية الترجمة الحرفية فقط كان عليه أن يؤخر كلمة “تقريبا” إلى نهاية الجملة.
مثال رقم 2: استعارة ترجمها المترجم ترجمة حرفية لكنها رغم ذلك لم تفقد بريقها ودلالتها الفنية حيث في وصفه للمكواة شبه الحديد المرصع بالكروم اللامع بوميض الفرح. لهذا فاختيار المترجم لآلية الترجمة الحرفية كان اختيارا موفقا.
مثال رقم 3: عمل المترجم على الاقتصاد في عدد الكلمات المستعملة واستبدل السؤال التعجبي الوارد في النص الأصلي حول التكنولوجيا بذكرها كمسلمة أن التكنولوجيا ليست فيها روح. وبالتالي فهذا التدخل من لدن المترجم أضاف مسحة فنية أخرى للجملة.
مثال رقم 4: قام المترجم بحذف كلمة « rudiments » في ترجمته للنص بالإضافة إلى أن الترجمة تحتاج إلى كلمة “معنى” لتصبح: أشرح لأمي معنى التيار الكهربائي.
مثال رقم 5: يبدو أن الكاتب الأصلي للعمل قام بترجمة المقولة نفسها من اللغة العامية المغربية (الدارجة المغربية) التي تستعمل عادة في نعت إنسان بالبلادة عن طريق تشبيهه بالفاصوليا إذ ينتج عن تناولها الشعور بالإعياء الشديد والرغبة الجامحة في النوم.وبالتالي فالمترجم في ترجمته الحرفية قام بإعادة النص إلى سياقه المغربي ليس إلا.
مثال رقم 6: حيث اختار الفعل التالي: “وضع” وحذف بالتالي ” sur la tête” التي أصبحت غير ضرورية. إستراتيجية موفقة ولو اختار الترجمة الحرفية لبدت الترجمة ضعيفة جدا.
مثال رقم 7: قام المترجم بحذف كلمة « par-dessus »وهذا اختيار موفق لأن المعنى تم إيصاله في اللغة الهدف بدون الحاجة إلى التدقيق غير اللازم وبدون الحاجة بالتالي إلى هذه الكلمة.
– مثال رقم 8:اختيار الآلية في الترجمة هو اختيار موفق.فقط كان من الأفضل أن يقوم المترجم بترجمة كلمة cartable بــ كلمة “محفظة” التي تجمع فيها الكتب والدفاتر المدرسية وذلك بدلا من كلمة “حقيبة“.
– مثال رقم 9: قام المترجم بعمليتين، أولا بإعادة ترتيب المفردات بالنسبة للجزء الأول من الجملة حيث أصبحت “التكنولوجيا” في المقام الأول بعدما
كانت في آخره في النص الأصلي،وثانيا عن طريق الإثبات والنفي ،”لا أدري” في محل ” Je l’ignore. وفق المترجم في هذا الاختيار الذي أضاف جمالية أكبر للجملة حيث تمت أنسنة “Personnification ” التكنولوجيا وأصبحت هي الفاعل الرئيسي في الجملة.
مثال رقم 10: أضاف المترجم كلمة “جلد” التي لم تكن في النص الأصلي. اختيار غير موفق لأن الكاتب يتكلم عن التمساح
حيا أو ميتا وليس عن جلده. بالإضافة إلى أن اختياره لكلمة “يخصنا” هي ترجمة لا واعية لكلمة من الدارجة المغربية وبالتالي كان الصحيح ربما هو:”لم نكن في حاجة إلى …” – مثال رقم 11: استعمل الترجمة الحرفية وحافظ أيضا على بنية الجملة التي أتت في صيغة الأمر.اختيار صحيح باستثناء ترجمته لكلمة ”créatrice ” حيث اختلطت عليه مع كلمة “Créature “. – مثال رقم 12: اختيار موفق تمكن المترجم من خلاله من الحفاظ على المعنى ،على بنية الجملة وأيضا على القيمة الجمالية للصورة في النص الأصلي. – مثال رقم 13: نقل المترجم المعنى ولكن الترجمة فقدت أثر السخرية الوارد في النص الأصلي.كان بالإمكان أن يستعمل المترجم آلية الترجمة بالزيادة حتى يعكس بدقة السخرية وحتى يتوافق مع خصوصيات اللغة العربية . – مثال رقم 14: حافظت على المعنى وكذا الصورة الجمالية للنص الأصلي. اختيار موفق لأن النصين أصبحا متشابهين في المبنى والمعنى وكذا في الناحية الجمالية. – مثال رقم 15: جملة من العامية المغربية ترجمها الكاتب الأصلي للعمل إلى اللغة الفرنسية. آلية غير موفقة لأن تيمة السخرية افتقدت .المغزى هو وصف من هو كثير الملاحظة. – مثال رقم 16: استبدل الاسم في النص الأصلي “un ordre” بفعل «آمرك”،اقتراح موفق وإن كانت الترجمة الحرفية في هذه الحالة هي أيضا ممكنة. – مثال رقم 17: حذف المترجم كلمتي: «paillettes et légers » وتوفق في نقل المعنى والوصف المقصود في النص الأصلي وتفادى بذلك التكرار غير المعلل سيما في اللغة العربية. كما أنه وفق في استخدامه لآلية الترجمة بالزيادة عن طريق إضافته لفعل: “تلبس”. – مثال رقم 18: كان على المترجم ألا ينضبط بشكل تام للترتيب الوارد في الجملة في اللغة الأصل وبالتالي كان بإمكانه حذف العارضتين وتسبيق كلمة “روحها” لتصبح بعد “أفرغت” مباشرة. وفق المترجم في اختياره لآلية “التكييف”Modulation في التعامل مع الكلمتين الفرنسيتينspiritualité و humanisme وترجمهما في كلمة واحدة وهي “روحها” وإن اختار ترجمتهما حرفيا لأصبحتا غامضتين. – مثال رقم 19: وفق المترجم في اختيار آلية التحوير عن طريق الزيادة étoffement وذلك بإضافة ” هكذا كانت الأشياء” في بداية الجملة فبدت الترجمة جميلة ولو اختار الترجمة المباشرة بإتباع الحرفية التامة لكانت الترجمة عادية جدا. – مثال رقم 20: هذا الاختيار أدى إلى نوع من الغموض وكان من الأفضل أن يلجأ المترجم إلى الترجمة غير مباشره باعتماد الترجمة عن طريق التحوير بزيادة كلمة أو عبارة حتى يتضح المعنى. – مثال رقم 21: قام المترجم بترجمة هذا النص كله في جملة واحدة مع استعمال آلية الترجمة عن طريق الزيادة وذلك بإضافة كلمة “كثيرا”.وفق المترجم في هذا الاختيار. – مثال رقم 22 : لا بد من الإشارة إلى أن الكاتب الأصلي لهذا العمل الروائي نقل هذه العبارة من العامية المغربية(نكتة حامضة) أو حتى المصرية (نكتة بايخة) أي عديمة القيمة وغيرها وترجمها هو أيضا إلى اللغة الفرنسية كما فعل في العديد من المرات وبالتالي فالمترجم أعاد النص إلى صورته الأولى وكان بالأحرى أن يتجه نحو ترجمة مبدعة محاولا البحث عن مقابل آخر وذلك باعتماد مثلا إستراتيجية: الاقتباس والتصرف Adaptation. – مثال رقم 23: استبدل المترجم الكلمة التالية: Prisonnière (un adjectif) بفعل :”تسجنها”.اختيار موفق لأن الترجمة المباشرة كانت ستؤدي إلى إضعاف هذه الفقرة برمتها. – مثال رقم 24: تفادى المترجم ترجمة كلمة:« plus »وهو قرار موفق لأن عدم رجوع المعني بالأمر إلى الدراسة أمر مفهوم بدون الحاجة إلى ترجمة الكلمة السالفة الذكر. – مثال رقم 25: قام المترجم بإضافة فعل: (تقول) وهو اختيار موفق لأن الترجمة كانت ستبدو غامضة بدون هذا الفعل.هنا نتحدث عن خصوصية اللغة على مستوى المقبولية Acceptability والمترجم راعى خصوصية اللغة العربية في ذلك. – مثال رقم 26: حافظ المترجم على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة وبدون تكلف .وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية. – مثال رقم 27: كما المثال السابق حافظ المترجم على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة وبدون تكلف فقط كان من المستحب أن يضيف “هل” قبل “أنت في باريس؟” .على الرغم من ذلك نجح المترجم في اختياره لهذه الآلية. – مثال رقم 28: استبدل « bon » (un adjectif) ب:”من الأحسن” بدت الجملة بهذا الاختيار غامضة بعض الشيء وتحتاج إلى صياغة أخرى أو إلى البحث عن آلية أخرى. – مثال رقم 29: اختيار موفق من لدن المترجم الذي حافظ عن طريق اعتماده على هذه الآلية على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة و نجح أيضا في نقل المقومات الفنية للصورة الأصلية في اللغة الهدف. واختياره للقاموس كان موفقا. – مثال رقم 30: اختياران صائبان وترجمة موفقة. حافظ على بنية الجملة، على المعنى وعلى الصورة. كما أن المترجم عمد إلى ترجمة كلمة “passé” مرتين.المقابل الأول لشرح الحالة والثاني لتأكيد الانتماء وهذه هي الآلية الثانية التي استخدمها وهي “الترجمة عن طريق الزيادة”. – مثال رقم 31: عمل المترجم نظرا لخصوصية ثقافية ودينية بالدرجة الأولى إلى عدم ترجمة كلمتي ”genèse” و” le Créateur” تم نقل المعنى ليس إلا. – مثال رقم 32: كما في أمثلة سابقة فكاتب الرواية ينقل بعض الصور كانت ولا زالت متداولة في الثقافة الشعبية المغربية وهنا أيضا استعمل المترجم ترجمة حرفية ليعيدها إلى أصلها ولكن بلغة عربية فصيحة وليس بالدارجة المغربية.وفق المترجم في هذا الاختيار لأن هذه الصورة هدفها هو السخرية عن طريق الوصف وبالتالي فالهدف تحقق حيث المحافظة على هذه الصورة بدقة متناهية. – مثال رقم 33: استراتيجية موفقة اتبعها المترجم من أجل نقل الصورة بدقة وأمانة وقد وفق في ذلك.واستعمل أيضا آلية الترجمة عن طريق التحوير Transpositionوذلك بزيادة “غير معقول”. – مثال رقم 34: استراتيجية موفقة. ترجمة حرفية نقلت المعنى ولو أن المترجم كان من المستحب أن يقوم بتسبيق “على رأسهم” على “ديجول”. – مثال رقم 35 : اختيار موفق.فقط كان من الأفضل استبدال “قولي لي” ب مثلا:”أخبريني” ولكن رغم ذلك يبقى اختيار المترجم اختيارا مقبولا. – مثال رقم 36: حيث استبدل الفعل ” discontinuer.” باسم:”انقطاع”.اختيار موفق غير أنه كان من المستحب أن يختار مثلا “ظلت” عوض “كانت” لتوضيح الصورة أكثر وكذلك أن يعمد إلى عدم التقيد ببنية الجملة في النص الأصلي وذلك بترجمتها في جملة واحدة وحذف بالتالي النقطة,(.) – مثال رقم 37: حافظ المترجم على بنية الجملة ونجح في اختياره لآلية الترجمة الحرفية فقط كان بإمكانه تسبيق ” بزيهم العسكري. ” لتكون مباشرة بعد”من العساكر” – مثال رقم 38: حافظ المترجم على بنية الجملة واتبع الترتيب نفسه الذي توخاه صاحب النص الأصلي على مستوى الأفعال المستعملة والمفردات لوصف الحالة. ونقل المترجم المعنى المراد بدقة وبدون تكلف وبلغة بسيطة أوفت بالغرض.وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية. – مثال رقم 39:تمسك المترجم ببنية الجملة وحافظ على ترتيب الكلمات الوارد فيها ونقل صورة “الصفع” و”تقبيل اليد” بأمانة. فقط كان بإمكانه أن يدمج “أعطتني صفعة” ويستخدم فعل “صفع” وتكون الآلية الأخرى المستخدمة هي التحوير .Transposition – مثال رقم 40: حافظ المترجم على بنية الجملة لوصف الحال وباختياره لآلية الترجمة الحرفية حافظ على المعنى ونقل الصورة الأصلية بأمانة مما أضفى على ترجمته بعدا جماليا كذلك الموجود في النص الأصلي حيث “الضحكة بلورية”. وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية مادام أنه حافظ على المعنى والمسحة الفنية في لغة الوصول.
واستنتاجا ومن خلال ما سلف ،أبرزت الدراسة أن “الترجمة “الحرفية” يمكن اعتمادها أيضا في الترجمة الأدبية ولا يمكن بأية حال من الأحوال إغفال قيمتها وهي صالحة مثلها مثل الآليات الأخرى في تذييل الصعوبات التي تواجه المترجم الأدبي بشكل عام. غير أن هذه الآلية لا يمكن اعتمادها بصفة مطلقة وهذا ما أثبتته هذه الدراسة حيث تبين من خلالها أن المترجم كان عليه استبدالها بآليات أخرى في بعض الحالات التي ظهر جليا أنها لا تفي بالمطلوب. وفشلت بالتالي في نقل العناصر الفنية والجمالية من النص الأصلي إلى لغة الوصول.
ولكن بشكل عام خلصت الدراسة إلى أن المترجم نجح في اعتماده على هذه الآلية في الترجمة في العديد من الحالات سواء تلك التي شكلت عينات هذه الدراسة أو غيرها أو تلك التي لم يتم اعتمادها لتفادي التكرار غير المبرر.
خاتمة
هذه الترجمة أحيت من جديد رواية صدرت منذ سنة 1972 وتروي سياقا تاريخيا يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا من إيجابيات الترجمة في بعثها للنصوص الأصلية من جديد كما يقول الباحث عبد السلام بنعبد العالي (2006):
” فالترجمة هي التي تنفخ الحياة في النصوص وتنقلها من ثقافة إلى أخرى، والنص لا يحيا إلا لأنه قابل للترجمة، وغير قابل للترجمة في الوقت ذاته. فإذا كان في الإمكان ترجمة ما ترجمة نهائية، فإنه يموت، يموت كنص وكتابة.”24
ومن خلال الدراسة، تبين أن الترجمة العربية لرواية “الحضارة أمي «للروائي المغربي إدريس الشرايبي أضاءت بشكل مقبول عموما روح النص الأصلي رغم الصعوبات التي تعترض المترجم عموما والمترجم الأدبي بشكل خاص.
وإجمالا، فقد نجح المترجم في اختيار الآليات في عملية الترجمة واستخدم لغة بسيطة تقابل لغة النص الأصلي. لغة لا تخلو من سمات فنية وجمالية نقلها المترجم من النص الأصلي بسلاسة متناهية. كما أن المترجم وفق عموما في التعامل مع السياق اللغوي المغربي حيث نقله من النص الأصلي بحرفية ودقة. خلصت كذلك الدراسة إلى أن المترجم اعتمد بشكل أساسي على الترجمة الحرفية ووفق في ذلك في الكثير من الحالات بيد أنه كان من الأفضل للمترجم استبدالها باستراتيجيات أخرى كما فعل في حالات أخرى حيث استطاع وبطريقة جيدة توظيف بعضها مثل :الترجمة عن طريق التحوير و التكييف و الترجمة عن طريق الزيادة و الترجمة عن طريق النقصان وغيرها من الآليات.
هذا، وبالرغم من أن الترجمة هي مسألة اختيارات في المقام الأول غير أن المترجم الأدبي مطالب بالبحث عن آليات أخرى في الترجمة وتوظيفها توظيفا عقلانيا ومناسبا من أجل تحقيق ما يسمى بترجمة مبدعة Creative translation .وهذا ما يقوله مثلا أوكتافيو باث Octavio Paz الذي يؤكد على أن الترجمة والإبداع توأمان لا ينفصلان ويستشــــــــــــهد في هذا السيـــــــــــاق بأعــــــمال بودلير Beaudelaire وباوندPound التي لا يمكن التفرقة فيها بين النص الأصلي والترجمة إذ يوجد تفاعل جميل بين النصين الاثنين.25
هوامش ومراجع
Derrida, J. 1985. The ear of the other: Autobiography, transference,translation.Trans.PeggyKamuf. New York: Schocken, p.122.
الحضارة أمي
Chraïbi, Driss. La Civilisation, rna Mère. Paris: Denoël, 1972.
بنعبد العالي عبد السلام. في الترجمة. الدار البيضاء: دار توبقال،ص:17.
Schulte, Rainer and John Biguenet, eds. 1992. Theories of Translation: an Anthology of Essays from Dryden to Derrida. Chicago and London: The University of Chicago Press.p.69.
Ibid, pp.71-72.
Ibid, p.204.
Ibid, p.205.
Jackson, R. (2003). From Translation to Imitation. Retrieved June 22, 2010, From
http://www.utc.edu/Academic/English/pm/ontrans.htm,p.4.
Landers, C. E. (1999). Literary Translation: A Practical Guide. (G.S. Brown, ed.). New
Jersey City: Multilingual Matters LT,.p.4.
Newmark, P. (1988). Approaches to Translation. London: Prentice Hall, p.1.
J-P. Vinay and J.Darbelnet (1995) Comparative Stylistics of French and English: A Methodology for Translation, translated and edited by Juan Sager and Marie-Jo Hamel (Amsterdam and Philadelphia: John Benjamin),p.10.
Ibid, p.31.
Ibid, p.33.
Ibid, p.31.
Ibid, p.32.
Ibid, p.31.
Ibid, p.31.
Ibid, p.39.
Ibid, p.36.
Ibid, p.37.
Ibid, p.37.
Ibid, p.37.
بنعبد العالي عبد السلام. في الترجمة. الدار البيضاء: دار توبقال،ص:21.
Schulte, Rainer and John Biguenet, eds. 1992. Theories of Translation: an Anthology of Essays from Dryden to Derrida. Chicago and London: The University of Chicago Press.p.160.
مراد الخطيبي جامعة محمد الخامس، الرباط ـ المغرب.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية، العدد 20 الصادر بشهر جوان 2016، ص 159 .
تمحورت الدراسة حول رهانات الترجمة الأدبية المتمثلة في المحافظة على المعنى والخصائص الفنية والجمالية للنص الأصلي في الآن نفسه.موضوع الدراسة هو رواية ” الحضــــارة أمي” للكاتب إدريس الشرايبي المكتوبة في الأصـل باللغة الفرنسية :« La Civilisation, ma Mère !… » (1972 ) التي تمت مقارنتها مع الترجمة العربية الصادرة سنة 2014.
باعتماد نظرية الباحثين فيناي و درابلني (1995) Vinay et Drabelnet في الترجمة، قامت الدراسة بتقويم عملية الترجمة التي أنجزها المترجم عبر تحديد أهم الآليات التي لجأ إليها المترجم لتبديد الصعوبات التي واجهته. وخلصت الدراسة إلى أن المترجم استطاع تحقيق المطلوب رغم اعتماده بشكل أساسي على الترجمة الحرفية. أثبتت الدراسة كذلك ومن خلال العينة التي تم اعتمادها أن اختيار الترجمة الحرفية كان اختيارا ناجحا في العديد من الحالات وساهم هذا الاختيار بشكل كبير في الحفاظ على المعنى والخصائص الفنية. وأثبتت الدراسة من جهة أخرى أن الترجمة الحرفية لم تكن أيضا اختيارا صائبا في حالات أخرى وكان بالإمكان استبدالها باستراتيجيات أخرى.
1.1.مقدمة
تعتبر الترجمة الأدبية من أهم أنواع الترجمة وأصعبها عموما، فهي إلى جانب مواجهاتها لإشكالات التركيب، المعنى ،والدلالات الثقافية وغيرها ،فإن الحفاظ على الخاصيات والسمات الجمالية للنص الأصلي يبقى من أهم تحدياتها. الترجمة الأدبية ليست بحثا عقيما عن المترادفات والتكافؤ ولكنها عملية علمية و فنية تقتضى إبداعا خاصا من لدن المترجم الأدبي. فالنص الأدبي يحمل العديد من السمات الثقافية واللغوية والجمالية التي ينبغي تفكيكها ونقلها إلى اللغة الهدف خاصة أن كل أشكال الكتابة هي متعددة اللغات كما يقول جاك دريدا (1985) في نظريته للترجمة وعملية فك الرموز ونقل المعنى تجعل جميع النصوص ترجمات داخل ترجمات.1
واعتبارا لأهمية الترجمة الأدبية واعتبارا كذلك لأهم المشاكل التي تعترض المترجم الأدبي، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل ترجمة رواية “الحضارة أمي”2 للكاتب إدريس الشرايبي عبر مقارنتها مع النص الأصلي المكتـوب باللغـة الفرنسـية والموسوم ب: « La Civilisation, ma Mère !… »3 .وتسعى الدراسة كذلك إلى البحث في الآليات التي لجأ إليها المترجم من أجل تبديد الصعوبات.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف الدراسة إلى تقويم عملية الترجمة في هذا المؤلف الذي صدر سنة 2014 عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن سلسلة إبداعات عالمية. هذه الإستراتيجية في البحث ستتركز بالخصوص على كيفية نقل الدلالات الثقافية والسمات الجمالية من اللغة الأصل إلى اللغة الهدف وذلك بالأخذ بعين الاعتبار عدم وجود ترجمة مكتملة بصفة مطلقة.
الفرضيات:
ليست هناك ترجمة أدبية مكتملة إلا في بعض الاستثناءات القليلة
ترجمة النصوص الإبداعية مختلفة عن ترجمة النصوص العامة
الترجمة الأدبية أكثر صعوبة من أنواع الترجمة الأخرى
انطلاقا من الفرضيات سالفة الذكر تتوخى الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:
أسئلة البحث:
ما هي أهم الآليات التي اعتمدها المترجم في عملية الترجمة؟
إلى أي حد استطاعت الترجمة أن تنقل المعنى مع مراعاة السياق الثقافي المختلف للغة الأصل واللغة الهدف؟
إلى أي حد تمكنت الترجمة من الحفاظ على الأثر الجمالي للنص الأصلي؟
الأهداف
تهدف هذه الدراسة إلى مقارنة النص الأصلي المكتوب باللغة الفرنسية والترجمة باللغة العربية مع التركيز على مدى محافظة المترجم على الخصائص الجمالية للنص الأصلي Source text.
1.2. الترجمة الأدبية
في تعريفه للترجمة يقول الباحث عبد السلام بنعبد العالي أن:
” الترجمة كنقل لمحتوى دلالي، من شكل في الدلالة إلى آخر، عملية ممكنة. صحيح أنها تطرح بعض الصعوبات، مادامت تريد أن تضع نصا يقول “الشيء نفسه”، ويرمي إلى “الغاية نفسها”، ولكنها عملية ممكنة. ويكفي ألا نخون روح النص المترجم. ومهمة المترجم وقيمته تتجليان في مدى قهره للصعوبات التي يطرحها تعدد اللغات، وتباين الثقافات، وذلك بأن ينتج نصا يكون طبق الأصل. مهمته أن يقهر المسافة التي تفصل النص عن ترجمته، والأصل عن نسخته، وأن يمحو اسمه ليسمح لكاتب النص الأصلي أن يتكلم بلغة أخرى من دون أن يفقد هويته. يريد المترجم أن يكتب النص باسم كاتبه، أن يكتبه بدون أن يوقعه ،يريد أن يتدخل من دون أن يتدخل، وأن يظهر ليختفي.”4
إذن، فالترجمة عموما هي عملية معقدة لأنها تتأسس ضمن عدة مستويات وأنساق متشابكة فيما بينها. ولكنها بالرغم من ذلك تظل عملية ممكنة.
بيد أن الترجمة الأدبية تبقى مختلفة عن الترجمة العامة كما يشير إلى ذلك ميشيل ريفاتير (1992) إذ يورد عدة سمات من هذا الاختلاف أهمها طرائق توظيف اللغة .و يؤكد على أن مهمة المترجم الأدبي تكمن في تحقيق الأثر الجمالي في اللغة الهدف.5
ويضيف أن الترجمة الأدبية ينبغي أن تعيد إنتاج السمات الفنية للنص الأصلي. بمعنى أن الترجمة ينبغي أن تكون مثل الأصل ولكن بتوظيف مختلف لعناصره الفنية و لحمولته الدلالية.6
و ينبغي التأكيد على أن الترجمة الأدبية يقصد بها ترجمة جميع الأجناس الأدبية من شعر ورواية وقصة ومسرح من لغة معينة إلى لغة أخرى. وتكمن صعوبة الترجمة الأدبية في أن المترجم لا يتعامل مع نص عام بل مع نص إبداعي له مبدئيا مقومات فنية متمثلة في جنوحه أحيانا إلى الرمزية، الاستعارة وإلى الغموض أحيانا أخرى. فنيتشه مثلا يحدد صعوبة الترجمة من لغة إلى أخرى ،ومن ضمنها الترجمة الأدبية بطبيعة الحال، في الإيقاع الأسلوبي, وهذا الإيقاع يختلف بالتأكيد من لغة إلى أخرى.7
هذا، وتتحدد الترجمة الأدبية ضمن عدة مستويات وأنساق وتعترضها عدة صعوبات وتحديات أهمها على الخصوص المحور الثقافي، المحور اللغوي ومستوى بناء النص المراد ترجمته. و هذه المستويات كلها متقاربة ومتشابكة ولا يمكن الفصل بينها فهي أساسية باعتبارها خصوصيات للنص الأصلي وأيضا باعتبارها إشكالات ينبغي أخذها بعين الاعتبار مجتمعة في عملية الترجمة وإلا فستصير الترجمة مثل ترجمة نص عام ليس إلا. بيد أن هذا التعامل الخاص ينبغي أن يرافقه اطلاع ومعرفة من قبل المترجم لأهم النظريات في الترجمة وأهم الحلول التي أتى بها الباحثون من أجل تذييل الصعوبات أمام المترجمين. لهذا فالمترجم مكون أساسي في مدى نجاح عملية الترجمة أو فشلها. وهذا ما يوضحه مثلا و ولتر بنيامينWalter Benjamin الذي يؤكد على أن المترجم الأدبي لا ينقل فقط معلومات وإنما مقومات شعرية وإبداعية ويجب عليه هو أيضا أن يكون مبدعا لكي يحافظ على قيمتها الجمالية في اللغة الهدف .و يضيف أنه لا يمكن الحديث عن ترجمة معينة دون الرجوع إلى النص الأصلي ومقارنتها معه .8
ومن جهته، يؤكد جاكسون Jackson على أن أهم تحدي بالنسبة للترجمة الأدبية هو مدى قدرتها على تقديم تأويل مناسب للمعنى المراد وكذا للمفعول أو الأثر meaning and effect .لهذا فالمترجم الأدبي بالنسبة له دائما منشغل في البحث عن حلول مطابقة لإشكاليات الصوت voice ،النبرة tone ،المزاج mood والمفعول أو الأثر effect.9
إلا أن الحديث عن صعوبات الترجمة الأدبية هو في الأصل حديث عن إشكاليات ترجمة المقومات الفنية والجمالية للنص الأصلي. وهذا ما يؤكده لا ندرز (landers) الذي يشير إلى أن أكبر تحدي بالنسبة للمترجم الأدبي هو مدى قدرته على الإتيان بنص جديد فيه من المقومات الجمالية ما يجعله خالدا ،ويبقى هذا الطموح بالنسبة له صعب المنال.10
وفي حديثه عن المترجم الأدبي الذي يعتبر عموما هو العامل الأهم في عملية الترجمة الأدبية، يقول بيتر نيومارك Peter Newmark بأنه شخص يولي عناية خاصة للكتابة الجيدة آخذا بعين الاعتبار خصوصياتها على مستوى اللغة والبنيات والمضمون كيفما كان النص المراد ترجمته. يساهم المترجم بهذا في المجهود الإبداعي الذي قام به الكاتب الأصلي ويعيد إنتاج البنيات والرموز عبر تكييف نص اللغة الهدف مع نص اللغة الأصل.ويحتاج في هذا إلى ليس فقط المحافظة على القيمة الأدبية للنص الأصلي ولكن أيضا لمقبوليتهAcceptability للقارئ المنتمي للغة الهدف وهذا يحتاج إلى معرفة عميقة للتاريخ الأدبي والثقافي للغة الأصل ولغة الوصول معا.11
.3طريقة المعالجةMethodology
توخت الدراسة المنهج الكيفي عن طريق أخذ عينات من النص المترجم ومقارنتها مع النص الأصلي. بطبيعة الحال لا يمكن جرد جميع الأمثلة التي تمت دراستها والتي تجاوز عددها 120 وذلك لتفادي الإطالة والسقوط في التكرار العديم الفائدة.وبالتالي تم انتقاء العدد الكافي بصفة عشوائية من هذا العدد الهائل من الأمثلة للإجابة عن أسئلة البحث.
ولمحاولة البحث في مدى تمكن المترجم من المحافظة على المعنى وكذا على المقومات الجمالية للنص الأصلي، اعتمدت الدراسة على نظرية فيناي ودرابلناي Vinay et Drabelnet (1995) في الترجمة كمنهج للتحليل.
1.3.نظرية أو نموذج فيناي ودرابلناي Vinay et Drabelnet
وجب التأكيد على أن هذه النظرية وغيرها من النظريات في الترجمة جاءت في الأصل من أجل تذييل الصعوبات أمام المترجمين وتقترح حلولا لبعض المشاكل في الترجمة. وقد اقترح باحثون آخرون استراتيجيات أخرى تساهم هي أيضا في تقديم حلول مهمة للمترجمين. واختيار هذه النظرية دون غيرها تم بناء على أنها تستوعب العديد من الآليات في الترجمة يوظفها عادة المترجم بشكل عام والمترجم الأدبي بشكل خاص .بمعنى سواء كان هذا المترجم دارسا لأهم النظريات في الترجمة ومستوعبا لأهم الاستراتيجيات والآليات التي ابتكرها باحثون في مجال الترجمة أو لا.
وفي مقدمة كتابهما يؤكد هذان الباحثان أن هذه النظرية أتت من أجل مساعدة المترجمين على مواجهة نصوص معقدة ومنها بطبيعة الحال النصوص الأدبية.12.وفي هذا السياق، فهما يفرقان بين نوعين من الترجمة: الترجمة المباشرة Direct translation والترجمة غير المباشرة Oblique translation وقد قسما هاتين الإستراتيجيتين إلى سبع آليات. ويضيفان أن التفرقة بين الترجمة المباشرة والترجمة غير المباشرة هي في الأصل نفس التفرقة الكلاسيكية بين الترجمة الحرفيةliteral translation والترجمة الحرة Free translation ،ترجمة حرفية هي مقابل لترجمة مباشرة.13
وفي نظرهما ،يتم استعمال الترجمة المباشرة عندما يكون بالإمكان نقل العناصر النظرية Conceptual elements إلى اللغة الهدف. ويقسم الباحثان الآليات السبع في الترجمة إلى قسمين :
1.1.3.الآليات المباشرة :
1.1.1.3الترجمة الحرفيةLiteral translation :
وتهدف إلى الترجمة كلمة كلمة بدون الابتعاد عن النص الأصلي وبدون أن تخالف نظام لغة الوصول 14.Target language
2.1.1.3 الترجمة بالدخيل أو الاقتراض Borrowing:
وهي تقنية هدفها بالدرجة الأولى جمالي في أغلب الأحيان، وتعني أن تقترض كلمة من اللغة الأصل وتستعملها في لغة الوصول أو الهدف وذلك رغم وجود مقابل لها.15
3.1.1.3 الترجمة بالنسخCalque :
هي نوع من الاقتباس، يقوم المترجم باقتباس تعبير معين Expression من اللغة الأصل ويترجمه ترجمة حرفية.16
2.1.3 الآليات غير المباشرة:
1.2.1.3. الاقتباس والتصرف Adaptation :
يعمد المترجم إلى ابتكار تعبير مشابه للتعبير الموجود في اللغة الأصل من أجل تحقيق المعنى.17
2.1.3..2المعادلة أو المقابلة Equivalence,:
يتم اللجوء إلى هذه التقنية عندما تكون الترجمة الحرفية غير قادرة عي الإيفاء بالغرض. وهي ترجمة حالة معينة عن طريق تعبير مقابل لها في اللغة الهدف.18
3.2.1.3 التكييف Modulation :
وتعني الترجمة عن طريق تكييف الفكرة لكي تكون أكثر ملاءمة لروح لغة الهدف. 19
4.2.1.3 التحوير Transposition: وتعني أن يغير المترجم جزءا جملة بالنص الأصلي كالفعل والصفة مثلا واستبداله بجزء آخر دون أن يختل المعنى20. وتدخل ضمن آلية التحوير ثلاث حالات هي:
– تبديل الثابتchassé-croisé وتسمى أيضا التحوير المتعاكس transposition croisée كأن يتحول فعل في النص الأصلي إلى اسم فاعل في لغة الوصول أو حرف جر إلى فعل.21
– الترجمة بالزيادة étoffement: وتقتضي إضافة كلمة أو أكثر من أجل وصف الصورة الموجودة في النص الأصلي.22
-الترجمة بالنقصان أو الحذف effacement ou allègementوتقتضي ترجمة كلمات من النص الأصلي بعدد أقل منها.23
2.3 .الكاتب إدريس الشرايبي:
كاتب مغربي يكتب باللغة الفرنسية، ازداد بمدينة الجديدة سنة 1926 وتابع دراسته بمدينة الدار البيضاء ثم سافر إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا في شعبة الكيمياء حيث تخرج سنة 1950.أصدر روايته الأولى “Le Passé Simple ” “الماضي البسيط” وهو في سن الثامنة وعشرين. اشتغل في عدة مجالات من بينها: التعليم، والعمل الإذاعي. ودرس الأدب المغربي بجامعة لافال بكندا. صدرت له أكثر من 20 مؤلفا أغلبها في جنس الرواية.
3.3. رواية “الحضارة أمي“:
صدرت الرواية سنة 1972 والترجمة الحالية هي الترجمة الثانية لها وصدرت عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن سلسلة إبداعات عالمية سنة 2014.وقد قام بترجمة الرواية المترجم والكاتب المغربي سعيد بلمبخوت.
الكتابة الإبداعية عموما هي شكل من أشكال الترجمة والأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية ممثلا في “الحضارة أمي”موضوع هذه الدراسة هو تجسيد حقيقي لهذه الفرضية .عندما يتم الحديث عن الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية لا بد من ذكر أسماء بصمت تاريخ هذه الكتابة المتفردة أمثال:عبد الكبير الخطيبي،كاتب ياسين،محمد خير الدين،مولود فرعون،عبد اللطيف اللعبي، أسية جبار،ألبير ميمي وغيرهم.
تتميز الكتابة الإبداعية عند إدريس الشرايبي عموما وهذه الرواية على الخصوص ببساطتها واقترابها من الواقع.يستعمل الكاتب فيه جملا قصيرة جدا،لغة سهلة وأسلوبا سلسا.كما يتميز الكاتب بجنوحه نحو السخرية كآلية من أجل وصف موقف،تحديد معالم شخصية في الرواية أو فقط من أجل الانتقاد باستعمال أسلوب التهكم.وتحتوي رواية “الحضارة أمي” على العديد من المواقف الساخرة التي استوحاها الكاتب من الواقع الشعبي المغربي ونقلها إلى اللغة الفرنسية بحرفية شديدة.
تدور أحداث الرواية بالمغرب في مرحلة الثلاثينيات من القرن الماضي.أخوان من عائلة بورجوازية متشبثة بالتقاليد يسعيان إلى إخراج أمهما من تقوقعها وعزلتها ويساعدانها بالتالي على الانفتاح نحو ما يسمى بالحضارة.
تنقسم الرواية إلى جزأين،الجزء الأول الموسوم ب:”Etre” ترجمه المترجم ب:“كيف كانت“ والجزء الثاني اختار له الكاتب العنوان التالي:““Avoir” وترجم ب:“كيف أصبحت“ .
الشخصية المحورية في الرواية وهي الأم يتم وصفها وتحديد معالم وتفاصيل شخصيتها من طرف ابنيهما وهما الساردان الرئيسيان للعمل الروائي.
في الجزء الأول،ابنها الأصغر هو من يتكلف بعملية السرد وبعملية وصفها وتحديد سمات شخصيتها .فهي يتيمة،أمينة ،تزوجت في سن صغيرة: 13 سنة.مع بروز بعض رموز الحداثة من قبيل المذياع والهاتف ستتمكن من ولوج العالم الخارجي وتغادر عزلتها الوجودية والمعرفية.
فيما يخص الجزء الثاني، سيتكلف ابنها الأكبر وهو السارد الثاني بوصف الأم التي ستتحرر أكثر وتشرع في الاهتمام بأحوالها وتصارع من أجل تحسين وضعية المرأة المغربية في المجتمع حيث ستصبح مناضلة حقيقية. ويذهب طموحها في هذا السياق إلى رغبتها في الالتقاء بالجنرال دوغول .ستقوم أيضا في إقامة موائد مستديرة تنقل من خلالها أفكارها وتصوراتها إلى المجتمع.
إذن، فهذه الدراسة هي بهذا المعنى مقارنة بين النص المكتوب في الأصل باللغة الفرنسية والترجمة باللغة العربية التي قام بها المترجم المغربي سعيد بلمبخوت.
لا بد من الإقرار انه من الصعب الحصول دائما على ترجمة مماثلة للنص الأصلي. وهذا لا ينفي وجود ترجمات ممتازة تجاوزت في بعض الأحيان النصوص الأصلية. ولكن تبقى الترجمة هي شكل من أشكال “الموازنة” بين النص في اللغة المصدر والنص في اللغة الهدف كما يقول عبد الفتاح كيليطو.
وقد خلصت الدراسة إلى أن المترجم اعتمد بشكل أساسي على الترجمة الحرفية Literal translation،وتبين من خلال الدراسة أن هذه الآلية كانت اختيارا صائبا في الكثير من الأحيان وفي الآن نفسه كان بإمكان المترجم استعمال آليات بديلة في أحيان أخرى.
ويتبين من خلال الأمثلة التالية التي تناولتها الدراسة بالتحليل أن المترجم حافظ فيها على بنية الجملة المكتوبة في النص الأصلي باستخدامه للترجمة الحرفية أكثر من استعماله للاستراتيجيات الأخرى:
1.4. النتائج وتحليلها
الر قم الترتيبي النص الأصلي رقم الصفحة الترجمة رقم الصفحة الآلية المستعملة في الترجمة
1
Pour presque rien13من أجل-تقريبا لا شيء17ترجمة حرفية Literal translation 2
C’était un fer à repasser en acier chromé et brillant comme la joie,
51كانت المكواة من الحديد المرصع بالكروم اللامع كأنه وميض الفرح .تعمل بالكهرباء.49 ترجمة حرفية Literal translation 3
Si la résistance grilla, personne ne l’entendit. Les produits de la technologie ont-ils une âme ?je l’ignore .Ce que je sais, c’est ce fer à repasser me dit rien quand il mourut ne poussa pas un cri de douleur
إذا ما ذاب أحد محتوياتها لن تتكلم أو تصرح التكنولوجيا لأنه لا روح فيها ؟لا أدري كل ما اعرفه أن المكواة لن تتكلم من الأمل أبدا إذا ماتت49
آلية التحويرTransposition
وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement
4Apprendre à ma mère les rudiments de l’électivité ? أترجم لأمي التيار الكهربائي50آلية التحويرTransposition وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement5Je te parle de sa pointure, cervelle de haricot sec. Elle chausse du 36.59أنا أتكلم عن مقاس قدمها يا “رأس اللوبية” اليابسة (الفاصولية) اليابسة ،إنها تستعمل مقاس 36.58ترجمة حرفية Literal translation 6Il avait un béret vissé sur la tête, des dents en or60كان يضع طربوشا عصريا وأسنانا من ذهب58استعمل المترجم آلية” التحويرTransposition “وتحديدا التحوير المتعاكس7Une autre vague vient par-dessus.14تأتي موجة أخرى استعمل المترجم آلية” التحويرTransposition وتحديدا الترجمة عن طريق الحذف أو النقصانeffacement ou allègement8Je revenais de l’école, jetais mon cartable dans le vestibule…15أعود من المدرسة أرمي حقيبتي في الدهليز..19ترجمة حرفية Literal translation 9Si la résistance grilla, personne ne l’entendit. Les produits de la technologie ont-ils une âme ?Je l’ignore.51إذا ما ذاب أحد محتوياتها لن تتكلم أو تصرخ التكنولوجيا لأنه لا روح فيها؟لا أدري.49استعمل المترجم هنا آلية الترجمة عن طريق ما يسمى “بالتكييف”Modulation 10Nous n’avions pas besoin de crocodiles, vivants ou morts ou en morceaux.60لم يكن يخصنا جلد التمساح حيا أو ميتا أو مقطعا.58استعمل المترجم آلية”التحويرTransposition وبالتحديد الترجمة بالزيادة étoffement11Va chauffer une théière à la créatrice de nos jours !64 اذهب وسخن الشاي لمخلوقة زمننا63 ترجمة حرفية Literal translation 12…la brise du soir montée du fond de la mer vient caresser toute mélancolie, toute colère – apaise êtres et choses.69 نسيم المساء البحري هب ليداعب الأحزان وكل غضب – يهدئ الأحزان والأشياء.67 ترجمة حرفية Literal translation 13 Ma mère était assise en face de lui : son public.72 كانت أمي جالسة أمامه: جمهوره. 70ترجمة حرفية Literal translation 14…et une maison sans murs et sans plafond, ouverte au ciel, toute verte, et peuplée et de fleurs, c’est quoi ?…Aha !un parc !…74 …والبيت من دون جدران ومن دون سقف، مشرع على السماء كلها اخضرار مزروع بالأشجار والزهور ،ماذا يكون ؟….ـأها ! حديقة؟ 73 ترجمة حرفية Literal translation 15Ils étudièrent ma mère des cheveux aux chevilles…77كانوا يدرسون أمي من شعرها حتى قدميها….75 ترجمة حرفية Literal translation 16C’est un ordre !80 أنا آمرك؟ 78 استعمل المترجم آلية «التحويرTransposition “وتحديدا التحوير المتعاكس17En maillot de bain fait de paillettes étincelantes, légers, très légers.80تلبس بدلة سباحة براقة خفيفة جدا. استعمل آلية «التحويرTransposition من خلال الطريقتين التاليتين:
الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement
آلية الترجمة بالزيادة étoffement
18Et une civilisation qui se vidait d’année en année et de guerre en guerre de sa spiritualité, sinon de son humanisme.85حضارة أفرغت- من سنة إلى أخرى ومن حرب إلى حرب- من روحها.82-83
ترجمة حرفية
Literal translation - الترجمة عن طريق التكييف Modulation 19Ce furent un cahier d’écolier, un crayon, une ardoise…88 هكذا كانت الأشياء: دفتر مدرسي، القلم الرصاص، لوحة …. 85 التحوير Transposition من خلال استعماله للترجمة بالزيادة étoffement20 Je lui ai appris son corps89 علمتها جسمها.87 ترجمة حرفية Literal translation 21 Lisant avant l’âge. Tout ce qui me tombait sous la main.89 كنت أقرأ كثيرا منذ صغري كل شيء يقع بين يدي…87 التحوير Transposition من خلال استعماله للترجمة بالزيادة étoffement22 Et les anecdotes salaces…89 النكت الحامضة….87ترجمة حرفية Literal translation 23 Ce que je visais, tenacement, c’était la carapace d’ignorance, d’idées reçues et de fausses valeurs qui la maintenant prisonnière au fond d’elle-même.90 ما كنت أركز عليه إلحاح هو قوقعة الجهل،الأفكار الموروثة من قيم خاطئة والتي تسجنها داخل ذاتها.87 التحوير Transposition وبالضبط تقنية التبديل الثابت”Chassé croisé 24 [ ] il vendit ses livres et ses cahiers, son cartable et ne retourna plus au lycée.91 [ ] حيث باع كتبه ودفاتره ومحفظته ولم يرجع إلى الثانوية. 88الترجمة عن طريق التحوير Transposition باستخدام حالة النقصان effacement ou allègement25 De bonnes notes, meilleures que les miennes, d’excellentes appréciations : « Protège les petits…Serviable…Premier prix aux poids… »91 نتائج جيدة، أحسن من التي أحصل عليها،وتقول مشجعة تقول:”اعتن بالصغار…خدوم. الجائزة الأولى في حمل الأثقال…”89 الترجمة عن طريق التحوير Transposition باستخدام حالة الزيادة étoffement26…ramassait la plupart des achats de la veille,95يجمع أغلب مشتريات البارحة93ترجمة حرفية Literal translation27Alors, tu es à Paris ? Comme un oiseau tombé du nid ?103 قل، أنت في باريس؟ كالعصفور الذي سقط من العش؟101ترجمة حرفية Literal translation28 Et cela était bon93 وكان ذلك من الأحسن93 الترجمة عن طريق التحوير Transposition29 Elle me saisit par les épaules, me secoue, crispée ,le visage hagard et la voix âpre …98 شدت على كتفي، رجتني، بتجهم الوجه متحسر والصوت حزين… 96 ترجمة حرفية Literal translation30La nuit tomba d’un noir fondamental sur nous tous-et ce fut la fin de mon passé.99جاء الليل بسواده العميق فوقنا جميعا،وكانت نهاية للماضي،الماضي الشخصي.97
ترجمة حرفية
Literal translation
الترجمة عن طريق الزيادةétoffement
31Bon. Je commence par la genèse ,tout comme leCréateur.104طيب. سأبدأ من البداية.102آلية التحويرTransposition وبالضبط الترجمة عن طريق الحذف effacement ou allègement32J’étais là, les oreilles aussi dressées que celle d’un lièvre des buissons, au petit matin, quand la rosée est encore pure et qu’il n’ya pas un chien à l’horizon.105كنت هناك، الأذنان واقفتان كأذني أرنب الغابة في الصباح الباكر،حيث يكون لا يزال صافيا وليس هناك أي كلب في الأفق.103ترجمة حرفية Literal translation 33C’est trop, s’exclamait ma mère .Beaucoup trop.105غير معقول، إنه كثير،صرخت أمي،إنه أكثر من اللازم.103- ترجمة حرفية Literal translation
الترجمة عن طريق التحوير
Transposition وبالضبط الترجمة عن طريق الزيادةétoffement 34D’ailleurs, les grands chefs sont arrivés à Casablanca, de Gaulle en tête.105على كل حال،فكبار القادة وصلوا إلى الدار البيضاء ،ديجول على رأسهم.103الترجمة الحرفية literal translation35Dis –moi, ma fille : ou se trouve Benghazi ?105قولي ابنتي:أين توجد بنغازي؟103ترجمة حرفية Literal translation 36Elle téléphona jusqu’au soir. Sans discontinuer.107كانت تهاتف حتى المساء.من دون انقطاع. 106 اختار المترجم آلية الترجمة الحرفية literal translation وكذا آلية الترجمة عن طريق التحوير Transposition 37Quatre soldats étaient venus nous encadrer, ma mère et moi. En uniformes rutilants.114 أربعة من العساكر من حولنا ،أنا وأمي.. بزيهم العسكري.112 الترجمة حرفية Literal translation 38Maitre d’œuvre de la ruche, ma mère fait écourter le repas, mobilise les femmes en groupes d’études de trois à quatre personnes chacun, va l’un à l’autre, surveillant, animant, sans cesse en mouvement et en fièvre.164-165 الرئيس المباشر للخلية، هي أمي تنظم توزيع الطعام، تقسم النساء في مجموعات دراسية بثلاث أو أربع في كل مجموعة، تذهب من هذه إلى تلك ،تراقب ،تنشط، من دون توقف بحركة وحماس.163 ترجمة حرفية Literal translation 39Elle m’a donné une gifle sifflante et j’ai aussitôt happé cette main qui venait de me frapper, l’ai embrassé très fort.180 أعطتني صفعة مدوية وحينها لقفت تلك اليد التي ضربتني، وقبلتها بحرارة.177 ترجمة حرفية Literal translation 40Que son rire était cristallin, mon Dieu, répercuté par le hublot ouvert sur toute l’étendue de la mer !181كم كانت ضحكتها بلورية، ياربي، مؤثرة، تعكسها النافذة المفتوحة، على امتداد عرض البحر !178 ترجمة حرفية Literal translation
2.4 خلاصات:
يتبين من خلال العينات التي اعتمدتها الدراسة أن المترجم استعمل عدة آليات واستراتيجيات في ترجمته لرواية “الحضارة أمي”. حيث استعمل آليات مثل الترجمة الحرفية و الترجمة عن طريق الزيادة و الترجمة عن طريق الحذف والترجمة عن طريق التكييف. ويتضح من خلال الدراسة هيمنة إستراتيجية الترجمة الحرفية على باقي الآليات الأخرى إذ حافظ المترجم بواسطتها في العديد من الحالات على بنية الجملة في النص الأصلي ونقل المعنى بأمانة مما جعل ترجمته تبدو متماسكة و لغتها سهلة ومنسابة. وبتعدد وتنوع الآليات التي وظفها المترجم في عملية الترجمة فقد نجح في الحفاظ بشكل عام على المعنى في أغلب النصوص وتمكن بصفة عامة من إبراز السمات الفنية والخصائص الجمالية للنص الأصلي في لغة الوصول.
وفيما يلي إحصائيات للآليات التي استخدمها المترجم في ترجمته لروايته “الحضارة، أمي” وكذا رسم بياني يوضح بالتدقيق درجة استخدام هذه الآليات:
الترجمة الحرفية Literal translation:استخدمت 24 مرة
التحوير Transpositionالتي تضم أيضا تقنيات:الترجمة بالزيادة ،الترجمة عن طريق الحذف أو النقصان وتبديل الثابت:استخدمت هذه الآلية بتقنياتها الأخرى:18 مرة
الترجمة عن طريق التكييفModulation:استخدمت هذه الآلية مرتين (02)
يتبين من خلال الرسم البياني أن المترجم اعتمد بشكل رئيسي على آليتين هما :الترجمة الحرفية Literal translationو الترجمة عن طريق التحوير Transpositionوالتي تضم أيضا تقنيات الترجمة بالزيادة والترجمة عن طريق الحذف أو النقصان وتبديل الثابت.
مثال رقم 1: تقيد المترجم بشكل كلي ببنية الجملة الأصلية في استعماله لآلية الترجمة الحرفية فقط كان عليه أن يؤخر كلمة “تقريبا” إلى نهاية الجملة.
مثال رقم 2: استعارة ترجمها المترجم ترجمة حرفية لكنها رغم ذلك لم تفقد بريقها ودلالتها الفنية حيث في وصفه للمكواة شبه الحديد المرصع بالكروم اللامع بوميض الفرح. لهذا فاختيار المترجم لآلية الترجمة الحرفية كان اختيارا موفقا.
مثال رقم 3: عمل المترجم على الاقتصاد في عدد الكلمات المستعملة واستبدل السؤال التعجبي الوارد في النص الأصلي حول التكنولوجيا بذكرها كمسلمة أن التكنولوجيا ليست فيها روح. وبالتالي فهذا التدخل من لدن المترجم أضاف مسحة فنية أخرى للجملة.
مثال رقم 4: قام المترجم بحذف كلمة « rudiments » في ترجمته للنص بالإضافة إلى أن الترجمة تحتاج إلى كلمة “معنى” لتصبح: أشرح لأمي معنى التيار الكهربائي.
مثال رقم 5: يبدو أن الكاتب الأصلي للعمل قام بترجمة المقولة نفسها من اللغة العامية المغربية (الدارجة المغربية) التي تستعمل عادة في نعت إنسان بالبلادة عن طريق تشبيهه بالفاصوليا إذ ينتج عن تناولها الشعور بالإعياء الشديد والرغبة الجامحة في النوم.وبالتالي فالمترجم في ترجمته الحرفية قام بإعادة النص إلى سياقه المغربي ليس إلا.
مثال رقم 6: حيث اختار الفعل التالي: “وضع” وحذف بالتالي ” sur la tête” التي أصبحت غير ضرورية. إستراتيجية موفقة ولو اختار الترجمة الحرفية لبدت الترجمة ضعيفة جدا.
مثال رقم 7: قام المترجم بحذف كلمة « par-dessus »وهذا اختيار موفق لأن المعنى تم إيصاله في اللغة الهدف بدون الحاجة إلى التدقيق غير اللازم وبدون الحاجة بالتالي إلى هذه الكلمة.
– مثال رقم 8:اختيار الآلية في الترجمة هو اختيار موفق.فقط كان من الأفضل أن يقوم المترجم بترجمة كلمة cartable بــ كلمة “محفظة” التي تجمع فيها الكتب والدفاتر المدرسية وذلك بدلا من كلمة “حقيبة“.
– مثال رقم 9: قام المترجم بعمليتين، أولا بإعادة ترتيب المفردات بالنسبة للجزء الأول من الجملة حيث أصبحت “التكنولوجيا” في المقام الأول بعدما
كانت في آخره في النص الأصلي،وثانيا عن طريق الإثبات والنفي ،”لا أدري” في محل ” Je l’ignore. وفق المترجم في هذا الاختيار الذي أضاف جمالية أكبر للجملة حيث تمت أنسنة “Personnification ” التكنولوجيا وأصبحت هي الفاعل الرئيسي في الجملة.
مثال رقم 10: أضاف المترجم كلمة “جلد” التي لم تكن في النص الأصلي. اختيار غير موفق لأن الكاتب يتكلم عن التمساح
حيا أو ميتا وليس عن جلده. بالإضافة إلى أن اختياره لكلمة “يخصنا” هي ترجمة لا واعية لكلمة من الدارجة المغربية وبالتالي كان الصحيح ربما هو:”لم نكن في حاجة إلى …” – مثال رقم 11: استعمل الترجمة الحرفية وحافظ أيضا على بنية الجملة التي أتت في صيغة الأمر.اختيار صحيح باستثناء ترجمته لكلمة ”créatrice ” حيث اختلطت عليه مع كلمة “Créature “. – مثال رقم 12: اختيار موفق تمكن المترجم من خلاله من الحفاظ على المعنى ،على بنية الجملة وأيضا على القيمة الجمالية للصورة في النص الأصلي. – مثال رقم 13: نقل المترجم المعنى ولكن الترجمة فقدت أثر السخرية الوارد في النص الأصلي.كان بالإمكان أن يستعمل المترجم آلية الترجمة بالزيادة حتى يعكس بدقة السخرية وحتى يتوافق مع خصوصيات اللغة العربية . – مثال رقم 14: حافظت على المعنى وكذا الصورة الجمالية للنص الأصلي. اختيار موفق لأن النصين أصبحا متشابهين في المبنى والمعنى وكذا في الناحية الجمالية. – مثال رقم 15: جملة من العامية المغربية ترجمها الكاتب الأصلي للعمل إلى اللغة الفرنسية. آلية غير موفقة لأن تيمة السخرية افتقدت .المغزى هو وصف من هو كثير الملاحظة. – مثال رقم 16: استبدل الاسم في النص الأصلي “un ordre” بفعل «آمرك”،اقتراح موفق وإن كانت الترجمة الحرفية في هذه الحالة هي أيضا ممكنة. – مثال رقم 17: حذف المترجم كلمتي: «paillettes et légers » وتوفق في نقل المعنى والوصف المقصود في النص الأصلي وتفادى بذلك التكرار غير المعلل سيما في اللغة العربية. كما أنه وفق في استخدامه لآلية الترجمة بالزيادة عن طريق إضافته لفعل: “تلبس”. – مثال رقم 18: كان على المترجم ألا ينضبط بشكل تام للترتيب الوارد في الجملة في اللغة الأصل وبالتالي كان بإمكانه حذف العارضتين وتسبيق كلمة “روحها” لتصبح بعد “أفرغت” مباشرة. وفق المترجم في اختياره لآلية “التكييف”Modulation في التعامل مع الكلمتين الفرنسيتينspiritualité و humanisme وترجمهما في كلمة واحدة وهي “روحها” وإن اختار ترجمتهما حرفيا لأصبحتا غامضتين. – مثال رقم 19: وفق المترجم في اختيار آلية التحوير عن طريق الزيادة étoffement وذلك بإضافة ” هكذا كانت الأشياء” في بداية الجملة فبدت الترجمة جميلة ولو اختار الترجمة المباشرة بإتباع الحرفية التامة لكانت الترجمة عادية جدا. – مثال رقم 20: هذا الاختيار أدى إلى نوع من الغموض وكان من الأفضل أن يلجأ المترجم إلى الترجمة غير مباشره باعتماد الترجمة عن طريق التحوير بزيادة كلمة أو عبارة حتى يتضح المعنى. – مثال رقم 21: قام المترجم بترجمة هذا النص كله في جملة واحدة مع استعمال آلية الترجمة عن طريق الزيادة وذلك بإضافة كلمة “كثيرا”.وفق المترجم في هذا الاختيار. – مثال رقم 22 : لا بد من الإشارة إلى أن الكاتب الأصلي لهذا العمل الروائي نقل هذه العبارة من العامية المغربية(نكتة حامضة) أو حتى المصرية (نكتة بايخة) أي عديمة القيمة وغيرها وترجمها هو أيضا إلى اللغة الفرنسية كما فعل في العديد من المرات وبالتالي فالمترجم أعاد النص إلى صورته الأولى وكان بالأحرى أن يتجه نحو ترجمة مبدعة محاولا البحث عن مقابل آخر وذلك باعتماد مثلا إستراتيجية: الاقتباس والتصرف Adaptation. – مثال رقم 23: استبدل المترجم الكلمة التالية: Prisonnière (un adjectif) بفعل :”تسجنها”.اختيار موفق لأن الترجمة المباشرة كانت ستؤدي إلى إضعاف هذه الفقرة برمتها. – مثال رقم 24: تفادى المترجم ترجمة كلمة:« plus »وهو قرار موفق لأن عدم رجوع المعني بالأمر إلى الدراسة أمر مفهوم بدون الحاجة إلى ترجمة الكلمة السالفة الذكر. – مثال رقم 25: قام المترجم بإضافة فعل: (تقول) وهو اختيار موفق لأن الترجمة كانت ستبدو غامضة بدون هذا الفعل.هنا نتحدث عن خصوصية اللغة على مستوى المقبولية Acceptability والمترجم راعى خصوصية اللغة العربية في ذلك. – مثال رقم 26: حافظ المترجم على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة وبدون تكلف .وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية. – مثال رقم 27: كما المثال السابق حافظ المترجم على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة وبدون تكلف فقط كان من المستحب أن يضيف “هل” قبل “أنت في باريس؟” .على الرغم من ذلك نجح المترجم في اختياره لهذه الآلية. – مثال رقم 28: استبدل « bon » (un adjectif) ب:”من الأحسن” بدت الجملة بهذا الاختيار غامضة بعض الشيء وتحتاج إلى صياغة أخرى أو إلى البحث عن آلية أخرى. – مثال رقم 29: اختيار موفق من لدن المترجم الذي حافظ عن طريق اعتماده على هذه الآلية على بنية الجملة ونقل المعنى المراد بدقة و نجح أيضا في نقل المقومات الفنية للصورة الأصلية في اللغة الهدف. واختياره للقاموس كان موفقا. – مثال رقم 30: اختياران صائبان وترجمة موفقة. حافظ على بنية الجملة، على المعنى وعلى الصورة. كما أن المترجم عمد إلى ترجمة كلمة “passé” مرتين.المقابل الأول لشرح الحالة والثاني لتأكيد الانتماء وهذه هي الآلية الثانية التي استخدمها وهي “الترجمة عن طريق الزيادة”. – مثال رقم 31: عمل المترجم نظرا لخصوصية ثقافية ودينية بالدرجة الأولى إلى عدم ترجمة كلمتي ”genèse” و” le Créateur” تم نقل المعنى ليس إلا. – مثال رقم 32: كما في أمثلة سابقة فكاتب الرواية ينقل بعض الصور كانت ولا زالت متداولة في الثقافة الشعبية المغربية وهنا أيضا استعمل المترجم ترجمة حرفية ليعيدها إلى أصلها ولكن بلغة عربية فصيحة وليس بالدارجة المغربية.وفق المترجم في هذا الاختيار لأن هذه الصورة هدفها هو السخرية عن طريق الوصف وبالتالي فالهدف تحقق حيث المحافظة على هذه الصورة بدقة متناهية. – مثال رقم 33: استراتيجية موفقة اتبعها المترجم من أجل نقل الصورة بدقة وأمانة وقد وفق في ذلك.واستعمل أيضا آلية الترجمة عن طريق التحوير Transpositionوذلك بزيادة “غير معقول”. – مثال رقم 34: استراتيجية موفقة. ترجمة حرفية نقلت المعنى ولو أن المترجم كان من المستحب أن يقوم بتسبيق “على رأسهم” على “ديجول”. – مثال رقم 35 : اختيار موفق.فقط كان من الأفضل استبدال “قولي لي” ب مثلا:”أخبريني” ولكن رغم ذلك يبقى اختيار المترجم اختيارا مقبولا. – مثال رقم 36: حيث استبدل الفعل ” discontinuer.” باسم:”انقطاع”.اختيار موفق غير أنه كان من المستحب أن يختار مثلا “ظلت” عوض “كانت” لتوضيح الصورة أكثر وكذلك أن يعمد إلى عدم التقيد ببنية الجملة في النص الأصلي وذلك بترجمتها في جملة واحدة وحذف بالتالي النقطة,(.) – مثال رقم 37: حافظ المترجم على بنية الجملة ونجح في اختياره لآلية الترجمة الحرفية فقط كان بإمكانه تسبيق ” بزيهم العسكري. ” لتكون مباشرة بعد”من العساكر” – مثال رقم 38: حافظ المترجم على بنية الجملة واتبع الترتيب نفسه الذي توخاه صاحب النص الأصلي على مستوى الأفعال المستعملة والمفردات لوصف الحالة. ونقل المترجم المعنى المراد بدقة وبدون تكلف وبلغة بسيطة أوفت بالغرض.وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية. – مثال رقم 39:تمسك المترجم ببنية الجملة وحافظ على ترتيب الكلمات الوارد فيها ونقل صورة “الصفع” و”تقبيل اليد” بأمانة. فقط كان بإمكانه أن يدمج “أعطتني صفعة” ويستخدم فعل “صفع” وتكون الآلية الأخرى المستخدمة هي التحوير .Transposition – مثال رقم 40: حافظ المترجم على بنية الجملة لوصف الحال وباختياره لآلية الترجمة الحرفية حافظ على المعنى ونقل الصورة الأصلية بأمانة مما أضفى على ترجمته بعدا جماليا كذلك الموجود في النص الأصلي حيث “الضحكة بلورية”. وفق إذن في اختياره للترجمة الحرفية مادام أنه حافظ على المعنى والمسحة الفنية في لغة الوصول.
واستنتاجا ومن خلال ما سلف ،أبرزت الدراسة أن “الترجمة “الحرفية” يمكن اعتمادها أيضا في الترجمة الأدبية ولا يمكن بأية حال من الأحوال إغفال قيمتها وهي صالحة مثلها مثل الآليات الأخرى في تذييل الصعوبات التي تواجه المترجم الأدبي بشكل عام. غير أن هذه الآلية لا يمكن اعتمادها بصفة مطلقة وهذا ما أثبتته هذه الدراسة حيث تبين من خلالها أن المترجم كان عليه استبدالها بآليات أخرى في بعض الحالات التي ظهر جليا أنها لا تفي بالمطلوب. وفشلت بالتالي في نقل العناصر الفنية والجمالية من النص الأصلي إلى لغة الوصول.
ولكن بشكل عام خلصت الدراسة إلى أن المترجم نجح في اعتماده على هذه الآلية في الترجمة في العديد من الحالات سواء تلك التي شكلت عينات هذه الدراسة أو غيرها أو تلك التي لم يتم اعتمادها لتفادي التكرار غير المبرر.
خاتمة
هذه الترجمة أحيت من جديد رواية صدرت منذ سنة 1972 وتروي سياقا تاريخيا يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا من إيجابيات الترجمة في بعثها للنصوص الأصلية من جديد كما يقول الباحث عبد السلام بنعبد العالي (2006):
” فالترجمة هي التي تنفخ الحياة في النصوص وتنقلها من ثقافة إلى أخرى، والنص لا يحيا إلا لأنه قابل للترجمة، وغير قابل للترجمة في الوقت ذاته. فإذا كان في الإمكان ترجمة ما ترجمة نهائية، فإنه يموت، يموت كنص وكتابة.”24
ومن خلال الدراسة، تبين أن الترجمة العربية لرواية “الحضارة أمي «للروائي المغربي إدريس الشرايبي أضاءت بشكل مقبول عموما روح النص الأصلي رغم الصعوبات التي تعترض المترجم عموما والمترجم الأدبي بشكل خاص.
وإجمالا، فقد نجح المترجم في اختيار الآليات في عملية الترجمة واستخدم لغة بسيطة تقابل لغة النص الأصلي. لغة لا تخلو من سمات فنية وجمالية نقلها المترجم من النص الأصلي بسلاسة متناهية. كما أن المترجم وفق عموما في التعامل مع السياق اللغوي المغربي حيث نقله من النص الأصلي بحرفية ودقة. خلصت كذلك الدراسة إلى أن المترجم اعتمد بشكل أساسي على الترجمة الحرفية ووفق في ذلك في الكثير من الحالات بيد أنه كان من الأفضل للمترجم استبدالها باستراتيجيات أخرى كما فعل في حالات أخرى حيث استطاع وبطريقة جيدة توظيف بعضها مثل :الترجمة عن طريق التحوير و التكييف و الترجمة عن طريق الزيادة و الترجمة عن طريق النقصان وغيرها من الآليات.
هذا، وبالرغم من أن الترجمة هي مسألة اختيارات في المقام الأول غير أن المترجم الأدبي مطالب بالبحث عن آليات أخرى في الترجمة وتوظيفها توظيفا عقلانيا ومناسبا من أجل تحقيق ما يسمى بترجمة مبدعة Creative translation .وهذا ما يقوله مثلا أوكتافيو باث Octavio Paz الذي يؤكد على أن الترجمة والإبداع توأمان لا ينفصلان ويستشــــــــــــهد في هذا السيـــــــــــاق بأعــــــمال بودلير Beaudelaire وباوندPound التي لا يمكن التفرقة فيها بين النص الأصلي والترجمة إذ يوجد تفاعل جميل بين النصين الاثنين.25
هوامش ومراجع
Derrida, J. 1985. The ear of the other: Autobiography, transference,translation.Trans.PeggyKamuf. New York: Schocken, p.122.
الحضارة أمي
Chraïbi, Driss. La Civilisation, rna Mère. Paris: Denoël, 1972.
بنعبد العالي عبد السلام. في الترجمة. الدار البيضاء: دار توبقال،ص:17.
Schulte, Rainer and John Biguenet, eds. 1992. Theories of Translation: an Anthology of Essays from Dryden to Derrida. Chicago and London: The University of Chicago Press.p.69.
Ibid, pp.71-72.
Ibid, p.204.
Ibid, p.205.
Jackson, R. (2003). From Translation to Imitation. Retrieved June 22, 2010, From
http://www.utc.edu/Academic/English/pm/ontrans.htm,p.4.
Landers, C. E. (1999). Literary Translation: A Practical Guide. (G.S. Brown, ed.). New
Jersey City: Multilingual Matters LT,.p.4.
Newmark, P. (1988). Approaches to Translation. London: Prentice Hall, p.1.
J-P. Vinay and J.Darbelnet (1995) Comparative Stylistics of French and English: A Methodology for Translation, translated and edited by Juan Sager and Marie-Jo Hamel (Amsterdam and Philadelphia: John Benjamin),p.10.
Ibid, p.31.
Ibid, p.33.
Ibid, p.31.
Ibid, p.32.
Ibid, p.31.
Ibid, p.31.
Ibid, p.39.
Ibid, p.36.
Ibid, p.37.
Ibid, p.37.
Ibid, p.37.
بنعبد العالي عبد السلام. في الترجمة. الدار البيضاء: دار توبقال،ص:21.
Schulte, Rainer and John Biguenet, eds. 1992. Theories of Translation: an Anthology of Essays from Dryden to Derrida. Chicago and London: The University of Chicago Press.p.160.
مراد الخطيبي جامعة محمد الخامس، الرباط ـ المغرب.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية، العدد 20 الصادر بشهر جوان 2016، ص 159 .