فتحي مهذب - بين النار والجنة.

لما دخل أبي إلى النار
مقيدا بسلاسل صدئة
بتهمة الهروب الأبدي من البيت
قتل الملائكة في عيوننا الصغيرة
إلقاء صلواته الجافة إلى ثعبان الشك
حرق مصحف العائلة بدم بارد
تمزيق العلاقات الأبوية بفأس اللامبالاة
بكيت طويلا أمام خازن النار
راجيا تخليصه من براثن المحرقة
بما أن له كسورا عميقة في مخياله القروي
كدمات زرقاء في مفاصل صلواته
لكن طردني خازن النار
مهددا إياي بمسدس من قش
لما دخلت أمي إلى الجنة
(بشعرها الطويل حتى الينابيع)
وابتسامتها المرفرفة مثل منديل الوداع
وبمحبة خالصة
منحها الرب سيارة ليموزين
قصرا مسيجا بالحدائق المدهشة
كما هائلا من الذهب والفضة
قطيعا من الفرح اليومي
أمي طيبة للغاية
تهاتفني كل يوم
كنت أقضي طوال اليوم
بين الجنة والنار
على دراجة من الياقوت
إختلستها من الملاك رضوان
حاملا سلة ملآى بالخبز والنبيذ
والملابس الجاهزة
ترسلها أمي لأبي الغاطس في قاع النار
لأسباب فلسفية صرف
لم أك من أهل النار ولا من أهل الجنة
يتبعني كوكبة من فلاسفة الريبة
في انتظار حل أبدي لحياتي البائسة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...