زينب هاشم شرف - أشجار الجحيم...

لو صار كل مُنتَحِرٍ شجرةً
لَشُفِيَ رأسُ الجحيمِ من الصَلعِ المُبَكر
..
أَخيطُ جوعَكَ الأبيضَ بهمهماتِ أبي وهو يغادرُ السفينةَ
بآخرِ النظراتِ وهو يزرعُ خيبتَهَ في خاطري
مكسورًا عاشَ
مكسورًا رحلَ
محبوبا مكروها
سعيدا بائسا
مقاوما مستسلما
كاملا غير مُنْجَزٍ
نِصفَ منتحِرٍ
بدعاءٍ لا يردُّه اللهُ
..
أيّ مكانةٍ لكَ في السماء السوداء
كي تنالَ موتَكَ كما تشتهي
سريعا على هواكَ
مباغتا
خفيفا مثل كحةٍ تحاولُ أن تكون ضحكةً؟
..
أنجبتُ ثلاثةَ فرسانٍ على هواك
وأحببتُكَ متأخرةً عشر سنين بما لا يكفي كي أشهق في مأتمك
بل بما يتسع لأنشد في جنازتك:
"أهواك وأتمنى لو أنساك"
وحاولتُ مع أمي والإخوة الثمانية أن ننساكَ
دون جدوى
فبقيتَ معلقا بين كابوسي وحلمها
ذلك الحلم حيث تخونها مع حور العين فتغضب وتنزل إلى نواة الأرض كي تذكركَ بأنها أجمل نساء العالمين .. في الستين
ثم تأتي .. هذه القصيدةُ على غير هواكَ
نازفةً من غدة العنادِ في إصبع طفلةٍ لا تكبر
ضدَّ كلِّ تعاليمكَ عن التفاؤل والفرح
أنا مثلكَ كاذبة
يا أبي الحزين
..
يقول الملمسُ:
المنتحرُ حريرُ الآخرة
على عنق الأعراف
..
يقول الصوت المتردد:
لو صار كل منتحر نغمةً
تابَ الخالقُ عن زرعِ الأغاني
في رأس الجحيم

____
زينب هاشم شرف
البحرين
١٧ أيلول ٢٠٢٣
التفاعلات: رائد الجحافي

تعليقات

ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...