لفت انتباهه نظرات زوجته له ودورانها حوله وهو يتأنق أمام المرآة، شعر بأن هناك أسئلة تتلجلج داخلها, ربما تحدث نفسها الآن ... لماذا اليوم أخذ كل هذا الوقت أمام المرآة ؟ لأول مرة أراه يصبغ شعره وشاربه ، كل ما يرتديه اليوم جديد بذلته , رابطة العنق ، حتى هذا العطر أتى به أمس رغم أنواع العطور المختلفة التي تذخر بها خزانته ، هل هو عريس يستعد للزفاف؟ إنه أب لثلاثة أبناء أكبرهم في الجامعة وأصغرهم فى الصف الثاني الثانوي .
و صدق حدسه فلم تستطع أن تحبس السؤال أكثر من هذا .. وجدي أكل هذا التأنق لاجتماع رئيسة مجلس الإدارة ؟ ؛ لطالما حضرت اجتماعاتها ولم تحرص على أناقتك كل هذا الحرص ! .
وهو يصفف شعره الناعم قال: هذا الاجتماع له طبيعة مختلفة سيحضر فيه العضو المنتدب وأردت أن أكون مميزا في مظهري .
طلب منها أن تناوله أدويته ليضعها في حقيبته ، قبّلها علي جبينها وغادر ، انطلق بسيارته إلى هناك حيث مقهى زهرة اللوتس.
دار شريط الذكريات من لحظة أن غادر مدينته الساحلية ساعتين قضاهما على الطريق ، ازدحم بسيل من الذكريات الشجية بدأت منذ دخوله الجامعة فتى جميلا متفوقا ، ثم اندماجه في الحركة السياسية وتزعمه لليسار في الجامعة ، وقيادته للمظاهرات، ونحته للشعارات التي كان يتلقفها منه زعماء اليسار في الكليات الأخرى ، وتعرضه لمضايقات الأمن وظهورها في هذه الأثناء قيادية مثله في كليتها ، تعرف عليها ابنة مناضل يساري، من عائلة ثرية . رأت كيف التفت الطالبات حولي ، لم تكن أجملهن ولكن وحدها التي امتلكت قلبي .
سريعا نمت بذرة الحب بيننا حتى استطالت شجرة عظيمة ، خرجنا سويا ، لعبنا ، تحاورنا ، تناقشنا، ثم انزوت السياسة من حواراتنا برغبة منها حينما قالت لي : هذا وقتنا لنا خالصا أنا و أنت .
منذ أن عادت لي قبل أسبوعين عدت عشرين عاما للوراء ، عادت لي بكارة المشاعر وفورتها وتأججها ، نفضت أمنياتي المطمورة تحت التراب ، فعادت لامعة براقة . أتراها ستصدقني إن قلت لها أنها لم تفارقني وأنها رفيقة رحلة العمر حتى هذه اللحظة ، وأنني أطلعتها على دقائق حياتي كلها ؟
ستصدقني إذا قلت لها أنها رفيقة رحلة البحر شبه اليومية وأني اعتدت ألا تشرق الشمس إلا على ابتسامتها ؟ نظر للشمس أمامه وابتسم ، قلب عينيه في الطريق ، لمح لوحة المسافات وهمس باقي عن لقاء أميرة خمسون كيلومترا ثم مدخل القاهرة العصيب . هوني أيتها الكيلومترات حتى أجدني في حضرتها . ترى ماذا ستقول حين تراني ، لم أعد ذلك الفتى الرشيق الذي عرفته أيام الجامعة ، تبا لهذا الكرش اللعين الذي شوه منظري . حبها الذي غمرني ولهفتها حين عرفتني من خلال الفيس بوك بعد كل تلك السنوات تطمئنني على قبولها لي . ثم هي بالتأكيد قلبت في صوري طويلا وعرفت شكلي الآن . حينما ألتقيها سيكون سؤالي الأول لها عن زواجها من إسماعيل عبد الظاهر كيف تم ؟ وهو الذي أقنعني بعدم الارتباط بها وأن فقري الشديد عائق دون الارتباط بفتاة ثرية. كونها وافقت على مقابلتي ؛ لا بل هي التي دعتني لهذا اللقاء, وهي ما زالت زوجة له يدل على أنها ليست سعيدة رغم ظهورهم في الصورة كأسرة ترفل في السعادة.
دق هاتفه ، جاء صوتها الرخيم يخبره أنها وصلت توا للكافيه وتنتظره ، تهلل وجهه الأبيض المستدير وهو يخبرها أنه على وشك الوصول إليها ثم قال لها: تفقدي قلبك حبيبتي هل ثارت دقاته كقلبي الآن ؟
بصوت محشو بالسعادة قالت: ثورته أكثر حماسا وضجة من ثورتك ،
كانت الإشارات قاسية جدا معه, فهؤلاء الذين ينظمونها لم يشعروا به, ربما لم يعيشوا قصة حب رائعة كقصته, أخيرا انطلق واقترب من تلك الجنة التي اختُصرت في تلك البقعة التي اخضرت وأزهرت بوجود أميرة فيها .
لن أتفاجأ بصورتها فالمفاجأة كانت من أسبوعين حينما أرسلت لي صورتها عبر الماسنجر مع زوجها وولديها ، هي نفسها أميرة الجميلة الرشيقة الفاتنة بل ربما زادت جمالا وإغراء عن السابق . المفاجأة ستكون أني سألمس يدها ، سأشعر بأنفاسها ، سأَلقى الروح العذبة والحضور البهي .
دخلت الكافيه وتجولت عيني بالمكان ، لمحتها هناك عند النافذة جالسة تتابع الداخلين من الباب تلبس فستانا أسود عاري الذراعين يكشف عن الساقين الرخاميتين، شعرها الليلكي منسدل على ظهرها. لمحتني قفزت من مقعدها وأشارت لي بفرحة أضاءت وجهها فجئتها طائرا, كان فرضا أن تكون كفارة الفراق العناق، دخلت حضني كعصفور بلله المطر، قبلتها وقبلتني طويلا، تلاشى كل ما حولنا ولم يتبق إلا هذه الدائرة التي جمعتنا .
أخيرا جلسنا وتركنا العيون تتكلم طويلا وتركنا يدينا متعانقتين لم نقو على فكهما من بعضهما , تأملتها ...وجدت أن الصورة تظلمها كثيرا فهي أجمل وأصغر من تلك التي في الصورة, هنيئا لهذا الفستان الأسود التصاقه بها, حسدته كثيرا.
كان أول كلامها سؤال : لِمَ لَمْ تأت في الموعد الذي حددناه لأخذ قرار الزواج وترتيباته؟
وكان سؤالي الأهم كيف تم زواجك من اسماعيل عبد الظاهر؟
كنت فقيرا جدا لا أستطيع أن أدعوكِ حتى للغداء في مطعم محترم ، وأنا أستعد للمجيء في موعدك قلت لنفسى : بأي شيء ستدخل على تلك العائلة الأرستقراطية يا ابن الخفير الفقير؟
أما أنا فانتظرتك طويلا في الميعاد ثم عدت كسيرة كاسفة البال نادمة على معرفتك وقد خذلتني وقد عاندت فيك أهلي. بعده تقدم اسماعيل لأخي ليخطبني وقد مكنّه أخي من العمل معه في شركته وتمت الموافقة وبعد زواجنا أهلته مهاراته أن يصبح من الكوادر المهمة في الشركة ، ثم استطاع أن يؤسس شركة خاصة به وهو الآن من رجال الأعمال المعدودين في البلد .
لن أقول لك أن حياتي تعيسة, لكنها أيضا ليست سعيدة, ربما لن تصدقني إذا قلت أني ما نسيتك أبدا, و أني أخيرا دخلت لحسابك بعد أن بحثت عنه بكافة الطرق حتي طالعتني صورتك ذات ليلة
ضحك وقال : وراسلتني علي أنك امرأة لا تعرفني .
وبابتسامة قالت: وظللت أحدثك أسبوعين ولم تعرفني, حتي جاء سؤالي لك.... لم تركت أميرة ولم تذهب لموعدها ؟
قضينا يوما لا يخضع لقوانين الزمان كأن الأيام لم تفرقنا وكأننا نكمل ما أنهيناه أمس من حديث . عاد لضحكتنا صفاؤها ، عدنا فتى وفتاة خليَّا البال ، قلت لها: إن المدهش في قصتنا أن نزداد حبا رغم البعد.. المدهش أن أصحبك معي في كل مكان .. المدهش أن تكوني رفيقتي الدائمة في رحلتي للبحر.. أنك حين دخلت قلبي أغلقت خلفك بالمفتاح ورميت به في بئر بلا قرار فلم تستطع امرأة بعدك أن تدخله .
بابتسامة راعشة مختلجة قالت: أريد أن أطوي أصابعك الخمسة لأقول كفى فراق كفى فراقا كفى كفى كفى .
أمسكت بيدها وفرقت أصابعها وقلت وددت لو أني حملتك معي، وددت وددت وددت وددت .
وبدأت قوانين الزمان تسري وأقبل الليل ورن هاتفها ففهمت أنه ابنها يسأل عن عودتها ، شعرت بقلقها ، استأذنت بعينيها أن تغادر ، وقفنا وودعتها ، أما هي فقالت لي ونحن نغادر: عشت أحلم بهذا اللقاء وأتخيله طويلا ، منحنا الزمان لمحة سعادة لكنه لم يكن كريما جدا فكل منا سيذهب في طريقه .
و صدق حدسه فلم تستطع أن تحبس السؤال أكثر من هذا .. وجدي أكل هذا التأنق لاجتماع رئيسة مجلس الإدارة ؟ ؛ لطالما حضرت اجتماعاتها ولم تحرص على أناقتك كل هذا الحرص ! .
وهو يصفف شعره الناعم قال: هذا الاجتماع له طبيعة مختلفة سيحضر فيه العضو المنتدب وأردت أن أكون مميزا في مظهري .
طلب منها أن تناوله أدويته ليضعها في حقيبته ، قبّلها علي جبينها وغادر ، انطلق بسيارته إلى هناك حيث مقهى زهرة اللوتس.
دار شريط الذكريات من لحظة أن غادر مدينته الساحلية ساعتين قضاهما على الطريق ، ازدحم بسيل من الذكريات الشجية بدأت منذ دخوله الجامعة فتى جميلا متفوقا ، ثم اندماجه في الحركة السياسية وتزعمه لليسار في الجامعة ، وقيادته للمظاهرات، ونحته للشعارات التي كان يتلقفها منه زعماء اليسار في الكليات الأخرى ، وتعرضه لمضايقات الأمن وظهورها في هذه الأثناء قيادية مثله في كليتها ، تعرف عليها ابنة مناضل يساري، من عائلة ثرية . رأت كيف التفت الطالبات حولي ، لم تكن أجملهن ولكن وحدها التي امتلكت قلبي .
سريعا نمت بذرة الحب بيننا حتى استطالت شجرة عظيمة ، خرجنا سويا ، لعبنا ، تحاورنا ، تناقشنا، ثم انزوت السياسة من حواراتنا برغبة منها حينما قالت لي : هذا وقتنا لنا خالصا أنا و أنت .
منذ أن عادت لي قبل أسبوعين عدت عشرين عاما للوراء ، عادت لي بكارة المشاعر وفورتها وتأججها ، نفضت أمنياتي المطمورة تحت التراب ، فعادت لامعة براقة . أتراها ستصدقني إن قلت لها أنها لم تفارقني وأنها رفيقة رحلة العمر حتى هذه اللحظة ، وأنني أطلعتها على دقائق حياتي كلها ؟
ستصدقني إذا قلت لها أنها رفيقة رحلة البحر شبه اليومية وأني اعتدت ألا تشرق الشمس إلا على ابتسامتها ؟ نظر للشمس أمامه وابتسم ، قلب عينيه في الطريق ، لمح لوحة المسافات وهمس باقي عن لقاء أميرة خمسون كيلومترا ثم مدخل القاهرة العصيب . هوني أيتها الكيلومترات حتى أجدني في حضرتها . ترى ماذا ستقول حين تراني ، لم أعد ذلك الفتى الرشيق الذي عرفته أيام الجامعة ، تبا لهذا الكرش اللعين الذي شوه منظري . حبها الذي غمرني ولهفتها حين عرفتني من خلال الفيس بوك بعد كل تلك السنوات تطمئنني على قبولها لي . ثم هي بالتأكيد قلبت في صوري طويلا وعرفت شكلي الآن . حينما ألتقيها سيكون سؤالي الأول لها عن زواجها من إسماعيل عبد الظاهر كيف تم ؟ وهو الذي أقنعني بعدم الارتباط بها وأن فقري الشديد عائق دون الارتباط بفتاة ثرية. كونها وافقت على مقابلتي ؛ لا بل هي التي دعتني لهذا اللقاء, وهي ما زالت زوجة له يدل على أنها ليست سعيدة رغم ظهورهم في الصورة كأسرة ترفل في السعادة.
دق هاتفه ، جاء صوتها الرخيم يخبره أنها وصلت توا للكافيه وتنتظره ، تهلل وجهه الأبيض المستدير وهو يخبرها أنه على وشك الوصول إليها ثم قال لها: تفقدي قلبك حبيبتي هل ثارت دقاته كقلبي الآن ؟
بصوت محشو بالسعادة قالت: ثورته أكثر حماسا وضجة من ثورتك ،
كانت الإشارات قاسية جدا معه, فهؤلاء الذين ينظمونها لم يشعروا به, ربما لم يعيشوا قصة حب رائعة كقصته, أخيرا انطلق واقترب من تلك الجنة التي اختُصرت في تلك البقعة التي اخضرت وأزهرت بوجود أميرة فيها .
لن أتفاجأ بصورتها فالمفاجأة كانت من أسبوعين حينما أرسلت لي صورتها عبر الماسنجر مع زوجها وولديها ، هي نفسها أميرة الجميلة الرشيقة الفاتنة بل ربما زادت جمالا وإغراء عن السابق . المفاجأة ستكون أني سألمس يدها ، سأشعر بأنفاسها ، سأَلقى الروح العذبة والحضور البهي .
دخلت الكافيه وتجولت عيني بالمكان ، لمحتها هناك عند النافذة جالسة تتابع الداخلين من الباب تلبس فستانا أسود عاري الذراعين يكشف عن الساقين الرخاميتين، شعرها الليلكي منسدل على ظهرها. لمحتني قفزت من مقعدها وأشارت لي بفرحة أضاءت وجهها فجئتها طائرا, كان فرضا أن تكون كفارة الفراق العناق، دخلت حضني كعصفور بلله المطر، قبلتها وقبلتني طويلا، تلاشى كل ما حولنا ولم يتبق إلا هذه الدائرة التي جمعتنا .
أخيرا جلسنا وتركنا العيون تتكلم طويلا وتركنا يدينا متعانقتين لم نقو على فكهما من بعضهما , تأملتها ...وجدت أن الصورة تظلمها كثيرا فهي أجمل وأصغر من تلك التي في الصورة, هنيئا لهذا الفستان الأسود التصاقه بها, حسدته كثيرا.
كان أول كلامها سؤال : لِمَ لَمْ تأت في الموعد الذي حددناه لأخذ قرار الزواج وترتيباته؟
وكان سؤالي الأهم كيف تم زواجك من اسماعيل عبد الظاهر؟
كنت فقيرا جدا لا أستطيع أن أدعوكِ حتى للغداء في مطعم محترم ، وأنا أستعد للمجيء في موعدك قلت لنفسى : بأي شيء ستدخل على تلك العائلة الأرستقراطية يا ابن الخفير الفقير؟
أما أنا فانتظرتك طويلا في الميعاد ثم عدت كسيرة كاسفة البال نادمة على معرفتك وقد خذلتني وقد عاندت فيك أهلي. بعده تقدم اسماعيل لأخي ليخطبني وقد مكنّه أخي من العمل معه في شركته وتمت الموافقة وبعد زواجنا أهلته مهاراته أن يصبح من الكوادر المهمة في الشركة ، ثم استطاع أن يؤسس شركة خاصة به وهو الآن من رجال الأعمال المعدودين في البلد .
لن أقول لك أن حياتي تعيسة, لكنها أيضا ليست سعيدة, ربما لن تصدقني إذا قلت أني ما نسيتك أبدا, و أني أخيرا دخلت لحسابك بعد أن بحثت عنه بكافة الطرق حتي طالعتني صورتك ذات ليلة
ضحك وقال : وراسلتني علي أنك امرأة لا تعرفني .
وبابتسامة قالت: وظللت أحدثك أسبوعين ولم تعرفني, حتي جاء سؤالي لك.... لم تركت أميرة ولم تذهب لموعدها ؟
قضينا يوما لا يخضع لقوانين الزمان كأن الأيام لم تفرقنا وكأننا نكمل ما أنهيناه أمس من حديث . عاد لضحكتنا صفاؤها ، عدنا فتى وفتاة خليَّا البال ، قلت لها: إن المدهش في قصتنا أن نزداد حبا رغم البعد.. المدهش أن أصحبك معي في كل مكان .. المدهش أن تكوني رفيقتي الدائمة في رحلتي للبحر.. أنك حين دخلت قلبي أغلقت خلفك بالمفتاح ورميت به في بئر بلا قرار فلم تستطع امرأة بعدك أن تدخله .
بابتسامة راعشة مختلجة قالت: أريد أن أطوي أصابعك الخمسة لأقول كفى فراق كفى فراقا كفى كفى كفى .
أمسكت بيدها وفرقت أصابعها وقلت وددت لو أني حملتك معي، وددت وددت وددت وددت .
وبدأت قوانين الزمان تسري وأقبل الليل ورن هاتفها ففهمت أنه ابنها يسأل عن عودتها ، شعرت بقلقها ، استأذنت بعينيها أن تغادر ، وقفنا وودعتها ، أما هي فقالت لي ونحن نغادر: عشت أحلم بهذا اللقاء وأتخيله طويلا ، منحنا الزمان لمحة سعادة لكنه لم يكن كريما جدا فكل منا سيذهب في طريقه .