تطيرُ الحمامة، في الوشم على زند السّجين!
في الوشم، أيضا، سفينة و بحر و شمس
لكن.. كيف الوصولْ
ولا موانئ إلّا في الحكايات القديمة؟!
جثّة الرّجل الغريب
كانت معلّقة على الجدار بجوار معطفه الطّويل
وتحدّقُ
في لوحة السّجين على الجدار المقابل
بينما الحكاية، كلّها، كانت على الطّاولة!
تقول الحكاية:
كما كلّ الغرباء، كان يعود آخر اللّيل
ثملا؛ تسنده وحدته
ومُلطّخا بما استفرغه من ظلال؛
ظلال كانت تترصّد له
خلف الكؤوس
و تطارده في كلّ ذاكرته!
وكما كلّ الغرباء،
كان يغسل عن وجهه وجهه السّعيد
ثمّ
يذهب لينام، على الأريكة الوحيدة، بجانب حزنه الشّاذ!
كان حزنه لا ينام
حتّى يعود الغريب من يومه
ويطمئنّ أنّه، ككلّ ليلة، لن ينام سعيدا!
ترفرف الحمامة، في الوشم على زند السّجين
بينما المعطف الطّويل
كان يتقاسم سيجارة أخيرة مع جثّة الرّجل الغريب
ويُدندن أغنية باردة...
تقول الحكاية:
لا بحر كان في الغرفة
لكنّهم عثروا،
داخل حنجرة الرّجل الغريب،
على أصداف كثيرة و قواقع
وعلى قصور كتلك التي يشيّدها الأطفال على الشّواطئ الرّمليّة
وعثروا، أيضا، على اسم امرأة مكتوبا على الرّملْ؛
اسم يتهجّؤه شاعر بأصابعه القصيرة
ولا أحد كان يدري
أكان الشّاعر يفعل ذلك و هو يبكي أم يبتسم؟!!
لا سفينة كانت في الغرفة
لكنّهم عثروا على الكثير من الألواح
وعلى بقايا صارية و أشرعة
على صدر الرّجل الغريب
وكان هناك بحّارة عالقون خلف ضلوع الرّجل الغريب
أقرّوا، جميعا، أنّهم كادوا أن يصلوا
إلى ميناء في حكاية قديمة
لكنّ عتمة غاضبة مزّقت كتاب الحكايات...
ولا شمس كانت في الغرفة
فما جفّف معطف الرّجل الغريب
من بُكاءاته الأخيرة؟!
تحطُّ الحمامة كأنّها لم تكُ في الوشم
فيصطادها قطّ،
جلبته رائحة جثّة الرّجل الغريب،
وينطّ بها من النّافذة!
يعانق المعطفُ الجثّة
ثمّ يقع عن الجدار
دون أن يعتذر للمسمار
بينما يراوغ السّجين الحارس و المفتاح
ولا يهرب من النّافذة الصّغيرة
لكنّه يسبح في البحر الموشوم على زنده
ويجتازُ الحدودَ
"جثّةً"...
هيثم الأمين
تونس
في الوشم، أيضا، سفينة و بحر و شمس
لكن.. كيف الوصولْ
ولا موانئ إلّا في الحكايات القديمة؟!
جثّة الرّجل الغريب
كانت معلّقة على الجدار بجوار معطفه الطّويل
وتحدّقُ
في لوحة السّجين على الجدار المقابل
بينما الحكاية، كلّها، كانت على الطّاولة!
تقول الحكاية:
كما كلّ الغرباء، كان يعود آخر اللّيل
ثملا؛ تسنده وحدته
ومُلطّخا بما استفرغه من ظلال؛
ظلال كانت تترصّد له
خلف الكؤوس
و تطارده في كلّ ذاكرته!
وكما كلّ الغرباء،
كان يغسل عن وجهه وجهه السّعيد
ثمّ
يذهب لينام، على الأريكة الوحيدة، بجانب حزنه الشّاذ!
كان حزنه لا ينام
حتّى يعود الغريب من يومه
ويطمئنّ أنّه، ككلّ ليلة، لن ينام سعيدا!
ترفرف الحمامة، في الوشم على زند السّجين
بينما المعطف الطّويل
كان يتقاسم سيجارة أخيرة مع جثّة الرّجل الغريب
ويُدندن أغنية باردة...
تقول الحكاية:
لا بحر كان في الغرفة
لكنّهم عثروا،
داخل حنجرة الرّجل الغريب،
على أصداف كثيرة و قواقع
وعلى قصور كتلك التي يشيّدها الأطفال على الشّواطئ الرّمليّة
وعثروا، أيضا، على اسم امرأة مكتوبا على الرّملْ؛
اسم يتهجّؤه شاعر بأصابعه القصيرة
ولا أحد كان يدري
أكان الشّاعر يفعل ذلك و هو يبكي أم يبتسم؟!!
لا سفينة كانت في الغرفة
لكنّهم عثروا على الكثير من الألواح
وعلى بقايا صارية و أشرعة
على صدر الرّجل الغريب
وكان هناك بحّارة عالقون خلف ضلوع الرّجل الغريب
أقرّوا، جميعا، أنّهم كادوا أن يصلوا
إلى ميناء في حكاية قديمة
لكنّ عتمة غاضبة مزّقت كتاب الحكايات...
ولا شمس كانت في الغرفة
فما جفّف معطف الرّجل الغريب
من بُكاءاته الأخيرة؟!
تحطُّ الحمامة كأنّها لم تكُ في الوشم
فيصطادها قطّ،
جلبته رائحة جثّة الرّجل الغريب،
وينطّ بها من النّافذة!
يعانق المعطفُ الجثّة
ثمّ يقع عن الجدار
دون أن يعتذر للمسمار
بينما يراوغ السّجين الحارس و المفتاح
ولا يهرب من النّافذة الصّغيرة
لكنّه يسبح في البحر الموشوم على زنده
ويجتازُ الحدودَ
"جثّةً"...
هيثم الأمين
تونس