فوز حمزة - دعوة ساتيفا..

في البقعة التي تلتقي عندها مياه بحر نورجا مع مياه بحر نورشا .. ثمةُ جزيرة تحيطها من إحدى الجهات أشجار البرقوق الأحمر الذي زادته أشعةُ الشمس توهجًا!
أشجار الصفصافِ، سِحر ظلالها الخضراء تميس مع الأنسام لتغوي الورد، فيمتلئ المكان بالعبير، الذي ينعش الأفئدة فتهيم الروح في الملكوت، بينما الشّلال الفضي الواقع على طرف الجزيرة الآخر، لم تتوقف يومًا مياهه عن التدفق والجريان.
أشجار الكرز بألوانها الرائعة كانت تحيط بالقصرِ ذوالشرفاتِ الكبيرة كأنها أجنحة للحوريات!.
كل شيء هادئ وساكن، مَنْ يجرؤ على أنْ يصدر صوتًا فيثير غضب ساتيفا ربة البحر؟!.
ذات صباح صيفي...
شيء ما حرك السكون، زعزع سلامَ الجزيرة فاختلط هديل الحمام مع زقزقة العصافير.
خرجتْ الأفاعي من جُحورها مذعورة، نفضتْ الأشجار أوراقها ارتجافًا. صوتٌ غريب حملته الأمواج القادمة من بعيد ، صوت أثار الحزن لدى سكان الجزيرة ولم يكن أحد من قبل قد ألِفَ هذا الشعور.
أسراب النوارس البيضاء طارت نحو الشّرفة بعد أن لمحتْ ربتها تشير إليها بالقدوم. انحنتْ قبل أن تقول:
- غفرانكِ مولاتنا ساتيفا!
وقبل أن تكمل الطيور حديثها .. أمرتهم ربتهم بإحضار من عصى أوامرها واخترق القوانين.
اندهش كل من كان على الجزيرة، إذ لم يسبق لهم أن رأوا مخلوقًا يمشي على قدمين، يدير رقبته في أنحاء المكان مستغربًا هو الآخر مما يراه.
إشفاقهم عليه كان كبيرًا حين تذكروا ما ينتظره من عقاب .. اندهاش الربة ساتيفا كان أكبر حين وقع بصرها عليه، لم تنتظر طويلاً قبل أن تساله:
- مَنْ أنتَ؟!
أجابها:
- لا أدري!
- كيف وصلتْ إلى هذه الأرض؟!
ـ لا أدري!
ـ ما هذا الذي تحمله بين يديك؟
- نايًا، أعزف عليه ألحان أشجار ودعتْ الحياة. وبدأ يعزف عليه والكل مصغ إليه.
قبل هذه اللحظة، لم تكن ساتيفا قد عرفت من قبل مشاعر الحيرة، هذا المخلوق القادم من عتبات الزمن ولد لديها شيئًا لم تعرف ما هو، اقتربت منه ..
أصاب الخدر جسدها حينما استنشقتْ عطره فانتشت روحها، أبصرت خيوطًا تحيطُ بهذا الكائن الغامض، هالة من نور تمتد إليها، تحيط بها وتأسرها!.
نظراته أذابت الجليد لينبت بدلاً عنه زهرًا يبوح بالندى والحب، تمكن من قلبها، عزف على أوتاره أعذب لحن فتمكن العشق منها وراح الموج يرقص في هدوء ناعس.
لأول مرة، تتذوق ساتيفا وهي مطبقة الأجفان طعم الحلْم!
ما لبثتْ حتى تزوجتْ ربّة البحار هذا المخلوق العجيب .. فأنجبا إنسان.
#فوز_حمزة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...