أتيت إلىَّ ...حزينة غاضبة !!
- لما تعاملنى بهذه القسوة ؟
- لم تحدث منى لك أى إساءة ، بل إننى أعاملك مثلما أعامل أى شخص فى المجلة .
- وهل أنا مثل أى شخص ؟!
- أنت التى حددت طبيعة العلاقة بينى وبينك .
- قلت لك لنكن أصدقاء .
- أه ...أصدقاء ، كيف ؟
- الصداقة الحقيقية شئ سامى رفيع ، كيف لشخص مثلك أن لا يدرك قيمته .
- إذن أنت لا تستطيعي أن تحيي بدون صداقتى .
- أنت تمثل قيمة حقيقية فى حياتى ، من الصعب أن أتخلى عنها .
- كأخ مثلاً أو حتى أب..أليس كذلك ؟!
- يبدو أنك تسخر منى .
- بل يبدو أنك أنت التى تسخرين منى ..مريم أرجوكى أخرجى من حياتى ، دعينى لحالى ،لنفسى التى مزقتها ألاف القطع ، لعلى أفلح يوماً فى جمعها .
- ماذا بينك وبين زيزى ؟
- سؤال مدهش من امرأة تدعى أنها صديقة أو حتى أخت.
- أرجوك قل لى ،إننى منذ شاهدتك وأنت تقبلها وأنا ...أنا...
ولم تستطيعى أن تكملى بقية الجملة التى تعثرت بقية كلماتها بين شفتيك .
- وأنت ماذا ؟!
- لا شئ .
- هل تغارين علىَّ ؟!
- ماذا ؟ ...أرجوك لا تفهمنى خطأ .
- لم تعد هناك حدود واضحة بين الخطأ والصواب .
عن أى خطأ أنت تتحدث ؟-
- الخطأ الفادح الذى أنت غارقة فيه .
- هو كونى أحبك ...أليس كذلك ؟!
- منذ متى صار حبك لى خطأً فادحاً ، بل الخطأ الحقيقى هو كونك تنسين أنك مصرية سكندرية.
. بل أنا فلسطينية العقل والقلب -
- هل نسيت نشأتك بين أحضان هذا البلد ؟ هل نسيت نصفك المصرى ؟
. - من حقك أن تقدر بلدك أو حتى تعشقها ، ولكن لاداعى للتعصب أو المبالغة
. لا تحسبى أن حبى سيجعلنى انحاز إليك حتى أنكر وطنى أو ماضيه المشرف -
. إذا كنت أنا حبيبتك بالفعل كما تدعى فأنا وطنك الحقيقى -
- لا أدرى كيف وصلت بنا إلى هذه النقطة التى تضعين فيها مصر فى كفة وحبك لى فى الكفة الآخرى.
- ماذا قدمت مصر لنا بل لك أنت ؟
- كيف تناسيت كل ما تكبدته مصر وكل ما قدمته من تضحيات دون انتظار لأى مقابل مادى ؟
لقد تخرج فى جامعة القاهرة وحدها أكثر من مليون طالب عربى .
. لقد قبضتم ثمن هذا من رسوم دراسية وخلافه -
- أية رسوم ؟...مصر لم تقبض من أى طالب علم مليماً واحداً ، بل إنها كانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل أبنائها من المصريين .
مصر راعية كل حركات التحرر العربى ، مصر شعلة التنوير فى المنطقة أدباً وصحافةً ومسرحاً وفى كل فن من الفنون بل وفى القانون والدراسات الإسلامية ، هل تنسين دور الأزهر العظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى ؟
هل تنسيين مدرسين اللغة العربية الذين ملاؤا الدول العربية المستعمرة حفاظاً على لغة القرآن ، وذلك بدون أى مقابل ؟
كيف تنسين مصر رائدة مشروع القومية العربية ؟
!! هذا المشروع الذى انكسر فى 67 -
- من الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك ، بل يشفع لها أنها كانت تحمل الارادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة ، وهى التى أعادت بناء جيشها فى ست سنوات وبضعة أشهر ، لتحقق النصر الوحيد على بنى صهيون فى العصر الحديث ، مصر تمرض ولكنها لا تموت إن اعتلت اعتل العالم العربى كله ، ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت ، فقد تكررت مرتين فى العصر الحديث ، وفى إحداها وئدت المأساة فى مهدها بتهديد حازم من مصر وذلك عندما كانت فى أوج صحتها ، ولكن فى المرة الثانية أنت تعلمين جيداً كم تكلف العالم العربى جراء رعونة صدام حسين وغزوه لدولة الكويت.
. أنت تكره صدام حسين -
. وإن كنت لم أحبه يوماً ، لكننى بكيته -
؟! لاتحبه ولكنك بكيته ، ألا ترى أن هذا لغز محير -
- بكيته ليس لأن الأوغاد قتلوه فى صبيحة عيد الأضحى ، وليس لأنه مات بطلاً شامخاً ولكننى بكيته فى اللحظة التى شاهد فيها العالم كله مأساة رجل صار رغماً عن أنوفنا رمزاً لنا.
- هل تظن أن مصر بمأمن من شر الصهيونية ...إنكم أول المهددين .. العديد من الحروب هى نتاج التوسعية العدوانية وممارسات إسرائيل الوحشية ، حرب 1948 ،1967،1973 ، غزو لبنان ..ضم الضفة الغربية والجولان وجنوب لبنان لإثبات أن مشروعهم القديم ( من النيل للفرات) ليس وهماً .
حتى عندما قمتم بتأميم قناة السويس ،هذه كانت فرصة جديدة لهم للتوسع ،حينها تحالفوا مع الإنجليز والفرنسيين فى العدوان على مصر ،للإستيلاء على سيناء.
لكنهم فى النهاية باءوا بالفشل . -
- بل توقفوا حينها بجهد مشترك أمريكى روسى ، حرب 67 كانت قفزة جديدة للأمام باحتلال سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية والقدس ، الأكثر من هذا إن شارون عندما عين وزيراً للدفاع فى الثمانينات رأى أن منطقة النفوذ العسكرى يجب أن تمتد إلى ما وراء العالم العربى لتضم تركيا وإيران وباكستان ثم تستطيل لإفريقيا الوسطى والشمالية ، حتى إنه أعلن أن إسرائيل هى القوة العسكرية الرابعة فى العالم.
- مجرد أحلام واهية و محاولات فاشلة منهم لتطبيق عبارة سفر يشوع ( كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته).
بعد أن تماثلت زيزى للشفاء ، جاءتنى بيتى فى زيارة غير متوقعة !!
- جئت كى أشكرك .
- على ماذا ؟
- أنقذت حياتى ، وتقول على ماذا ؟!
- اشكرى دكتورسامى... هو من أنقذ حياتك .
- ولكنك دفعت من جيبك مبلغاً كبيراً لحساب المستشفى .
- المال يأتى ويذهب ، بسيطة ، لا عليك .
- هذا دين على سأرده لك فى أقرب فرصة ، ولكن ما لا أستطيع رده هو انقاذك لسمعتى وشرفى .
- أنا لم أفعل أى شئ .
- لقد أقنعت الجميع بأنك زوجى ، إنه جميل سيطوق عنقى مهما حييت .
- الأصدقاء لبعضهم فى وقت الشدة .
- ما فعلته معى فاق قدرتى على التصور ، أنا لا أصدق أنه لازال هناك رجال مثلك !!...إنك حتى لم تسألنى من هو والد هذا الجنين الذى فى أحشائى !!
نظرت إلى زيزى فى دهشة :
- ألم يمت هذا الجنين ؟
- حمداً لله لقد كتب له عمر جديد .
- لماذا تتمسكين به ، وقد كان الأولى أن تتخلصي منه ؟!
أخبرتنى زيزى بمفاجأة مذهلة ، والد الجنين هو أدهم ، الذى تزوجها سراًعرفياً منذ بضعة سنوات ، وقد حملت زيزى منه من قبل عدة مرات ، وقامت باجهاض نفسها حتى لا ينفضح أمرهما ، ولكن فى هذه المرة ، أخبرها الأطباء بأنها فرصتها الأخيرة لأن تصبح أم ، وأمام إصرار زيزى على عدم اجهاض جنينها ، لم يكن أمام أدهم سوى استخدام العنف معها ، حتى لو كلفه ذلك حياتها .
صحت بها :
- كيف ارتضيت أن تضعى نفسك فى هذا الوضع المهين ؟
- أنا متزوجه على سنة الله ورسوله .
- زواج سرى !!
- زواج عرفى ...عقد عرفى يا عمر .
- بل هذا عقد مقنن لممارسة الدعارة ، ليس هناك زواجاً سرياً .... أهم ركن فى الزواج هو الإشهار .
- عمر ...لطفاً بى ...أنا لست أول من تزوج عرفياً ، ولا حتى أخرهم .
- كيف نسيت الأستاذ أحمد ،والدك ؟!
- ربما كان السبب .
- كيف تسمحين لنفسك بأخذ رجل من زوجته ؟
- أرجوك اهدأ قليلاً ...إنك لا تعلم أى شئ عن أحوالنا ، من أين لى بالمال الذى يكفى لعلاج أبى المريض ؟!
- والدك كان موظفاً كبيراً بإحدى الهيئات الحكومية ، على حد علمى لقد أحيل للمعاش بدرجة وكيل وزارة.
- موظفاً كبيراً نعم ولكنه لم يكن لصاً كبيراً ، هل تعرف كم تبلغ مصاريف علاج المصاب بفيرس سى ، أتدرى كم ثمن الحقنة الواحدة ؟!!
- ولكن أقل شئ يمكن أن يقدم لهذا الرجل المحترم ، هو أن تعالجه الدوله .
- يبدو أنك لا تعلم أى شىء عن التأمين الصحى .
- إنها مهزلة بكل المقاييس ، أن يفنى الرجل عمره لخدمة بلده شريفاً عفيفاً ثم يتسول بعد ذلك ثمن علاجه .
- عمر أعتقد أن زواجى بعقد عرفى من صديقك ، أفضل من تحولى إلى مجرد عشيقة أو خليلة ، أو كما قلت أنت أفضل من أن أتسول لجمع الألاف من الجنيهات لعلاج أبى .
- الأمر لا يختلف كثيراً ، فى كل الأحوال أنت أهدرت كرامتك .
- من الواضح أننا لن نتفق ، ولكننى أعذرك ، مفهومى الخاص عن الكرامة ، مفهوم آخر مغاير ، يختلف كثيراً عن مفهومك أنت ، وكل من يولدون وفى فمهم ملعقة من ذهب .
- ومن قال لك أننى ولدت وفى فمى ملعقى من ذهب ؟!
أنا من أسرة متوسطة ، والدى كان موظفاً بسيطاً ، فى إحدى المؤسسات الحكومية ، ووالدتى ربة منزل ،كنت أنا وحيدهما ، الذى أفنيا حياتهما فى رعايته وتعليمه ، لاتحسبى أننا فى رحلة الحياة ، لم نمر بصعاب ومشاكل كثيرة شأننا شأن معظم المصريين، ولكنها الارادة والصبر ، ما وصلت إليه اليوم من نجاح، وشهرة ، لم يكن سوى حصيلة شقاء وتعب سنوات طوال .
- أستاذ عمر أنا أدرى الناس ،برحلة كفاحك المشرفة ،ولكنى لا أعنيك أنت تحديداً.
- زيزى .... ما ذنب علياء زوجة أدهم ؟
- بصرف النظر عن حق أدهم فى الزواج بأكثر من امرأة ، وقدرته على أن يعول أكثر من أسرة ، وهذا ما حلله الشرع ، إلا أن علياء امرأة متعجرفة ، متسلطة ، حاول أدهم معها كثيراً ، إلا أنها كانت تتحول من سئ إلى أسوأ ....
إذا استحالت العشرة بين الرجل وامرأته أليس من حقه عندئذ أن يتزوج آخرى ؟
- ولكنك لا تستحقي هذا الوضع المشين .
- حينما بدأت فى بيع قطع أثاث البيت قطعة أثر أخرى ، حتى كادت تنفد ، لم يكن أمامى وقتها أن أملك حتى رفاهية الاختيار .
نظرت إلى زيزى فى ضيق ثم سألتها :
- ما مصير الطفل الذى تحمله أحشائك ؟ خاصة وأن أدهم لن يعترف به .
- لكن لماذا ؟... لماذا لا يعترف به ؟
- هذا صديقى وأنا وأنت نعرفانه جيداً ...ألم يطلب منك إجهاضه ، ولما رفضت حاول معك بالعنف ؟!
- كلماتك هذه ، تحملنى وزر تمسكى بالحفاظ على جنينى ،هل كنت تريدنى أن أتنازل عن
فرصتى الأخيرة فى أن أكون أماً ؟؟
لم أحسب قط أنك بهذه القسوة!!
. حين يولد هذا الطفل ويواجه المجتمع ، عندئذ ستدركين فقط كم جنيت على نفسك ونفسه –
أمام اصرار أدهم على المضى فى نفس المنعطف الذى يمضى به ممدوح لم يكن هناك أمامى من بد سوى مغادرة المجلة ،قبل أن أرحل كتبت أخر مقالاتى وكان ....
لابد أن نفكر ...
فكروا ألف مرة ...حكموا عقولكم .... البقرة وقعت وكثرت سكاكينها ... البقرة تموت فهل من منقذ لها سوانا !!!؟
لا تخلطوا الدين بالضلال ... لا تدعوا أنكم على اتصال بملائكة الله الذين يخبرونكم بأهل الجنة وأهل النار ....دعوا أهل الخبرة يعملون ....ستدفعون ثمنا فادحاً لاستهتاركم .
من لا يفهم عليه أن لا يتصدر الصفوف .
عليه أن يخجل من نفسه ويعترف بجهله، ثم يترك عناده وغبائه ويسلم الراية لأهل العلم والخبرة .
***
بعد مضى عدة أيام من الجلوس فى المنزل،ذهبت إلى مقر قناة ليلى ،التى أحسنت مقابلتى ورحبت بى أيم ترحيب ..
- أهلاً مدير قناتى الجديد .
- عفواً.... بل رئيس مجلس إدارة القناة .
- يا سيدى أنت رئيس مجلس إدارة الدنيا كلها ، ولكن أنا ماذا سيكون وضعى ؟
- إنت مالكة القناة .
- فقط مالكة القناة ؟!
- ولن يتعدى دورك سوى ...
- سوى ماذا؟
اعترضت على أشياء كثيرة ، غاليت كثيراً فى أجرى ، وضعت لها قائمة بالأسماء التى أريد استبعادها من القناة وآخرى بالتى أريد ضمهم إليها ، من مذيعيين وفنيين و معدين ومخرجين بل وعمال وإداريين ، وطلبت منها عدم التدخل فى أى شئ يتعلق بالقناة سواء كان مادياً أو فنياً أو إدارياً ، العجيب أنها وافقت وأنا فى الحقيقة كنت أتعمد إثارتها ، وكأننى أدفعها دفعاً لرفض مطالبى بل لرفضى أنا شخصياً ، ولكنها وللغرابة الشديدة قبلت كل مطالبى ، ولم يكن هناك أمامى من بد سوى أن أبدأ فى مزاولة مهامى الجديدة .
- لما تعاملنى بهذه القسوة ؟
- لم تحدث منى لك أى إساءة ، بل إننى أعاملك مثلما أعامل أى شخص فى المجلة .
- وهل أنا مثل أى شخص ؟!
- أنت التى حددت طبيعة العلاقة بينى وبينك .
- قلت لك لنكن أصدقاء .
- أه ...أصدقاء ، كيف ؟
- الصداقة الحقيقية شئ سامى رفيع ، كيف لشخص مثلك أن لا يدرك قيمته .
- إذن أنت لا تستطيعي أن تحيي بدون صداقتى .
- أنت تمثل قيمة حقيقية فى حياتى ، من الصعب أن أتخلى عنها .
- كأخ مثلاً أو حتى أب..أليس كذلك ؟!
- يبدو أنك تسخر منى .
- بل يبدو أنك أنت التى تسخرين منى ..مريم أرجوكى أخرجى من حياتى ، دعينى لحالى ،لنفسى التى مزقتها ألاف القطع ، لعلى أفلح يوماً فى جمعها .
- ماذا بينك وبين زيزى ؟
- سؤال مدهش من امرأة تدعى أنها صديقة أو حتى أخت.
- أرجوك قل لى ،إننى منذ شاهدتك وأنت تقبلها وأنا ...أنا...
ولم تستطيعى أن تكملى بقية الجملة التى تعثرت بقية كلماتها بين شفتيك .
- وأنت ماذا ؟!
- لا شئ .
- هل تغارين علىَّ ؟!
- ماذا ؟ ...أرجوك لا تفهمنى خطأ .
- لم تعد هناك حدود واضحة بين الخطأ والصواب .
عن أى خطأ أنت تتحدث ؟-
- الخطأ الفادح الذى أنت غارقة فيه .
- هو كونى أحبك ...أليس كذلك ؟!
- منذ متى صار حبك لى خطأً فادحاً ، بل الخطأ الحقيقى هو كونك تنسين أنك مصرية سكندرية.
. بل أنا فلسطينية العقل والقلب -
- هل نسيت نشأتك بين أحضان هذا البلد ؟ هل نسيت نصفك المصرى ؟
. - من حقك أن تقدر بلدك أو حتى تعشقها ، ولكن لاداعى للتعصب أو المبالغة
. لا تحسبى أن حبى سيجعلنى انحاز إليك حتى أنكر وطنى أو ماضيه المشرف -
. إذا كنت أنا حبيبتك بالفعل كما تدعى فأنا وطنك الحقيقى -
- لا أدرى كيف وصلت بنا إلى هذه النقطة التى تضعين فيها مصر فى كفة وحبك لى فى الكفة الآخرى.
- ماذا قدمت مصر لنا بل لك أنت ؟
- كيف تناسيت كل ما تكبدته مصر وكل ما قدمته من تضحيات دون انتظار لأى مقابل مادى ؟
لقد تخرج فى جامعة القاهرة وحدها أكثر من مليون طالب عربى .
. لقد قبضتم ثمن هذا من رسوم دراسية وخلافه -
- أية رسوم ؟...مصر لم تقبض من أى طالب علم مليماً واحداً ، بل إنها كانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل أبنائها من المصريين .
مصر راعية كل حركات التحرر العربى ، مصر شعلة التنوير فى المنطقة أدباً وصحافةً ومسرحاً وفى كل فن من الفنون بل وفى القانون والدراسات الإسلامية ، هل تنسين دور الأزهر العظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى ؟
هل تنسيين مدرسين اللغة العربية الذين ملاؤا الدول العربية المستعمرة حفاظاً على لغة القرآن ، وذلك بدون أى مقابل ؟
كيف تنسين مصر رائدة مشروع القومية العربية ؟
!! هذا المشروع الذى انكسر فى 67 -
- من الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك ، بل يشفع لها أنها كانت تحمل الارادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة ، وهى التى أعادت بناء جيشها فى ست سنوات وبضعة أشهر ، لتحقق النصر الوحيد على بنى صهيون فى العصر الحديث ، مصر تمرض ولكنها لا تموت إن اعتلت اعتل العالم العربى كله ، ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت ، فقد تكررت مرتين فى العصر الحديث ، وفى إحداها وئدت المأساة فى مهدها بتهديد حازم من مصر وذلك عندما كانت فى أوج صحتها ، ولكن فى المرة الثانية أنت تعلمين جيداً كم تكلف العالم العربى جراء رعونة صدام حسين وغزوه لدولة الكويت.
. أنت تكره صدام حسين -
. وإن كنت لم أحبه يوماً ، لكننى بكيته -
؟! لاتحبه ولكنك بكيته ، ألا ترى أن هذا لغز محير -
- بكيته ليس لأن الأوغاد قتلوه فى صبيحة عيد الأضحى ، وليس لأنه مات بطلاً شامخاً ولكننى بكيته فى اللحظة التى شاهد فيها العالم كله مأساة رجل صار رغماً عن أنوفنا رمزاً لنا.
- هل تظن أن مصر بمأمن من شر الصهيونية ...إنكم أول المهددين .. العديد من الحروب هى نتاج التوسعية العدوانية وممارسات إسرائيل الوحشية ، حرب 1948 ،1967،1973 ، غزو لبنان ..ضم الضفة الغربية والجولان وجنوب لبنان لإثبات أن مشروعهم القديم ( من النيل للفرات) ليس وهماً .
حتى عندما قمتم بتأميم قناة السويس ،هذه كانت فرصة جديدة لهم للتوسع ،حينها تحالفوا مع الإنجليز والفرنسيين فى العدوان على مصر ،للإستيلاء على سيناء.
لكنهم فى النهاية باءوا بالفشل . -
- بل توقفوا حينها بجهد مشترك أمريكى روسى ، حرب 67 كانت قفزة جديدة للأمام باحتلال سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية والقدس ، الأكثر من هذا إن شارون عندما عين وزيراً للدفاع فى الثمانينات رأى أن منطقة النفوذ العسكرى يجب أن تمتد إلى ما وراء العالم العربى لتضم تركيا وإيران وباكستان ثم تستطيل لإفريقيا الوسطى والشمالية ، حتى إنه أعلن أن إسرائيل هى القوة العسكرية الرابعة فى العالم.
- مجرد أحلام واهية و محاولات فاشلة منهم لتطبيق عبارة سفر يشوع ( كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته).
بعد أن تماثلت زيزى للشفاء ، جاءتنى بيتى فى زيارة غير متوقعة !!
- جئت كى أشكرك .
- على ماذا ؟
- أنقذت حياتى ، وتقول على ماذا ؟!
- اشكرى دكتورسامى... هو من أنقذ حياتك .
- ولكنك دفعت من جيبك مبلغاً كبيراً لحساب المستشفى .
- المال يأتى ويذهب ، بسيطة ، لا عليك .
- هذا دين على سأرده لك فى أقرب فرصة ، ولكن ما لا أستطيع رده هو انقاذك لسمعتى وشرفى .
- أنا لم أفعل أى شئ .
- لقد أقنعت الجميع بأنك زوجى ، إنه جميل سيطوق عنقى مهما حييت .
- الأصدقاء لبعضهم فى وقت الشدة .
- ما فعلته معى فاق قدرتى على التصور ، أنا لا أصدق أنه لازال هناك رجال مثلك !!...إنك حتى لم تسألنى من هو والد هذا الجنين الذى فى أحشائى !!
نظرت إلى زيزى فى دهشة :
- ألم يمت هذا الجنين ؟
- حمداً لله لقد كتب له عمر جديد .
- لماذا تتمسكين به ، وقد كان الأولى أن تتخلصي منه ؟!
أخبرتنى زيزى بمفاجأة مذهلة ، والد الجنين هو أدهم ، الذى تزوجها سراًعرفياً منذ بضعة سنوات ، وقد حملت زيزى منه من قبل عدة مرات ، وقامت باجهاض نفسها حتى لا ينفضح أمرهما ، ولكن فى هذه المرة ، أخبرها الأطباء بأنها فرصتها الأخيرة لأن تصبح أم ، وأمام إصرار زيزى على عدم اجهاض جنينها ، لم يكن أمام أدهم سوى استخدام العنف معها ، حتى لو كلفه ذلك حياتها .
صحت بها :
- كيف ارتضيت أن تضعى نفسك فى هذا الوضع المهين ؟
- أنا متزوجه على سنة الله ورسوله .
- زواج سرى !!
- زواج عرفى ...عقد عرفى يا عمر .
- بل هذا عقد مقنن لممارسة الدعارة ، ليس هناك زواجاً سرياً .... أهم ركن فى الزواج هو الإشهار .
- عمر ...لطفاً بى ...أنا لست أول من تزوج عرفياً ، ولا حتى أخرهم .
- كيف نسيت الأستاذ أحمد ،والدك ؟!
- ربما كان السبب .
- كيف تسمحين لنفسك بأخذ رجل من زوجته ؟
- أرجوك اهدأ قليلاً ...إنك لا تعلم أى شئ عن أحوالنا ، من أين لى بالمال الذى يكفى لعلاج أبى المريض ؟!
- والدك كان موظفاً كبيراً بإحدى الهيئات الحكومية ، على حد علمى لقد أحيل للمعاش بدرجة وكيل وزارة.
- موظفاً كبيراً نعم ولكنه لم يكن لصاً كبيراً ، هل تعرف كم تبلغ مصاريف علاج المصاب بفيرس سى ، أتدرى كم ثمن الحقنة الواحدة ؟!!
- ولكن أقل شئ يمكن أن يقدم لهذا الرجل المحترم ، هو أن تعالجه الدوله .
- يبدو أنك لا تعلم أى شىء عن التأمين الصحى .
- إنها مهزلة بكل المقاييس ، أن يفنى الرجل عمره لخدمة بلده شريفاً عفيفاً ثم يتسول بعد ذلك ثمن علاجه .
- عمر أعتقد أن زواجى بعقد عرفى من صديقك ، أفضل من تحولى إلى مجرد عشيقة أو خليلة ، أو كما قلت أنت أفضل من أن أتسول لجمع الألاف من الجنيهات لعلاج أبى .
- الأمر لا يختلف كثيراً ، فى كل الأحوال أنت أهدرت كرامتك .
- من الواضح أننا لن نتفق ، ولكننى أعذرك ، مفهومى الخاص عن الكرامة ، مفهوم آخر مغاير ، يختلف كثيراً عن مفهومك أنت ، وكل من يولدون وفى فمهم ملعقة من ذهب .
- ومن قال لك أننى ولدت وفى فمى ملعقى من ذهب ؟!
أنا من أسرة متوسطة ، والدى كان موظفاً بسيطاً ، فى إحدى المؤسسات الحكومية ، ووالدتى ربة منزل ،كنت أنا وحيدهما ، الذى أفنيا حياتهما فى رعايته وتعليمه ، لاتحسبى أننا فى رحلة الحياة ، لم نمر بصعاب ومشاكل كثيرة شأننا شأن معظم المصريين، ولكنها الارادة والصبر ، ما وصلت إليه اليوم من نجاح، وشهرة ، لم يكن سوى حصيلة شقاء وتعب سنوات طوال .
- أستاذ عمر أنا أدرى الناس ،برحلة كفاحك المشرفة ،ولكنى لا أعنيك أنت تحديداً.
- زيزى .... ما ذنب علياء زوجة أدهم ؟
- بصرف النظر عن حق أدهم فى الزواج بأكثر من امرأة ، وقدرته على أن يعول أكثر من أسرة ، وهذا ما حلله الشرع ، إلا أن علياء امرأة متعجرفة ، متسلطة ، حاول أدهم معها كثيراً ، إلا أنها كانت تتحول من سئ إلى أسوأ ....
إذا استحالت العشرة بين الرجل وامرأته أليس من حقه عندئذ أن يتزوج آخرى ؟
- ولكنك لا تستحقي هذا الوضع المشين .
- حينما بدأت فى بيع قطع أثاث البيت قطعة أثر أخرى ، حتى كادت تنفد ، لم يكن أمامى وقتها أن أملك حتى رفاهية الاختيار .
نظرت إلى زيزى فى ضيق ثم سألتها :
- ما مصير الطفل الذى تحمله أحشائك ؟ خاصة وأن أدهم لن يعترف به .
- لكن لماذا ؟... لماذا لا يعترف به ؟
- هذا صديقى وأنا وأنت نعرفانه جيداً ...ألم يطلب منك إجهاضه ، ولما رفضت حاول معك بالعنف ؟!
- كلماتك هذه ، تحملنى وزر تمسكى بالحفاظ على جنينى ،هل كنت تريدنى أن أتنازل عن
فرصتى الأخيرة فى أن أكون أماً ؟؟
لم أحسب قط أنك بهذه القسوة!!
. حين يولد هذا الطفل ويواجه المجتمع ، عندئذ ستدركين فقط كم جنيت على نفسك ونفسه –
أمام اصرار أدهم على المضى فى نفس المنعطف الذى يمضى به ممدوح لم يكن هناك أمامى من بد سوى مغادرة المجلة ،قبل أن أرحل كتبت أخر مقالاتى وكان ....
لابد أن نفكر ...
فكروا ألف مرة ...حكموا عقولكم .... البقرة وقعت وكثرت سكاكينها ... البقرة تموت فهل من منقذ لها سوانا !!!؟
لا تخلطوا الدين بالضلال ... لا تدعوا أنكم على اتصال بملائكة الله الذين يخبرونكم بأهل الجنة وأهل النار ....دعوا أهل الخبرة يعملون ....ستدفعون ثمنا فادحاً لاستهتاركم .
من لا يفهم عليه أن لا يتصدر الصفوف .
عليه أن يخجل من نفسه ويعترف بجهله، ثم يترك عناده وغبائه ويسلم الراية لأهل العلم والخبرة .
***
بعد مضى عدة أيام من الجلوس فى المنزل،ذهبت إلى مقر قناة ليلى ،التى أحسنت مقابلتى ورحبت بى أيم ترحيب ..
- أهلاً مدير قناتى الجديد .
- عفواً.... بل رئيس مجلس إدارة القناة .
- يا سيدى أنت رئيس مجلس إدارة الدنيا كلها ، ولكن أنا ماذا سيكون وضعى ؟
- إنت مالكة القناة .
- فقط مالكة القناة ؟!
- ولن يتعدى دورك سوى ...
- سوى ماذا؟
اعترضت على أشياء كثيرة ، غاليت كثيراً فى أجرى ، وضعت لها قائمة بالأسماء التى أريد استبعادها من القناة وآخرى بالتى أريد ضمهم إليها ، من مذيعيين وفنيين و معدين ومخرجين بل وعمال وإداريين ، وطلبت منها عدم التدخل فى أى شئ يتعلق بالقناة سواء كان مادياً أو فنياً أو إدارياً ، العجيب أنها وافقت وأنا فى الحقيقة كنت أتعمد إثارتها ، وكأننى أدفعها دفعاً لرفض مطالبى بل لرفضى أنا شخصياً ، ولكنها وللغرابة الشديدة قبلت كل مطالبى ، ولم يكن هناك أمامى من بد سوى أن أبدأ فى مزاولة مهامى الجديدة .