إنها ذكرى ميلادي الثامنة عشرة ، هذا ما تقوله الأوراق الحكومية ،لكنني أشعر أنه عامي الألف ، في كل قرن من تلك القرون أسجل كأقدم جسد بلا روح..
فتحت عيني ذلك الصباح ، لا شيء تغير وجوه من دون ملامح ، وأصوات من دون كلمات..
نهضت من سريري واتجهت نحو المطبخ ،كانت أمي هناك تحضر الفطور مطأطئة الرأس كعادتها، منهمكة في لف الرغيف بكل عناية ،تمنيت لو أنها تهتم بي كما تهتم لذلك الرغيف ،رغم أن مصيره في الأخير هو النار ،مع ذلك كنت اتمنى ان أعيش تلك اللحظات بين أيديها وتلمسني تلك الأيادي التي لم اعد أذكر ملمسها..
اقتربت منها ،فأنا عازمة على الا يمر هذا اليوم بطريقة عادية :
صباح الخير يا أمي !
أجابت : خدي الكؤوس وضعيها
على الطاولة..
تمالكت نفسي و كررت كلامي :
صباح الخير يا أمي !
تركت ما في يدها واخدت
الكؤوس ووضعتها على الطاولة كأنها تقول لست بحاجة اليك ،اغربي عن وجهي! رجعت أدراجي الى غرفتي ،ارتميت فوق السرير وحفرت وجهي فوق الوسادة ،كنت أصرخ من دون صوت ، يمر شريط حياتي أمام عيني بكل تفاصيله ،لكنه سريع جدا ،تتداخل فيه الأحداث وتتجمع لتشكل كرة كبيرة سوداء تضغط على أنفاسي ، اكاد أختنق !
عندما أرحل ستكثرون من قول
"كانت "، وستمتليء تجمعاتكم العائلية بالكثير من كلمات الأسى والشفقة ، وسأكون أنا في العالم الآخر ألعن تلك الأوقات التي كنت فيها بين أيديكم ، أتوسل إنسانيتكم، عندما احضر كأن غشاوة تحيط بأعينكم، فلا تعودون قادرين على رؤية هالة الألم التي اعيشها وحدي ..
أبي الذي لم يحضني يوما ،سيقول نفس" ال كانت " بكل حب وبكامل الحزن ،وامي التي لا ترفع رأسها من كثرة اعباء المنزل ،ستذرف الكثير من الدموع وستنعتني بفلذة كبدي ، وأخواتي اللواتي لا يعرفن حقا معنى الأخوة ، سيصبحن فجأة حكيمات ، يرددن "كانت" اللعينة ثم يطلقن العنان للكلمات التي تمنيت سماعها منهن ..
أيها الملاعين أنا هنا أراقبكم من الجحيم ، جحيم لا تسعر فيه نار ولا يوجد بها حطب ،هي فقط نار تنبث في داخلي ، وتحرق اوصالي ، أيها الملاعين الطيبون جدا عند الرحيل ، الحكماء عند الغياب ، كنت أمامكم لسنين عديدة أتضور جوع الإهتمام، لكنكم فضلتم ذاك الصمت المقيت ،الذي سيتحول يوما الى صديد يقفل حناجركم..
رأيتكم يدا بيد عند المدفن، متحدين ،قلوبكم كأنها قلب واحد باجسام مختلفة ، مشتركين في نفس الجريمة بنفس المقدار ، عالمي لا يفرق بينكم ،أنتم مجرد خليط من القسوة ..
أتذكر عندما ألقى بي ذلك الرجل داخل القبر ،استشعرت يدا أعرفها كانت اليد الأكثر قوة في الدفع ، فتحت عين لأرى الفاعل ، كنت أنت لا أحد غيرك "أبي" لم تشفق حتى على جثتي الجامدة كما كنت دوما ، شاركتم بكل حماس في القاء الأتربة على وجهي، كأنكم خائفين من أن أنهض وأبصق في وجوهكم، نعم انا أشعر بكل ذلك الخوف الذي بداخلكم..
في تلك الليلة قبل رحيلي ،قلت لكم أنني أفكر في الإنتحار ، أتذكر جيدا ضحكاتكم المستهزئة ، ضحكتم لدرجة البكاء، وصفعتم ألمي للمرة الأخيرة ، لن أخبركم بالسر الذي جعلني اقدم على ذلك الفعل ، فجميعكم يعلمه ، كنتم تراقبون تلك الأيادي وهي تتسلل إلى جسدي ، وتعبث بهويتي، أنتم كنت الشاهد على افضع الجرائم ،كنت أود قبل رحيلي أن تعلموا أنني لا أكثرت لذلك الجسد الذي صنعته ليلة قذرة بين اثنين من الشياطين ، كان همي الوحيد إنقاذ تلك الروح البريئة من كل الآثام ،وها قد فعلت ! أنا هنا في العالم الآخر ،في أمان تام ،أحاول التعافي ولملمت جروحي ، سأتوقف يوما عن لعنكم ،في ذلك اليوم سأنتقل إلى النعيم..
حيث النور ، حيث الأبد..
فتحت عيني ذلك الصباح ، لا شيء تغير وجوه من دون ملامح ، وأصوات من دون كلمات..
نهضت من سريري واتجهت نحو المطبخ ،كانت أمي هناك تحضر الفطور مطأطئة الرأس كعادتها، منهمكة في لف الرغيف بكل عناية ،تمنيت لو أنها تهتم بي كما تهتم لذلك الرغيف ،رغم أن مصيره في الأخير هو النار ،مع ذلك كنت اتمنى ان أعيش تلك اللحظات بين أيديها وتلمسني تلك الأيادي التي لم اعد أذكر ملمسها..
اقتربت منها ،فأنا عازمة على الا يمر هذا اليوم بطريقة عادية :
صباح الخير يا أمي !
أجابت : خدي الكؤوس وضعيها
على الطاولة..
تمالكت نفسي و كررت كلامي :
صباح الخير يا أمي !
تركت ما في يدها واخدت
الكؤوس ووضعتها على الطاولة كأنها تقول لست بحاجة اليك ،اغربي عن وجهي! رجعت أدراجي الى غرفتي ،ارتميت فوق السرير وحفرت وجهي فوق الوسادة ،كنت أصرخ من دون صوت ، يمر شريط حياتي أمام عيني بكل تفاصيله ،لكنه سريع جدا ،تتداخل فيه الأحداث وتتجمع لتشكل كرة كبيرة سوداء تضغط على أنفاسي ، اكاد أختنق !
عندما أرحل ستكثرون من قول
"كانت "، وستمتليء تجمعاتكم العائلية بالكثير من كلمات الأسى والشفقة ، وسأكون أنا في العالم الآخر ألعن تلك الأوقات التي كنت فيها بين أيديكم ، أتوسل إنسانيتكم، عندما احضر كأن غشاوة تحيط بأعينكم، فلا تعودون قادرين على رؤية هالة الألم التي اعيشها وحدي ..
أبي الذي لم يحضني يوما ،سيقول نفس" ال كانت " بكل حب وبكامل الحزن ،وامي التي لا ترفع رأسها من كثرة اعباء المنزل ،ستذرف الكثير من الدموع وستنعتني بفلذة كبدي ، وأخواتي اللواتي لا يعرفن حقا معنى الأخوة ، سيصبحن فجأة حكيمات ، يرددن "كانت" اللعينة ثم يطلقن العنان للكلمات التي تمنيت سماعها منهن ..
أيها الملاعين أنا هنا أراقبكم من الجحيم ، جحيم لا تسعر فيه نار ولا يوجد بها حطب ،هي فقط نار تنبث في داخلي ، وتحرق اوصالي ، أيها الملاعين الطيبون جدا عند الرحيل ، الحكماء عند الغياب ، كنت أمامكم لسنين عديدة أتضور جوع الإهتمام، لكنكم فضلتم ذاك الصمت المقيت ،الذي سيتحول يوما الى صديد يقفل حناجركم..
رأيتكم يدا بيد عند المدفن، متحدين ،قلوبكم كأنها قلب واحد باجسام مختلفة ، مشتركين في نفس الجريمة بنفس المقدار ، عالمي لا يفرق بينكم ،أنتم مجرد خليط من القسوة ..
أتذكر عندما ألقى بي ذلك الرجل داخل القبر ،استشعرت يدا أعرفها كانت اليد الأكثر قوة في الدفع ، فتحت عين لأرى الفاعل ، كنت أنت لا أحد غيرك "أبي" لم تشفق حتى على جثتي الجامدة كما كنت دوما ، شاركتم بكل حماس في القاء الأتربة على وجهي، كأنكم خائفين من أن أنهض وأبصق في وجوهكم، نعم انا أشعر بكل ذلك الخوف الذي بداخلكم..
في تلك الليلة قبل رحيلي ،قلت لكم أنني أفكر في الإنتحار ، أتذكر جيدا ضحكاتكم المستهزئة ، ضحكتم لدرجة البكاء، وصفعتم ألمي للمرة الأخيرة ، لن أخبركم بالسر الذي جعلني اقدم على ذلك الفعل ، فجميعكم يعلمه ، كنتم تراقبون تلك الأيادي وهي تتسلل إلى جسدي ، وتعبث بهويتي، أنتم كنت الشاهد على افضع الجرائم ،كنت أود قبل رحيلي أن تعلموا أنني لا أكثرت لذلك الجسد الذي صنعته ليلة قذرة بين اثنين من الشياطين ، كان همي الوحيد إنقاذ تلك الروح البريئة من كل الآثام ،وها قد فعلت ! أنا هنا في العالم الآخر ،في أمان تام ،أحاول التعافي ولملمت جروحي ، سأتوقف يوما عن لعنكم ،في ذلك اليوم سأنتقل إلى النعيم..
حيث النور ، حيث الأبد..