* ناصية الاغتراب..
كانَ إسمكِ صارية أيامي
أبحرتُ خلفَ أمواجِ دمي
وتوغَّلتُ في احتباس نزيفي
أرنو إلى عطشٍ يروي احتراقي
ناشدتُ شبابيكَ الظّلام
أترعتُ في صحارى المدى
وأنا أصفّقُ لشطآنِ النّضوب
عاشرتُ الموتَ ألفَ عامٍ
لأقترب
من بوّابةِ صمتكِ المهتوك
وحملتُ الجّحيمَ في بُحَّةِ شروقي
وصارَ السّرابُ يندبُ وقتي
أكلَ منّي التّراب خُطايَ
وانقضّت السّماء على حنجرتي
لتسرقَ منّي دروبي
يورقُ القهرُ في أورقةِ النّهار
والضّوء يتلظّى في غربته
والليلُ يأنفُ رائحةَ العشقِ
قلبٌ يزدردُ نبضهُ ويبكي
حلمٌ يرقدُ تحتَ رمادِ أوجاعي
أناديكِ عبرَ انكسار ظلالي
ياأنتِ ياصليلَ ضحكتي
ياوردةَ جنازتي المورقة
أقتاتُ على الموتِ
الصّاعد من سحركِ
وأحبُّكِ أكثرَ ممّا يتصوّر العدم
سأحفرُ على أخاديدِ السّديم
قصائد انتحاري العاثرات
وكانَ الرمادُ يورقُ من خاصرتي
لتشتهي سهوب لوعتي يباسكِ
وأنا أحبُّكِ حتّى تنطفئ
بي الدّروب
وأبقى عالقاً على ناصيةِ
الاغتراب *.
إسطنبول
* وجع الأشرعة..
يتهجّؤني بكائي
يقرأ صهيل انكساري
يتوغّلُ في أحراشِ حزني
ليطلقَ في دمي
حمائم الدّروب
مسافات تومئ لقلبي
ياوجع الأشرعة
ياألم الرؤيا
ياسحب الدّم
في فمِ الحنين
أبصرني العماءُ
وأنا أزدَردُ قهري
وأتوقُ لموتٍ صاخبٍ
يعجُّ بالأجنحةِ
أبكي على بلدٍ تكسَّرَ بهاؤه
صارَ يمضغ أصابع شمسهِ
ويسقي روابيه التّحسُّرَ
يحرقُ الياسمين
عندَ عتباتِ الظّلام
صنعَ من ينابيعهِ فتيلَ احتراق
بلدي يأكلُ خبزهُ
جرادُ البغاء
على نوافذهِ بنى الخرابُ
أشجاره
بلدي عرضةٌ للسّديمِ
ينهشهُ لظى الفناء
وأنا أجرُّ تربة الحلم
في غربةِ القصيدة
أحمل لغتي أشرعة
وأسافرُ في وميضِ النّدى
مكبّلاً بالبهاء.*
إسطنبول
* سيبقى عشقي طليقاً..
أتهاوى من أعالي صرختي
إلى أعماقِ بكائي
ويحضنُني الجمرُ
يلتفُّ علىٰ أنفاسي
ويجثمُ فوقَ دمي
حائطُ الاختناقِ
تتداعىٰ خطواتُ السّماءِ
فوقي
يسرقُني العَدَمُ
إلى جهةٍ تلوبُ
في عتمةِ قهري
تُراني سألتُ عنكِ؟!
حتّى انقضَّ عليّ اليباسُ!!
واعتصرَ ما في قصيدتي
مِنْ مدىٰ!!
وما في شوقي
من رمادِ النّدىٰ
فأيقنتُ أنَّ الأرضَ تلهثُ
في فلكِ السّرابِ
لا شمسَ تشرقُ عليها
أمنياتي
لا قمرَ يبزغُ من غصّتي
قامتي رُكامٌ
حنجرتي قبرٌ
عمري طواحينُ غبارٍ
أفتّشُ عن بحرٍ في دمعتي
عن أفقٍ في جوفي
وعن أشجارٍ تُمطرُ
صباحاتٍ مثمرةٍ بالدّروبِ
وتصطخبُ نبضاتُ موتي
يتسلّقني الهلاكُ
ليستدلَّ علىٰ كلماتي
لن أفشيَ بِسِرِّ غيومي
ولن أدلَّ على جنازتِهِ
جثّةٌ حبّي لكِ
سيبقىٰ عشقي طليقاً
طوالَ مماتي.*
إسطنبول
* أمل..
مدَّ لي يدكَ يا ضوء
ساعدني على حملِ الظّلمةِ
أتعبني هذا الموت
يفرضُ عليَّ صحبتهِ
وأنا لا أطيق الثّرثرة
يحدّثني عن بطولاتٍ
غيرِ مقنعةٍ
قالَ:
هُوَ..
(من تخرّ له الجبابرة ساجدينَ)
وقالَ:
سيحكمُ العالمَ ذاتَ يومٍ
لوحدهِ!!
أينَ العربُ إذاً.. ياضوء؟!
وهل للموتِ قدرةٍ
على مواجهةِ إتّحادنا؟!
ونحنُ آلُ النّفطِ!!
وعقيدتنا الإسلام!!
لا..
يا موتُ قد بالغتَ
فنحنُ من قهرنا (كسرى)
ومن هزمَ (المغولَ)
لكنّنا اليوم
منشغلونَ بحربِ (البسوسِ)
سنهزمُ أعدءنا
حينَ يفرغ (الزّيرُ سالمٍ)
من حربهِ
وينتهي الزّعماء الأشراف
من ذبحِ شعبهم
المتورّط بالخيانةِ
ويفرغ
المثقّفونَ.. من صراعهِم
على أنّنا بشر
ونستحقُّ الحريّة.*
إسطنبول
* ومضات مشلولة الوميض..
-1-
على ضفافِ النهرِ
زرعتُ بكائي
فأزهرَ قصائد .
- 2 -
لو تحملُ الأرضَ دمعتي
لاْمتلأتْ دفاتري بالقصائد .
- 3 -
أموتُ ولا أعترفُ
أنَّ حبّكِ المُتْعِبَ
أتعَبَنِي
فأنا عاشقٌ حتى الثمالة .
- 4 -
أصدُّ الصَّمتَ عنِّي
أدفعُ هديرَهُ الجارفَ
وأغلُقُ بوجهِهِ أبوابي
لا أسمحُ له بالقولِ
مهما تسلَّقَ شرفةَ الأيامِ
وكان غزيرَ الدّمعِ
ومهتاجاً من البردِ
يبقى وحيداً في الليلِ
يطوفُ حولَ ذكرياتي
ولا يدخلُ إلى أعصابي .
- 5 -
هرَبَتْ مِنْ قلبي نبضةٌ
زرعتْ في الأفقِ شتائلَ ندى
أخذَ الندى ينمو
صارَ الدمعُ كتاباً
وصارَ الشوقُ أبجديةً .
- 6 -
ركضَتْ دمعتي صوبَ عَجزِي
كانتْ أوردتي طافحةً بالسَّكِينةِ
وخطايَ تلوحُ لي بالمسافاتِ
كأنـَها زبدُ السرابِ
تطفو على ضحكةِ الأوجاعِ
مثلَ شُهُبِ الماءِ الدفينةِ .
- 7 -
بالسِّكِينِ ..
أُقَسِّمُ دَمعَتِي على الأصدقاءِ
لتُنبِتَ
في قلوبِهِمُ الرّحمة.
- 8 -
أدقُ نوافذَ الأسئلةِ
الزُّجاجُ مُهشمُ السُّكونِ
فأسمَعُ صدى الوَحشَةِ
يأتي من أعالي الغيابِ .
- 9 -
شللٌ يصيبُ ذاكرةَ الأصدقاءِ
وقلبي لا يعرفُ معنىً للجُحُودِ .
- 10 -
* وإذا..
قِيْلَ لي إنَّ النَّدى قد تَفَتَحَ
و إنَّ الحُبَّ قدِ انتَشَرَ
سَأعلَمُ بأنِّي بَدَأتُ أحيا
وأنَّ جهنمَ أخذتْ تَخبو.*
إسطنبول
* أوردةُ الخرابِ..
- 31 -
الوردةُ رسمتْ على حُدُودِ أنفاسي
بَغَاءَ وَهْنِي
والرَّملُ يطمُرُ صوتِي
أمامَ الأشرعةِ .
- 32 -
أَحُومُ حَولَ الوَقتِ
طِوَالَ موتي
وأَسكُنُ ظِلالَ الذاكرةِ
متمسِّكاً بِرغبتي الضَّارِيَةِ .
- 33 -
على هامِشِ وحدَتِي
قرأتُ ظُنُونِي
وكانتْ قَصِيدَتِي
تُضيءُ جُنُونِي .
- 34 -
نهَضَتْ عن قلبِي تِلالُ الظَّلَامِ
فأبصَرتُ قامَةَ الطَّرِيقِ
مِنْ خِلالِ أورامِ النَّحِيبِ .
- 35 -
تيبَّسَتْ خُطوَتِي عِندَ أَبوَابِ السرابِ
وَخَرُسَتْ عنِ الأحلامِ
وأَنَا أُنَظِّفُ أورِدَةَ الخَرَابِ .
- 36 -
في أعالي الهزيمةِ
يقِفُ الخرابُ
مُنتَصِراً .
- 37 -
عِنْدَ مَشَارِفِ دَمْعَتِي
لَمَحْتُ سَكِينَةَ الغَدرِ
تلمَعُ كالحقيقةِ
بأَيدي الأصدقاءِ .
- 38 -
أَصْطَادُ هُرُوبِي مِنْ أسنانِ العَجزِ
وأُلَمْلِمُ نَزِيْفَ الأماني
فَأَسْقُطُ في بِئْرِ البَرْدِ .
- 39 -
حينَ لامَسْتُ أوراقَ قلبي
كانتِ الأمواجُ تشنُقُ رغبَتِي .
- 40 -
بنى العنكبوتُ خيوطَهُ على خُطايَ
ورَقَدَ الحمامُ فوقَ كلامي
فاهتَزَّتِ الأرضُ مِنْ ثِقَلِ غُيُومي
وعُنْفوانِ أنيني.*
إسطنبول
* أبي..
- 41 -
محيطُ دمعَتي
أكبرُ مِنَ الأرضِ
الَّتِي توجَّعتْ
مِنْ عذابي .
- 42 -
مربوطُ الصَّمْتِ فؤادي
طليقُ اللِّسانِ دمعي
والندى ينزُفُ السُّمَّ
من أصابعِهِ الحمقى
التي تَعْبَثُ بِدربِي .
- 43 -
الوردةُ كتبت ِاسْمَكِ
على عُطرِها
فصارَ الكونُ ثَمِلاً .
- 44 -
* جريمة..
المُتَّهَمَةُ أنْتِ
المُتَّهَمُ قلبي
الجَّرِيمَةُ
الشروعُ فِي حُبِّكِ
العقابُ
حنينٌ أبَدِيٌّ .
- 45 -
خلفَ هذا البابِ
تَقِفُ دمعتي
واسعةُ الانكسارِ
والتَّنَصُّتِ.
- 46 -
* أَبِي..
كانَتْ يَدُهُ تَدفَعُ عَنِّي الخوفَ
وَتَحميْنِي مِنْ أقاويلِ البَردِ
رسمَ لي دربَ القصيدةِ
سيَّجَ لِي أُفُقَ الكرامةِ
عَلَّمَنِي ألَّا أنحنيَ إلَّا للتَّسامُحِ
وألَّا أصافِحَ إلَّا النَّقاءَ.
- 47 -
أَسْرُقُ يدي مِنْ جَسَديْ
أُرْغِمُها على الكِتابَةِ
ما زِلتُ أذْكُرُ أسماءَكم
يا أصدِقاءُ.
- 48 -
لِيَ شَرْطٌ واحِدٌ
على الاستمرارِ فِي حُبِّكِ
أنْ تبقَيْ أُنْثَىْ مَهْمَا صارَ.
- 49 -
كُلُّ دربٍ لا يُوصِلُني اليكِ
تَرميهِ خُطُوَاتِي بازدِراءٍ
وأتركُ لهفتي تُرجِمُهُ بالحِجارَةِ.
- 50 -
ضيعت ظلي في الصحراء
وها هِيَ الدُّروبُ تبحثُ عَنْهُ
لَكِنَّهُ تاهَ في مَتاهاتِ الكلامِ
وغابَ في غُبارِ الصَّمتِ.*
إسطنبول
* خيبةُ الموتِ..
لا يُغِيظُ الموتَ إلَّا الشِّعرُ
وَلِهذا القَصِيدَةُ تَختَارُني
وأنا أختارُ شَكلَ الفَضَاءِ
لِأُطلِقُ شَمسِي
في عُتمَةِ الأَبجَدِيَّةِ
الزَّمَنُ كَائِنٌ يَمشِي
دُونَ التِفَاتٍ
والشِّعرُ مَحَطَّاتٌ وَمَرافِئٌ
واستراحةٌ للأجنِحَةِ
الموتُ غايتَهُ السُّكونَ
والشِّعرُ توَّاقٌ لِلْتَفَجُّرِ
ولِلْتَبحُّرِ وَلِلْانعِتَاقِ
وَلِهَذَا..
يُرسِلُ لي الموتُ
في كُلِّ لَحظَةٍ
تَحذِيرَاتِهِ الّتي لا أخَافُهَا
حتَّى وإنْ غَدَرتَ بِي يا مَوتُ
سَتَذكُرُنِي رَغماً عَنْ قَسوَتِكَ
كَتَبْتُ على جَسَدِكَ حَيَاتِي
ودَسَسْتُ في جِيُوبِكَ أوراقي
وعلى ظَهرِكَ عَلَّقْتُ
حَقِيْبَةَ كُتُبِي
فلا مَوتٌ إلَّا أنتَ يامَوتُ
ولا خُلُودٌ إلَّا لِلْشُعرِ والشُّعَرَاءِ
يَكفِيْكَ أَنْ يَهرُبَ النَّاسُ مِنكَ
وَيَكْفِي الشُّعَرَاءَ
التِفَافُ الفَرَاشَاتِ مِنْ حَولِهِم
أنا شَّاعرٌ
سأُلحقُ بِكَ الهَزِيمَةَ
خُذْ جَسَدِي المُتَهَالِك مِنِّي
خُذْ نُدُوبَاتِ عُمُرِي الضَّئِيل
وَرَمَادَ غُيُومي المُبَعثَرَةِ
وخُذْ قُصَاصَاتِ أوجاعي اليابسةِ
لكنَّكَ سَتَحتَرِقْ
إذا مالامَسْتَ بظلامِكَ
حرفاً من قصيدتي.*
إسطنبول
* يباسُ السعيرِ..
في صحراءِ أيامي
أتوسدُ آهتي
وأحتمي بخوفي
من رحيلٍ يشتَّمُ أوجاعي
فيسيلُ لعابُ النّارِ
لتنقضَّ على هشاشةِ نبضي
ووهنِ رؤايَا
سيجتُ السّرابَ بدمعي
وبنيتُ حولَ أحلامي العراءَ
إنّي لأتحدَّى النَّسمةَ
أنْ تخترقَ قبري
وأتحدَّى اللغةَ
أن تترجمَ صمتي
أنا يباسُ السعيرِ
جعلتُ من النّدى سيفي
ومن القصائدِ خطواتي
وإنِّي لجاعلٌ من غيابي حضوراً
فاستعيني يا دروبُ بحدودي
لينتشرَ الغرباءُ على رُقعةِ صرختي
آهِ ياوطني متى القاكَ؟
ليرقصَ الدَّم في وريدي.*
إسطنبول
* شهقاتُ الرُّوح..
يضيِّقُ عليَّ الحصارَ اسمُكِ
وأراهُ مكتوباً على حبلِ وريدي
وينغرزُ في مسامِ أنفاسي
وينغرسُ شتائلَ نورٍ
على ضفافِ دمي
وجهُكِ ملتصقٌ بحنيني
ويدُكِ تمسكُ أشواقي
لا يفارقُني طيبُ ذكراكِ
يا أنتِ..
يا رموشَ باصرتي
وبوَّابةَ النّسمةِ
كم بداخلي أراكِ
توقدينَ شلّالاتِ نبضي
وتمسحينَ غبارَ الطَّلعِ
عن شهقاتِ روحي
أحبُّكِ..
وفي حبُّكِ يتوالدُ وجودي
وتزخرُ بحارُ الكلماتِ
أمواجَ بهاءٍ ونشوةٍ
سيطولُ مقامُكِ في كونٍ
عالميَ السَّرمدي
يا أفقَ عمري
ونجوى البوحِ
أحبُّكِ..
و أشجارُ الأرضِ تدركُ
كم أحلِّقُ في فضاءِ عشقـِكِ
حتى أنّ القصيدةَ
تشاهدُ مدى تعلّقي
وتتلمَّسُ النّجومُ حدودَ لهفتي
فلا تكوني في هذا المدى سرابي
ولا تكوني حلمي الذي تهالَكَ
ولا صحراءَ حنجرتي في رحيلي
يا ندى حلبَ المضطرمةِ
بالغياب.*
إسطنبول
* وقالَ لي..
...وقالَ لي قاتِلي:
- سأُهديكَ ركامَ البلادِ
وأسقيكَ دمَ النّدى الغضَّ
لتكتبَ أجملَ قصائِدِكَ
على توابيتِ الهديلِ الفذِّ
وعلى حيطانِ الدَّهشةِ الصَّاغرةِ
وسأترُكُ لكَ كلَّ ما تحتاجُ
من وقتٍ مشتعلٍ ونازفٍ
لتدوّنَ أسماءَ مَنْ تفجّرتْ ملاَمحُهُم
لكَ خريرُ الدّمِ ليؤنسَ جراحَكَ
لكَ عوراتُ النّادباتِ
وأسرارُ اللواتي اغتُصِبنَ
على قارعاتِ الصّمتِ العربيِّ
والبيارقُ السّوْداءُ ترفرفُ
في رقصةِ الحكّامِ النّشامى
لكَ كلُّ هذا الموتِ المتنامي
ولأهلِكَ وجميعِ محبّيكَ
ولأسرابِ الحمامِ النّافقِ
وقال لي،
وهو يجِزُّ لي كرامتي
وأجنحةَ رؤايَ :
- ستكونُ بلادُكَ عاصمةَ الثّكالى
ومن حناجرِ اليتامى الجَوفاءِ
سيُطلُّ عليكمُ النّصرُ المؤزَّرُ
نصراً مشبَعاً بعبقِ الدَّمِ
يرفرفُ فوقَ قبورِكُمُ الغرَّاءِ
يهتفُ لأمجادِ الضَّغينة.*
إسطنبول
* أصابعُ الضّوءِ..
يلاحقُني سقوطي
أينما تعثَّرتُ بالعماءِ
أركضُُ في عُتمةِ الصرخةِ
يتناهى لدمي خُطُواتُ الموتِ
يسبقُني الخِواءُ لمخبأِ جُرحي
وقامتي
تستظلُّ بلُهاثي
يا دربَ الرّجوعِ خُذني لعكَّازتي
،لأتوكّأ على جذعِ الذِّكرياتِ
وأعطي للفرحةِ ألفَ بابٍ
يدلفُ منه الرّجاءُ
وأمنحُ وميضَ المدى
يا دربَ الندى المتعرّجَ
في شهقتي
يا موجَ الظُّلمَةِ الخرساءِ
يا لظى الوقتِ المشظَّى
كم أهرقتْني الليالي
ونهشتْ بيَ المواجعُ؟!
وأنا أقتاتُ على أصابعِ الضّوءِ
يحملُني انكساري على النّهوضِ
لأصعدَ سلالمَ أغواري الهاربُة.*
إسطنبول
* أنا لا أحبُّكِ..
وحقِّ النّدى
أنا جفَّفتُ قلبي من هواكِ
ما عادت ملامحُكِ محفورةً على نبضاتِهِ
ولا عادَ اسمُكِ يلفتُ انتباهي
لقد أكلَكِ النّسيانُ
يا منْ بُتُّ أجهلُكِ
أقلعتُ عن زراعةِ الوردِ
كي أقاومَ حنيني إليكِ
وسيَّجتُ روحي بالعتْمةِ
لتبتعدَ عنّي الفراشاتُ
وخبأتُ أجنحتي عن الغيمِ
وبترتُ أصابعَ الحروفِ
وجعلتُ قصيدتي خرساءَ
وكففتُ عن التقاطِ أنفاسي
فعلتُ مالا يُدركُهُ الجنونُ
حتّى لا يشتعلَ بدمي حنيني
لن أحبَّكِ
مهما كان الحبُّ يُحمْحٍمُ في شراييني
أنا لا أحبُّكِ
سأكذِّبُ دمعتي لو فضحتْني
سأذبحُ حنيني لو توقّدَ
سأحرُقُ آهتي إنْ تفجَّرَتْ
وسأمنعُ عنِّي الذّكرياتِ إن تسلَّلت
لا شيء يربطُني بكِ
قصائدي تلكَ لقد أعدمتُها
ما عادت لكِ من ابتسامتي شمسٌ
ولا عاد لي فضاءٌ بعينيكِ
البحرُ طمرتُهُ برمادِ سجائري
وأسدلتُ ستائري على الأفقِ
سأُبعدُ الأرضَ عن خطاكِ
وأمزّقُ دروبَ أشواقي
لستِ حبيبتي أنتِ
مهما اشتدَّ عليَّ عشقُكِ
لن أعودَ
كفاني منكِ في كلّ لحظةٍ
تقتليني
حبيبتي خلقتِ أنتِ
كي تهزميني
وعندَ بوابة الحبِّ
على مرآى النّدى
تصلُبيني.*
إسطنبول
* شهقةُ الماء..
كانَ يناديني
وكنتُ أبثُّهُ اشتعالي
وأرسمُ لهُ خرائطَ بوحي
يهفو إلى خلايا أوجاعي
وأنا أجرُّ انسيابي نحوَهُ
كأنَّ ضحكتَهُ سرابٌ
وأصابعَهُ سلسبيلُ الرَّمادِ
غامت دمعتي عندَ راحتيهِ
ورحتُ أتنشّقُ ظلَّهُ
فكم توغّلتُ في ثنايا صمتِهِ
وصوتُهُ يمطرُ في قلبي
ناراً من زلالٍ
وموسيقى من لظى
أنا أبصرُ فيهِ أشرعةَ المدى
موزّعةٌ على هسيسِ موجِهِ
يطفئُ بكائيَ العضالَ
يرتّقُ بحورَ حنيني التّائهة
سأضمُّ موتي إلى آفاقِ وردِهِ
وأتسرَّبُ إلى جمرِ آهاتِهِ الثّملى
أتلمَّسُ أشرعةَ دروبِهِ الشَّاردةِ
وفي كلِّ غيابٍ يناديني
لأطلُْ على شمسِهِ اليابسةِ
أشعلها برعشةِ قبلتي الخائفةِ
واختطف منِّي ينابيعَ عشقي
أهرِّبُ إليهِ جحافلَ من فضائي
وأزوّدُ قامتَهُ بفتيلِ نبضي
سأنثرُ فوقَ شهقتِهِ
خمورَ رحابي
وأطوّقُ عنقَهُ بحشرجةِ عطشي
أشربُ من بئرِ زوغانِهِ
وأنجو.*
إسطنبول
* بوّابةُ الابتهالِ..
إليهِ تهفو جوارحي
بتَوقٍ سحيقٍ
تناديهِ أمواجُ ناري
وتستصرخُ رطبَ لظاهُ
آهٍ على عناقِ وردِهِ
النَّابضِ بالمدى
وبأجنحةِ الصّهيلِ
أحبُّ التّسكُّعَ على شواطئِ
بوحِهِ الأثيرِ
وأنامُ تحتَ ظلالِ ابتسامتِهِ
هُوَ..
مَنْ تسافِرُ إليهِ صلاتي
هُوَ..
مَنْ تخاطبُهُ أوردتي
في كلِّ شهقةٍ منْ خلايايَ
كتبتُ على دمعتي اسمَهُ
رسمتُ على رمادِ شوقي
بُحّةَ أمواجِهِ النّاهدةِ
ليس لي إلّا قمرُ صمتِهِ
السَّابحِ في فضائي
وبابُ مناجاتِهِ في خضوعي.*
إسطنبول
* الآثم..
سَتَهوي بِكَ الدُّرُوبُ
في أصقاعِ الشِّتاتِ الأسودِ
يصحبكَ ظُلُّكَ العاثِرُ
حيثُ لا نسمةَ تدنو منكَ
لا فيءَ يُظَلِّلُ وِحشَتَكَ
ولا يدَ تصافحُ اختناقَكَ
سَتَمضِي..
نحوَ جَحِيمٍ يَستَعِرُ في عُمرِكَ
نحوَ سرابٍ يلعَقُ دَمعَكَ
وتنادي المدى
عَنْ ملاذٍ لنزيفِكَ
لا شمسَ
تشرقُ فوقَ غُربَتِكَ
لا مطرَ
يهطِلُ على صحارى
خَطَايَاكَ
وَحدَكَ..
ستمشي في نفقِ الغيابِ
تَظُنُّ الصَّدى يَداً حانيةً
وَتَحسَبُ الصَّمتَ صَدرَ أُمِّكَ
تَتَلَفَّتُ في ظُلمَةِ الرِّيحِ
تَتَمَسَّكُ برعشاتِ خَوفِكَ
تَأكُلُ من لحمِ خيبتِكَ
تشربُ من إبريقِ القهرِ
يُطارِدُكَ وميضُ الذِّكرياتِ
في قلبِكَ نَدَمٌ ينمو
في روُحِكَ بكاءٌ يَتَوَسَّعُ
وفي يَدِكَ مفاتيحُ النِّهايةِ
لذنوبٍ أنتَ أشعلتَها
وَمَعَاصٍ آثمةٍ
أنتَ فتحتَ لها الأبوابَ.*
إسطنبول
* أبوابُ الماءِ..
- 11 -
النٌّسمةُ فٌكٌتْ جَدَائِلَها
ورَفرَفَتْ أغصانُ الكلامِ
عندٌ أبوابِ الماءِ.
- 12 -
كالرِّيحِ تَنفَرِدُ أجنحةُ لُغَتِي
تَحمِلُ جبالَ حُزني
فتصطّدِمُ بمرايا النّدى
تتهشَّمُ القصيدةُ
ولا ينطُقُ الحُطَامُ.
- 13 -
أغفو على ساعدِ الذّكرياتِ
قلبي يسبحُ في فضاءِ الشَّوقِ
ودمعي يسري في أوردةِ الليلِ
يمضي إلى ركنِ الصّمتِ
وأنا أمُدُْ جسرَ الكلماتِ
إلى أُذُنِ الخوفِ
- 14 -
الطّريقُ يفهمُني
يقرأُ ما في قلبي من حنينٍ
ويُبصِرُ دربَ أشواقي
في أعالي لهفَتِي
وقُممِ بكائي
وذُروةِ صبري
وأراهُ في دمعِ خطاي
يَلتفُّ حولَ انتظاري
كحبلِ النّارِ في أوردتي
يحملُ نهايةَ دمي
في زورقِ السَّكينةِ
وأنا أشدُّ المسافةَ نحوي
كطائرٍ فَقَدَ فضاءَهُ
وأرسُمُ في عطشي
بحيراتِ ظنوني
علٌْ الدَّقٌ على الأبوابِ
لا يصدأُ
ويدخُلُ الندى إلى جرحي
بعد شللٍ مريرِ الهُتافِ.
- 15 -
الخيبةُ رَسَمَتْ مَلَامِحَهَا على خُطوتي
وأنا أجتازُ مَمَرَّاتِ حُدُودِي
لأعبُرَ نَفَقَ الكلامِ.
- 16 -
أتجاهلُ نبضَ قلبي
كلَّما نادى عليكُمُ
أنتمْ من زَرعَ الوِحشٌةَ
في أرضِ انتظاري
وقد طالَ موتُ المجيءِ
حينَ أبوابُكُم أُغلِقَت
بوجهِ حَنيني.
- 17 -
لمْ يبقَ في أورِدتي
سوى السؤالِ
تَعُضُّ عليهِ نواجِذُ دمِي
وآفاقُ الأغلالِ
- 18 -
الدَّمعةُ تخلعُ نعلَيها وتسيلُ من القلبِ
على حُدُودِ العمرِ
والقلبُ يزدردُ النارٌ من نبضِهِ
ويصيحُ على الحبِّ
بكُلِّ لُغاتِ الموتِ
وما تبقى من أبجديَّةِ الصَّمتِ
علَّ الأحجارَ تسمعُ خريرَ الوقتِ
من ظلمةِ الطُّرُقاتِ في الصدرِ
لتنامَ شهقةُ الإعصارِ في النّبضِ
وتعودَ للمدى بيارةُ الومضاتِ
أصحو..
ولا تنهضُ خطايَ
أنهضُ..
ولا تصحو عزيمتي
أفتِّشُ الدّربَ عن جسدي.
- 19 -
كامِلَةُ الفِتنةِ
أغدقَتْ عليَّ الانتظارَ
بَكٌتِ النَّافِذةُ
لمّا ابتلّتْ بالغيابِ
وأطَلَّتْ على شُهُوقِ ارتجافِي.
- 20 -
نهضتِ الأرضُ لمّا تكسَّرتْ أجنحتي
وقالت :
- تعكَّزَ على ندى الحُلُمِ
فالأفقُ مغلقُ الدّربِ
إن لمْ تَتَّجِِهْ صوبَ نفسِك
فانزع عن قلبِكَ العجزَ
واشربْ ثُمالةَ الرَّملِ
ليبزُغَ الوردُ فيكَ
مثلَ غمامِ النَّارِ
في رُوحِكَ العطشى للانتشارِ.*
إسطنبول
* في البدء..
- 51 -
على هذا العرشِ
جلستْ
وعلى هذِهِ الحَصى
بَكَيتُ.
- 52 -
في البَدْءِ
كانَ حبُّكِ
ثُمَّ
جاءَ الشُّعَرَاءُ.
- 53 -
أَجْمَعَ العُلماءُ
على أنَّ حُبَّكِ
كانَ ضرورةً لِتَشكُّلِ الكونِ.
- 54 -
انقضَتْ شِفاهُ شَيخوخَتي
على عُنُقِكِ
فانْبَلجَ العِشْقُ
وكانَ الموجُ فتياً.
- 55 -
أتعثَّرُ بِفِتنَتِكِ
فأنا أعمى الدَّمِ
أشُمُّ المَوتَ إنْ غِبتِ
وصارَ الوَقْتُ حَجَراً.*
إسطنبول
* الجوع..
تجوعُ أصابعي لكفِّ يدِكِ
كجوعِ الوردةِ للندى
والفراشاتِ للضوءِ
تجوعُ أنفاسي لعُطرِكِ
كجوعِ الموجِ للأرضِ
والشّراعِ للعواصفِ
تجوعُ عيناي لمرآكِ
كجوعِ النّارِ للنسمةِ
والأقمارِ إلى قُبلِ العاشقينَ
تجوعُ قصيدتي لصفاتِكِ
كجوعِ لغتي إلى المعنى
والسّماءِ إلى الغيمةِ
تجوعُ روحي إلى جسدِكِ
كجوعِ الشّهقةِ إلى الآهةِ
والأرضِ إلى السنابلِ
إليكِ أجوعُ.. أجوعُ
كجوعِ الموتِ إلى ظمئي
وجوعِ القبرِ إلى صمتي.*
إسطنبول
* متربعٌ على عرشِ الهَشِيمِ!!!
متربعٌ على الانهيارِ والدَّمعةِ
على الجرحِ والصرخةِ
على الأزماتِ والطوابيرِ
على الليرةِ الميتةِ
على الجوعِ المهينِ
متربعٌ على جماجمِ شعبهِ
على تشردِ الملايينِ
على بيعِ البلادِ للعدوِ
على الذّلِ والهوانِ
على صراخِ المعتقلين
على تحسرِ الأرض على سكانها
على سواعدِ الشبيحةِ الذين قرفوا منهُ
متربعٌ على الصّمتِ الدّولي
على قلقِ الأممِ المتّحدةِ
على أرضاءِ إسرائيل
على الكورونا التي تشبههُ
على لا مبالاةِ الحكامِ العرب
على خيانةِ قادة المعارضة وسرقاتهم
على الأقليةِ الخائفة
على الطائفيةِ المقيتة
متربعٌ على أزمةِ الضّميرِ العالمي
على خلافِ المثقفين العاهرين
وتصفيقِ نجومِ الفن
متربعٌ على قهرنا
وسَيُجَدِدُ..
وَيُريدُ أن يبقى للأبد!!!*
إسطنبول
* رغبةٌ أخيرة..
أصدقائِي..
رُغمَ خِياناتِكُمُ المتكرَّرةِ
مضطرٌ لِأنْ أثَقَ بكُمُ اليومَ
فاذهبوا وحدُكمْ واتركوني
ولكمْ أشدَّ حالاتِ اعتذاري
مجبرٌ على ألَّا أرافقَكم
في تشييعِ جنازتي
فإنَّني على موعدٍ هامٍّ للغايةِ
مع حبببتي الفاتنةِ
سنُناقشُ اليوم مسألةَ مستقبلِنا المشترَكِ
وسأوضِحُ لها
بكلِّ بساطةٍ
أنَّني لا أملُك الكثيرَ من المالِ
ولكنَّ عندي ثروةٌ مِنَ القصائدِ
وتِلالٌ مِنَ القُبُلاتِ
وبساتينٌ مِنَ الأغاني
سنتفقُ..
أنا متأكدٌ
إنْ لم يتدخلْ أحدُكُمْ
ويبرزْ خيانتَهُ غيرَ المتوقَّعةِ
كأنْ يُغري حبيبتي بأموالِهِ
أو يخبرَها بشفافيَّةٍ
عن موتي في هذا الصباحِ
الذي أنتوي حجبَهُ عنها مؤبَّداً
فرجائي مِنْ أصدقائي الأوفياءِ
كتمانَ أمري
والتستُّرَ
وعدمَ البكاءِ
لأستمر في حُبِّي
وكتابةِ الشِّعرِ.*
إسطنبول
* في المساء..
يد الرئيس
تهدهد أجنحة الشّمس
وبراحة كفّه المباركة
يزيل الغبار عن جبهتها
يسقيها من حليب روحه
ويطهّر بدنها اللدن
من صناببر نوره
يد الرئيس بيضاء
تكفّن شهداءنا
تزيل الدّم عن أحلامهم
وتثري عويل اليتامى
في الشتاء..
يد الرئيس تقبض على الغيوم
وتمطر فوقنا
زخات من وعود
فتبعث في حقولنا قامات من صمود
ليس فيها إلاّ الرّعود
فتزهر على جباهنا
آيات السّجود
فويل.. ثمّ ويل
لمن بانت على سحنته
علامات الجحود. *
إسطنبول
ملاحظة:
هذه القصيدة مستخرجة من قصتي- إجراءات-
* مديح الصاروخ العالي..
الفرحةُ رسمت على سعتِها
فلسطين
والأملُ نشرَ على مصراعَيهِ
فلسطين
كلُ الأمواجِ تغسلُ الآن
أقدامَ فلسطين
كلُ الأدراجِ تصعدُ الآنَ
شموخَ فلسطين
حملوا على الصواريخِ
زغاريدَ البطولةِ
نقشُوا على الفضاءِ
إرادةَ الرجولةِ
فلسطينُ تزيحُ عن تيجانِ
السلاطينِ العربِ ركامَ العفونةِ
فلسطينُ تعيدُ للضادِ معانيَهُ
وللشرفِ العربي خصالَهُ
الآنَ صارَ للحياةِ طعمٌ
وصارَ للبحرِ موجٌ
وصارَ للصمودِ أبجديةٌ.*
إسطنبول
* سِكِّينُكً..
سِكِّينُـكَ التي طعـنْـتَـني بها غدراً
صَارتْ بيدي سلاحاً
لتطاردَ جرائمَكَ أينَمَا حَلَلْتَ
وتشقَ للشمسِ نافذةً
يعبرُها الهواءُ
سِكِّينُـكَ العمياءُ هذه
ارتَبَكتْ في حقولِ يدي
وصَارتْ تعدمُ الأشواكَ
وتبترُ أصابعَ الظُّلمِ
وتدعو لمهرجانِ السَّلامِ
سِكينُـكَ الحـادةُ هذه
اعتادتْ أن تغرقَ يدَك بالدمِ
في حينِ تَعَودتْ وهي بيدي
أن تبحرَ وتصطادَ الغرقَ
سِكِّينُـكَ التي كادتْ أن تقتلَ
مدينةً
غدتِ الآنَ في يدي
حارسةً للحياةِ.*
إسطنبول
* فضاء الموت..
أستندُ على كتفِ الموتِ
أطوْقُ خصرهُ بحبٍّ ونمشي
أحدِّثُهُ عن سنواتٍ عشتُها
قبلَ تعرّفي عليهِ
كَانتِ الأيامُ وقتها جلفةً
لا تشي بالنّهايةِ البيضاءِ
الموتُ ظلُّ حياتي الرّعناءِ
كنتُ إن ضاقت بقصيدتي السّبلُ
أركنُ أوجاعي على صدرِهِ
وأنامُ على سريرهِ الواسعِ
حتْى أشفى من بكائي
هُوَ..
من أعطاني مفاتيحَ الدّرجِ
وأجنحةَ الأمدِ
ومندُ أن واجهتُ الاشتعالَ
أدركتُ..
أنْهُ الوحيدُ
الذي لن يتخلّى عنّي
الموتُ..
مدّ لي جسوراً منَ الكلماتِ
سأنثرُها في فضاءِ العشقِ
لأوقظَ حممَ الاشتهاءِ
في نهودِ اليباسِ
وسأعطي لشفاهِ الأشجارِ
حقٌّها من قبلاتِ النّدى
وأرسمُ على جسدِ الآهةِ
شبقَ الدُّروبِ الواثبةِ
َنحوٌ أفقِ المبتغى
ليشهقٌ قلبُ السّديمِ
وسأخففُ عن الموجِ
عناءٌ اللهاثِ
بتقاطر الصّهيلِ في بحر الجُنونِ
أتسابقُ مع الموتِ
في أحتضانِ شهقةِ النْارِ
وأغافلُهُ
حينٌ أترسُ بوجهِهِ البابَ
لأحظى بلقاءِ من لا تأبَهُ
لنجواهُ
وسنسخرُ من تهديداتِهِ
ضاحكينَ
حينَ ننفردُ ببعضينا
أنا وحبيبتي.*
إسطنبول
* غَثَيَانُ الصًّدى..
ركضتْ خلفي النهايةُ
فتعثَّرتْ بآهاتي
أمسكتْ بجذوعِ رمادي
وساقتني لحفرةٍ من صريرٍ
ورمتني على خوفي
لينهشَ العدمُ بذكرياتي
كان حُبِّي عصيَّاً على الفَناءِ
وقلبي مسوَّراً بعطرِ إبتسامتِكِ
وكان نبضُهُ متشبِّثاً بأصابعِ أُنوثتِكِ
وفي دمِهِ يرقُدُ همسِكِ
وبأسنانِهِ يعضُّ على دربِكِ
المفتوحِ على التشرُّدِ
وكانتِ المسافاتُ تنزُفُ الخُطى
والسماءُ تكشُفُ ُالغيومَ بانخفاضِها
تلعقُ تيبُّسَ حنيني
الشمسُ يفترسُها غرابٌ أسودُ
والبحرُ يأكلُ السرابُ نعليهِ
والجبالُ يميدُ بها الرحيلُ
أمي لمْ تتركْ لي فرصةً لأودَّعَها
قالتْ لليالي الإنتظارِ:
- أنتِ كاذبةٌ.
ذهبتْ من الأرضِ أشجارُها
غادرتْ الينابيعِ مجراها
والأفقُ تسلّل إلى جوفِ غُصَّتي
شيَّدَت على دفاتري وجعي
نثرَتْ أحرُفي كالرمادِ
فوقَ أسرابِ المقابرِ
إنّي أتَّهمُ الموتَ بالتأخُّرِ
والصدى بالغثَيَانِ
والأملَ بالفجورِ
وأنا أبحثُ عن فجوةٍ
في هذا العَراءِ المكتظِّ
بالعدمِ.*
إسطنبول
* رياحُ العتمةِ..
يَصعدُ الجبلُ فوق لُهاثي
يتمسَّكُ الأفقُ بتطلُّْعاتي
وخلفي
تجرُّ ُّالأسئلةُ أذيالَها
عبثاً
أنادي السّديمَ
لكنَّ الجهاتِ ضلَّتْ دروبي
في قلبي لهيبٌ مِنَ الوحدةِ
في دمي عَراءٌ منَ الحِممِ
في صوتيَ انفجارُ الرَّغبةِ
وعواصفُ الأمنياتِ
رحلتْ أشواقي عن أغصاني
تركتْني شهوةُ النَّبضِ
أسقُطُ في لُجَّةِ الانصهارِ
أتدحرجُ في مستنقعاتِ قلقي
غمرتني رياحُ العُتمةِ
فرُحتُ أطاردُ ظنوني
حُرِمَتْ طفولتي من البسمةِ
وفَقدَتْ براكيني ملمسَ الندى
كان الليلُ يأتيني مخضَّباً بالوجعِ الذي
لا يغادرُني
حتَّى تتركُني أنفاسي
وأرتمي من علياءِ يقظتي
مُتُّ ألفَ موتٍ لتحيا هزائمي
وأشيِّدَ قبراً من الدّموعِ
لِأُواري فيهِ قصائدي.*
إسطنبول
* الموت الحلم..
دُلوني على قبري
لا أريدُ التأخُّرَ عليه
ولا أطمعُ برفقةِ أحدٍ
يحملُني على الأكتافِ
حتَّى الوداعِ لا أُحبُّهُ
فقد أكلتْ منِّي العزلةُ
صوتي وأصابعي
ليتني أستطيعُ اختيارَ
مكانِ مرقدي
كنتُ أفضِّلُ تربةَ بلدي
قربَ مثوى أمي
علَّّ رائحةَ حنانِها تتسرَّبُ إليَّ
همَساتِ قلبِها لِتدفِءَ ارتعاشي
لمَساتِ دمعِها تهدْهِدُ ناري
مدفنُ أُمِّي بدايةُ طريقِ الجنّةِ
كلّما مشيتُ فيه أورَقَ النورُ
وتقافزَتْ من حوليَ أزاهيرُ السعادةِ
لكنَّّ الإغترابَ موتٌ مميتٌ
تُدفَنُ ولا تعرفُ اسمَ مَنْ حولِكَ
ربَّما كان جارُك المَيْتُ عنصرياً يسرقُ من تحتِكَ العشبَ
ومنْ فوقِكَ الترابَ
أو يخطُفُ منكَ لغتَكَ
وأنتَ لا تقدُرُ على ملاحقتِهِ
ليتَ الموتَ يشرِّعُ قانوناً
يمنعُ على الغريبِ الموتَ
إلّا في بلدِهِ
عندَ أهلِهِ ومحبيهِ
وليكنْ كفنُهُ علمَهُ الوطنيَّ
وبذلك يكونُ الموتُ جميلاً
وبهيَّاً.*
إسطنبول
* درب الأفول..
أَمشي على وجعي المديدِ
خطايَ مثقلةٌ بالنحيبِ
يرافقُني انكساري
ويصحبُني جمرُ التّنهداتِ
أمشي فوقَ لهاثي
ويلوّحُ لي دربُ الأفولِ
أستبقُ دمعتي
تطاردُني خيبتي
ويركضُ في دمي السّقوطُ
يسدُّ عليَّ السَّرابُ الجِهات
من هُنا هاجمتني ضواري الظّنونِ
وامتدت إليَّ ألسنةُ البوادي
الشّمسُ تقعدُ فوقَ أنفاسي
السّماءُ تتمسّكُ بحنجرتي
والهواءُ صارَ شوكاً
خلفَ أسوارِ الموتِ الشّاهقةِ
ترزحُ مدينتي
فمن يأخذُني إليها يا جنونُ ؟!
قصيدتي عطشى للفضاءِ
وأحلامي جفَّت فيها النّوافذُ
أُشيّعُ عمري كلَّ يومٍ
وأُودعُ ما تساقطَ من أفقي
يشربُني الحنينُ الهائمُ
ويأكلُ الصّمتُ من أحرفي الذّابلةِ
الوقتُ ما عادَ يأبهُ لوقتِهِ
والأرضُ تلتهمُها القبورُ.*
إسطنبول
* آهٍ بلادي..
حَجَرٌ يَهوِي بِلَهفَتِي
يَصطَدِمُ بِأضواءِ حنيني
وَيُحَطِّمُ نسائمَ عُشبِي
النَّابتِ في حقولِ نبضي
وَيَنبَثِقُ دَمُ صَرخَتِي
فَتَغرَقُ سُفُنُ القصيدَةِ
وتبكي المَسَافَاتُ
داخِلَ غُصَّتِي
فَيَتَقَدَّمُ العراءُ
يُنهِضُ عنِّي رَمِيْمَ نِدَائِي
وأنا أحِنُّ إلى خُبزِ بلادي
وهوائِها المَحشُوِّ بالسُكَّرِ
وإلى قمرٍ كانَ يُدَغدِغُ قلبي
ويُلاعِبُ أسطُرِي
وأحِنُّ إلى شَجَرٍ يُثْمِرُ النَّدَى
وإلى ماءٍ تَشَرَّبَ الضَّوءَ
بلادي تَعشَقُهَا الشَّمسُ
بلادي إلهَامُ المَطَرِ
وبلادي أنفاسُ الفضاءِ
ومَقَامُ السَّماءِ
وأصابِعُ الزَّمنِ
فيها ينمو الخلودُ ويَكْبُرُ
دُرَّةُ الأرضِ هِيَ
وتاجٌ على رأسِ التَّكوينِ
آهٍ بلادي..
كَمْ أنا ميِّتٌ بِدُونِكِ؟!
وكَمْ ذرفتْ عَلَيْكِ رَوحِي
القَصَائِدَ؟!*
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول
الفهرس:
=======================
01 - ناصية الإغتراب
02 - وجع الأشرعة
03 - سيبقى عشقي طليقاً
04 - أمل
05 - ومضات مشلولة الوميض
06 - أوردة الخراب
07 - أبي
08 - خيبة الموت
09 - يباسِ السعير
10 - شهقات الروح
11 - وقال لي
12 - أصابع الضوء
13 - أنا لا أحبكِ
14 - شهقة الماء
15 - بوابة الإبتهال
16 - الأثم
17 - أبواب الماء
18 - في البدء
19 - الجوع
20 - متربع على عرش الهشيم
21 - رغبة أخيرة
22 - في المساء
23 - مديح الظل العالي
24 - سكينكَ
25 - فضاءٌ الموت
26 - غثيان الصدى
27 - رياح العتمة
28 - الموت الحلم
29 - درب الأفول
30 - آهٍ بلادي
-------------------------------------------------
مصطفى الحاج حسين.
كانَ إسمكِ صارية أيامي
أبحرتُ خلفَ أمواجِ دمي
وتوغَّلتُ في احتباس نزيفي
أرنو إلى عطشٍ يروي احتراقي
ناشدتُ شبابيكَ الظّلام
أترعتُ في صحارى المدى
وأنا أصفّقُ لشطآنِ النّضوب
عاشرتُ الموتَ ألفَ عامٍ
لأقترب
من بوّابةِ صمتكِ المهتوك
وحملتُ الجّحيمَ في بُحَّةِ شروقي
وصارَ السّرابُ يندبُ وقتي
أكلَ منّي التّراب خُطايَ
وانقضّت السّماء على حنجرتي
لتسرقَ منّي دروبي
يورقُ القهرُ في أورقةِ النّهار
والضّوء يتلظّى في غربته
والليلُ يأنفُ رائحةَ العشقِ
قلبٌ يزدردُ نبضهُ ويبكي
حلمٌ يرقدُ تحتَ رمادِ أوجاعي
أناديكِ عبرَ انكسار ظلالي
ياأنتِ ياصليلَ ضحكتي
ياوردةَ جنازتي المورقة
أقتاتُ على الموتِ
الصّاعد من سحركِ
وأحبُّكِ أكثرَ ممّا يتصوّر العدم
سأحفرُ على أخاديدِ السّديم
قصائد انتحاري العاثرات
وكانَ الرمادُ يورقُ من خاصرتي
لتشتهي سهوب لوعتي يباسكِ
وأنا أحبُّكِ حتّى تنطفئ
بي الدّروب
وأبقى عالقاً على ناصيةِ
الاغتراب *.
إسطنبول
* وجع الأشرعة..
يتهجّؤني بكائي
يقرأ صهيل انكساري
يتوغّلُ في أحراشِ حزني
ليطلقَ في دمي
حمائم الدّروب
مسافات تومئ لقلبي
ياوجع الأشرعة
ياألم الرؤيا
ياسحب الدّم
في فمِ الحنين
أبصرني العماءُ
وأنا أزدَردُ قهري
وأتوقُ لموتٍ صاخبٍ
يعجُّ بالأجنحةِ
أبكي على بلدٍ تكسَّرَ بهاؤه
صارَ يمضغ أصابع شمسهِ
ويسقي روابيه التّحسُّرَ
يحرقُ الياسمين
عندَ عتباتِ الظّلام
صنعَ من ينابيعهِ فتيلَ احتراق
بلدي يأكلُ خبزهُ
جرادُ البغاء
على نوافذهِ بنى الخرابُ
أشجاره
بلدي عرضةٌ للسّديمِ
ينهشهُ لظى الفناء
وأنا أجرُّ تربة الحلم
في غربةِ القصيدة
أحمل لغتي أشرعة
وأسافرُ في وميضِ النّدى
مكبّلاً بالبهاء.*
إسطنبول
* سيبقى عشقي طليقاً..
أتهاوى من أعالي صرختي
إلى أعماقِ بكائي
ويحضنُني الجمرُ
يلتفُّ علىٰ أنفاسي
ويجثمُ فوقَ دمي
حائطُ الاختناقِ
تتداعىٰ خطواتُ السّماءِ
فوقي
يسرقُني العَدَمُ
إلى جهةٍ تلوبُ
في عتمةِ قهري
تُراني سألتُ عنكِ؟!
حتّى انقضَّ عليّ اليباسُ!!
واعتصرَ ما في قصيدتي
مِنْ مدىٰ!!
وما في شوقي
من رمادِ النّدىٰ
فأيقنتُ أنَّ الأرضَ تلهثُ
في فلكِ السّرابِ
لا شمسَ تشرقُ عليها
أمنياتي
لا قمرَ يبزغُ من غصّتي
قامتي رُكامٌ
حنجرتي قبرٌ
عمري طواحينُ غبارٍ
أفتّشُ عن بحرٍ في دمعتي
عن أفقٍ في جوفي
وعن أشجارٍ تُمطرُ
صباحاتٍ مثمرةٍ بالدّروبِ
وتصطخبُ نبضاتُ موتي
يتسلّقني الهلاكُ
ليستدلَّ علىٰ كلماتي
لن أفشيَ بِسِرِّ غيومي
ولن أدلَّ على جنازتِهِ
جثّةٌ حبّي لكِ
سيبقىٰ عشقي طليقاً
طوالَ مماتي.*
إسطنبول
* أمل..
مدَّ لي يدكَ يا ضوء
ساعدني على حملِ الظّلمةِ
أتعبني هذا الموت
يفرضُ عليَّ صحبتهِ
وأنا لا أطيق الثّرثرة
يحدّثني عن بطولاتٍ
غيرِ مقنعةٍ
قالَ:
هُوَ..
(من تخرّ له الجبابرة ساجدينَ)
وقالَ:
سيحكمُ العالمَ ذاتَ يومٍ
لوحدهِ!!
أينَ العربُ إذاً.. ياضوء؟!
وهل للموتِ قدرةٍ
على مواجهةِ إتّحادنا؟!
ونحنُ آلُ النّفطِ!!
وعقيدتنا الإسلام!!
لا..
يا موتُ قد بالغتَ
فنحنُ من قهرنا (كسرى)
ومن هزمَ (المغولَ)
لكنّنا اليوم
منشغلونَ بحربِ (البسوسِ)
سنهزمُ أعدءنا
حينَ يفرغ (الزّيرُ سالمٍ)
من حربهِ
وينتهي الزّعماء الأشراف
من ذبحِ شعبهم
المتورّط بالخيانةِ
ويفرغ
المثقّفونَ.. من صراعهِم
على أنّنا بشر
ونستحقُّ الحريّة.*
إسطنبول
* ومضات مشلولة الوميض..
-1-
على ضفافِ النهرِ
زرعتُ بكائي
فأزهرَ قصائد .
- 2 -
لو تحملُ الأرضَ دمعتي
لاْمتلأتْ دفاتري بالقصائد .
- 3 -
أموتُ ولا أعترفُ
أنَّ حبّكِ المُتْعِبَ
أتعَبَنِي
فأنا عاشقٌ حتى الثمالة .
- 4 -
أصدُّ الصَّمتَ عنِّي
أدفعُ هديرَهُ الجارفَ
وأغلُقُ بوجهِهِ أبوابي
لا أسمحُ له بالقولِ
مهما تسلَّقَ شرفةَ الأيامِ
وكان غزيرَ الدّمعِ
ومهتاجاً من البردِ
يبقى وحيداً في الليلِ
يطوفُ حولَ ذكرياتي
ولا يدخلُ إلى أعصابي .
- 5 -
هرَبَتْ مِنْ قلبي نبضةٌ
زرعتْ في الأفقِ شتائلَ ندى
أخذَ الندى ينمو
صارَ الدمعُ كتاباً
وصارَ الشوقُ أبجديةً .
- 6 -
ركضَتْ دمعتي صوبَ عَجزِي
كانتْ أوردتي طافحةً بالسَّكِينةِ
وخطايَ تلوحُ لي بالمسافاتِ
كأنـَها زبدُ السرابِ
تطفو على ضحكةِ الأوجاعِ
مثلَ شُهُبِ الماءِ الدفينةِ .
- 7 -
بالسِّكِينِ ..
أُقَسِّمُ دَمعَتِي على الأصدقاءِ
لتُنبِتَ
في قلوبِهِمُ الرّحمة.
- 8 -
أدقُ نوافذَ الأسئلةِ
الزُّجاجُ مُهشمُ السُّكونِ
فأسمَعُ صدى الوَحشَةِ
يأتي من أعالي الغيابِ .
- 9 -
شللٌ يصيبُ ذاكرةَ الأصدقاءِ
وقلبي لا يعرفُ معنىً للجُحُودِ .
- 10 -
* وإذا..
قِيْلَ لي إنَّ النَّدى قد تَفَتَحَ
و إنَّ الحُبَّ قدِ انتَشَرَ
سَأعلَمُ بأنِّي بَدَأتُ أحيا
وأنَّ جهنمَ أخذتْ تَخبو.*
إسطنبول
* أوردةُ الخرابِ..
- 31 -
الوردةُ رسمتْ على حُدُودِ أنفاسي
بَغَاءَ وَهْنِي
والرَّملُ يطمُرُ صوتِي
أمامَ الأشرعةِ .
- 32 -
أَحُومُ حَولَ الوَقتِ
طِوَالَ موتي
وأَسكُنُ ظِلالَ الذاكرةِ
متمسِّكاً بِرغبتي الضَّارِيَةِ .
- 33 -
على هامِشِ وحدَتِي
قرأتُ ظُنُونِي
وكانتْ قَصِيدَتِي
تُضيءُ جُنُونِي .
- 34 -
نهَضَتْ عن قلبِي تِلالُ الظَّلَامِ
فأبصَرتُ قامَةَ الطَّرِيقِ
مِنْ خِلالِ أورامِ النَّحِيبِ .
- 35 -
تيبَّسَتْ خُطوَتِي عِندَ أَبوَابِ السرابِ
وَخَرُسَتْ عنِ الأحلامِ
وأَنَا أُنَظِّفُ أورِدَةَ الخَرَابِ .
- 36 -
في أعالي الهزيمةِ
يقِفُ الخرابُ
مُنتَصِراً .
- 37 -
عِنْدَ مَشَارِفِ دَمْعَتِي
لَمَحْتُ سَكِينَةَ الغَدرِ
تلمَعُ كالحقيقةِ
بأَيدي الأصدقاءِ .
- 38 -
أَصْطَادُ هُرُوبِي مِنْ أسنانِ العَجزِ
وأُلَمْلِمُ نَزِيْفَ الأماني
فَأَسْقُطُ في بِئْرِ البَرْدِ .
- 39 -
حينَ لامَسْتُ أوراقَ قلبي
كانتِ الأمواجُ تشنُقُ رغبَتِي .
- 40 -
بنى العنكبوتُ خيوطَهُ على خُطايَ
ورَقَدَ الحمامُ فوقَ كلامي
فاهتَزَّتِ الأرضُ مِنْ ثِقَلِ غُيُومي
وعُنْفوانِ أنيني.*
إسطنبول
* أبي..
- 41 -
محيطُ دمعَتي
أكبرُ مِنَ الأرضِ
الَّتِي توجَّعتْ
مِنْ عذابي .
- 42 -
مربوطُ الصَّمْتِ فؤادي
طليقُ اللِّسانِ دمعي
والندى ينزُفُ السُّمَّ
من أصابعِهِ الحمقى
التي تَعْبَثُ بِدربِي .
- 43 -
الوردةُ كتبت ِاسْمَكِ
على عُطرِها
فصارَ الكونُ ثَمِلاً .
- 44 -
* جريمة..
المُتَّهَمَةُ أنْتِ
المُتَّهَمُ قلبي
الجَّرِيمَةُ
الشروعُ فِي حُبِّكِ
العقابُ
حنينٌ أبَدِيٌّ .
- 45 -
خلفَ هذا البابِ
تَقِفُ دمعتي
واسعةُ الانكسارِ
والتَّنَصُّتِ.
- 46 -
* أَبِي..
كانَتْ يَدُهُ تَدفَعُ عَنِّي الخوفَ
وَتَحميْنِي مِنْ أقاويلِ البَردِ
رسمَ لي دربَ القصيدةِ
سيَّجَ لِي أُفُقَ الكرامةِ
عَلَّمَنِي ألَّا أنحنيَ إلَّا للتَّسامُحِ
وألَّا أصافِحَ إلَّا النَّقاءَ.
- 47 -
أَسْرُقُ يدي مِنْ جَسَديْ
أُرْغِمُها على الكِتابَةِ
ما زِلتُ أذْكُرُ أسماءَكم
يا أصدِقاءُ.
- 48 -
لِيَ شَرْطٌ واحِدٌ
على الاستمرارِ فِي حُبِّكِ
أنْ تبقَيْ أُنْثَىْ مَهْمَا صارَ.
- 49 -
كُلُّ دربٍ لا يُوصِلُني اليكِ
تَرميهِ خُطُوَاتِي بازدِراءٍ
وأتركُ لهفتي تُرجِمُهُ بالحِجارَةِ.
- 50 -
ضيعت ظلي في الصحراء
وها هِيَ الدُّروبُ تبحثُ عَنْهُ
لَكِنَّهُ تاهَ في مَتاهاتِ الكلامِ
وغابَ في غُبارِ الصَّمتِ.*
إسطنبول
* خيبةُ الموتِ..
لا يُغِيظُ الموتَ إلَّا الشِّعرُ
وَلِهذا القَصِيدَةُ تَختَارُني
وأنا أختارُ شَكلَ الفَضَاءِ
لِأُطلِقُ شَمسِي
في عُتمَةِ الأَبجَدِيَّةِ
الزَّمَنُ كَائِنٌ يَمشِي
دُونَ التِفَاتٍ
والشِّعرُ مَحَطَّاتٌ وَمَرافِئٌ
واستراحةٌ للأجنِحَةِ
الموتُ غايتَهُ السُّكونَ
والشِّعرُ توَّاقٌ لِلْتَفَجُّرِ
ولِلْتَبحُّرِ وَلِلْانعِتَاقِ
وَلِهَذَا..
يُرسِلُ لي الموتُ
في كُلِّ لَحظَةٍ
تَحذِيرَاتِهِ الّتي لا أخَافُهَا
حتَّى وإنْ غَدَرتَ بِي يا مَوتُ
سَتَذكُرُنِي رَغماً عَنْ قَسوَتِكَ
كَتَبْتُ على جَسَدِكَ حَيَاتِي
ودَسَسْتُ في جِيُوبِكَ أوراقي
وعلى ظَهرِكَ عَلَّقْتُ
حَقِيْبَةَ كُتُبِي
فلا مَوتٌ إلَّا أنتَ يامَوتُ
ولا خُلُودٌ إلَّا لِلْشُعرِ والشُّعَرَاءِ
يَكفِيْكَ أَنْ يَهرُبَ النَّاسُ مِنكَ
وَيَكْفِي الشُّعَرَاءَ
التِفَافُ الفَرَاشَاتِ مِنْ حَولِهِم
أنا شَّاعرٌ
سأُلحقُ بِكَ الهَزِيمَةَ
خُذْ جَسَدِي المُتَهَالِك مِنِّي
خُذْ نُدُوبَاتِ عُمُرِي الضَّئِيل
وَرَمَادَ غُيُومي المُبَعثَرَةِ
وخُذْ قُصَاصَاتِ أوجاعي اليابسةِ
لكنَّكَ سَتَحتَرِقْ
إذا مالامَسْتَ بظلامِكَ
حرفاً من قصيدتي.*
إسطنبول
* يباسُ السعيرِ..
في صحراءِ أيامي
أتوسدُ آهتي
وأحتمي بخوفي
من رحيلٍ يشتَّمُ أوجاعي
فيسيلُ لعابُ النّارِ
لتنقضَّ على هشاشةِ نبضي
ووهنِ رؤايَا
سيجتُ السّرابَ بدمعي
وبنيتُ حولَ أحلامي العراءَ
إنّي لأتحدَّى النَّسمةَ
أنْ تخترقَ قبري
وأتحدَّى اللغةَ
أن تترجمَ صمتي
أنا يباسُ السعيرِ
جعلتُ من النّدى سيفي
ومن القصائدِ خطواتي
وإنِّي لجاعلٌ من غيابي حضوراً
فاستعيني يا دروبُ بحدودي
لينتشرَ الغرباءُ على رُقعةِ صرختي
آهِ ياوطني متى القاكَ؟
ليرقصَ الدَّم في وريدي.*
إسطنبول
* شهقاتُ الرُّوح..
يضيِّقُ عليَّ الحصارَ اسمُكِ
وأراهُ مكتوباً على حبلِ وريدي
وينغرزُ في مسامِ أنفاسي
وينغرسُ شتائلَ نورٍ
على ضفافِ دمي
وجهُكِ ملتصقٌ بحنيني
ويدُكِ تمسكُ أشواقي
لا يفارقُني طيبُ ذكراكِ
يا أنتِ..
يا رموشَ باصرتي
وبوَّابةَ النّسمةِ
كم بداخلي أراكِ
توقدينَ شلّالاتِ نبضي
وتمسحينَ غبارَ الطَّلعِ
عن شهقاتِ روحي
أحبُّكِ..
وفي حبُّكِ يتوالدُ وجودي
وتزخرُ بحارُ الكلماتِ
أمواجَ بهاءٍ ونشوةٍ
سيطولُ مقامُكِ في كونٍ
عالميَ السَّرمدي
يا أفقَ عمري
ونجوى البوحِ
أحبُّكِ..
و أشجارُ الأرضِ تدركُ
كم أحلِّقُ في فضاءِ عشقـِكِ
حتى أنّ القصيدةَ
تشاهدُ مدى تعلّقي
وتتلمَّسُ النّجومُ حدودَ لهفتي
فلا تكوني في هذا المدى سرابي
ولا تكوني حلمي الذي تهالَكَ
ولا صحراءَ حنجرتي في رحيلي
يا ندى حلبَ المضطرمةِ
بالغياب.*
إسطنبول
* وقالَ لي..
...وقالَ لي قاتِلي:
- سأُهديكَ ركامَ البلادِ
وأسقيكَ دمَ النّدى الغضَّ
لتكتبَ أجملَ قصائِدِكَ
على توابيتِ الهديلِ الفذِّ
وعلى حيطانِ الدَّهشةِ الصَّاغرةِ
وسأترُكُ لكَ كلَّ ما تحتاجُ
من وقتٍ مشتعلٍ ونازفٍ
لتدوّنَ أسماءَ مَنْ تفجّرتْ ملاَمحُهُم
لكَ خريرُ الدّمِ ليؤنسَ جراحَكَ
لكَ عوراتُ النّادباتِ
وأسرارُ اللواتي اغتُصِبنَ
على قارعاتِ الصّمتِ العربيِّ
والبيارقُ السّوْداءُ ترفرفُ
في رقصةِ الحكّامِ النّشامى
لكَ كلُّ هذا الموتِ المتنامي
ولأهلِكَ وجميعِ محبّيكَ
ولأسرابِ الحمامِ النّافقِ
وقال لي،
وهو يجِزُّ لي كرامتي
وأجنحةَ رؤايَ :
- ستكونُ بلادُكَ عاصمةَ الثّكالى
ومن حناجرِ اليتامى الجَوفاءِ
سيُطلُّ عليكمُ النّصرُ المؤزَّرُ
نصراً مشبَعاً بعبقِ الدَّمِ
يرفرفُ فوقَ قبورِكُمُ الغرَّاءِ
يهتفُ لأمجادِ الضَّغينة.*
إسطنبول
* أصابعُ الضّوءِ..
يلاحقُني سقوطي
أينما تعثَّرتُ بالعماءِ
أركضُُ في عُتمةِ الصرخةِ
يتناهى لدمي خُطُواتُ الموتِ
يسبقُني الخِواءُ لمخبأِ جُرحي
وقامتي
تستظلُّ بلُهاثي
يا دربَ الرّجوعِ خُذني لعكَّازتي
،لأتوكّأ على جذعِ الذِّكرياتِ
وأعطي للفرحةِ ألفَ بابٍ
يدلفُ منه الرّجاءُ
وأمنحُ وميضَ المدى
يا دربَ الندى المتعرّجَ
في شهقتي
يا موجَ الظُّلمَةِ الخرساءِ
يا لظى الوقتِ المشظَّى
كم أهرقتْني الليالي
ونهشتْ بيَ المواجعُ؟!
وأنا أقتاتُ على أصابعِ الضّوءِ
يحملُني انكساري على النّهوضِ
لأصعدَ سلالمَ أغواري الهاربُة.*
إسطنبول
* أنا لا أحبُّكِ..
وحقِّ النّدى
أنا جفَّفتُ قلبي من هواكِ
ما عادت ملامحُكِ محفورةً على نبضاتِهِ
ولا عادَ اسمُكِ يلفتُ انتباهي
لقد أكلَكِ النّسيانُ
يا منْ بُتُّ أجهلُكِ
أقلعتُ عن زراعةِ الوردِ
كي أقاومَ حنيني إليكِ
وسيَّجتُ روحي بالعتْمةِ
لتبتعدَ عنّي الفراشاتُ
وخبأتُ أجنحتي عن الغيمِ
وبترتُ أصابعَ الحروفِ
وجعلتُ قصيدتي خرساءَ
وكففتُ عن التقاطِ أنفاسي
فعلتُ مالا يُدركُهُ الجنونُ
حتّى لا يشتعلَ بدمي حنيني
لن أحبَّكِ
مهما كان الحبُّ يُحمْحٍمُ في شراييني
أنا لا أحبُّكِ
سأكذِّبُ دمعتي لو فضحتْني
سأذبحُ حنيني لو توقّدَ
سأحرُقُ آهتي إنْ تفجَّرَتْ
وسأمنعُ عنِّي الذّكرياتِ إن تسلَّلت
لا شيء يربطُني بكِ
قصائدي تلكَ لقد أعدمتُها
ما عادت لكِ من ابتسامتي شمسٌ
ولا عاد لي فضاءٌ بعينيكِ
البحرُ طمرتُهُ برمادِ سجائري
وأسدلتُ ستائري على الأفقِ
سأُبعدُ الأرضَ عن خطاكِ
وأمزّقُ دروبَ أشواقي
لستِ حبيبتي أنتِ
مهما اشتدَّ عليَّ عشقُكِ
لن أعودَ
كفاني منكِ في كلّ لحظةٍ
تقتليني
حبيبتي خلقتِ أنتِ
كي تهزميني
وعندَ بوابة الحبِّ
على مرآى النّدى
تصلُبيني.*
إسطنبول
* شهقةُ الماء..
كانَ يناديني
وكنتُ أبثُّهُ اشتعالي
وأرسمُ لهُ خرائطَ بوحي
يهفو إلى خلايا أوجاعي
وأنا أجرُّ انسيابي نحوَهُ
كأنَّ ضحكتَهُ سرابٌ
وأصابعَهُ سلسبيلُ الرَّمادِ
غامت دمعتي عندَ راحتيهِ
ورحتُ أتنشّقُ ظلَّهُ
فكم توغّلتُ في ثنايا صمتِهِ
وصوتُهُ يمطرُ في قلبي
ناراً من زلالٍ
وموسيقى من لظى
أنا أبصرُ فيهِ أشرعةَ المدى
موزّعةٌ على هسيسِ موجِهِ
يطفئُ بكائيَ العضالَ
يرتّقُ بحورَ حنيني التّائهة
سأضمُّ موتي إلى آفاقِ وردِهِ
وأتسرَّبُ إلى جمرِ آهاتِهِ الثّملى
أتلمَّسُ أشرعةَ دروبِهِ الشَّاردةِ
وفي كلِّ غيابٍ يناديني
لأطلُْ على شمسِهِ اليابسةِ
أشعلها برعشةِ قبلتي الخائفةِ
واختطف منِّي ينابيعَ عشقي
أهرِّبُ إليهِ جحافلَ من فضائي
وأزوّدُ قامتَهُ بفتيلِ نبضي
سأنثرُ فوقَ شهقتِهِ
خمورَ رحابي
وأطوّقُ عنقَهُ بحشرجةِ عطشي
أشربُ من بئرِ زوغانِهِ
وأنجو.*
إسطنبول
* بوّابةُ الابتهالِ..
إليهِ تهفو جوارحي
بتَوقٍ سحيقٍ
تناديهِ أمواجُ ناري
وتستصرخُ رطبَ لظاهُ
آهٍ على عناقِ وردِهِ
النَّابضِ بالمدى
وبأجنحةِ الصّهيلِ
أحبُّ التّسكُّعَ على شواطئِ
بوحِهِ الأثيرِ
وأنامُ تحتَ ظلالِ ابتسامتِهِ
هُوَ..
مَنْ تسافِرُ إليهِ صلاتي
هُوَ..
مَنْ تخاطبُهُ أوردتي
في كلِّ شهقةٍ منْ خلايايَ
كتبتُ على دمعتي اسمَهُ
رسمتُ على رمادِ شوقي
بُحّةَ أمواجِهِ النّاهدةِ
ليس لي إلّا قمرُ صمتِهِ
السَّابحِ في فضائي
وبابُ مناجاتِهِ في خضوعي.*
إسطنبول
* الآثم..
سَتَهوي بِكَ الدُّرُوبُ
في أصقاعِ الشِّتاتِ الأسودِ
يصحبكَ ظُلُّكَ العاثِرُ
حيثُ لا نسمةَ تدنو منكَ
لا فيءَ يُظَلِّلُ وِحشَتَكَ
ولا يدَ تصافحُ اختناقَكَ
سَتَمضِي..
نحوَ جَحِيمٍ يَستَعِرُ في عُمرِكَ
نحوَ سرابٍ يلعَقُ دَمعَكَ
وتنادي المدى
عَنْ ملاذٍ لنزيفِكَ
لا شمسَ
تشرقُ فوقَ غُربَتِكَ
لا مطرَ
يهطِلُ على صحارى
خَطَايَاكَ
وَحدَكَ..
ستمشي في نفقِ الغيابِ
تَظُنُّ الصَّدى يَداً حانيةً
وَتَحسَبُ الصَّمتَ صَدرَ أُمِّكَ
تَتَلَفَّتُ في ظُلمَةِ الرِّيحِ
تَتَمَسَّكُ برعشاتِ خَوفِكَ
تَأكُلُ من لحمِ خيبتِكَ
تشربُ من إبريقِ القهرِ
يُطارِدُكَ وميضُ الذِّكرياتِ
في قلبِكَ نَدَمٌ ينمو
في روُحِكَ بكاءٌ يَتَوَسَّعُ
وفي يَدِكَ مفاتيحُ النِّهايةِ
لذنوبٍ أنتَ أشعلتَها
وَمَعَاصٍ آثمةٍ
أنتَ فتحتَ لها الأبوابَ.*
إسطنبول
* أبوابُ الماءِ..
- 11 -
النٌّسمةُ فٌكٌتْ جَدَائِلَها
ورَفرَفَتْ أغصانُ الكلامِ
عندٌ أبوابِ الماءِ.
- 12 -
كالرِّيحِ تَنفَرِدُ أجنحةُ لُغَتِي
تَحمِلُ جبالَ حُزني
فتصطّدِمُ بمرايا النّدى
تتهشَّمُ القصيدةُ
ولا ينطُقُ الحُطَامُ.
- 13 -
أغفو على ساعدِ الذّكرياتِ
قلبي يسبحُ في فضاءِ الشَّوقِ
ودمعي يسري في أوردةِ الليلِ
يمضي إلى ركنِ الصّمتِ
وأنا أمُدُْ جسرَ الكلماتِ
إلى أُذُنِ الخوفِ
- 14 -
الطّريقُ يفهمُني
يقرأُ ما في قلبي من حنينٍ
ويُبصِرُ دربَ أشواقي
في أعالي لهفَتِي
وقُممِ بكائي
وذُروةِ صبري
وأراهُ في دمعِ خطاي
يَلتفُّ حولَ انتظاري
كحبلِ النّارِ في أوردتي
يحملُ نهايةَ دمي
في زورقِ السَّكينةِ
وأنا أشدُّ المسافةَ نحوي
كطائرٍ فَقَدَ فضاءَهُ
وأرسُمُ في عطشي
بحيراتِ ظنوني
علٌْ الدَّقٌ على الأبوابِ
لا يصدأُ
ويدخُلُ الندى إلى جرحي
بعد شللٍ مريرِ الهُتافِ.
- 15 -
الخيبةُ رَسَمَتْ مَلَامِحَهَا على خُطوتي
وأنا أجتازُ مَمَرَّاتِ حُدُودِي
لأعبُرَ نَفَقَ الكلامِ.
- 16 -
أتجاهلُ نبضَ قلبي
كلَّما نادى عليكُمُ
أنتمْ من زَرعَ الوِحشٌةَ
في أرضِ انتظاري
وقد طالَ موتُ المجيءِ
حينَ أبوابُكُم أُغلِقَت
بوجهِ حَنيني.
- 17 -
لمْ يبقَ في أورِدتي
سوى السؤالِ
تَعُضُّ عليهِ نواجِذُ دمِي
وآفاقُ الأغلالِ
- 18 -
الدَّمعةُ تخلعُ نعلَيها وتسيلُ من القلبِ
على حُدُودِ العمرِ
والقلبُ يزدردُ النارٌ من نبضِهِ
ويصيحُ على الحبِّ
بكُلِّ لُغاتِ الموتِ
وما تبقى من أبجديَّةِ الصَّمتِ
علَّ الأحجارَ تسمعُ خريرَ الوقتِ
من ظلمةِ الطُّرُقاتِ في الصدرِ
لتنامَ شهقةُ الإعصارِ في النّبضِ
وتعودَ للمدى بيارةُ الومضاتِ
أصحو..
ولا تنهضُ خطايَ
أنهضُ..
ولا تصحو عزيمتي
أفتِّشُ الدّربَ عن جسدي.
- 19 -
كامِلَةُ الفِتنةِ
أغدقَتْ عليَّ الانتظارَ
بَكٌتِ النَّافِذةُ
لمّا ابتلّتْ بالغيابِ
وأطَلَّتْ على شُهُوقِ ارتجافِي.
- 20 -
نهضتِ الأرضُ لمّا تكسَّرتْ أجنحتي
وقالت :
- تعكَّزَ على ندى الحُلُمِ
فالأفقُ مغلقُ الدّربِ
إن لمْ تَتَّجِِهْ صوبَ نفسِك
فانزع عن قلبِكَ العجزَ
واشربْ ثُمالةَ الرَّملِ
ليبزُغَ الوردُ فيكَ
مثلَ غمامِ النَّارِ
في رُوحِكَ العطشى للانتشارِ.*
إسطنبول
* في البدء..
- 51 -
على هذا العرشِ
جلستْ
وعلى هذِهِ الحَصى
بَكَيتُ.
- 52 -
في البَدْءِ
كانَ حبُّكِ
ثُمَّ
جاءَ الشُّعَرَاءُ.
- 53 -
أَجْمَعَ العُلماءُ
على أنَّ حُبَّكِ
كانَ ضرورةً لِتَشكُّلِ الكونِ.
- 54 -
انقضَتْ شِفاهُ شَيخوخَتي
على عُنُقِكِ
فانْبَلجَ العِشْقُ
وكانَ الموجُ فتياً.
- 55 -
أتعثَّرُ بِفِتنَتِكِ
فأنا أعمى الدَّمِ
أشُمُّ المَوتَ إنْ غِبتِ
وصارَ الوَقْتُ حَجَراً.*
إسطنبول
* الجوع..
تجوعُ أصابعي لكفِّ يدِكِ
كجوعِ الوردةِ للندى
والفراشاتِ للضوءِ
تجوعُ أنفاسي لعُطرِكِ
كجوعِ الموجِ للأرضِ
والشّراعِ للعواصفِ
تجوعُ عيناي لمرآكِ
كجوعِ النّارِ للنسمةِ
والأقمارِ إلى قُبلِ العاشقينَ
تجوعُ قصيدتي لصفاتِكِ
كجوعِ لغتي إلى المعنى
والسّماءِ إلى الغيمةِ
تجوعُ روحي إلى جسدِكِ
كجوعِ الشّهقةِ إلى الآهةِ
والأرضِ إلى السنابلِ
إليكِ أجوعُ.. أجوعُ
كجوعِ الموتِ إلى ظمئي
وجوعِ القبرِ إلى صمتي.*
إسطنبول
* متربعٌ على عرشِ الهَشِيمِ!!!
متربعٌ على الانهيارِ والدَّمعةِ
على الجرحِ والصرخةِ
على الأزماتِ والطوابيرِ
على الليرةِ الميتةِ
على الجوعِ المهينِ
متربعٌ على جماجمِ شعبهِ
على تشردِ الملايينِ
على بيعِ البلادِ للعدوِ
على الذّلِ والهوانِ
على صراخِ المعتقلين
على تحسرِ الأرض على سكانها
على سواعدِ الشبيحةِ الذين قرفوا منهُ
متربعٌ على الصّمتِ الدّولي
على قلقِ الأممِ المتّحدةِ
على أرضاءِ إسرائيل
على الكورونا التي تشبههُ
على لا مبالاةِ الحكامِ العرب
على خيانةِ قادة المعارضة وسرقاتهم
على الأقليةِ الخائفة
على الطائفيةِ المقيتة
متربعٌ على أزمةِ الضّميرِ العالمي
على خلافِ المثقفين العاهرين
وتصفيقِ نجومِ الفن
متربعٌ على قهرنا
وسَيُجَدِدُ..
وَيُريدُ أن يبقى للأبد!!!*
إسطنبول
* رغبةٌ أخيرة..
أصدقائِي..
رُغمَ خِياناتِكُمُ المتكرَّرةِ
مضطرٌ لِأنْ أثَقَ بكُمُ اليومَ
فاذهبوا وحدُكمْ واتركوني
ولكمْ أشدَّ حالاتِ اعتذاري
مجبرٌ على ألَّا أرافقَكم
في تشييعِ جنازتي
فإنَّني على موعدٍ هامٍّ للغايةِ
مع حبببتي الفاتنةِ
سنُناقشُ اليوم مسألةَ مستقبلِنا المشترَكِ
وسأوضِحُ لها
بكلِّ بساطةٍ
أنَّني لا أملُك الكثيرَ من المالِ
ولكنَّ عندي ثروةٌ مِنَ القصائدِ
وتِلالٌ مِنَ القُبُلاتِ
وبساتينٌ مِنَ الأغاني
سنتفقُ..
أنا متأكدٌ
إنْ لم يتدخلْ أحدُكُمْ
ويبرزْ خيانتَهُ غيرَ المتوقَّعةِ
كأنْ يُغري حبيبتي بأموالِهِ
أو يخبرَها بشفافيَّةٍ
عن موتي في هذا الصباحِ
الذي أنتوي حجبَهُ عنها مؤبَّداً
فرجائي مِنْ أصدقائي الأوفياءِ
كتمانَ أمري
والتستُّرَ
وعدمَ البكاءِ
لأستمر في حُبِّي
وكتابةِ الشِّعرِ.*
إسطنبول
* في المساء..
يد الرئيس
تهدهد أجنحة الشّمس
وبراحة كفّه المباركة
يزيل الغبار عن جبهتها
يسقيها من حليب روحه
ويطهّر بدنها اللدن
من صناببر نوره
يد الرئيس بيضاء
تكفّن شهداءنا
تزيل الدّم عن أحلامهم
وتثري عويل اليتامى
في الشتاء..
يد الرئيس تقبض على الغيوم
وتمطر فوقنا
زخات من وعود
فتبعث في حقولنا قامات من صمود
ليس فيها إلاّ الرّعود
فتزهر على جباهنا
آيات السّجود
فويل.. ثمّ ويل
لمن بانت على سحنته
علامات الجحود. *
إسطنبول
ملاحظة:
هذه القصيدة مستخرجة من قصتي- إجراءات-
* مديح الصاروخ العالي..
الفرحةُ رسمت على سعتِها
فلسطين
والأملُ نشرَ على مصراعَيهِ
فلسطين
كلُ الأمواجِ تغسلُ الآن
أقدامَ فلسطين
كلُ الأدراجِ تصعدُ الآنَ
شموخَ فلسطين
حملوا على الصواريخِ
زغاريدَ البطولةِ
نقشُوا على الفضاءِ
إرادةَ الرجولةِ
فلسطينُ تزيحُ عن تيجانِ
السلاطينِ العربِ ركامَ العفونةِ
فلسطينُ تعيدُ للضادِ معانيَهُ
وللشرفِ العربي خصالَهُ
الآنَ صارَ للحياةِ طعمٌ
وصارَ للبحرِ موجٌ
وصارَ للصمودِ أبجديةٌ.*
إسطنبول
* سِكِّينُكً..
سِكِّينُـكَ التي طعـنْـتَـني بها غدراً
صَارتْ بيدي سلاحاً
لتطاردَ جرائمَكَ أينَمَا حَلَلْتَ
وتشقَ للشمسِ نافذةً
يعبرُها الهواءُ
سِكِّينُـكَ العمياءُ هذه
ارتَبَكتْ في حقولِ يدي
وصَارتْ تعدمُ الأشواكَ
وتبترُ أصابعَ الظُّلمِ
وتدعو لمهرجانِ السَّلامِ
سِكينُـكَ الحـادةُ هذه
اعتادتْ أن تغرقَ يدَك بالدمِ
في حينِ تَعَودتْ وهي بيدي
أن تبحرَ وتصطادَ الغرقَ
سِكِّينُـكَ التي كادتْ أن تقتلَ
مدينةً
غدتِ الآنَ في يدي
حارسةً للحياةِ.*
إسطنبول
* فضاء الموت..
أستندُ على كتفِ الموتِ
أطوْقُ خصرهُ بحبٍّ ونمشي
أحدِّثُهُ عن سنواتٍ عشتُها
قبلَ تعرّفي عليهِ
كَانتِ الأيامُ وقتها جلفةً
لا تشي بالنّهايةِ البيضاءِ
الموتُ ظلُّ حياتي الرّعناءِ
كنتُ إن ضاقت بقصيدتي السّبلُ
أركنُ أوجاعي على صدرِهِ
وأنامُ على سريرهِ الواسعِ
حتْى أشفى من بكائي
هُوَ..
من أعطاني مفاتيحَ الدّرجِ
وأجنحةَ الأمدِ
ومندُ أن واجهتُ الاشتعالَ
أدركتُ..
أنْهُ الوحيدُ
الذي لن يتخلّى عنّي
الموتُ..
مدّ لي جسوراً منَ الكلماتِ
سأنثرُها في فضاءِ العشقِ
لأوقظَ حممَ الاشتهاءِ
في نهودِ اليباسِ
وسأعطي لشفاهِ الأشجارِ
حقٌّها من قبلاتِ النّدى
وأرسمُ على جسدِ الآهةِ
شبقَ الدُّروبِ الواثبةِ
َنحوٌ أفقِ المبتغى
ليشهقٌ قلبُ السّديمِ
وسأخففُ عن الموجِ
عناءٌ اللهاثِ
بتقاطر الصّهيلِ في بحر الجُنونِ
أتسابقُ مع الموتِ
في أحتضانِ شهقةِ النْارِ
وأغافلُهُ
حينٌ أترسُ بوجهِهِ البابَ
لأحظى بلقاءِ من لا تأبَهُ
لنجواهُ
وسنسخرُ من تهديداتِهِ
ضاحكينَ
حينَ ننفردُ ببعضينا
أنا وحبيبتي.*
إسطنبول
* غَثَيَانُ الصًّدى..
ركضتْ خلفي النهايةُ
فتعثَّرتْ بآهاتي
أمسكتْ بجذوعِ رمادي
وساقتني لحفرةٍ من صريرٍ
ورمتني على خوفي
لينهشَ العدمُ بذكرياتي
كان حُبِّي عصيَّاً على الفَناءِ
وقلبي مسوَّراً بعطرِ إبتسامتِكِ
وكان نبضُهُ متشبِّثاً بأصابعِ أُنوثتِكِ
وفي دمِهِ يرقُدُ همسِكِ
وبأسنانِهِ يعضُّ على دربِكِ
المفتوحِ على التشرُّدِ
وكانتِ المسافاتُ تنزُفُ الخُطى
والسماءُ تكشُفُ ُالغيومَ بانخفاضِها
تلعقُ تيبُّسَ حنيني
الشمسُ يفترسُها غرابٌ أسودُ
والبحرُ يأكلُ السرابُ نعليهِ
والجبالُ يميدُ بها الرحيلُ
أمي لمْ تتركْ لي فرصةً لأودَّعَها
قالتْ لليالي الإنتظارِ:
- أنتِ كاذبةٌ.
ذهبتْ من الأرضِ أشجارُها
غادرتْ الينابيعِ مجراها
والأفقُ تسلّل إلى جوفِ غُصَّتي
شيَّدَت على دفاتري وجعي
نثرَتْ أحرُفي كالرمادِ
فوقَ أسرابِ المقابرِ
إنّي أتَّهمُ الموتَ بالتأخُّرِ
والصدى بالغثَيَانِ
والأملَ بالفجورِ
وأنا أبحثُ عن فجوةٍ
في هذا العَراءِ المكتظِّ
بالعدمِ.*
إسطنبول
* رياحُ العتمةِ..
يَصعدُ الجبلُ فوق لُهاثي
يتمسَّكُ الأفقُ بتطلُّْعاتي
وخلفي
تجرُّ ُّالأسئلةُ أذيالَها
عبثاً
أنادي السّديمَ
لكنَّ الجهاتِ ضلَّتْ دروبي
في قلبي لهيبٌ مِنَ الوحدةِ
في دمي عَراءٌ منَ الحِممِ
في صوتيَ انفجارُ الرَّغبةِ
وعواصفُ الأمنياتِ
رحلتْ أشواقي عن أغصاني
تركتْني شهوةُ النَّبضِ
أسقُطُ في لُجَّةِ الانصهارِ
أتدحرجُ في مستنقعاتِ قلقي
غمرتني رياحُ العُتمةِ
فرُحتُ أطاردُ ظنوني
حُرِمَتْ طفولتي من البسمةِ
وفَقدَتْ براكيني ملمسَ الندى
كان الليلُ يأتيني مخضَّباً بالوجعِ الذي
لا يغادرُني
حتَّى تتركُني أنفاسي
وأرتمي من علياءِ يقظتي
مُتُّ ألفَ موتٍ لتحيا هزائمي
وأشيِّدَ قبراً من الدّموعِ
لِأُواري فيهِ قصائدي.*
إسطنبول
* الموت الحلم..
دُلوني على قبري
لا أريدُ التأخُّرَ عليه
ولا أطمعُ برفقةِ أحدٍ
يحملُني على الأكتافِ
حتَّى الوداعِ لا أُحبُّهُ
فقد أكلتْ منِّي العزلةُ
صوتي وأصابعي
ليتني أستطيعُ اختيارَ
مكانِ مرقدي
كنتُ أفضِّلُ تربةَ بلدي
قربَ مثوى أمي
علَّّ رائحةَ حنانِها تتسرَّبُ إليَّ
همَساتِ قلبِها لِتدفِءَ ارتعاشي
لمَساتِ دمعِها تهدْهِدُ ناري
مدفنُ أُمِّي بدايةُ طريقِ الجنّةِ
كلّما مشيتُ فيه أورَقَ النورُ
وتقافزَتْ من حوليَ أزاهيرُ السعادةِ
لكنَّّ الإغترابَ موتٌ مميتٌ
تُدفَنُ ولا تعرفُ اسمَ مَنْ حولِكَ
ربَّما كان جارُك المَيْتُ عنصرياً يسرقُ من تحتِكَ العشبَ
ومنْ فوقِكَ الترابَ
أو يخطُفُ منكَ لغتَكَ
وأنتَ لا تقدُرُ على ملاحقتِهِ
ليتَ الموتَ يشرِّعُ قانوناً
يمنعُ على الغريبِ الموتَ
إلّا في بلدِهِ
عندَ أهلِهِ ومحبيهِ
وليكنْ كفنُهُ علمَهُ الوطنيَّ
وبذلك يكونُ الموتُ جميلاً
وبهيَّاً.*
إسطنبول
* درب الأفول..
أَمشي على وجعي المديدِ
خطايَ مثقلةٌ بالنحيبِ
يرافقُني انكساري
ويصحبُني جمرُ التّنهداتِ
أمشي فوقَ لهاثي
ويلوّحُ لي دربُ الأفولِ
أستبقُ دمعتي
تطاردُني خيبتي
ويركضُ في دمي السّقوطُ
يسدُّ عليَّ السَّرابُ الجِهات
من هُنا هاجمتني ضواري الظّنونِ
وامتدت إليَّ ألسنةُ البوادي
الشّمسُ تقعدُ فوقَ أنفاسي
السّماءُ تتمسّكُ بحنجرتي
والهواءُ صارَ شوكاً
خلفَ أسوارِ الموتِ الشّاهقةِ
ترزحُ مدينتي
فمن يأخذُني إليها يا جنونُ ؟!
قصيدتي عطشى للفضاءِ
وأحلامي جفَّت فيها النّوافذُ
أُشيّعُ عمري كلَّ يومٍ
وأُودعُ ما تساقطَ من أفقي
يشربُني الحنينُ الهائمُ
ويأكلُ الصّمتُ من أحرفي الذّابلةِ
الوقتُ ما عادَ يأبهُ لوقتِهِ
والأرضُ تلتهمُها القبورُ.*
إسطنبول
* آهٍ بلادي..
حَجَرٌ يَهوِي بِلَهفَتِي
يَصطَدِمُ بِأضواءِ حنيني
وَيُحَطِّمُ نسائمَ عُشبِي
النَّابتِ في حقولِ نبضي
وَيَنبَثِقُ دَمُ صَرخَتِي
فَتَغرَقُ سُفُنُ القصيدَةِ
وتبكي المَسَافَاتُ
داخِلَ غُصَّتِي
فَيَتَقَدَّمُ العراءُ
يُنهِضُ عنِّي رَمِيْمَ نِدَائِي
وأنا أحِنُّ إلى خُبزِ بلادي
وهوائِها المَحشُوِّ بالسُكَّرِ
وإلى قمرٍ كانَ يُدَغدِغُ قلبي
ويُلاعِبُ أسطُرِي
وأحِنُّ إلى شَجَرٍ يُثْمِرُ النَّدَى
وإلى ماءٍ تَشَرَّبَ الضَّوءَ
بلادي تَعشَقُهَا الشَّمسُ
بلادي إلهَامُ المَطَرِ
وبلادي أنفاسُ الفضاءِ
ومَقَامُ السَّماءِ
وأصابِعُ الزَّمنِ
فيها ينمو الخلودُ ويَكْبُرُ
دُرَّةُ الأرضِ هِيَ
وتاجٌ على رأسِ التَّكوينِ
آهٍ بلادي..
كَمْ أنا ميِّتٌ بِدُونِكِ؟!
وكَمْ ذرفتْ عَلَيْكِ رَوحِي
القَصَائِدَ؟!*
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول
الفهرس:
=======================
01 - ناصية الإغتراب
02 - وجع الأشرعة
03 - سيبقى عشقي طليقاً
04 - أمل
05 - ومضات مشلولة الوميض
06 - أوردة الخراب
07 - أبي
08 - خيبة الموت
09 - يباسِ السعير
10 - شهقات الروح
11 - وقال لي
12 - أصابع الضوء
13 - أنا لا أحبكِ
14 - شهقة الماء
15 - بوابة الإبتهال
16 - الأثم
17 - أبواب الماء
18 - في البدء
19 - الجوع
20 - متربع على عرش الهشيم
21 - رغبة أخيرة
22 - في المساء
23 - مديح الظل العالي
24 - سكينكَ
25 - فضاءٌ الموت
26 - غثيان الصدى
27 - رياح العتمة
28 - الموت الحلم
29 - درب الأفول
30 - آهٍ بلادي
-------------------------------------------------
مصطفى الحاج حسين.