محمود الباجوري - عليَّ أن أحتفظ بمشاعر إضافية في جيبي

عليَّ أن أحتفظ بمشاعر إضافية في جيبي
فلا أحد يعرف كم مرة سيظهر شخص يحتاج إلى مشاعر بشكل مفاجئ
لا أحد يعرف.


الطفلة التي قابلتها على الكورنيش تبيع ترمس
والتي جلست بجواري تشكو من قسوة أمها
ومثل روائي بارع ومحترف
صارت تسرد الحكاية بالتفصيل الممل والمذل والقاتل
وددت لو قلت:
"أرجوكي، توقفي عن الحكي، قلبي ينتفض"
الهاتف يرن عشرات المرات
لا أرد
المهمة ثقيلة وغاشمة
كأن زلزالاً يبيع ترمس على الشاطئ
أنهال بيدي على فخذي وأبكي
الطفلة فشلت في عقد صفقة مع العالم منذ البداية !
بالتأكيد، بالتأكيد
باقي السنوات التي ستعيشها مشوشة ولا تعرف معناها.


المرأة المسنة التي ساعدتها في عبور الشارع
عندما لمست أصابعها
شعرت بسريان تيار كهربي في جسدي
الأصابع مختومة بكل مآسي الحياة
لابد أن تتألم كثيراً لكي تتعلم
في النهاية، قالت لي:
"روح يا ابني، إلهي ربنا ما يكوي قلبك"
العبارة تخترق حواسي بسرعة هائلة
وددت لو قلت لها من باب الدعابة:
"العبارة إشارة غير مفهومة"
لكنني انصرفت بسرعة سيارة هوندا
أحاول فك شفرات العبارة
أحاول
أحاول
أحاول وأجتهد
أهاااااااا، فهمت، فهمت
عليَّ أن أتخذ ثلاثة قرارات مهمة في حياتي
أولاً
عليَّ أن أذهب إلى أم البنت التي أحبها
وأعترف لها بالهزيمة وبسرعة
دائماً هناك اعترافات نائمة تنتظر الإشارة لتستيقظ
أحدها الاعتراف بالحب
بالمناسبة
لو فعلت ذلك،
سيأتي القرار الثاني والثالث من تلقاء نفسهما.


الطفل الذي وجدته نائماً تحت ماكينة ATM
وأنا أكره كل ماكينات النقود في العالم
لكنني كنت مضطراً للنزول هذه الليلة
(ملاحظة صغيرة: الطفل كان نائماً بالفعل)
عندما أيقظته، سألته: ما هي الحكاية؟
قال لي: "أبي يسكب مياة ساخنة على أمي
ولا أخفيك سراً
أنا أرتاح جداً عندما أنام في الشارع"
يا الللللللللله
الطيبة مزحة يتسلى بها الناس
فجأة، قال لي:
"من فضلك، أريد أن أتبول"
ركن الطفل رأسه جهة اليسار، جهة القلب، وبدأ في التبول
بدون مبالغة
الطفل كان يتبول من عكارة نفسه
على مرآة العالم المكسورة
فجأة تتهشم المرآة
ويخرج منها عدد لا نهائي من الجثث
لو حركت ستارة روحك بضعة سنتيمترات
تستطيع أن ترى الجثث بوضوح من النافذة
جرب وستعرف
لا أحد يعرف . .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...