في عالم الرياضة الفردية العنيفة، كما في جميع ارجاء الدنيا، هنالك الانسان المحترم وان خسر، والبغيض وان انتصر، ومعبود الجماهير إن فاز، والمنسي والمطوي، والمهمل والجاد.
غير أن هنالك صنفا من البشر، وعلى الأدق من مصارعات وملاكمات، تمسي أضحوكة المجالس النسوية، وتتمنى ان لم تمارس اللعبة يوما او يعرفها أحد، وتلك هي المغرورة التي لا تكتفي بالغرور، بل وتمارس لعبة التباهي والاستفزاز ضد أية امرأة، دون تمييز بين بطلة ومبتدئة..
كانت كواعب واحدة من ذلك الصنف من النساء اللواتي يظنن انهن مصارعات العصر، وملاكمات القرن، وكيف ان قبضتها مثل الدواء المخدر تماما، ترسل خصمتها الى منام سعيد طويل دوما..
من دون مناسبة ودون محبة بيننا، كانت تجالسني في كافيتريا النادي، تسلم فأرد التحية، تطلب الشاي لنا فأعتذر عن تناوله معها شاكرة، تحاول اشراكي بطعامها فأرد الدعوة بلطف، كوني اتبع نظاما غذائيا قاسيا للغاية..
كان حديثها عادة ما ينصب حول انتصاراتها على المتحديات، فقد ابتدأت حياتها مصارعة، صرعت نساء بغداد من جميع النوادي، وسحقت بطلة بابل والبصرة، وقد تلقت عروضا عدة، لكنها رفضتها جميعا واتجهت نحو الملاكمة !!
ابتسمت لها بلطف ولم أزد عن كلمة احسنت، واستأذنتها لاتصل بأمي.
لا اعرف كيف كانت سحنة وجهها، وكل ما اذكره انها غادرت دون وداع، فانشغلت بالتدريب والمواظبه على التمرين.
كانت كلمات أمي بالنسبة لي كتابا من الحكم، فهي لا تفتأ تؤكد أن المغرور يصرعه غروره، وانه لطالما سار وعيناه تنظران نحو السماء، فلابد أن تبتلعه الحفر..
عند اليوم التالي، وقفت قربي وخاطبتني بشيء من الحدة : بلكمة قاضية صرعت لاعبة نادي الكرخ، وخلال دقائق كانوا يحملون بطلة نادي فلسطين على نقالة، واحداهن انسيتها كيف تغادر الحلبة.
- والمطلوب حبيبتي؟
بوغتت بجوابي وعدم مبالاتي، وغادرت نحو الباب ثم عادت مسرعة نحوي وهي تقول:
- طيوب.. خذي حذرك فانا عاصفة هوجاء لا ارحم .
ضحكت بهدوء ثم لم البث ان قلت كلمة واحدة :
- عشرون !!
كاد أن يجن جنونها...
ماذا اقصد بهذه الكلمة، عشرون؟؟ اي عشرين هذه..
-ستفهمينها حين نتصارع او نتلاكم ٠٠
- ومتى كنت مصارعة يا طيوب؟؟
- يبدو لي انك معزولة عن العالم، فانا مصارعة َوملاكمة ومعها ألعاب أخر لا أحب ذكرها الآن.
- وهل هذا قصدك بكلمة عشرين؟.
-كلا، ستفهمين مقاصدها حين نتواجه..
وهنا، انقلبت كواعب الى وحش كاسر، وجحظت عيناها مثل الميدوزا في القصص الاغريقية القديمة، وكشفت عما بداخلها حين صرخت :
سوف أمزق آمالك طيوب واجعلك تندمين، سأحيلك رمادا تذروه الرياح، اكبرك باربع سنوات من العمر والخبرة ولي ضعف قوتك..
- عفوا.. عشرون..
- حسنا.. سوف تدفعين ثمن هذا الهراء كله، وستعترفين لي يا طيبة ما تقصدين بعشرين، بعد خسارتك الموعودة أمامي...
حين حل يوم النزال، اكتشفت كم هي بغيضة من قبل جميع مصارعات وملاكمات النادي، وكيف اتجه الجميع نحوي يشجعونني، المقربات واللواتي ليس لي معرفة بهن البتة..
رن جرس المباراة، كانت تحاول الهجوم الكاسح بطريقة اللبوة، ناسية ان التي أمامها ليست لبوة، بل انسانة اطلق عليها الجميع لقب الاسد، تجنبت ضربتها الهوك،وهي لكمة جانبية خطيرة، وتفاديت لكمة خطف، وصرت اتحرك امامها كما النحلة، لا تستطيع مجرد لمسي، ثم وبلكمة مستقيمه واحده، عادت الى الخلف مترنحة، ووقفت وكأنها تنظر نحو لاشي، ثم سقطت مثل جذع شجرة متيبس لا يصلح لشي، خلال عشر ثوان ليس إلا !!
حملوها نحو حجرة النساء، كانت بحال يرثى له حقا، فم معوج، وجه مكفهر بلا ملامح، عاجزة عن الحركة، انتظرت قليلا قربها حين استفاقت وجلست عند أقرب كرسي، فقلت لها :
أين قوتك الان واين تهديدك؟ هل عرفت يا حبيبتي معنى عشرين؟ رقمك هو عشرون من اللواتي سبقنك في التهديد والوعيد، والويل والثبور، ولم اجد واحدة منهن قد غادرت الحلبة تسير على ساقيها، والفرق بينك وبينهن انك لم تكلفيني سوى جهد الحضور للحلبه، وقد حولتك الى متفرجة ليس الا، وتظلين لدي محض متفرجة لطالما لم تؤمني ان الحلبة هي الفيصل، والبساط هو الحكم، وبخلافه تصبح اللاعبة مجرد بساط ملقى على الارض دون حراك، بعد تلقيها درسا لن تنساه، في عوالم التحدي والقوة ..
غير أن هنالك صنفا من البشر، وعلى الأدق من مصارعات وملاكمات، تمسي أضحوكة المجالس النسوية، وتتمنى ان لم تمارس اللعبة يوما او يعرفها أحد، وتلك هي المغرورة التي لا تكتفي بالغرور، بل وتمارس لعبة التباهي والاستفزاز ضد أية امرأة، دون تمييز بين بطلة ومبتدئة..
كانت كواعب واحدة من ذلك الصنف من النساء اللواتي يظنن انهن مصارعات العصر، وملاكمات القرن، وكيف ان قبضتها مثل الدواء المخدر تماما، ترسل خصمتها الى منام سعيد طويل دوما..
من دون مناسبة ودون محبة بيننا، كانت تجالسني في كافيتريا النادي، تسلم فأرد التحية، تطلب الشاي لنا فأعتذر عن تناوله معها شاكرة، تحاول اشراكي بطعامها فأرد الدعوة بلطف، كوني اتبع نظاما غذائيا قاسيا للغاية..
كان حديثها عادة ما ينصب حول انتصاراتها على المتحديات، فقد ابتدأت حياتها مصارعة، صرعت نساء بغداد من جميع النوادي، وسحقت بطلة بابل والبصرة، وقد تلقت عروضا عدة، لكنها رفضتها جميعا واتجهت نحو الملاكمة !!
ابتسمت لها بلطف ولم أزد عن كلمة احسنت، واستأذنتها لاتصل بأمي.
لا اعرف كيف كانت سحنة وجهها، وكل ما اذكره انها غادرت دون وداع، فانشغلت بالتدريب والمواظبه على التمرين.
كانت كلمات أمي بالنسبة لي كتابا من الحكم، فهي لا تفتأ تؤكد أن المغرور يصرعه غروره، وانه لطالما سار وعيناه تنظران نحو السماء، فلابد أن تبتلعه الحفر..
عند اليوم التالي، وقفت قربي وخاطبتني بشيء من الحدة : بلكمة قاضية صرعت لاعبة نادي الكرخ، وخلال دقائق كانوا يحملون بطلة نادي فلسطين على نقالة، واحداهن انسيتها كيف تغادر الحلبة.
- والمطلوب حبيبتي؟
بوغتت بجوابي وعدم مبالاتي، وغادرت نحو الباب ثم عادت مسرعة نحوي وهي تقول:
- طيوب.. خذي حذرك فانا عاصفة هوجاء لا ارحم .
ضحكت بهدوء ثم لم البث ان قلت كلمة واحدة :
- عشرون !!
كاد أن يجن جنونها...
ماذا اقصد بهذه الكلمة، عشرون؟؟ اي عشرين هذه..
-ستفهمينها حين نتصارع او نتلاكم ٠٠
- ومتى كنت مصارعة يا طيوب؟؟
- يبدو لي انك معزولة عن العالم، فانا مصارعة َوملاكمة ومعها ألعاب أخر لا أحب ذكرها الآن.
- وهل هذا قصدك بكلمة عشرين؟.
-كلا، ستفهمين مقاصدها حين نتواجه..
وهنا، انقلبت كواعب الى وحش كاسر، وجحظت عيناها مثل الميدوزا في القصص الاغريقية القديمة، وكشفت عما بداخلها حين صرخت :
سوف أمزق آمالك طيوب واجعلك تندمين، سأحيلك رمادا تذروه الرياح، اكبرك باربع سنوات من العمر والخبرة ولي ضعف قوتك..
- عفوا.. عشرون..
- حسنا.. سوف تدفعين ثمن هذا الهراء كله، وستعترفين لي يا طيبة ما تقصدين بعشرين، بعد خسارتك الموعودة أمامي...
حين حل يوم النزال، اكتشفت كم هي بغيضة من قبل جميع مصارعات وملاكمات النادي، وكيف اتجه الجميع نحوي يشجعونني، المقربات واللواتي ليس لي معرفة بهن البتة..
رن جرس المباراة، كانت تحاول الهجوم الكاسح بطريقة اللبوة، ناسية ان التي أمامها ليست لبوة، بل انسانة اطلق عليها الجميع لقب الاسد، تجنبت ضربتها الهوك،وهي لكمة جانبية خطيرة، وتفاديت لكمة خطف، وصرت اتحرك امامها كما النحلة، لا تستطيع مجرد لمسي، ثم وبلكمة مستقيمه واحده، عادت الى الخلف مترنحة، ووقفت وكأنها تنظر نحو لاشي، ثم سقطت مثل جذع شجرة متيبس لا يصلح لشي، خلال عشر ثوان ليس إلا !!
حملوها نحو حجرة النساء، كانت بحال يرثى له حقا، فم معوج، وجه مكفهر بلا ملامح، عاجزة عن الحركة، انتظرت قليلا قربها حين استفاقت وجلست عند أقرب كرسي، فقلت لها :
أين قوتك الان واين تهديدك؟ هل عرفت يا حبيبتي معنى عشرين؟ رقمك هو عشرون من اللواتي سبقنك في التهديد والوعيد، والويل والثبور، ولم اجد واحدة منهن قد غادرت الحلبة تسير على ساقيها، والفرق بينك وبينهن انك لم تكلفيني سوى جهد الحضور للحلبه، وقد حولتك الى متفرجة ليس الا، وتظلين لدي محض متفرجة لطالما لم تؤمني ان الحلبة هي الفيصل، والبساط هو الحكم، وبخلافه تصبح اللاعبة مجرد بساط ملقى على الارض دون حراك، بعد تلقيها درسا لن تنساه، في عوالم التحدي والقوة ..