سألته وأنا أشعر بالخوف ينمو داخل نفسي:
- هل تدرك أننا لن نكون معًا بعد اليوم؟
لم أسمع أية إجابة منه فسمحت لنفسي بالبكاء.
الحياة تصبح قاسية أحيانًا!
نهضتُ من فراشي بعد أن سحبت يدي من تحته وسرت خطوات صوب النافذة التي تجمعت على زجاجها كمية من البخار رسمت فوقه دائرة بجانبها دائرة ثم واحدة أصغر.
كانت السماء ملبدة بالغيوم، والقمر من بينها يوشك على الرحيل، بينما الضباب يغطي أسطح المنازل والبنايات. تلك كانت الساعة الأولى من الفجر.
حملتني أفكاري المشوشة لعالم آخر، شعرت بالظلام يسود تلك الأفكار عندها وجدت نفسي أتساءل:
هل هو مدرك لما سيحدث بعد قليل؟
رغبت في معرفة شعوره قبل الانفصال، لكني عدلتُ عن الفكرة حينما أدركت أن الشعور حالة لا تصيبه أبدًا.
قطعتْ الممرضة سيل الأفكار المتدفق من رأسي حالما دخلتْ الغرفة. استلقيتُ على ظهري بناءً على طلبها، فموعد حقنة تنظيم الضغط قد حان.
قلت له بعد أن خرجتْ: تبدو غير مبالية بما سيحدث لنا!
الرد ليس سهلًا على مخلوق مثله.
أقنعت نفسي بهذا السبب وأنا أعيد يدي لأضعها تحته. على الرغم من احتضاره إلا أنه كان دافئاً، ذاعبق خاص ولون مميز. تمنيت لو أنني أقبله بكل ما لدي من شعور، أدركت تلك اللحظة كم أنا غبية؟!
لم أدرك أهمية وجوده إلا لحظة فراقه.
بينما أمسكه بيدي الشِمال، مددت ذراعي اليمنى للمرضة لتقوم بسحب الدم منها، أغمضت عينيّ غير راغبة بالتفكير بما سيحدث لي بعد قليل.
أقنعتني نفسي بأنني سأكون تحت التخدير. قلت لنفسي: إنك حقًا جديرة بالثقة، تمنحيني ما أحتاجه دائمًا!
تناهى إلى سمعي صوت خطوات قادمة باتجاه الغرفة، إنها الممرضة راديسلافا، طلبت مني ترك سريري ومرافقتها لغرفة العمليات، كنت أسير خلفها وكأن سحبًا من دخان كثيف شديد السّواد تحيط بالمكان، الغرفة كانت آخر الممر على يمينه.
الغريب أنني ابتسمت بوجه الطبيب وسألته بالبلغارية: كيف حالك دكتور ماركوف؟
لا أدري لمَ فعلت ذلك؟ ربما لأبدو أمام نفسي قوية.
ابتسم ولم يرد عليّ، بل التفت لطبيب آخر وقال مستغربًا: لا يبدو عليها الخوف!
خلعت قميصي واستلقيت على السرير،ساعدتني إحدى الممرضات ، وجوه كثيرة كانت في الصالة لم أستطع تمييز أصحابها إذ سرعان ما غبت عن الحياة.
كانت النافذة هي أول شيء يقع عليه بصري حينما استرددت وعييّ. رؤية المطر يهطل تبعث على الحزن!
بعد دقائق طويلة،عرفت أن كل شيء أنتهى، فأدخلتُ يدي في أعلى قميصي أبحث عنه.
كنت أعرف أنني لن أجده، مع ذلك حزنت كثيرَا حينما وجدت بدلًا عنه لفائف طبيبة مربوطة بعنقي تحتها قطع شاش بيضاء.
سألتُ ممرضة لم أرها من قبل، وأنا أحدق في صدرها الكبير:
- هل تم كل شيء بنجاح؟
على الرغم من معرفتي بما حدث، إلا أني كنت أريد سماع صوتها لأكسر هذا الصمت المخيف.
استغربتْ من سؤالي، لكن ذلك لم يمنعها من أن ترد بابتسامة:
- نعم كل شي على ما يرام. لقد تم استئصاله!
#فوز_حمزة
- هل تدرك أننا لن نكون معًا بعد اليوم؟
لم أسمع أية إجابة منه فسمحت لنفسي بالبكاء.
الحياة تصبح قاسية أحيانًا!
نهضتُ من فراشي بعد أن سحبت يدي من تحته وسرت خطوات صوب النافذة التي تجمعت على زجاجها كمية من البخار رسمت فوقه دائرة بجانبها دائرة ثم واحدة أصغر.
كانت السماء ملبدة بالغيوم، والقمر من بينها يوشك على الرحيل، بينما الضباب يغطي أسطح المنازل والبنايات. تلك كانت الساعة الأولى من الفجر.
حملتني أفكاري المشوشة لعالم آخر، شعرت بالظلام يسود تلك الأفكار عندها وجدت نفسي أتساءل:
هل هو مدرك لما سيحدث بعد قليل؟
رغبت في معرفة شعوره قبل الانفصال، لكني عدلتُ عن الفكرة حينما أدركت أن الشعور حالة لا تصيبه أبدًا.
قطعتْ الممرضة سيل الأفكار المتدفق من رأسي حالما دخلتْ الغرفة. استلقيتُ على ظهري بناءً على طلبها، فموعد حقنة تنظيم الضغط قد حان.
قلت له بعد أن خرجتْ: تبدو غير مبالية بما سيحدث لنا!
الرد ليس سهلًا على مخلوق مثله.
أقنعت نفسي بهذا السبب وأنا أعيد يدي لأضعها تحته. على الرغم من احتضاره إلا أنه كان دافئاً، ذاعبق خاص ولون مميز. تمنيت لو أنني أقبله بكل ما لدي من شعور، أدركت تلك اللحظة كم أنا غبية؟!
لم أدرك أهمية وجوده إلا لحظة فراقه.
بينما أمسكه بيدي الشِمال، مددت ذراعي اليمنى للمرضة لتقوم بسحب الدم منها، أغمضت عينيّ غير راغبة بالتفكير بما سيحدث لي بعد قليل.
أقنعتني نفسي بأنني سأكون تحت التخدير. قلت لنفسي: إنك حقًا جديرة بالثقة، تمنحيني ما أحتاجه دائمًا!
تناهى إلى سمعي صوت خطوات قادمة باتجاه الغرفة، إنها الممرضة راديسلافا، طلبت مني ترك سريري ومرافقتها لغرفة العمليات، كنت أسير خلفها وكأن سحبًا من دخان كثيف شديد السّواد تحيط بالمكان، الغرفة كانت آخر الممر على يمينه.
الغريب أنني ابتسمت بوجه الطبيب وسألته بالبلغارية: كيف حالك دكتور ماركوف؟
لا أدري لمَ فعلت ذلك؟ ربما لأبدو أمام نفسي قوية.
ابتسم ولم يرد عليّ، بل التفت لطبيب آخر وقال مستغربًا: لا يبدو عليها الخوف!
خلعت قميصي واستلقيت على السرير،ساعدتني إحدى الممرضات ، وجوه كثيرة كانت في الصالة لم أستطع تمييز أصحابها إذ سرعان ما غبت عن الحياة.
كانت النافذة هي أول شيء يقع عليه بصري حينما استرددت وعييّ. رؤية المطر يهطل تبعث على الحزن!
بعد دقائق طويلة،عرفت أن كل شيء أنتهى، فأدخلتُ يدي في أعلى قميصي أبحث عنه.
كنت أعرف أنني لن أجده، مع ذلك حزنت كثيرَا حينما وجدت بدلًا عنه لفائف طبيبة مربوطة بعنقي تحتها قطع شاش بيضاء.
سألتُ ممرضة لم أرها من قبل، وأنا أحدق في صدرها الكبير:
- هل تم كل شيء بنجاح؟
على الرغم من معرفتي بما حدث، إلا أني كنت أريد سماع صوتها لأكسر هذا الصمت المخيف.
استغربتْ من سؤالي، لكن ذلك لم يمنعها من أن ترد بابتسامة:
- نعم كل شي على ما يرام. لقد تم استئصاله!
#فوز_حمزة