كانت المحاولات الأولى للكتاب العرب لكتابة نص روائي، مأخوذة من قلب التاريخ فمن التاريخ تناولت موضوعاتها، ونشأت فيه قبل أن تنطلق لكتابة الروايات التاريخية فائقة البراعة بعد امتلاك خبرة الكتابة وإتقان التعامل مع تقنياتها.
وكان للرواية التاريخية التأسيسية الفضل في اقتحام العالم الروائي، وبذلك نجحت في عملية التجريب "وفتحت أعين الإبداع الروائي على إمكانات التوظيف وأوقفته على سعة البيانات الخطابية والنصّية للرواية.
ولو عدنا إلى بدايات الفن الروائي العربي سنجد تأكيد لهذا الكلام أو الطرح، فمن أوائل الكتابات العربية رواية زنوبيا (1871م) وبدور (1872م) للكاتب والباحث سليم البستاني، إذ استدعى البستاني من التاريخ شخصية كان لها دوراً مهما ومؤثراً في تاريخ الشرق القديم في القرن الثالث الميلادي، وتتحدث الرواية عن مملكة زنوبيا وانتصاراتها وهزائمها الحربية.
ارتكزت الرواية في بداياتها واستندت إلى التاريخ، ولا شك أنَّ الفن الروائي يتيح الفضاء الواسع والخصب أكثر مما تتيحه الوثائق والمستندات التاريخية، فتناول الروائيون الأحداث والوقائع التاريخية بطريقة فنية مشوقة.
ولم يكتفِ الروائي بدراسة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما يدرسها المؤرخ، بل إنه ركز قلمه وإبداعه ومخيلته على ما اعتمل في نفوس شخوصه، وعبر بطريقته الخاصة والمميزة عن وجدانها، من عواطف وأحاسيس، وبذل فكره ليعرف الأسباب والكوامن والدوافع وراء أفعالها التي قامت بها منتفعًا من العلوم الحديثة كعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم.
إن الروائيين العرب وهم يستلهمون التاريخ كانوا على وعي بالإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يستفيدوا منها ويستثمروها، واستطاعوا من خلال النص الروائي الذي ساعد في تركيبه وبنائه مجارات التاريخ دون الوقوع في زلات تكرار أحداثه واسترجاع وقائعه.
ولا شك أن امتزاج الرواية بالتاريخ أعطاها القدرة على تشخيص الواقع الصعب والمؤلم والمحزن، وإظهار الضعف والهشاشة التي يتصف بها في محاولة لوضع اليد على الجرح ومحاولة تطبيبه.
فمن أهم فوائد الرواية التاريخية الاعتبار، بمعنى استخلاص العبرة من الأحداث والوقائع الماضية كي نستفيد منها في حاضرنا، فتعريف التاريخ وفوائده كما ورد في كتب التراث، هو أحوال الأفراد من رسل وملوك وسلاطين وعلماء وحكماء وشعراء وغيرهم، أما الفائدة فهي أخذ العبرة من تلك التجارب من أجل الوقوف على عثرات الزمان في ذلك الوقت والابتعاد عن الوقوع في نفس الأخطاء، واستجلاب ما ينفع حاضرنا.
بقلم / أيمن دراوشة – ناقد أدبي أردني
وكان للرواية التاريخية التأسيسية الفضل في اقتحام العالم الروائي، وبذلك نجحت في عملية التجريب "وفتحت أعين الإبداع الروائي على إمكانات التوظيف وأوقفته على سعة البيانات الخطابية والنصّية للرواية.
ولو عدنا إلى بدايات الفن الروائي العربي سنجد تأكيد لهذا الكلام أو الطرح، فمن أوائل الكتابات العربية رواية زنوبيا (1871م) وبدور (1872م) للكاتب والباحث سليم البستاني، إذ استدعى البستاني من التاريخ شخصية كان لها دوراً مهما ومؤثراً في تاريخ الشرق القديم في القرن الثالث الميلادي، وتتحدث الرواية عن مملكة زنوبيا وانتصاراتها وهزائمها الحربية.
ارتكزت الرواية في بداياتها واستندت إلى التاريخ، ولا شك أنَّ الفن الروائي يتيح الفضاء الواسع والخصب أكثر مما تتيحه الوثائق والمستندات التاريخية، فتناول الروائيون الأحداث والوقائع التاريخية بطريقة فنية مشوقة.
ولم يكتفِ الروائي بدراسة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما يدرسها المؤرخ، بل إنه ركز قلمه وإبداعه ومخيلته على ما اعتمل في نفوس شخوصه، وعبر بطريقته الخاصة والمميزة عن وجدانها، من عواطف وأحاسيس، وبذل فكره ليعرف الأسباب والكوامن والدوافع وراء أفعالها التي قامت بها منتفعًا من العلوم الحديثة كعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم.
إن الروائيين العرب وهم يستلهمون التاريخ كانوا على وعي بالإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يستفيدوا منها ويستثمروها، واستطاعوا من خلال النص الروائي الذي ساعد في تركيبه وبنائه مجارات التاريخ دون الوقوع في زلات تكرار أحداثه واسترجاع وقائعه.
ولا شك أن امتزاج الرواية بالتاريخ أعطاها القدرة على تشخيص الواقع الصعب والمؤلم والمحزن، وإظهار الضعف والهشاشة التي يتصف بها في محاولة لوضع اليد على الجرح ومحاولة تطبيبه.
فمن أهم فوائد الرواية التاريخية الاعتبار، بمعنى استخلاص العبرة من الأحداث والوقائع الماضية كي نستفيد منها في حاضرنا، فتعريف التاريخ وفوائده كما ورد في كتب التراث، هو أحوال الأفراد من رسل وملوك وسلاطين وعلماء وحكماء وشعراء وغيرهم، أما الفائدة فهي أخذ العبرة من تلك التجارب من أجل الوقوف على عثرات الزمان في ذلك الوقت والابتعاد عن الوقوع في نفس الأخطاء، واستجلاب ما ينفع حاضرنا.
بقلم / أيمن دراوشة – ناقد أدبي أردني