د. محمد الهادي الطاهري - سير في الضباب

اكتشفت اليوم أن معرفتي بالضباب محدودة جدا. كنت أراه من بعيد وبنيت له في خيالي صورا شتى أغلبها مشتق من قصائد الشعراء الرومنطيقيين. واليوم دخلت في الضباب دخولا فلم أجد فيه شيئا مما قالت الشعراء. الضباب يا سادتي ظلمات تكتنف الطريق فلا تدري وأنت تقطعها إن كنت في صعود أم هبوط. تقاوم الظلمات المنحطة بضوء صناعي يصدر من عيني سيارتك فتنشأ هالة من نور باهت تذهب ببعض ما بقي في دماغك من وعي بالمسار وحافتيه. فجأة تنقلب صورة المسار المرسومة في بؤبؤ العين إلى صورة خيط رفيع فإذا أنت تقطع سبيلا واهيا. حافتا الطريق من اليمين واليسار على السواء صارتا عدما معدوما. ها أنت إذن في طريق بلا معالم والضوء الخافت لم يعد خافتا صار عدما. هل أغمض عيني وأترك السيارة تمضي لوحدها؟ هذا جنون. قاوم يا رجل. سينقشع الضباب بعد حين . وانقشع الضباب فإذا أنا في بلدة لم أنو زيارتها ولم أرها من قبل. أنا في بلدة يقال لها الفج. وكان فجا عميقا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...