عبدالجبار الحمدي - مرايا الوهم...

كثيرة هي شظايا النفس خاصة عندما أتذكر صورتك التي كدت أحطمها في لحظة شك بأنك رجل تبحث عن الدفئ النفسي في غير صورة من العالم الذي بَنَيته من أجلك، لا ادري كيف تحولت من أنثى عاشقة الى إمراة نالت منها الغيرة والشك كداء الحصبة!؟ لا يفتئان يثيران الحساسية في نفسي فأعمد الى مراقبة تحركاتك، الهاتف الذي تحمله ، الملابس التي ترتديها، العطر الذي تضعه، حتى حلاقة ذقنك في غير مواعيدها كانت موضع شك، غدوت ما لم قد بدوت لك كالكابوس الذي يجثم على صدرك ليل نهار، لكنك كنت عكس كل ما توقعته منك هادئا، باردا، لا يثيرك كل ما أفعله حولك، لم تحاول ان تسألني عما افعله، حاولت مرارا أن أثير حنقك فقط كي استشف من عتابك او ردك علي بأن لا يوجد في حياتك أنثى غيري لكنك قلبت موازين غيرتي حولتي الى عبارات رثاء كنت اراها في عينيك وانت تتأسف الى تحولي المجنون.. حتى تلك الليلة التي وجدتك عازما على الرحيل وانت تمسك بحقيبة ثيابك وقد بلورت وأطرت مللك وجزعك بالقول بأنك ستسافر في رحلة عمل، كنت وقتها قد أدركت تماما أني جرحتك بعمق وغرت في لكز الجرح الذي تقرح ولم يعد تقيه او تشفيه كل أدوية العالم... جن جنوني فصرخت بعد امسكت بيدك كوة الباب لتخرج... ارجوك حبيبي اسمعني للمرة الأخيرة، عاملني مثل أحد المجانين في المركز النفسي الذي تعمل فيه فإن لم تقتنع بقصتي إرحل بسلام حتى لا اطلب منك ان تتراجع في قرارك بل لا تلتفت إلي، اعلم جيدا اني هتكت ستر ميثاق الثقة التي بيني وبينك، و أدرك أني قد زدت في الكيل بصواع الغيرة والشك حتى فاقت العير التي تحمل صبرك الى ان فاضت فصرخت دون صوت أنني نلت من كل موازين الثقة و معايير التعامل الانساني، الكيل زاد وأثقلت كاهلك بترهات الشك، قبل ان تخرج أترك فسحة لي، تذكر من خلالها أنثاك التي أحببت ولا زلت تحب كما أحسب، ساعات كثيرة كنت دميتك و طفلتك المدللة، يا ليتني ما تبعت شيطان الشك في نفسي، اقسم لك لقد أغواني بوسوسته جعل صور الخيانة لوحات فان كوخ او رواية ألف ليلة وليلة حين يعمد شهريار الى نساء قصره، او كما الرشيد الذي ماجن عالم الحريم... رغم أني اعلم جيدا ان عالمك لا يشغله سوى المجانين او ذوي الحالات النفسية... لعلي تأثرت بهم كوني ظننت أنك تعاملني كاي احد المرضى الذين يرتادون المركز النفسي، جنون ما أقول أليس كذلك؟؟ لكن صدقني وانا اقف الان موقفي هذا اشعر بالخجل من نفسي، حتى اني حطمت مرآة زينتي لانها تعكس صورتي البشعة التي بت عليها لا لن أكون كذلك، سأغيرها سأعيد صورة أنثاك الأولى التي احببت حتى انا ونفسي اشتاق إليها، أمنحني الفرصة الأخيرة، ساير غيرتي لأنها من اجلك و أجلي فلا تنسى في بعض الاحيان الغيرة ملح العلاقة الزوجية غير ان اعلم قبل ان تلتفت او تجيب أني جعلت من حياتك مالحة الى حد انك لم تعد تطيقها، ارجوك اترك لي مساحة من العذر، و القي بضفاف مشاعرك على أنسانة هي انثاك، تقبلها على عيبها، عالجها بحنانك وعطفك، ضمها الى صدرك كي تشعرها بالامان و الطمأنينة، من الاخير خذني على قدر عقلي فما تصرفت بغير عادتي فأنا إمرأة غيور على من تحب وتعشق، ها انا بحت مافي نفسي إليك وانت الان صاحب القرار إما ان تصعقني بردة فعلك و تكتب لي وصفة الحياة او أتركني فريسة ظنوني والشك ليأكلني حتى أتخلص نفسي الى الابد.

القاص والكاتب/ عبد الجبار الحمدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...