يعقوب عبدالعزيز - في ورشة العمل لا أفعل شيئًا...

في ورشة العمل أمزّق لحاء أمّي الشّجرة وأرتعد
من البرد
بخشونّة اللّحاء ينقرشني السّهو والشّرود
أمام الجسور ونيلها الخجول
أمام الطّرقات التي تعتمر الايمان في
في مدن الله الباردة
المدن التي قايضتني مثل سلعة كاسدة
لعشّاقها الجُدد ورمتني
في أتون الفوضى
في ورشة العمل الجنود يومؤون بسياطهم
وخلفهم "هولاكو "
يجرّ بجيوشه الغبار ويغزوا بأحصنته
الأرض
تعزف لهم الغابات الحانًا شجيّة
يروضونها بالسّحل
وفي ورشة العمل أمشي على
أسنان المنشار التي تشبه مشط صبيّة
في طور المراهقة
أتتبع فيها الصّرير
تجري فيّ الخيول سريعة
مثل الرّيح ترمي أذني بكبوات مفاجئة
وتتهجّأ معي هسهسة
المناضد
الريح تستاء من ضحكة "توتيل "
كلما غسلتها شمس الصّباح النّاعسة
والخيول السريعة تحمل الأعلام في
حرابها..
تحمل ضحكات القرى
وبراءة
الرضع الذين يقرأون
هنا كان سرير الطّفولة
ومن هذه النّافذة انتحر شاعرٌ كئيب
الرضع الذين قطفوا
النوّار لحبيباتهم قبل أن تتقطفهنّ
المطارات
الرضع الذين كبِروا فجأة وصاروا
أمراءً يتهامسون
أميراً يحتسي القهوة "مرّة"
القهوة المعفّرة بالرماد
وأميراً
يحفظ البُن من أوّل (طقطقة)
ويتساءل كيف تحايلتِ علينا
أيتها القُرنفلة
كيف قرأتِ الحرب في تشقق الأكُف
وملل
الأصابع
في الأرق اللّيلي
وجيوب " السديريات" المُهملة
في ورشة العمل لا أفعل شيئًا ..
أوضّب
الغابات حتى تصيرُ
معابداً يُقام فيها كلام الله
أشيّد البوابات العظيمة
وأجلس منفتح القلاع
و " هولاكو " بجيوشه لا يكترث لبكاء الثكالى
يدعس بحذوة أفراسه السّريعة
كل حلم بالنّعاس
وجيوشه في كلّ قرية دخلوها
جعلو أزلّة أهلها أعزّة
في ورشة العمل أوضّب أمّي الشّجرة
وأبكي مع فروعها
الفروع تحتضن الأوراق
المتساقطة وتودعها
تخاف عليها من حديث القهوة
في ورشة العمل أشعل النّار
وأرقص حولها مع الهنود الحمر
أنفض من رأسي الغبار وأرى ملامحي
في المرآة
كم كنّا جميلين يابن أم
في ورشة العمل لا أفعل شيئًا .. أسوق الأخشاب
المسكينة إلى المحرقة لأوثّر أسرّة
ليلهم
لكم غزتني البربريّة
أنا اللّطيف في رواية الفأس
أنا الذي
أزيّن غرف نومهم المريحة أرصّعها باللاّزورد
أرصّعها بأظافري
وأنام تحت الصّرير
الشمس الخجولة تغمز لي من العلوّ
تحجب عنّي عريّها وتداعب صباحي الأكسل من قطّة
تتحرّش بوجهي
وتغمزُ لي من خلف جلباب والدها"التاكا"
ترميني بقبلة من خلف نافذتي البائسة
النافذة التي قرأها الأطفال نشيداً
في طابور المدرسة
" من هنا مرّ ألطف شاعر في حديث الرّيح".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...