محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - الى عثمان بشرى...

الى عثمان بشرى
او بمعنى أكثر صحة ، الى حُزن لا ندين له بمواساة
لأنه حزن لا يكلف الفجر بالضوء
والليل بالنساء
والظهيرة بأن تحتشم ما استطاعت
بل حزن
يُعين العصافير، رجال اطفاء
مهمتهم أن يطفأو الحرب
او أقلها
أن يغرقوا صوتها في الهديل
الى الخلوي
الصحراء التي عملت بالنجارة شيدت الكثير من المراكب والاعشاب البحرية
و سترات نجاة للرمل
اليك أيها المُتعب كاذرع الجسور
كابواب الحانات
وجُدران الخونة المكدسة بالشخبطات
انظر ملياً الى البحر
انظر حتى تزرق عينيك، حتى تُصاب بالصَدف
وتسقط عنك الاشرعة
انظر الى الليل
بعينيك الحائرة، وتسرب في اوردة العصافير
شفيفاً كفجرٍ القُرى
حيث الابقار تؤذن صلاة الطريق
وحيث الغابات واقفة دائماً في انتظار الإمام المطر
تمسك بُحزنك هذا
كما يمسك الجُرح بالأقمشة والضمادات
كما يمسك الجُندي رأسه إثر انغشاء الحرب
مخافة أن يخسر جُثة ما
لم يكتمل موتها بعد
لأن الرصاصة ماتت في الطريق
او لأن الصدر
ظنها ايدي تتصارع للعناق
تمسك بُجرحك
كما يمسك الرب السماء
والعشيقات فساتينهن المُرتعشة إثر قُبلةٍ غير عفوية البته
اُناديك من منفاي
بين رماد البلاد المنكوبة وقلبي الكسيح
قلبي الكسيح
الذي يحبو كالنظرات المُترددة بين السيقان
الى الصحراء
الى البحر الذي نسيّ كيف يصهل كالاحصنة
الى الخرطوم وسُرتها التي اجهضت كل هذا الدم
الى شجرة تبلدي، تلطم خدودها بالاغصان، وتتناثر من بين شتاءآتها الكثير من الجُثث
اشكوا لك الآن
كل الُغزاة
من الاتراك والأحصنة السوداء
القادمة من البرد والقسوة التي لا تشبه اشجارنا وحتى
الانجليز الجُدد
الذين قشروا في مُصادفة ما
جلد اجدادنا وارتدوه
فجلدنا الطيب، حين يُجبر على ذبح الماشية
يعتذر لله
ولآلهة الخمر
ويعتذر للشجر
جلدنا الطيب
الذي حين سمع اسم الحرب اول مرة
ظنها آلهة عربية
او تعويذة للحصاد
اشكوا لك
كيف أنهم صلبو الازهار قبل العشيقات
صلبوا المقاهي ودردشاتنا والدخان الحميم الذي كان
يحشو اللحظات باللذة الدافئة
كبخار الزيجات
اشكوا إليك
واسألك انت طبيب الزهور المُحال لمشفى الكلمات
اسألك من أين تولد الحروب ؟
أمن سيقان عاهرة، ام النظرات التي طاردتها منذ البقالة وقائمة الخضروات وحتى شهواتها الليلية؟
أمن لحية العُظاة
حين يمشطونا كلماتهم
لتبدوا مثل حديث السكاكين
قاتل ومُشبع بالقصص
أمن فوهة البندقية ام قبضة الجندي
من يطلق الحرب
الألهة
ام شوارب البِدل العسكرية
ام الحظ فحسب
من أين تنمو الحروب عزيزي ؟
مثلنا تمارس شغب الطفولة، تُراهق، تتحسس صدرها، حكةِ تحت الحزام، غابة من الشهوات بين الابطين
مثلنا تكتشف أن لها قبضة
فتعانق
و يكون لعناقها وقع الجُثث
ام تنمو ببطء دون صوت كالقيامة تماماً الى أن تكتمل
كيف تُقتل الحرب؟
تطعن في قلبها
ام قلب البندقية
تشنق من عنقها
ام من اعناق القتلة
اليك
اشتكي
انت المُعتني دائماً
بالقمح في أيام عرسه
بالفرح حين تطارده الأجهزة الامنية والسياط واللحاة المتملصة من سيرة الله
انت المُعتني
بصلوات الجِبال، بالصخور الراكضة كرائحة الحرب بين حذاء وحذاء
اُناديك
اناديك من منفاك المُبعثر في لغة لا تمد لسلام الأنادي بأي كأس او زجاجة
لغة الميترو، والخمر المحاصر بالاختام، والحديث الخشن حول طعم السمك
انادي فيك الحزن وتقس ختان البلاد الذي يتكرر كالحنين الجبان
حاول يا صديقي
أن تُغني للجداول حتى وإن كنت عالق في حُجرة زرقاء
لا طائر يؤنب في داخلك المشرد
ولا شجرة تزعزع في صدرك حفيف المطر
حاول أن تسبح
لا تحتاج الى رمل وبحر
وامرأة مُبللة الاثداء تُناديك
اسبح في ذكرياتك والحب
تخيلك في ارصفة الموردة، تهدئ صخب الشباك
وتتلو للأسماك كلماتك الطُعم
تخيلك
ترقص في حفل قروي
و رجل ما يرتدي جلبابه الابيض يُهزهز في السيف
وامرأة ما
امرأة ما
منتصف الساحة، تدس لك الخمر في كوب حليب
ثم تسألك
اي حليبِ تُحب
يتأرجح صدرها ضاحكاً
كنهر يُراقب ساق نسائية
تعالت على البلل
بينما انت
غارقاً كدرويش في امواج التأمل
#عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...