قصيدة "يا قدس يا قدّيستي" للشاعر جمال ربيع من القصائد التي تتسم بعمق شعوري ومتانة لغوية تعكس الألم والمعاناة التي يعيشها الشاعر وتعيشها مدينة القدس، وكان لاستخدامه للصور الفنية، والرموز التعبيرية أكبر الأثر في جعل القصيدة نابضة بالحياة، ومعبرة عن مشاعر حقيقية...
جوانب من تحليل القصيدة
1- الموضوع والمضمون
القصيدة تتناول موضوع القدس بمزيج من الحزن والفخر والأمل، فالشاعر يعبر عن معاناته ومعاناة المدينة المقدسة التي تعد رمزًا للصمود والعزة.
إنَّ استخدام كلمات مثل "الأنين"، "الوجع"، و"البركان" يعكس الألم العميق والمشاعر المتأججة داخل الشاعر.
2- اللغة والأسلوب
يستخدم الشاعر المبدع جمال ربيع لغة شعرية متقنة متفردة، مليئة بالصور البلاغية والاستعارات التي تضفي عمقًا وجمالًا على القصيدة، ومن ذلك تعبير "الصمت يحفر في القلوب شوارعًا" هو تعبير نادر حيث يصور الصمت كأنه قوة فاعلة تحفر في الأعماق.
3- الإيقاع والموسيقى الداخلية
ينسج الشاعر قصيدته على بحر الكامل – متفاعلن – متفاعلن – متفاعلن، لهذا جاءت قصيدته متكاملة صوتًا ونغما، إذ تتميز بإيقاع موسيقي متناغم ينبع من تكرار الأصوات والحروف، مثل حرف "الصاد" و"اللام" الذي يعطي نغمة خاصة للقصيدة ويزيد من تأثيرها على القارئ.
4- البناء الشعري
القصيدة مكتوبة بأسلوب عمودي تقليدي، ملتزمة بالأوزان والقوافي العربية، مما يعكس تمكن الشاعر من أدواته واحترامه للتقاليد الشعرية وفي نفس الوقت يعطيه القدرة على التعبير عن مشاعره بشكل منظم ومتناسق.
5- الصور البلاغية
الشاعر يبدع في خلق صور بلاغية قوية ومعبرة، مثل:
"الطعم الكلام على لساني ماسخ" يعبر عن فقدان الكلمات لمعناها وطعمها الحقيقي.
"نسيت قرط صغيرتي في دفتري" يعكس الحزن الشخصي والألم اليومي الذي يعانيه الشاعر بسبب الأحداث.
6- التأثير العاطفي
القصيدة تثير مشاعر الحزن والتعاطف والفخر في نفس القارئ، حيث ينجح الشاعر في نقل إحساسه الشخصي بمعاناة القدس وإحساسها الجماعي.
كلمة أخيرة:
قصيدة "يا قدس يا قدّيستي" هي عمل شعري متميز يعبر بصدق وبلاغة عن معاناة القدس والشاعر معًا.
كما أنَّ استخدام الشاعر للغة العربية الكلاسيكية، والرموز التعبيرية يخلق نصًا غنيًا بالمشاعر والصور، مما يجعل القصيدة تحفة أدبية تعبر عن مشاعر إنسانية عميقة ومعقدة.
القصيدة: يا قدسُ يا قِديستي
شعر – جمال ربيع
یا قدسُ ماذا قد أقولُ وها أنا
ربطَ الأنینُ علی الشِّفاهِ لساني
إني کتمتُ مواجعي في أضلُعي
كل الذي أعیاكِ قد أعیاني
الصَّمتُ یحفرُ في القلوبِ شوارعًا
فیضِجُّ في روحي کما البرکانِ
طعمُ الکلامِ علی لسانيَ ماسِخُُ
لا لونَ فیهِ یهلُّ باللمعانِ
ماعاد في صُحُفي ابتسامُ قصیدةٍ
أبدًا ولا العطرُ الذي أزكاني
فنسیتُ قِرطّ صغیرتي في دفتري
ألعابها ارتسمت علی الجُدرانِ
ألحانها غرقت بنهر مواجعي
وعزفتُ من أنَّاتِكم ألحاني
معصوبةَ العينینِ یا قِدّيستي
من ذا سیرسمُ قِصَّةَ الإمکانِ
من ذا سیوصِلُ نیلَنا بفُراتِنا
يسقي صُخُورًا شُقِّقّتْ بکیانی
ومن المحیطِ إلی المحیطِ يجیٶنا
بأناقة المعنی وحلوِ الشَّانِ
یستکتب الأرواحَ تمسحُ دمعةً
وتُحیلها کِثفًا علی الشيطانِ