جذع السندباد صلب..
وقريتي الجبلية تكتظ بأحراش السنديان، وليس من الغريب أن تصيبني عدوى السنديانة، فأنا من كثرة ما حفرت اسمي عليها ولعبت في أفيائها وتسلقت أغصانها، أصبحت جزءا منها، لذلك كان جذعي منيعاً على الانحناء! وهذه الصفة البدائية جلبت لي الأوجاع المديدة فيما بعد، عندما زوجني أهلي بإنسان حضاري من المدينة، ولمتهم على ذلك، لأنهم لم يدجنوني "للحضارة"!
فأنا مازلت أذكر ذلك اليوم الذي خطبني فيه كأنها البارحة، ذلك اليوم الذي "قبل فية زوجي يد سيدة"، لم أفلح في اقتطاعه من روزنامة العمر ورميه خلف ظهري، أخاديده مازالت مشروخة في عمق الذاكرة والقلب، وربما يبدو يوماً عادياً بالنسبة للبعض ولايستحق كل هذا الحزن والعناء.
زوجي الذي عشقته في أحلامي واروفاً ممشوقاً، انطوى كمنديل، وقبل يد سيده المكتنزة بالجور ولحم الشبع!!
من يومها تهاوت أبراجي وانطحنت ضلوعي وتشظّت في لحم القلب، صفعت الرياح رأسي في عراء لاتظلله شجرة أو حفيف أجنحة. وعلى أفنان ألمي، رشحت راية الدمع، أنيناً.
كانوا يقولون "اليد التي لاتستطيع عضها قبلها وادع عليها بالكسر"!! وكنت أسخر من هذا القول الذي ينطوي على مفارقة كبيرة ونفاق مبطن، وسري للغاية. يمتهن كرامة الإنسان ويذل كبرياءه. فالقبلة على حد يقيني، هي لسان القلب، الاحترام والحب، وإذا كان منبعها الخوف تتحول إلى مدية جارحة تشفي إنسانية صاحبها بالتدريج.
منذ تلك القبلة صارت لقبلة الصباح المعتادة التي كخت أودع بها زوجي كل يوم، طعم الحنظل، أزم شفتي، ابتلعهما إلى الداخل، أحبس أنفاسي وأغمض عيني، كي لا أشم رائحة قهره.
الموت واقفا كمالأشجار، أفضل ألف مرة من الاستمرار منكسراً.
أهملت نفسي، هجر الكحل عيني والمشط شعري، صرت شاحبة مثل ضوء يحتضر.
الحسناوات للفرسان.
وقد ولى زمني، كأنني لست أنا.
يا إلهي.
زرت أكثر من طبيب نفسي ليداويني، ولا طبيب أفلح في ذلك. بحثت عن خلاصي بمفردي بعيداً عن تنظيرات الأطباء وعقاقيرهم، فاتحت زوجي بمواجعي، سخر من رومانسيتي وقال لي:
الحاجة تكسر الظهر.
اعتدال رافع
وقريتي الجبلية تكتظ بأحراش السنديان، وليس من الغريب أن تصيبني عدوى السنديانة، فأنا من كثرة ما حفرت اسمي عليها ولعبت في أفيائها وتسلقت أغصانها، أصبحت جزءا منها، لذلك كان جذعي منيعاً على الانحناء! وهذه الصفة البدائية جلبت لي الأوجاع المديدة فيما بعد، عندما زوجني أهلي بإنسان حضاري من المدينة، ولمتهم على ذلك، لأنهم لم يدجنوني "للحضارة"!
فأنا مازلت أذكر ذلك اليوم الذي خطبني فيه كأنها البارحة، ذلك اليوم الذي "قبل فية زوجي يد سيدة"، لم أفلح في اقتطاعه من روزنامة العمر ورميه خلف ظهري، أخاديده مازالت مشروخة في عمق الذاكرة والقلب، وربما يبدو يوماً عادياً بالنسبة للبعض ولايستحق كل هذا الحزن والعناء.
زوجي الذي عشقته في أحلامي واروفاً ممشوقاً، انطوى كمنديل، وقبل يد سيده المكتنزة بالجور ولحم الشبع!!
من يومها تهاوت أبراجي وانطحنت ضلوعي وتشظّت في لحم القلب، صفعت الرياح رأسي في عراء لاتظلله شجرة أو حفيف أجنحة. وعلى أفنان ألمي، رشحت راية الدمع، أنيناً.
كانوا يقولون "اليد التي لاتستطيع عضها قبلها وادع عليها بالكسر"!! وكنت أسخر من هذا القول الذي ينطوي على مفارقة كبيرة ونفاق مبطن، وسري للغاية. يمتهن كرامة الإنسان ويذل كبرياءه. فالقبلة على حد يقيني، هي لسان القلب، الاحترام والحب، وإذا كان منبعها الخوف تتحول إلى مدية جارحة تشفي إنسانية صاحبها بالتدريج.
منذ تلك القبلة صارت لقبلة الصباح المعتادة التي كخت أودع بها زوجي كل يوم، طعم الحنظل، أزم شفتي، ابتلعهما إلى الداخل، أحبس أنفاسي وأغمض عيني، كي لا أشم رائحة قهره.
الموت واقفا كمالأشجار، أفضل ألف مرة من الاستمرار منكسراً.
أهملت نفسي، هجر الكحل عيني والمشط شعري، صرت شاحبة مثل ضوء يحتضر.
الحسناوات للفرسان.
وقد ولى زمني، كأنني لست أنا.
يا إلهي.
زرت أكثر من طبيب نفسي ليداويني، ولا طبيب أفلح في ذلك. بحثت عن خلاصي بمفردي بعيداً عن تنظيرات الأطباء وعقاقيرهم، فاتحت زوجي بمواجعي، سخر من رومانسيتي وقال لي:
الحاجة تكسر الظهر.
اعتدال رافع