إعداد /محمد عباس محمد عرابي
نظرا لأن" الفضاء النصي محدود بطرفي البداية والنهاية، كما أنهما (البدايات والنهايات) يكونان الإطار الشكلي لفضاء النص، وتمكنان المتلقي من الولوج من العالم المحسوس إلى عالم النص، وتضعان الحدود بين النص، وما هو خارجالنص ([1])
لذا تعدالبدايات والنهايات في القصص القصيرة جدا، وغيرها من النصوص السردية ومن الأسس الرئيسة للنصوص السردية.
وللبدايات والنهايات في القصص القصيرة جدّاً أهميةكبرى تتمثل في مدى اتصال أول النص السردي بنهايته، وكأن القصص القصيرة جدّاً دائرة تعود النهايات بأحداثها إلى بداياتها، أو ربما تأخذ تفريعات عديدة نزيح العمل إلى أحداث غير متوقعة، ولذلك فإن البدايات والنهايات في القصص القصيرة جدّاً توحي بمدى تحول النص من حالة إلى حالة، وتعطي فكرة حول تنوع واختلاف القصة، والقصة القصيرة والقصص القصيرة جدّاً بعضها عن بعض ([2])
وها نحن تعرض ثلاثة نصوص قصصية من القصص القصيرة جدّاً
للقاص الكاتب نزار الحاج علي لنقف فيها على بداياتهاونهاياتها،وهذه القصص هي:
صفقة ناجحة
عندما عثر علاء الدين على فانوسه، أراد أن ينظفه ويمسح عنه الغبار، لكن أحدهم نصحه عدم القيام بذلك، لأنه سيفقد قيمته الأثرية.
كان كلام الخبير مقنعاً...والكلّ كان سعيداً.
علاء الدين صار غنياً، وكذلك التاجر...أمّا العفريت فما زال مرتاحاً في مصباحه المركون على رفوف أحد المتاحف.
حكايات لم تكتمل
بروتوكول
قبل دقائق من منتصف الليل، أفلتَ الأمير يد سندريلا، ثمّ غادر القصر منزعجاً...لقد كانت هذه طريقته في إظهار غضبه منها...أخبروها أنه من غير اللائق في حضرته...أن تنظر إلى الساعة الجدارية طوال الوقت.
عفّة
توقف الأقزام السبعة عن البكاء، وأفسحوا للأمير الشاب المجال ليتقدم...كانت سنو وايت تبدو بأبهى حللها وهي مسجّاة فوقَ الزهور.
روادته نفسه أن يقبّلها، لكن خجله منعه من ذلك.
أغمض عينيها بلطف...تابع طريقه وهو يخبرهم:
أنّ إكرام الميّت دفنه.
وتحقق عملية الانسجام بين البدايات والنهايات في النصوص القصصية تطي تصورًا وانطباعًا بحسن التأليف والتماسك في البناء، وتعد مجالا للقاص للتعبير عن أفكاره، ورؤيته للعالم "([3])
ففي قصة علاء الدين نجد التوافق التام بين بداية القصة البداية حيث النصيحة بعدم مسح الفانوس وترتب على ذلك الربح والراحة معا.
وفي قصة بروتوكول أن طول الوقت والقلق من انتظاره وترقبه أدى إلى نجاة سندريلا ونلاحظ هنا أيضا التوافق بين البداية والنهاية البداية المتمثلة في التأخر في الوقت والملل من طول انتظار وافق في النهاية المتمثل في أنه ليس من النظر إلى الساعة الجدارية طوال الوقت
وفي القصة الثالثة والأخير المتمثل في البداية التي تنص على توقف الأقزام السبعة عن البكاء ووافق ذلك النهاية المتمثلة في دفن سنو وايت مع اقتباس المثل الشهير" إكرام الميّت دفنه"
ونلاحظ في القصص الثلاثة عامل الزمن النفسي بالإضافة إلى التداخل بين الأزمنة ناهيك عن الرجوع إلى التراث والاستشهاد به حيث مصبح علاء الدين،والأمير وسندريلا،والأقزام السبعة، والأمير وسنو وايت
ويمكن القول إن القصص الثلاثة تؤكد على أن القاص الكاتب نزار الحاج علي أوجز فأحسن وأنه متمكن بجدارة من فنيات القصص القصيرة جدّاً
المراجع:
حسين خمري: نظرية النص من بنية المعنى إلى سيمائية الدال، الجزائر: الدار العربية للعلوم ناشرون ،2007م
لطيف زيتوني: معجم مصطلحات نقد الرواية "عربي، إنجليزي، فرنسي "، بيروت: مكتبة لبنان ناشرون ،2002م
عبد الملك أشهبون : البداية والنهاية في الرواية العربية، القاهرة، دار رؤية ،2013م،
[HR][/HR]
(2) خمري، حسين: نظرية النص من بنية المعنى إلى سيمائية الدال، الجزائر: الدار العربية للعلوم ناشرون ،2007م، ص104
([2]) ينظر: أشهبون، عبد الملك: البداية والنهاية في الرواية العربية، القاهرة، دار رؤية ،2013م، ص 45
([3]) ينظر: لطيف زيتوني: معجم مصطلحات نقد الرواية "عربي، إنجليزي، فرنسي "، بيروت: مكتبة لبنان ناشرون ،2002م، ص86