أنيس منصور - واعتذر أستاذنا العقاد!

في يوم نشرت الصحف أن جامعة القاهرة سوف تمنح الأستاذ عباس العقاد الدكتوراه الفخرية. وفي يوم الجمعة، وهو يوم الاجتماع بالأستاذ، هنأناه. ولكنه قال: «أنا يا مولانا رفضتها..».

فقلت: لا بأس، إن برنارد شو رفض جائزة نوبل! ولكن لماذا يا أستاذ؟

قال وكان كلامه مفاجأة ولم يجرؤ أحد على أن يصحح للأستاذ العظيم هذه المعلومة الصغيرة. قال الأستاذ: «الدكتوراه، ومن الذي يعطي للعقاد الدكتوراه؟!».

فقد ظن الأستاذ أن الدكتوراه تمنح بعد مناقشة وامتحان للأستاذ، فاستنكر أن يمنحه أحد.. ومن هو الذي يمتحن العقاد ثم يعطيه الدكتوراه؟ ولم يجرؤ أحد منا أن يقول للأستاذ إنها فخرية.. لا امتحان ولا مناقشة.. وهو يعلم أن طه حسين قد قال: «أنا حصلت على ست دكتورات والعقاد حاصل على الابتدائية!!».

وانتقل العقاد إلى الهجوم على أساتذة الجامعات الذين لم يخرج من بينهم مفكر كبير أو أديب كبير أو شاعر كبير، ثم إن أساتذة الجامعة لا يقرأون. فهم إذن لا يقرأون ولا يكتبون، فكيف لهؤلاء أن يمنحوا العقاد الدكتوراه؟ وقال إنه أرسل خطابا يعتذر فيه عن عدم قبول هذه الجائزة، ولم يشأ أن يطلعنا الأستاذ على ما جاء في خطابه، فهو في مثل هذه الحالة يكون غاضبا عنيفا.

أذكر أن د. ثروت عكاشة قد طلب مني أن أجد تفسيرا لخطاب بعث به العقاد، فلم يفهم ماذا يريد. خطاب العقاد إلى ثروت عكاشة يقول: «إنما تقاس حضارة الأمم بمدى إحساسها بالزمن.. وليس لكم من هذا نصيب. عباس العقاد».

والذي حدث، أن وزير الثقافة ثروت عكاشة قد اتصل بنا لنلقاه في ساعة محددة، وذهبنا ولم يذهب العقاد. فقد ظن العقاد أن الوزير هو الذي سوف يمر عليه في بيته في هذه الساعة. طبعا لم يجئ الوزير، فغضب العقاد ورأى أن الوزير ليس عنده إحساس بالزمن.. وهو لذلك ليس متحضرا!
أعلى