يبدو أن الشياطين تسرق من خزانة طعامنا أرغفة الخبز اليابسة التي أعدتها أمي - قبل أن ترتحل - لم نولد في أفواهنا غير بثرات ونتوءات تشي بأننا مرضى، أدركت أبي يجهد أن يوفر لنا ضروريات الحياة، لا أكتمكم سرا انني كنت أشتهي ثوبا جديدا، ما علينا تلك أيام مضت، جرى الزمن ما عاد ينفع ذلك الحكي، فتحت كتابا بجوار مقعدي، حاولت تصفحه، مثلت أمامي صورتها، كنت أحبها، لم نقترق إلا قليلا، تعد الطعام تناوله سويا تستدعي ذكرياتها، تخبرني أن ثمة روحا خفية تزورها من آن لآخر، أداعبها يبدو أنك يا أمي توآخين الجن، تحذرني أن أتناولهم بسوء، تنظر بعيدا، أخبرتني بأحوال ذلك المخادع:
كانت تحبه، اخفت آلامه لأجله، غير أنه لم يكن بارا بها، أمازحها، ألست أنا المصبح؟
تنساب دموعها على أخيها، مات ولما تشبع منه، تحكي عن عالم تعيش فيه، تخاطب جدتي يدور كلام بينهما، حين تتحدث الأمهات على الأبناء الصمت، لم تخبرني أنه سرق أوراق الدار، منذ زمن طويل يدبر مكيدة لإخوته، كثيرا ما سرق بيض الدجاج يبتاع بثمنه علب السجائر، يتسكع في ممرات المدينة الخلفية، تحسبه ساذجا، حين ذاك جاءني طيفها، يخبرني أن العنزة قمرين لم تأكل أوراق الجدة، لم تبعثر أشياءها كما ظننا بل يده الآثمة هي من فعلت هذا، تملكني العجب؛ أي شيطان هو؟
أتذكر وعاء اللبن كسرات الخبز تفتها فيه، أتذمر لكنها تخوفني من يوم لا أجد غير بقرة ضامرة الضرع.
ها أنا مرتحل في بلاد لم أتخيل يوما أنني أسكنها، يتابعني مثل ظلي، يدعي كل شيء، حين يكون قدرك أن تتحمل آلمك وحيدا، يكاد يسلبني ثوبي، أتمثل ابن آدم، أحاول أن أتخلص من حظ الشيطان،.
لاتكاد تغادر مخيلتي، هذه مسبحتها تتدلى من الحائط، تشخص أمامي، أشعر أنها تغني لي، ترى هل ستذبح لي زوجي حمام؟
آتذكر تلك الحمامة البيضاء التي وقفت على رأسها حين كانت تصلي، مدت يدها وأمسكت بها، لم تحاول الهرب، في حنو مسحت على رأسها، أمرتني أن أتركها مع حمام الدار، يوم ماتت وجدت ذات الذيل الأبيض حزينة، أطلقت سراحها مكرها؛ تبعتها حيث مرقدها، ومن يومها لم أشأ أن أدخل الحمام في البرج، أنثر حبات القمح وكسرات الخبز لتأكل منها العصافير واليمام، كثرت الفئران، حاولت أن أحضر قطة وراء أخرى لاتلبث حتى تذهب بعيدا، شاهدت إحداها في نهاية الحقل، غدت أشبه بنمر متوحش، يبدو أن تلك الأرواح الطيبة تغادر كما الأمهات!
كانت تحبه، اخفت آلامه لأجله، غير أنه لم يكن بارا بها، أمازحها، ألست أنا المصبح؟
تنساب دموعها على أخيها، مات ولما تشبع منه، تحكي عن عالم تعيش فيه، تخاطب جدتي يدور كلام بينهما، حين تتحدث الأمهات على الأبناء الصمت، لم تخبرني أنه سرق أوراق الدار، منذ زمن طويل يدبر مكيدة لإخوته، كثيرا ما سرق بيض الدجاج يبتاع بثمنه علب السجائر، يتسكع في ممرات المدينة الخلفية، تحسبه ساذجا، حين ذاك جاءني طيفها، يخبرني أن العنزة قمرين لم تأكل أوراق الجدة، لم تبعثر أشياءها كما ظننا بل يده الآثمة هي من فعلت هذا، تملكني العجب؛ أي شيطان هو؟
أتذكر وعاء اللبن كسرات الخبز تفتها فيه، أتذمر لكنها تخوفني من يوم لا أجد غير بقرة ضامرة الضرع.
ها أنا مرتحل في بلاد لم أتخيل يوما أنني أسكنها، يتابعني مثل ظلي، يدعي كل شيء، حين يكون قدرك أن تتحمل آلمك وحيدا، يكاد يسلبني ثوبي، أتمثل ابن آدم، أحاول أن أتخلص من حظ الشيطان،.
لاتكاد تغادر مخيلتي، هذه مسبحتها تتدلى من الحائط، تشخص أمامي، أشعر أنها تغني لي، ترى هل ستذبح لي زوجي حمام؟
آتذكر تلك الحمامة البيضاء التي وقفت على رأسها حين كانت تصلي، مدت يدها وأمسكت بها، لم تحاول الهرب، في حنو مسحت على رأسها، أمرتني أن أتركها مع حمام الدار، يوم ماتت وجدت ذات الذيل الأبيض حزينة، أطلقت سراحها مكرها؛ تبعتها حيث مرقدها، ومن يومها لم أشأ أن أدخل الحمام في البرج، أنثر حبات القمح وكسرات الخبز لتأكل منها العصافير واليمام، كثرت الفئران، حاولت أن أحضر قطة وراء أخرى لاتلبث حتى تذهب بعيدا، شاهدت إحداها في نهاية الحقل، غدت أشبه بنمر متوحش، يبدو أن تلك الأرواح الطيبة تغادر كما الأمهات!