كان صوتي هو الاعلى.
لم يكن بمقدوري ان احضر كل سكان المعمور، وأطالبهم بالوقوف على حافة خط واحد، وٱمرهم بالصراخ دفعة واحدة، فينقطع صدى صراخهم، ويظل صدى صوتي هو الوحيد المسموع. لكني استنتجت ذلك بشكل مختلف. اذ لا صوت استطاع ان ينتزعني من تركيزي. ولا شئ تمكن من سحبي خارج ما كنت ارغب في الخوض فيه. وأعتقد اني فعلت ذلك من منطلق ان مهمة التقاط الاضوات هي مهنة من نفذت ذخيرته وكفت قدرته عن صنع الفعل.
لكني الى الان لم اهدا بعد. ولا اعتقد اني سافعل ذلك ما دمت قاردا على التنفس.غير اني صرت اضبط تردد اصداء هي لغير صوتي في تخومي الداخلية. وهو امر بدا يشعرني اني لم اعد بتلك المناعة التي كانت تكسر موجات الاصوات التي كانت تفد علي من العالم الخارجي. الشئ الذي يدفع بي للاعتقاد أن دورة العمر بدات تتوغل في مدار الفصول الباردة. او ربما ان الوهن الذي يعقب الحراك، يفسح المجال لنوع اخر من الحوار مع الحياة. حوار بشترط الا انفعال او حركة. لكن يجب الاقرار ان هذا الحوار ليس مخيفا كما كان يبدو. بل هو قد يكون نوعا من التصويب لطبيعة الاشياء. لكن ذلك لا يعني اني تخليت عن عشقي الاول المتمثل في الصخب والتمرد. فلا زلت اصر على ان الحياة الحقيقية لا توجد الا في تلك الرقعة المنفلتة من هيمنة الهيكلة وسطوة الاعراف والتقاليد.
لقد كنت سليل الدهور المتهالكة التي كان لكائناتها حكايتها الخاصة مع الاصوات هي ايضا. فمسامعها لم تلتقط ابدا همس اصواتها. وأبصارها ظلت على الدوام تنظر للخلف باعتبار ان الاجمل قد عيش و انتهى. واحجامها على النظر الى الامام مبعثه الوصايا القديمة التي اكدت ان الحياة باتجاهها الى الامام انما تنزلق الى حتفها. وان هذه النهاية ستكون بادية للعيان حتى قبل حدوثها ، من خلال العلامات والسمات التي تبشر لها. وهو الموضوع الوحيد الذي استحق اهتمام تلك الكائنات التي انشغل به المتفقهون ومن يزعمون الدراية من اجل تحقيق سبق ينبئ بالكارثة.
اكد البعض ان تلك النبوءة ستتحقق حين تنجب انثى البغل. وهو ما اعتبرته العامة دعوة لاستنفار دفع بها الى خصي كل البغال تجنبا للكارثة. لكن الجهابذة عادوا ليتحدثوا عن امر اخر. و هم ان تركوا الحيوانات جانبا هذه المرة، الا انهم احتفظوا بكون الفناء مرتبط بولادة. لكنها ولادة بشرية هذه المرة.
لقد برهن العارفون ان الفناء مرتبط بظهور ّالدجال" او ّ التجال "بوضريسةّ" بتعبير العامة. وان السمات التي بشر بها القدماء، هي بادية للعين من خلال الجيل الجديد. نعوت افادت انه الجيل الذي لا ينفع ولا يقنع ولا يشبع. وله جنوح فطري للعصيان والتمرد. وتلطيح القيم والمثل. والدوس على المقدس.
كان الامر رهيبا. وربما تساءل الصغار ما ان كانت لهم علاقة ما مع البغال، او ما ان كانت الازمنة هي ايضا يمكن ان تنجب لقطاء ترفضهم الحياة. فتضرب ضد صيرورتها من خلال استدعاء نهايتها كي لا يتمدد في شرائط ذاكرتها حياة كائنات متحالفة مع الفناء.
كان عصيا حتى على الخيال تصور فضاء لا كواكب فيه ولا شموس ولا ليل ولا نهار. ولا كان قادرا على ان يتصور ان هذه الرحاب المسكونة بالروعة والسحر والجمال هي كاي عمر تؤطره البداية والنهاية. ولذلك لم يكن هناك من عزاء يمكن التعبير عنه سوى النظر بمواساة للافاق المجارية لامتداد السماءـ، والجداول و الانهار، والحياة المزروعة في الاصقاع والتخوم في محاولة للتعبير عن تضامن لا يعرف من الاولى به.
لقد كانت الحياة هي الدنيا. سيدة البدايات والنهايات. عتيدة قوية. فياضة ولادة. لكنها تصبح فجاة كاي عمر لكائن ضعيف يلتهمه الفناء وليقام على انقاضه الافران والمقاصل. ويمتلئ فضاؤها بالعويل والصراخ والتوسل غير المجدي. وكل ذلك ليس لامد عابر. بل و لابد الابدين.
فاتورة مهولة لم يكن يعرف سبب ارتباطها بمجيئ جيل. عجز عن التفسير لم بملك بصدده سوى تجنب النظر شرقا. ربما بسبب وجود المقبرة هناك.ولأن كل المصائر السوداوية التي تحدث عنها الكبار تبدأ من هناك. كما ان الشرق قبل ذلك كان البواية المفضلة للعصور الغابرة التي ترسل عبرها وعيدها وتذكاراتها . فمنها كانت تفد فرق ّاحمادشةّ برقصاتها المجنونة وحرابها المسننة والويتها الملطخة بالدم. ومن بوابة الشرق كانت تفد النعوش الى المخافر جراء الحروب التافهة.
كان التطويق محكما. فلا مكان يمكن الهروب اليه. كان المنطق يفيد ان الاطفال لا سجلات مكتوبة باسمائهم تدون فيها افعالهم. لكن العارفين الذين نعتوهم بالتجال بوضريسة افادوا ان كتبهم قد سودت وهم لم يفدوا يعد الى هذه الدنيا. وهو وضع لم يكن ليصحح الا بمستحيلين. القدرة على العبث بالازمنة، او امتلاك الاستطاعة التي من شأنها تغيير الاقدار والمصائر.
هكذا صارت الابصار تتجنب النظر للشرق. وحين كانت تعرض عنه، فالمساحة الممتدة غريا كانت تصبح هي الاتجاه الوحيد المفتوح.
لم يكن بمقدوري ان احضر كل سكان المعمور، وأطالبهم بالوقوف على حافة خط واحد، وٱمرهم بالصراخ دفعة واحدة، فينقطع صدى صراخهم، ويظل صدى صوتي هو الوحيد المسموع. لكني استنتجت ذلك بشكل مختلف. اذ لا صوت استطاع ان ينتزعني من تركيزي. ولا شئ تمكن من سحبي خارج ما كنت ارغب في الخوض فيه. وأعتقد اني فعلت ذلك من منطلق ان مهمة التقاط الاضوات هي مهنة من نفذت ذخيرته وكفت قدرته عن صنع الفعل.
لكني الى الان لم اهدا بعد. ولا اعتقد اني سافعل ذلك ما دمت قاردا على التنفس.غير اني صرت اضبط تردد اصداء هي لغير صوتي في تخومي الداخلية. وهو امر بدا يشعرني اني لم اعد بتلك المناعة التي كانت تكسر موجات الاصوات التي كانت تفد علي من العالم الخارجي. الشئ الذي يدفع بي للاعتقاد أن دورة العمر بدات تتوغل في مدار الفصول الباردة. او ربما ان الوهن الذي يعقب الحراك، يفسح المجال لنوع اخر من الحوار مع الحياة. حوار بشترط الا انفعال او حركة. لكن يجب الاقرار ان هذا الحوار ليس مخيفا كما كان يبدو. بل هو قد يكون نوعا من التصويب لطبيعة الاشياء. لكن ذلك لا يعني اني تخليت عن عشقي الاول المتمثل في الصخب والتمرد. فلا زلت اصر على ان الحياة الحقيقية لا توجد الا في تلك الرقعة المنفلتة من هيمنة الهيكلة وسطوة الاعراف والتقاليد.
لقد كنت سليل الدهور المتهالكة التي كان لكائناتها حكايتها الخاصة مع الاصوات هي ايضا. فمسامعها لم تلتقط ابدا همس اصواتها. وأبصارها ظلت على الدوام تنظر للخلف باعتبار ان الاجمل قد عيش و انتهى. واحجامها على النظر الى الامام مبعثه الوصايا القديمة التي اكدت ان الحياة باتجاهها الى الامام انما تنزلق الى حتفها. وان هذه النهاية ستكون بادية للعيان حتى قبل حدوثها ، من خلال العلامات والسمات التي تبشر لها. وهو الموضوع الوحيد الذي استحق اهتمام تلك الكائنات التي انشغل به المتفقهون ومن يزعمون الدراية من اجل تحقيق سبق ينبئ بالكارثة.
اكد البعض ان تلك النبوءة ستتحقق حين تنجب انثى البغل. وهو ما اعتبرته العامة دعوة لاستنفار دفع بها الى خصي كل البغال تجنبا للكارثة. لكن الجهابذة عادوا ليتحدثوا عن امر اخر. و هم ان تركوا الحيوانات جانبا هذه المرة، الا انهم احتفظوا بكون الفناء مرتبط بولادة. لكنها ولادة بشرية هذه المرة.
لقد برهن العارفون ان الفناء مرتبط بظهور ّالدجال" او ّ التجال "بوضريسةّ" بتعبير العامة. وان السمات التي بشر بها القدماء، هي بادية للعين من خلال الجيل الجديد. نعوت افادت انه الجيل الذي لا ينفع ولا يقنع ولا يشبع. وله جنوح فطري للعصيان والتمرد. وتلطيح القيم والمثل. والدوس على المقدس.
كان الامر رهيبا. وربما تساءل الصغار ما ان كانت لهم علاقة ما مع البغال، او ما ان كانت الازمنة هي ايضا يمكن ان تنجب لقطاء ترفضهم الحياة. فتضرب ضد صيرورتها من خلال استدعاء نهايتها كي لا يتمدد في شرائط ذاكرتها حياة كائنات متحالفة مع الفناء.
كان عصيا حتى على الخيال تصور فضاء لا كواكب فيه ولا شموس ولا ليل ولا نهار. ولا كان قادرا على ان يتصور ان هذه الرحاب المسكونة بالروعة والسحر والجمال هي كاي عمر تؤطره البداية والنهاية. ولذلك لم يكن هناك من عزاء يمكن التعبير عنه سوى النظر بمواساة للافاق المجارية لامتداد السماءـ، والجداول و الانهار، والحياة المزروعة في الاصقاع والتخوم في محاولة للتعبير عن تضامن لا يعرف من الاولى به.
لقد كانت الحياة هي الدنيا. سيدة البدايات والنهايات. عتيدة قوية. فياضة ولادة. لكنها تصبح فجاة كاي عمر لكائن ضعيف يلتهمه الفناء وليقام على انقاضه الافران والمقاصل. ويمتلئ فضاؤها بالعويل والصراخ والتوسل غير المجدي. وكل ذلك ليس لامد عابر. بل و لابد الابدين.
فاتورة مهولة لم يكن يعرف سبب ارتباطها بمجيئ جيل. عجز عن التفسير لم بملك بصدده سوى تجنب النظر شرقا. ربما بسبب وجود المقبرة هناك.ولأن كل المصائر السوداوية التي تحدث عنها الكبار تبدأ من هناك. كما ان الشرق قبل ذلك كان البواية المفضلة للعصور الغابرة التي ترسل عبرها وعيدها وتذكاراتها . فمنها كانت تفد فرق ّاحمادشةّ برقصاتها المجنونة وحرابها المسننة والويتها الملطخة بالدم. ومن بوابة الشرق كانت تفد النعوش الى المخافر جراء الحروب التافهة.
كان التطويق محكما. فلا مكان يمكن الهروب اليه. كان المنطق يفيد ان الاطفال لا سجلات مكتوبة باسمائهم تدون فيها افعالهم. لكن العارفين الذين نعتوهم بالتجال بوضريسة افادوا ان كتبهم قد سودت وهم لم يفدوا يعد الى هذه الدنيا. وهو وضع لم يكن ليصحح الا بمستحيلين. القدرة على العبث بالازمنة، او امتلاك الاستطاعة التي من شأنها تغيير الاقدار والمصائر.
هكذا صارت الابصار تتجنب النظر للشرق. وحين كانت تعرض عنه، فالمساحة الممتدة غريا كانت تصبح هي الاتجاه الوحيد المفتوح.