إيهاب حسن - الدراجة... ترجمة: محمد عيد إبراهيم

وراء فندقٍ فخمٍ في نيودلهي، سورٌ من الخيزران ارتفاعه اثنتا عشرة قدماً، ليحميه من الأكواخ أو أيّ حيٍّ صفيح أو فقير ـ يحمل البؤس أسماء عديدة ـ وينبسط إلى الليل. يستقرّ ما هو محظورٌ هناك وسط الصناديقِ، علب الصفيح، أسطح الأشرعة الممزقة، وسط جداول البراز والنيران الواطئة والظلال الساكنة وهي تومض في الظلام.
متجاهلةً تحذيراتِ البوّاب ـ بخنجرٍ زائف في حزامه ـ اقترحت المرأة نزهةً مسائيةً على حافة الحيّ الفقير. همست لرفيقها: لن نجادل «علي بابا». وهما يتمهّلان أمام شجرة تين عملاقة، لاح فجأة خارجاً من السواد جسمٌ على دراجة، كله رُكبٌ وكيعان، غير مرئيّ تقريباً عدا عينيه بعروقهما الحمراء. اندفع حاقداً نحو المرأة، كمن سيصدمها، قبلما ينحلّ في الهواء. فانحرفت، مترنّحةً، لكن رفيقها توصّل إلى ذراعها قبلما تزلّ في مصرفٍ آسن.
على رغم الحرارة، كانت المرأة ترتجف. حاول الرجل أن يحضنها بين ذراعيه، بفظاظةٍ، فارتُجّت مبتعدة. قفزت، بكتفيها المحدودبين، من دون أن تنظر خلفها.
من ذات مكانٍ، صرخ في رأسها طائرٌ ليليٌّ ـ أهو ما كان يرشد يدَ الشبح على مِقود الدراجة؟ نظر رفيقها حزيناً إلى ظهرها وهي تمضي. تحت الهالة المتّسخة من نور الشارع، كانت صورتها داكنةً.
عبر السنين، كانا ينظران بحقدٍ كلٌ إلى الآخر، في لحظاتٍ نادرة ـ حين يستقلاّن رحلةً إلى مكان فيه ماءُ صنبورٍ ملوّث، حين يسمعان ابنهما، وقد مات في حربٍبعيدة، ينادي عليهما من قبره ـ فيتذكّران راكب الدراجة الشبح، ونذيره الشؤم.
أعلى