اعتدال رافع - الياسمينة...

في بيتنا الدمشقي الواقع في زقاق الحمراوي ياسمينة يتيمة تحتلّ حوضا جانبيا صغيرا من أرض الدار.
كانت الياسمينة نحيلة وطويلة بلا فروع صغيرة على جانبيها أو أزهار بيضاء وكنت أسقيها يوميا كلما شطفتُ أرض الدار على أمل أن تزهر وتنفلش فروعها... ولكنها بقيت على حالها من الكآبة مخالفة قانون الضحك والنمو "يومها كنت شابة صغيرة ولم أكن أدرك أن هناك علاقة وطيدة بين حرية المدى والنمو": حوض ضيّق لا يسمح للياسمينة بالنمو ويجهض أزهارها الضاحكة قبل أن تتبرعم.
لمّا ولدت ابنتي سلام قالت لي مدام عازار لا ترضعيها من صدرك أرضعيها بالببرونة لأن الرضاعة من الصدر "مش كويّس" قالتها بعربية مكسّرة لأنها فرنسية وتعمل معلمة في مدرسة اللاييك.
سمعت كلامها وقلت لنفسي أن الفرنساوية يعرفون أكثر من أمي وحماتي وخالتي أم حدّو .
كلّما احتقن صدري بالحليب أشفطه بالشفاطة التي اشتريتها من الصيدلية وأسقي به الياسمينة كبرت الياسمينة وتفتحت أزهارها البيضاء ضاحكة...ونحلت ابنتي سلام..
عندما صارت ابنتي شابة حكيت لها عن الياسمينة واعتذرت لها لأنني أرضعتُها حليبي وحرمتها منه.
قالت لي: سأكتب قصة عن أختي الياسمينة التي أحبّتها أمي أكثر مني..
أعلى