يعقوب عبدالعزيز - هذا الحزن الذي يرعى في بريّة القلب...

هذا الحزن الذي يرعى في بريّة القلب
كقطيع من الخِراف
الذي يعوي في الوادي البعيد ودروب
القوافل
حزن حبّة الشباب في خد مراهقة مخذولة
ذاك الذي في جناحيّ حسون
وهو يحتطب الغناء
لعشٍّ مجهول
ذاك المحمول على قارب مثل ريشة
طائر نادرة
حزن المرفأ يا صديقي
الذي يودّع سُفنًا تأكلها العاصفة
أين يبكي والشّواطئ مناديلاً ملقاة
ذاك الذي في حقيبة التّلميذ
وفي جيبه العلوي الممزّق
الحزن الذي في أعين بائع البوشار
وفي مخالب القط العجوز
ذاك الذي
تتأبّطه الذراع المبتورة
لجندي في حربٍ خاسرة
الذي يسبقه إلى المنزل ويفتح كيس
الهدايا
الحزن المفخخ بالمفاجئات
الذي يركب الدراجة ويحمل أكياس الخبز
ذاك الذي يتقدّم الضّيف في الحارة
والشّارع المتعرّج
حزن الحانة في مساء الأثنين
في رئة مسرطنة
وفي الباب الحديدي المتآكل
أسأل السيّدة ( ش ) وأنا معطّل من رُكبتي اليُمنى
[هل يُمحى هذا الحزن يا حبيبتي ]
تجيب وهي تستنشقُ نفسًا طويلاً من ملامحي
الهادئة المخيفة
هل تقصد كيف نزيل الكلس من
جدران الرّوح..
وتغفو ناعسة
الحزن ذاك اللّبلاب الذي يتسلّق
ويجفُّ ويصفرُّ
ذاك الضّامر مثل نهديْن على مشارف
التقاعد
الحزن الذي في وجوه الغرباء عند
أرصفة المدن
ذاك الذي في غُرف التّعذيب
والشاليهات الصّامتة
في عينيّ الذي خانته الفحولة
ليغتصب البلاد
الحزن الذي يكتب النّصوص اللاّتي
يتبادلناها العاشقات الجُّدد كهدايا ثمينة
الذي هو في عقارب السّاعة الصّامتة
على الحائط
ذاك الذي في الصُّور وهو ينتظر النّفخ
الحزن الذي يتسلل مع اللّيل
يغرزُ مخالبه في اسفنج الغرفة
ينفثُ النّار
ويحرق السقف
الحزن ذاك الذي مع رنّة خلخالها المرأة التي
تناجي السماوات
ذاك الذي تسمعه قبل ان ترعد
قبل أن تبرق قبل أن تمطر
ذاك الذي يذوّبنا في الأسرّة
هذا الحزن يازوربا ...
لن تمحيه أبداً قُبلة
..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...