ذات ليلة التقينا ثلاثة في غرفة بالفندق، لم يكن يعرف بعضنا بعضًا مع أننا من بلد واحدة، ومن مدينة واحدة. ما إن لجأ كل منا إلى سريره حتى زاد البعوض من تحليقه في سماء الغرفة، ثم بدأ بمهاجمتنا. كان ينقض علينا بقوة، يهجم على أجسامنا ويلتصق بها، ولا يغادرها إلا بعد أن تتورم، أو ينزف منها الدم. بعوض لم أر مثله في حياتي، يميل لونه إلى الشقرة، يتكاثر بسرعة حتى خيل إلي أنه يتناسل، وهو في الجو.
أغلقنا النافذة وأطفأنا النور. ولما لم ينته الهجوم استعنا بموظف الاستعلامات في الفندق، فجاء ومعه مبيد الحشرات. خرجنا من الغرفة حتى انتهى الموظف من عمله. وهدد رفيقاي في الغرفة بأن الهجوم إذا استمر فسيتركاني والبعوض، ويبحثان عن فندق آخر.
لم نجد للمبيد تأثيرًا في القضاء على البعوض، بل إنه زاد من تكاثره، ومن شراسته. كأن المبيد منحه طاقة جديدة، وقوة في المعنويات. ولاحظنا لأول مرة وجود بعوض صغير، هسهس لا يكاد يرى، مثل المسيرات الحربية الصغيرة التي لا يراها الرادار.
انسحب رفيقاي في الغرفة دون أن يقولا وداعًا.
عزمت أن أواجه هذا العدو وحدي. فأين المفر؟ فلا أملك نقودًا تكفي لأبحث عن فندق آخر، مثل هذا الفندق الرخيص.
نظرت من النافذة. ما زالت المحال تعمل. نزلت من الفندق، وقفت بباب محل. سألني التاجر عما أريد. شكوت بأني في الفندق القريب، ولم أستطع النوم بسبب البعوض في الغرفة. قدم لي آلة قاتلة الناموس. سألته عن ثمنها. قال إن الناموس عدو البشرية كلها؛ فمن النخوة والشهامة ألا أطلب منك ثمنها.
أشعلت تلك الآلة، فانبعث نورها الأزرق في الغرفة. وبدأت عملها في جذب البعوض إليها وقتله، وتوالت الفرقعات مع القتل حتى كنت أجفل في بعض الأحيان.
بعد مدة قصيرة، خفت الصعقات، وتقلص وجود البعوض في الغرفة. فلجأت إلى السرير أحاول النوم. لم أستطع. بعوضة كبيرة راحت تزن فوق رأسي، أحضرت قاتلة الناموس إلى جانب السرير. ظلت تزن دون أن تقترب من الآلة. صرت أترقب بشوق أن تقترب من الآلة، وينفجر جسمها الضخم. لم يتحقق الأمل، وشعرت أن فأسًا تهد رأسي، فغمرت جسمي كله بالغطاء، وأغمضت عيني.
اقتربت البعوضة نفسها من رأسي، وجاءت كلماتها تهسهس في أذني" عليك الرحيل من هذه الغرفة، هي لي؛ فأنا من يسرح ويمرح فيها منذ أكثر من نصف قرن؛ أما أنت فطارئ عليها، وعلى المكان كله. إذا لم ترحل ستموت، ولن تجد من يحزن عليك. سيأتي مسؤول الفندق ويرميك في حاوية القمامة"
استيقظت على ذكر حاوية القمامة، ونظرت إلى الآلة، إنها ترسل ضوءها الأزرق. أقسمت أن أتخلص من هذه البعوضة، فما دام الصراع وجوديًا، فيجب أن أبقى، وتموت هذه البعوضة.
أغلقت الغرفة وأطفأت قاتلة البعوض، وجلست في الفراش. مرت تزن من أمامي، ثم حطت على قدمي العارية، ضربتها. نجت من يدي، وطارت وقدمي ويدي تؤلماني من قوة الضربة.
سحبت غطاء أحد السريرين الآخرين، وكومته وسط الغرفة، ووضعت عليه بعض الزيوت العطرية التي كانت في الحمام، ثم أخرجت ولاعة السجائر من جيب قميصي، وأشعلت النار، انتشر الدخان في أنحاء الغرفة. بعد قليل أطفأت النار، وتركت النافذة مفتوحة ونمت نومًا عميقًا؛ فلا بعوض في الغرفة، بل رائحة عبقة وجميلة.
استيقظت على طرقات بالباب. كان مسؤول الفندق يسألني عن هذه الرائحة التي تنبعث من الغرفة. أجبته بأنها رائحة شواء. قال بغضب:
- تعرف بأن الأكل وطهو الطعام ممنوع في الفندق.
– شواء البعوض مسموح أيها الرجل.
أدرك ما أعنيه فقال بحدة:
- لو تعم هذه الطريقة بين النزلاء في مكافحة البعوض لاحترق الفندق كله. بعد الساعة الثانية عشرة لا أريد رؤيتك في الفندق. يجب أن تخلي الغرفة، وإذا بقيت فيها فسأبلغ عنك الشرطة بأنك إرهابي.
قلت بأسى:
– بدلًا من أن تشكرني على أني قدمت تجربة عملية، في تحرير المكان من البعوض.
أغلقنا النافذة وأطفأنا النور. ولما لم ينته الهجوم استعنا بموظف الاستعلامات في الفندق، فجاء ومعه مبيد الحشرات. خرجنا من الغرفة حتى انتهى الموظف من عمله. وهدد رفيقاي في الغرفة بأن الهجوم إذا استمر فسيتركاني والبعوض، ويبحثان عن فندق آخر.
لم نجد للمبيد تأثيرًا في القضاء على البعوض، بل إنه زاد من تكاثره، ومن شراسته. كأن المبيد منحه طاقة جديدة، وقوة في المعنويات. ولاحظنا لأول مرة وجود بعوض صغير، هسهس لا يكاد يرى، مثل المسيرات الحربية الصغيرة التي لا يراها الرادار.
انسحب رفيقاي في الغرفة دون أن يقولا وداعًا.
عزمت أن أواجه هذا العدو وحدي. فأين المفر؟ فلا أملك نقودًا تكفي لأبحث عن فندق آخر، مثل هذا الفندق الرخيص.
نظرت من النافذة. ما زالت المحال تعمل. نزلت من الفندق، وقفت بباب محل. سألني التاجر عما أريد. شكوت بأني في الفندق القريب، ولم أستطع النوم بسبب البعوض في الغرفة. قدم لي آلة قاتلة الناموس. سألته عن ثمنها. قال إن الناموس عدو البشرية كلها؛ فمن النخوة والشهامة ألا أطلب منك ثمنها.
أشعلت تلك الآلة، فانبعث نورها الأزرق في الغرفة. وبدأت عملها في جذب البعوض إليها وقتله، وتوالت الفرقعات مع القتل حتى كنت أجفل في بعض الأحيان.
بعد مدة قصيرة، خفت الصعقات، وتقلص وجود البعوض في الغرفة. فلجأت إلى السرير أحاول النوم. لم أستطع. بعوضة كبيرة راحت تزن فوق رأسي، أحضرت قاتلة الناموس إلى جانب السرير. ظلت تزن دون أن تقترب من الآلة. صرت أترقب بشوق أن تقترب من الآلة، وينفجر جسمها الضخم. لم يتحقق الأمل، وشعرت أن فأسًا تهد رأسي، فغمرت جسمي كله بالغطاء، وأغمضت عيني.
اقتربت البعوضة نفسها من رأسي، وجاءت كلماتها تهسهس في أذني" عليك الرحيل من هذه الغرفة، هي لي؛ فأنا من يسرح ويمرح فيها منذ أكثر من نصف قرن؛ أما أنت فطارئ عليها، وعلى المكان كله. إذا لم ترحل ستموت، ولن تجد من يحزن عليك. سيأتي مسؤول الفندق ويرميك في حاوية القمامة"
استيقظت على ذكر حاوية القمامة، ونظرت إلى الآلة، إنها ترسل ضوءها الأزرق. أقسمت أن أتخلص من هذه البعوضة، فما دام الصراع وجوديًا، فيجب أن أبقى، وتموت هذه البعوضة.
أغلقت الغرفة وأطفأت قاتلة البعوض، وجلست في الفراش. مرت تزن من أمامي، ثم حطت على قدمي العارية، ضربتها. نجت من يدي، وطارت وقدمي ويدي تؤلماني من قوة الضربة.
سحبت غطاء أحد السريرين الآخرين، وكومته وسط الغرفة، ووضعت عليه بعض الزيوت العطرية التي كانت في الحمام، ثم أخرجت ولاعة السجائر من جيب قميصي، وأشعلت النار، انتشر الدخان في أنحاء الغرفة. بعد قليل أطفأت النار، وتركت النافذة مفتوحة ونمت نومًا عميقًا؛ فلا بعوض في الغرفة، بل رائحة عبقة وجميلة.
استيقظت على طرقات بالباب. كان مسؤول الفندق يسألني عن هذه الرائحة التي تنبعث من الغرفة. أجبته بأنها رائحة شواء. قال بغضب:
- تعرف بأن الأكل وطهو الطعام ممنوع في الفندق.
– شواء البعوض مسموح أيها الرجل.
أدرك ما أعنيه فقال بحدة:
- لو تعم هذه الطريقة بين النزلاء في مكافحة البعوض لاحترق الفندق كله. بعد الساعة الثانية عشرة لا أريد رؤيتك في الفندق. يجب أن تخلي الغرفة، وإذا بقيت فيها فسأبلغ عنك الشرطة بأنك إرهابي.
قلت بأسى:
– بدلًا من أن تشكرني على أني قدمت تجربة عملية، في تحرير المكان من البعوض.