مارتن هيدغر - نظرية أفلاطون عن الحقيقة 2 من 3.. ترجمة عبد الغفار مكاوي

2 من 3

ولكن ما الذي يجمع بين «التكوين» و«الحقيقة» في وحدة ماهوية (أساسية) أصيلة؟
إن «البايدايا» تدل على تحول الإنسان بكليته، بمعنى أن يخرج من دائرة الأشياء المألوفة التي يواجهها في حياته ويتعود على وضعه الجديد في دائرة أو مجال آخر يظهر فيه الموجود نفسه، ولا يُصبح هذا الوضع ممكنًا حتى يتغير كل ما كان واضحًا أو متكشفًا بالنسبة للإنسان ويتغير كذلك أسلوب وضوحه وتكشفه، لا بد أن يتحول هذا الذي يعتبر في نظر الإنسان لامحتجبًا كما يتحول أسلوب لا تحجبه،٢٧ واللاتحجب يُسَمَّى في اليونانية «أليثيا»،٢٨ وهي كلمة تُترجَم عادةً «بالحقيقة»، وقد ظل معنى «الحقيقة» في نظر الفكر الغربي منذ عهد قديم هو تطابق٢٩ التصور الفكري مع الموضوع، تطابق العقل مع الشيء.٣٠
لو حاولنا مع ذلك أن تتخلَّى عن ترجمة كلمتي «بايدايا» و«أليثيا» ترجمة حرفية، وحاولنا بدلًا من ذلك أن نفكِّر في الماهية الموضوعية التي تنطوي عليها الكلمتان اللتان نجتهد في ترجمتهما من خلال المعرفة اليونانية،٣١ لَوجدنا على الفور أن «التكوين» و«الحقيقة» يلتقيان في وَحْدة ماهوية واحدة، ولو أخذنا ماهية ذلك الذي تسميه كلمة «أليثيا» مأخذ الجد لوجدنا هذا السؤال يطرح نفسه: من أين يستمد أفلاطون تحديده لماهية اللاتحجُّب؟ إن كل محاولة للإجابة على هذا السؤال نفسه مضطرة للرجوع إلى المضمون الحقيقي «لرمز الكهف»، وسوف تبين أن «الرمز» يتناول ماهية الحقيقة كما تبين طريقة تناوله له.
إننا بالكلام عن المتحجِّب وتحجُّبه إنما نصف ذلك الموجود الحاضر٣٢ في كل مجال من المجالات التي يقيم فيها الإنسان، ولكن «الرمز» يحكي قصة الانتقال من مكان إقامة إلى آخر، ومن هنا تنقسم هذه الحكاية إلى مجموعة من الأماكن المختلفة (التي يقيم فيها السجناء) وتتسلسل صعودًا وهبوطًا على نحو عجيب، وتقوم الفروق المختلفة بين أماكن الإقامة كما تقوم مستويات الانتقال (من مرحلة إلى أخرى) على الاختلاف في معنى الأليثيس٣٣ المأخوذ به كمقياس ملزم، وعلى نوع الحقيقة السائد في كل مرحلة؛ لهذا ينبغي أن نفكِّر في مفهوم «الأليثيس»، أو اللاتحجب، ونحدِّد أوصافه عند كل مستوى.
في المستوى الأول يحيا البشر في الكهف مقيدين بالسلاسل والأغلال، أسارى ما يلتقون به لقاءً مباشرًا، ويختم أفلاطون وصفه لهذا المكان الذي يُقيم فيه البشر بهذه العبارة الجازمة: «إن السجناء المغلولين على هذه الصورة لن يعتقدوا على الإطلاق أن ثمة ما هو غير محجَّب سوى ظلال الأدوات.»٣٤ (٥١٥ج، ١-٢).
وفي المستوى الثاني يحدِّثنا «الرمز» عن الخلاص من القيود والأغلال، لقد توصَّل السجناء إلى شيء من الحرية، ولكنهم ما زالوا محبوسين داخل الكهف، إنهم يستطيعون الآن أن يتلفَّتوا برءوسهم ويحرِّكوا أجسامهم في كل اتجاه، أصبح في إمكانهم أن يرَوْا بأنفسِهم الأشياء التي كانت تمرُّ خلف ظهورهم ويحملها العابرون في أيديهم، وصار أولئك الذين لم يكونوا يُبصرون إلا الضلال والأشباح «أكثر اقترابًا من الموجود»٣٥ (٥١٥د، ٢)، أخذت الأشياء نفسها تعرض منظرها بشكل من الأشكال، أي على ضوء النار الصناعية المشتعلة داخل الكهف، ولم تعد الظلال تُخفيها كما كانت تفعل من قبل، فإذا اتفق للأعيُن أن تقعَ على الظلال، غشيت هذه الظلال على البصر وحجبت عنه رؤية الأشياء نفسها، ولكن ما إن يتخلص البصر من أسر الظلال حتى يتمكَّن الإنسان الذي تحرَّر هذا التحرر من الوصول إلى دائرة ذلك الذي يصفه «الرمز» بأنه «أليثيسترا»٣٦ (٥١٥د، ٦) أي أكثر تكشُّفًا أو لاتحجُّبًا، ومع ذلك فلا بد من أن يقالَ عمَّن تحرَّر على هذه الصورة أنه «سيعتبر أن ما رآه من قبل (أي الظلال) أكثر تكشفًا (أو لاتحجبًا) مما يظهر له الآن»٣٧ (نفس الموضع من الجمهورية).
ما السبب في هذا؟
إن الضوء الذي تعكسه النار يَعشَى عينَيِ السجين المتحرِّر الذي لم يتعوَّد عليه، هذا العشى يحول بينه وبين رؤية النار نفسها كما يمنعه من أن يدرك كيف ينعكس نورها على الأشياء فيُتيح لهذه الأشياء أن تظهر؛ ولهذا لا يستطيع هذا الشيء عَشِي الضوء بصره أن يفطن إلى أن ما كان يراه من قبلُ لم يكن سوى ظلال الأشياء التي انعكست على ضوء هذه النار ذاتها، صحيح أن السجين الذي تحرَّر سيرى أشياء أخرى غير الظلال، ولكن كل ما يراه سيختلط عليه اختلاطًا شديدًا، وإذا قارن بين هذا الخلط المضطرب وبين ما كان يراه من ظلال منعكسة على ضوء النار التي لم يكن يعرفها أو يُبصرها، تبيَّن له أن هذه الظلال كانت ذات معالم ثابتة محددة؛ ولهذا فلا غرابة في أن يبدو هذا الجانب الظاهر الثابت من الظلال في نظر السجين المتحرِّر «أكثر لاتحجبًا أو تكشُّفًا»؛ لأنه كان يراه واضحًا لا اختلاط فيه، من أجل هذا نجد كلمة «أليثيس»٣٨ تتكرر في نهاية العرض الذي يقدِّمه رمز «الكهف» عن المستوى الثاني، وإن كانت تأتي في صيغة التفضيل «أليثيسترا» (الأكثر لاتحجبًا)، إن الحقيقة على الأصالة تكمن (في نظر هذا السجين المتحرر) في الظلال، فهو على الرغم من تخلُّصه من الأغلال لا يزال يُسيء تقدير مفهوم «الحق» ووضعه؛ لأنه لا يزال يفتقر إلى الأساس الذي ينبني عليه «التقدير»، ألا وهو الحرية، صحيح أن الخلاص من الأغلال يحرِّره بعض التحرر، ولكن هذا الخلاص لم يصل به بعد إلى الحرية الحقيقية.
ويصل السجين المتحرِّر من الأغلال إلى هذه الحرية الحقيقة عندما يبلغ المستوى الثالث، فهنا يكون هذا السجين الذي تحرَّر من أغلاله قد انطلق إلى خارج الكهف حيث «الحرية الرحيبة»، هناك يتضح كل شيء وينفتح في ضوء النهار، إن منظر الأشياء على ما هي عليه لا يظهر له الآن كما كان الحال من قبل في داخل الكهف عندما كانت مجرد انعكاس لضوء النار الصناعية التي سببت له الخلط والاضطراب، إن الأشياء نفسها تظهر له الآن بكل ما يكتنف منظرها الخاص من إلزام والتزام، والحرية التي أصبح المتحرِّر يجد نفسه فيها ليست مجرد فضاء رحب لا تحدُّه الحدود، وإنما هي الإلزام الذي يفرضه نورٌ ساطع يشعُّ من الشمس التي يراها في نفس الوقت، والمناظر التي تُبدي الأشياء على ما هي عليه، أي الأيدية٣٩ (أو المثل)، هي التي تكون الماهية التي يتجلَّى هذا الموجود المفرد أو ذاك على ضوئها، وفي هذا التجلِّي يمكن أن يتكشف٤٠ هذا الذي يظهر كما يمكن أن يصبح ميسرًا (للنظر).
ويتحدد هذا المستوى (الذي يقيم فيه السجين المتحرر) مرة أخرى على أساس اللامحتجب الذي يتكون له هنا صفة المقياس الحقيقي الملزم؛ ولهذا يسارع أفلاطون في بداية عرضه للمستوى الثالث بالكلام عن ذلك «الذي يقال عنه الآن أنه لامحتجب»٤١ (الجمهورية، ٥١٦أ، ٣) هذا اللامحتحب (يصفه أفلاطون) بأنه «أليثيستيرون» أي الأكثر لاتحجُّبًا (تكشُّفًا) من الأشياء التي كانت تظهر على الضوء الصناعي في داخل الكهف، كما كانت مختلفةً عن الظلال، إن اللامحتجب الذي بلغه (السجين المتحرِّر) في هذه المرحلة هو «الأشدُّ لاتحجبًا» (تا أليثيستاتا)،٤٢ صحيح أن أفلاطون لا يستخدم الكلمة الأخيرة في هذا الموضوع من حديثه، ولكنه يذكر «الأشد لاتحجبًا» (توأليثياتون)٤٣ في سياق الشرح الهام المماثل في بداية الباب السادس من الجمهورية، فنحن نراه في هذا الموضع الأخير (٤٧٤ﺟ، ٥ وما بعدها) يذكر أولئك «الذين يتطلَّعون إلى الأشد لاتحجبًا»٤٤ (أو أعظم الأشياء تكشُّفًا)، وهكذا الأشد لاتحجبًا يتجلَّى أو يظهر فيما يكون عليه الموجود، وبغير هذا التجلِّي أو الظهور لمائية٤٥ (المثل) لأمكن أن يبقى هذا (الموجود) وذاك وكل شيء على الإطلاق متحجبًا مخفيًّا، ويوصف «الأشد لاتحجبًا» بهذا الوصف لأنه يظهر بصورة مسبقة في كل ما هو ظاهر، كما ييسر هذا الظاهر (أو يجعله في متناول النظر).
ولكن إذا كان تحول البصر — في داخل الكهف نفسه — من الظلال إلى النار والأشياء التي تظهر على ضوئها؛ أمرًا عسيرًا بل محكومًا عليه بالإخفاق، فلا بد أن يتطلَّب التحرر في «المكان» الحر الرحيب خارج الكهف غاية الصبر والجهد، إن التحرُّر لا يأتي نتيجة الخلاص من الأغلال ولا هو مجرد انفلات من القيود، وإنما يبدأ بالتعود المتصل على تثبيت النظر على المعالم المحددة٤٦ للأشياء ذات المنظر المحدَّد الثابت، التحرُّر الحقيقي هو مداومة التحوُّل نحو ما يظهر في منظره ويكون لدى ظهوره هو الأشد لاتحجُّبًا (تكشُّفًا)، ولا وجود للحرية إلا في مثل هذا التحوُّل، ولكن هذا التحول لن تحققه إلا ماهية «البايدايا» من حيث هي تحوُّل، ومِنْ ثَمَّ فإن اكتمال ماهية «التكوين» لا يمكن أن يتمَّ إلا في مجال «الأكثر لاتحجُّبًا» وعلى أساسه، أي في مجال «الأليثيستاتون»، أي الأكثر حقيقة، أي الحقيقة الخالصة، إن ماهية «التكوين» تقوم على أساس ماهية «الحقيقة»، ولما كانت ماهية «البايدايا» تكمن في التمهيد «لتحويل اتجاه الإنسان بكليته وفي ماهيته»،٤٧ فإنها تظل بهذا الاعتبار٤٨ تجاوزًا مستمرًّا للأبايدويزيا،٤٩ إن البايدايا تحمل في ذاتها العلاقة الأساسية التي ترجع بها٥٠ إلى نقص التكوين، وإذا كان على رمز الكهف، كما يفسِّره أفلاطون نفسه، أن يصوِّر ماهية «البايدايا» (في صورة حية ملموسة) فلا بد أن يتَّجه هذا التصوير أيضًا إلى توضيح هذه النقطة الجوهرية وهي التجاوُز المستمر لنقص التكوين؛ ولهذا لا تنتهي القصة التي يحكيها «الرمز» بالنهاية التي يحلو للبعض أن يتخيلوها، أي بوصف أعلى مستوى يصل إليه السجين المتحرِّر وهو الخروج من الكهف، إن العكس من هذا هو الصحيح، فهبوط السجين المتحرر إلى الكهف ورجوعه إلى زملائه الذين لا يزالون مقيدين بالأغلال؛ جزءٌ متمم للحكاية التي يرويها «الرمز»، إن السجين المتحرِّر يرى الآن من واجبه أيضًا أن يحول (عيون) هؤلاء عما يبدو لهم لامحتجبًا لكي يرتفع بهم إلى الأكثر لاتحجُّبًا، غير أن السجين المتحرِّر لا يستقيم له الأمر في داخل الكهف، إنه يتعرَّض لخطر الوقوع تحت سيطرة الحقيقة السائدة هناك، أي لخطر الوقوع في قبضة «الواقع» الشائع المألوف الذي يعد (في نظرهم) هو الواقع الوحيد، بل إن السجين لَيشعر بأنه مهدَّد باحتمال قتله، وهو احتمال تحول إلى واقع، كما نعرف من قدر سقراط الذي «عَلَّمَ» أفلاطون.
إن الهبوط إلى الكهف، والصراع الذي يدور في داخله بين المحرر وبين السجناء الذين يقاومون كل تحرر، يكونان المستوى الرابع الذي يكتمل به «الرمز»، صحيح أن كلمة «أليثيس» لا ترد في هذا الجزء من الحكاية، ولكنها لن تستغني في هذا المستوى (الأخير) عن التعرُّض للامحتجب الذي يحدِّد مجال الكهف الذي يعود السجين المتحرر لزيارته، ولكن ألم تسبق تسمية «اللامحتجب» الذي كان يسود الكهف٥١ في المستوى الأوَّل؟ ألم يكن اسمه عندئذٍ هو «الظلال»؟ لا شك في هذا، غير أن دور اللامحتجب لا يقتصر على جعل الظاهر بأي شكل من الأشكال ميسرًا٥٢ ومفتوحًا في ظهوره، وإنما يقوم اللامحتجب دائمًا بتجاوز تحجب المتحجب، إن من الضروري أن ينتزع اللامحتجب (من ثنايا) التحجب، أن يسلب بمعنى من المعاني من هذا التحجب.
ولما كان الأصل في اللاتحجُّب عند اليونان أنه يتغلغل٥٣ في ماهية الوجود وبذلك يحدِّد الموجود من جهة حضوره٥٤ وييسِّره٥٥ (حقيقته)، فإن الكلمة التي يستخدمها اليونان للدلالة على ما كان الرومان يسمُّونه «الصدق»٥٦ ونسمِّيه نحن «الحقيقة» تتميز بأنها تبدأ بالحرف a الذي يدل على السلب «أليثيا»،٥٧ إن الأصل في الحقيقة أنها تدل على ما يُنتزع من التحجُّب والخفاء، والحقيقة من حيث هي هذا الانتزاع تكون في كل مرة على هيئة كشف أو انكشاف،٥٨ وقد يكون التحجُّب على أنحاء مختلفة: فهو غلق، أو حفظ، أو ستر، أو تغطية، أو تقنع، أو تنكر، ولما كان من المحتم، في «رمز» أفلاطون، أن ينتزع أعلى أنواع اللاتحجُّب انتزاعًا من (ثنايا) حجب (أو خفاء) دنيء وعنيد، فمن الطبيعي أيضًا أن يكون تخليص (السجين) من الكهف ووضعه في (مجال) الحرية التي يغمرها ضوء النهار صراعَ حياة أو موت، والمستوى الرابع من مستويات «الرمز» يُشير إشارة لماحة إلى أن «السلب»، أو الكفاح في سبيل انتزاع اللامحتجب، مرتبط بماهية الحقيقة، ولهذا نجد أن هذا المستوى يتناول كذلك (مسألة) «الأليثيا»، شأنه في هذا شأن المستويات الثلاثة المتقدمة عليه.
مهما يكن الأمر فإن هذا «الرمز» لم يكن ليقوم على صورة الكهف إلا لأن التجربة الأساسية التي كانت بديهية عند اليونان، ألا وهي تجربة «الأليثيا» أو لاتحجب الموجود، قد عملت من قبل على تحديد طبيعته، إذ ماذا عسى أن يكون الكهف العميق في باطن الأرض إن لم يكن شيئًا مفتوحًا وتحوطه الجدران من كل جانب فتعزله عن الأرض على الرغم من فتحة المدخل الذي يؤدي إليه؟ إن انغلاق٥٩ الكهف — المفتوح في ذاته — وما يتسبَّب في تغيير وضعه ومِنْ ثَمَّ في حجبه، إنما تُشير كلها في نفس الوقت إلى ما يقع خارجه، أي اللامحتجب الذي ينفسح في ضوء النهار، وإن ماهية الحقيقة التي فكَّر فيها اليونان في الأصل بمعنى «الأليثيا»، أي اللاتحجب المرتبط بالمتحجب (المنكر والمقنع)، «هذه الحقيقة» وحدها ترتبط ارتباطًا أساسيًّا بصورة الكهف القائم تحت الأرض بعيدًا عن ضوء النهار، ولو كان للحقيقة ماهية أخرى غير اللاتحجب أو لو تحددت على أقل تقدير بشيء آخر غيره لَما كان «لرمز الكهف» أية قيمة تصويرية أو تعبيرية.
ومع أن «الأليثيا» قد تكون موضوع تجربة أصيلة في «رمز الكهف» وقد تذكر وتؤكد في مواضع بارزة (من النص)، فإن ثمة ماهيةً أخرى للحقيقة تحتل مكان الصدارة بدلًا من اللاتحجب، وهذا في الواقع إنما يدل ضمنًا على أن اللاتحجب أيضًا لا يزال يحتفظ بمكانه.
إن تصوير الرمز والتفسير الخاص الذي يقدمه أفلاطون له يكادان يسلمان بأن الكهف السفلي وما يقع خارجه هما المجال الذي تتم الأحداث المروية في إطاره، ولعل أهم هذه الأحداث هي مراحل الانتقال التي يحكيها «الرمز» والصعود من دائرة النار الصناعية إلى إشراق الشمس الساطعة، ثم الهبوط مرة أخرى من منبع النور كله إلى ظلام الكهف، ولا تأتي قوة التعبير والتصوير في «رمز الكهف» من صورة الانغلاق التي يوحي بها القبو السفلي والبقاء في أسر الانغلاق، ولا من رؤية (الأفق) المفتوح خارج الكهف، فالواقع أن مكمن القوة في تفسير أفلاطون وتصويره «للرمز» يتركز في الدور الذي تقوم به النار، والضوء المنعكس منها، والظلال، ونور النهار الساطع، وضوء الشمس والشمس ذاتها، إن كل شيء فيه يعتمد على ظهور الظاهر والتمكين من رؤيته،٦٠ حقًّا أن اللاتحجب يرد ذكره «أثناء الكلام عن» المستويات المختلفة، ولكن التفكير فيه ينصبُّ على طريقته في تيسير تجلِّي الظاهر في منظره (أيدوس)٦١ والتمكين لهذا الظاهر المتجلِّي بنفسه (الأيدايا)٦٢ من أن يصبح قابلًا للرؤية، بل إن التأمل الحقيقي ينصبُّ على ظهور المنظر الذي يكفله الضوء الساطع، هذا المنظر هو الذي يسمح بالتطلُّع إلى كينونة كل موجود،٦٣ فالتأمل الحقيقي إذن ينصبُّ على «الأيدايا»، وهذا (أي الأيدايا أو المثال) هو المنظر الذي يُتيح التطلُّع إلى الموجود (الكائن الحاضر)، «الأيدايا» هو الظهور الخالص بالمعنى الذي نقصده عندما نقول «إن الشمس تظهر»، إن «المثال»٦٤ لا يسمح «بظهور» شيء آخر (وراءه)، إن هو ذاته الظاهر الذي لا يعنيه إلا إظهار نفسه، «الأيدايا» هو الظاهر (المتبدِّي)، وماهية المثال تكمن في قابليته لأن يظهر ويرى، هذه (القابلية للظهور والرؤية) هي التي تحقِّق الحضور (الكينونة) أي حضور ما يكون عليه الموجود، في «ما-ئية»٦٥ الموجود يحضر٦٦ هذا في كل حالة معينة؛ ولهذا فإن الماهية الحقيقية للوجود تكمن في نظر أفلاطون في «الما-ئية»، وحتى التسمية المتأخرة تشي بان «الما-ئية» (في اللغة اللاتينية)٦٧ هي الكينونة٦٨ الحقَّة، أي هي الماهية٦٩ وليست هي الموجود،٧٠ وما يقدمه المثال (بهذه الطريقة) للرؤية ويجعله مُتاحًا لها هو بالنسبة للنظر المتجه إليه لا تحجب (تكشف) الكينونة (أو المائية) التي يظهر بها، بهذا يفهم اللامتحجب فهمًا أوليًّا مسبقًا ووحيدًا باعتباره ذلك المدرك أثناء إدراك «الأيدايا»،٧١ والمعروف٧٢ من خلال المعرفة،٧٣ إن التعقل (نوآين)٧٤ والعقل (نوس)٧٥ أو (الإدراك) يكتسبان في هذه الصياغة الأفلاطونية علاقتهما الأساسية «بالمثال»، والتهيُّؤ لهذا التوجُّه إلى المثل هو الذي يحدِّد ماهية الإدراك وبالتالي ماهية «العقل».
إن «اللاتحجُّب» يُقصَد به (ذلك) اللامتحجب الذي ييسِّر باستمرارٍ طريق ظهور المثال، ولما كان هذا التيسير يتحقَّق بالضرورة من خلال «رؤية» أو «نظر»، فلا بد أن يدخل اللاتحجب في «علاقة» مع الرؤية، وأن يكون «متضايفًا» معها؛ ولهذا نجد أفلاطون يطرح هذا السؤال في ختام الباب السادس من الجمهورية: ما الذي يجمع بين المرئي والرؤية في علاقتهما بعضهما ببعض؟ ما طبيعة العلاقة المتشابكة بينهما؟ أي نير٧٦ (زيجون، الجموهرية ٥٠٨أ، ١) يربطهما؟
إن الإجابة التي يوضحها «رمز الكهف» تتم على هذه الصورة: إن الشمس، وهي منبع النور، تجعل المرئي قابلًا للرؤية، ولكن البصر لا يرى المرئي إلا بقدر ما تكون العين مشمسة (هيلو أيديس)،٧٧ أي بقدر ما تكون لديه القدرة على الانتماء لماهية الشمس، أي لظهورها، والعين ذاتها «تستنير» وتهب نفسها لظهور (الشمس)، وبهذا يمكنها أن تستقبل ما يظهر وأن تُدركه، هذه الصورة تدل من الناحية الموضوعية على فكرة متسقة يعبِّر عنها أفلاطون على هذا النحو: «وإذن فهذا الذي يتيح للمعروف أن يتكشف (لا يتحجب)، كما يهب العارف القدرة (على المعرفة)، هو ما يمكنك أن تقول عنه إن مثال الخير.»٧٨ (الجمهورية، الباب السادس، ٥٠٨ﻫ، ١ وما بعدها).
يصف «الرمز» الشمس بأنها صورة لمثال الخير، ما هي ماهية هذا المثال؟ باعتبار الخير مثالًا (أيدايا)٧٩ فهو الظاهر، وهو — بهذا الاعتبار أيضًا — واهب الرؤية، وهو المرئي ومِنْ ثَمَّ القابل للمعرفة: «إن مثال الخير، في مجال المعرفة، هو الذي يحقِّق كل ظهور، ولهذا أيضًا فهو في نهاية الأمر الرؤية المرئية، ولذلك فمن شأنه أنه لا يكاد يُرى (إلا بالجهد الجهيد).» (الجمهورية، ٥١٧ب، ٧)، وتُترجم كلمة «تو أجاثون»٨٠ بتعبير يبدو مفهومًا في ظاهره وهو «الخير»، وأغلب من يستخدمون هذا التعبير يخطر على بالهم معنى «الخير الأخلاقي» الذي يوصف بهذه الصفة؛ لأنه يتفق مع القانون الأخلاقي، ولكن هذا المعنى يحيد عن الفكر اليوناني، وإن كان تفسير أفلاطون نفسه «للأجاثون»٨١ بأنه مثال هو الذي أوحى بالتفكير في «الخير» تفكيرًا أخلاقيًّا كما جعل المتأخرين يسيئون تقديره فيجعلونه «قيمة»، إن فكرة القيمة التي نشأت في القرن التاسع عشر وترتبت على المفهوم الحديث «للحقيقة» هي آخر خلف «للأجاثون» وأضعفه، وبقدر ما تتغلغل «القيمة» والتفسير من خلال «القيم» في ميتافيزيقا نيتشه على هذه الصورة المطلقة التي عبَّر عنها بعبارته المعروفة «قلب جميع القيم»، بقدر ما يمكننا أن نعد نيتشه نفسه — الذي غابت عنه كل معرفة بالأصل الميتافيزيقي «للقيمة» — أشد الأفلاطونيين تطرُّفًا عبر تاريخ الميتافيزيقا الغربية، والسبب في هذا أن نيتشه قد اعتبر أن القيمة هي الشرط الذي وضعتْه «الحياة نفسها» لإمكان «الحياة»، وبهذا فهم ماهية «الأجاثون» فهمًا بعيدًا عن كل تحيُّز أو حكم مسبق وقع فيه أولئك الذين يلهثون وراء المسخ الذي يسمونه «القيم الصادقة في ذاتها».
ولو شئنا أن نفكر في ماهية «المثال» من وجهة النظر الحديثة واعتبرناه «إدراكًا»٨٢ (أي تصوُّرًا ذاتيًّا) لَوجدنا في «مثال الخير أو فكرته» … «قيمة» معينة في ذاتها، لها بالإضافة إلى ذلك «فكرة» أو «مثال»، وهذا المثال يستلزم بطبيعة الحال أن يكون أعلى المثل؛ لأن كل شيء (في الحياة) يتوقَّف على اتِّباع الخير (للصالح العام أو لتوطيد دعائم النظام)، وطبيعي أن يضيع كل أثر للماهية الأصلية «لمثال الخير»٨٣ الأفلاطوني في إطار هذا التفكير الحديث.
يدل «التو أجاثون»٨٤ (الخير) في المفهوم اليوناني على ما يصلح لشيء أو يمنح غيره الصلاحية، وكل «أيدايا»٨٥ (مثال)، أو منظر شيء ما، هو الذي يسمح برؤية ما يكون عليه (أو كينونة) موجود ما، وعلى هذا فإن «المثل» هي التي تجعل الشيء صالحًا لأن يظهر على ما هو عليه٨٦ وبهذا يمكن أن يكون له كيان.٨٧ إن المثل هي موجودية كل موجود؛ ومِنْ ثَمَّ فإن ذلك الذي يجعل كل مثال صالحًا لأن يكون مثال المثل على حد تعبير أفلاطون، هو الذي يمكن لظهور كل ما هو كائن في كل ما يتبدَّى منه للنظر.
فماهية المثال تكمن في أنه هو علة إمكان الظهور والصلاحية له، وهذا الظهور هو الذي يكفل رؤية «الموجود» في منظره (الذي يبدو عليه)، ومن أجل هذا كان مثال المثل هو واهب الصلاحية على الإطلاق، أي «تو أجاثون»، وهذا الأخير هو الذي يُتيح الظهور لكل ما يظهر؛ ولهذا كان هو نفسه الظاهر بحق، أي أشد «الموجودات» ظهورًا، ولهذا أيضًا فإن أفلاطون يُسَمِّي «الأجاثون»: أشد الموجودات ظهورًا،٨٨ (الجمهورية، ٥١٨ﺟ، ٩).
إن تعبير «مثال الخير» الذي يعد تعبيرًا مضلِّلًا للرأي الحديث٨٩ أشد التضليل، هو الاسم الذي يُطلقه أفلاطون على ذلك المثال المتميز، الذي يظل — باعتباره مثال المثل — هو واهب الصلاحية لكل شيء، هذا المثال، الذي يمكنه وحده أن يُسمَّى «الخير»، يبقى «المثال الكامل أو الأعلى» (أيدايا تيلويتايا)٩٠ لأن ماهية المثال تتحقَّق فيه، أي تبدأ كينونتها، بحيث يصدر عنه إمكان جميع المثل الأخرى، ويجوز أن يوصف الخير بأنه «أعلى المثل» من جهتين: فهو من جهة أعلى المثل من حيث رتبته في التمكين،٩١ كما أن التطلع إليه يعد من جهة أخرى (أشد أنواع التطلع) وعورة ومِنْ ثَمَّ أحوجها للجهد والعناء، وعلى الرغم من عناء الإدراك٩٢ الحقيقي ومشقته، فإن المثال الذي يتحتم بحسب ماهية المثال ووفق المفهوم اليوناني له أن يُسَمَّى «الخير»، يظل بمعنى من المعاني وبصورة دائمة في مرمى النظر، وذلك حيثما تجلَّى أي موجود على الإطلاق أو ظهر، وحتى عندما ترى الظلال التي لا تزال ماهيتها خافية محجوبة،٩٣ فلا بد أن تكون هناك ثمة نار يشتعل ضوءها، ولو لم يدرك هذا الضوء الإدراك الحق ولم يعرف أنه منحة من النار ولا عرف أيضًا أن هذه النار لا تخرج عن كونها وليدة (أنكونون)٩٤ الشمس (الجمهورية، الباب السادس، ٥٠٧أ، ٣) إن الشمس تظل غير مرئية في داخل الكهف، ومع ذلك فإن الظلال نفسها تعيش على ضوئها، أمَّا النار المشتعلة في داخل الكهف، التي تمكن من إدراك الظلال إدراكًا لا يعي ماهيته الذاتية، فهي صورة تعبِّر عن الأساس المجهول لتجربة الموجود التي تعني الموجود حقًّا وإن كانت لا تعرفه من حيث هو كذلك، ولكن الشمس بما ترسله من ضوء لا يقتصر دورها على ما تمنحه من نور ساطع وما تجود به على كل (الموجودات) الظاهرة من ظهور (للنظر) و«لاتحجُّب» أو تكشُّف، إن ظهورها٩٥ يشع الدفء في نفس الوقت ويساعد، عن طريق توهجها، كل «ما ينشأ ويكون» على أن يبلغ كيانه المرئي (الجمهورية، ٥٠٩ب)، فإذا تمَّت رؤية الشمس نفسها رؤية حقيقية٩٦ — ونقول هذا ونعنيه حرفيًّا دون حاجة إلى صورة أو مجاز — وإذا أمكن رؤية المثال الأعلى، عندئذٍ يمكن «أن نستنتج بشكل عام وموحد (من المثال الأعلى) أنه بالنسبة للناس جميعًا هو علة كل صواب (في سلوكهم) كما هو علة كل جمال»، أي أنه هو علة ما يَتبدَّى للسلوك على نحو يمكنه٩٧ من إظهار منظره، إن المثال الأعلى هو مصدر كل «الموضوعات» ومصدر موضوعيتها، أي هو علتها، و«الخير» هو الذي يضمن ظهور المنظر، وهو الذي يجعل للكائن (الحاضر) كيانه الذي هو عليه،٩٨ وعن طريق هذا الضمان يتم حفظ الموجود في الوجود و«إنقاذه».
٢٧ أو تكشفه من الخفاء، وقد فضلت الإبقاء على مصطلح هيدجر على الرغم من صعوبته (راجع محاضرته عن ماهية الحقيقة ضمن هذا الكتاب).
٢٨ في الأصل باليونانية: ἀλήθεια.
٢٩ أو توافق (تكافؤ وتلاؤم).
٣٠ في الأصل باللاتينية: Adaequatio intellectus et rei.
٣١ هكذا حرفيًّا، والمراد هو ترجمة الكلمتين المذكورتين انطلاقًا من التصوُّر اليوناني لهما.
٣٢ حرفيًّا الموجود الحاضر حضورًا مفتوحًا أو ظاهرًا.
٣٣ في الأصل باليونانية: ἀληθές أي اللامحتجب.
٣٤ في الأصل باليونانية: Παντάπασι δή … οἱ τοιοῦτοι οὐκ ἂν ἄλλο τι νομίζοιεν τὸ ἀληθὲς ἢ τὰς τῶν [σκευαστῶν] σκιάς (515C-i-2) «بانتا باري دي … هوي تويثو دي أوك أن اللو تي أوميزوثين تو أليثيس أي تاس تون سكويستون سكياس».
٣٥ في الأصل باليونانية: μᾶλλόν τι ἐγγυτέρω τοῦ ὄντος (ماللون تي أنجنتيرو تو أونتوس).
٣٦ في الأصل باليونانية: ἀληθέστερα.
٣٧ ἡγεῖσθαι τὰ τότε ὁρώμενα ἀληθέστερα ἢ τὰ νῦν δεικνύμενα هجايسثاي تا تو تي هرومينا أليثيسترا أي تانون دا يكنو مينا.
٣٨ في الأصل باليونانية وقد تقدَّمت، ومعناها الحرفي هو الحق ولكنها في تفسير هيدجر كما سبق القول المنكشف واللامتحجب.
٣٩ في الأصل باليونانية: εἴδη (هي صيغة الجمع من εἴδος أي المنظر أو المظهر) وهي في تفسير هيدجر المثل أو الأفكار ideas التي تسمح للموجودات بأن تظهر وتتجلى على ما هي عليه.
٤٠ حرفيًّا: أن لا-يتحجَّب (وعسى أن يعذرني القارئ في هذا التصرف).
٤١ في الأصل باليونانية: τῶν νῦν λεγομένων ἀληθῶν (تون نون ليجومينوس أليثون).
٤٢ في الأصل باليونانية: τὰ ἀληθέστατα.
٤٣ في الأصل باليونانية: τὸ ἀληθέστατον.
٤٤ في الأصل باليونانية: οἱ εἰς τὸ ἀληθέστατον ἀποβλέποντες.
٤٥ المصدر المأخوذ من «ما» أي لما تكون عليه المثل من حيث ماهيتها وكينونتها.
٤٦ حرفيًّا: الحدود الثابتة، وقد لجأتُ للتصرُّف منعًا للتكرار.
٤٧ هذه هي ترجمة هيدجر للنص اليوناني الذي سبق ذكره، أما ترجمته الحرفية فهي «تحول النفس بكليتها».
٤٨ أي باعتبار أنها تحوُّل.
٤٩ أي نقص التكوين كما سبق القول.
٥٠ أو التي تعود فتربطها بنقص التكوين.
٥١ أي كان هو المقياس السائد الملزم.
٥٢ أي جعل ما يظهر في متناول البصر.
٥٣ الكلمة الأصلية تدل على التغلغل والتحكم فيه.
٥٤ أو وجوده ومثوله.
٥٥ أي جعله ميسَّرًا للنظر.
٥٦ في الأصل باللاتينية veritas.
٥٧ في الأصل باليونانية: ἀ-λήθεια ويُلاحَظ أن هيدجر ينطلق في كل ما يقوله ويكتبه عن الحقيقة من هذا التحليل اللغوي للكلمة. فإذا كان الحرف (a) الذي تبدأ به الكلمة هو حرف النفي، فإن بقية الكلمة تأتي من الفعل الذي يفيد معنى التحجُّب والتخفِّي (لانثانو) وبهذا يكون نفيه هو اللاتحجب.
٥٨ راجع دراسة هيدجر عن ماهية الحقيقة لتجد تفصيلات أوفى.
٥٩ أو طيه وستره وإحاطته من كل جانب.
٦٠ أي جعل رؤيته أمرًا ممكنًا أو جعله قابلًا للرؤية.
٦١ في الأصل باليونانية: εἶδος.
٦٢ في الأصل باليونانية: ἰδέα.
٦٣ أو الماهية التي يكون عليها ويحضر بها.
٦٤ يكتب هيدجر الكلمة هنا وفي السطور التالية في ترجمتها الحديثة (idea-Idee أي الفكرة والمثال) ولا يوردها بالرسم اليوناني إلا في حالات نادرة.
٦٥ هي — كما تقدم — المصدر المأخوذ من «ما» (Was-Sein).
٦٦ يحضر أو يكون أو يوجد. ومنها يأتي الحضور أو الكينونة أو الوجود، وكلها — كما ترى — محاولات قاصرة للتعبير عن الفعل العسير (an-wesen) الذي يُسرف هيدجر في استخدامه مع الاسم المشتق منه (Anwesung).
٦٧ Quidditas.
٦٨ esse.
٦٩ essentia.
٧٠ Existentia وهذه نقطة هامة تبعد هيدجر عن التصور الشائع عن «الوجودية» (السارترية!) التي لم تسأم القول بأن الوجود يسبق الماهية!



٧١ في الأصل باليونانية: ἰδέα.
٧٢ في الأصل باليونانية: γιγνωσκόμενον.
٧٣ في الأصل باليونانية: γιγνώσκειν.
٧٤ في الأصل باليونانية: νοεῖν.
٧٥ في الأصل باليونانية: νοῦς.
٧٦ في الأصل باليونانية: ζυγόν.
٧٧ في الأصل باليونانية: ἡλιοειδές.
٧٨ في الأصل باليونانية: Τοῦτο τοίνυν τὸ τὴν ἀλήθειαν παρέχον τοῖς γιγνωσκομένοις καὶ τῷ γιγνώσκοντι τὴν δύναμιν ἀποδιδὸν τὴν τοῦ ἀγαθοῦ ἰδέαν φάθι εἶναι.
٧٩ في الأصل باليونانية: ἰδέα.
٨٠ في الأصل باليونانية: τὸ ἀγαθόν.
٨١ في الأصل باليونانية: ἀγαθόν.
٨٢ في الأصل باللاتينية: perceptio.
٨٣ في الأصل باليونانية: ἰδέα τοῦ ἀγαθοῦ.
٨٤ في الأصل باليونانية: τὸ ἀγαθόν.
٨٥ في الأصل باليونانية: ἰδέα.
٨٦ أو فيما يكون عليه (في كينونته).
٨٧ أو أن يحضر (يكون) في كيانه.
٨٨ في الأصل باليونانية: τοῦ ὄντος τὸ φανότατον (أظهر الموجودات) (تو أونتوس تو فانوتاتون).
٨٩ هكذا حرفيًّا، والمقصود — كما سبق القول — أن الفلسفة الحديثة قد انحرفت «بالخير» بالمعنى الأفلاطوني الأصيل الذي بيَّنه هيدجر، إلى معانٍ أخلاقية بعيدة عنه.
٩٠ أي المثال الأسمى أو المثال الكامل التام الذي يمكنه أيضًا أن يُضفي الكمال على غيره، teleutaya idea.
٩١ أي جعل الموجودات صالحة للوجود وإتاحة الفرصة لها للظهور.
٩٢ أي إدراك المثال.
٩٣ أي عن السجين المتحرِّر على المستوى الثاني.
٩٤ في الأصل باليونانية: ἔκγονον.
٩٥ المراد ضوءها الظاهر.
٩٦ في الأصل باليونانية: (ὀφθεῖσα δέ أوفثيزا دي).
٩٧ أي السلوك.
٩٨ في الأصل باليونانية: συλλογιστέα εἶναι ὡς ἄρα πᾶσι πάντων αὕτη ὀρθῶν τε καὶ καλῶν αἰτία (سيللوجستايا أيناي هو س آرا بازي بانتون أوتي أورثون تي كاي كالون أيتيا).



* من كتاب: (نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر)
أعلى