فتحي مهذب - لم يعد ثمة متسع من الضوء...

لم يعد ثمة متسع من الضوء
الغيوم تتساقط
من عيون المارة المنكسرين
(الدموع من عنق الحصان)**
الأجنحة في سلال السهو
الجسر مليء بالنجوم
وخيول اللامبالاة
سيعبرون وتبقى زهرة الأقحوان
السماء قنبلة زرقاء
تضحك بندقية الغول في الهاوية
تنضج لكمات الحضور الذهني
في حلبة الرماد
تينع الحواس في الحرب
أشكر جدا صفاء الينابيع
في مخيال المقاتل
أشكر عباد الشمس على فصاحته
النوافذ على سرقة دموع الأسرى
لم يعد ثمة متسع من الضوء
مضطر لأعقد صفقة تبادل
لكن أوقفوا الحرب حالا
لأجمع أشلاء كلماتي المقطعة
صلواتي العذبة التي مزقها القناصة
داخل صدري
لأنبش كما هائلا من الأنقاض
هناك أطفالوا سقطوا من شجرة قلبي
بوابل من الرصاص الحي
الملاك الأحمر الصغير
بفمه الأقحواني العذب
وضحكته المليئة بالذهب
لنعقد صفقة أبدية لا رجعة فيها
أحرر شياطينكم من الأسر
مفاهيمكم الهشة عن الضوء
والمحبة والحقيقة والجمال
الغربان التي تسكن خرائب أرواحكم
شرط أن توقفوا الحرب
تطردوا طائرة الأباتشي
من حديقة رأسي
تطلقوا جميع الأسرى
من معتقلات العدمية واللامعنى
لي جثث متفحمة تحت الأنقاض
عائلة من الفرح اليومي
ملطخة بالدم
أصدقاء كثر من الفراشات الملونة
مضطر لأعقد صفقة مع الفراغ القاتل
شرط أن يهشم كلارنيته
ويكف عن مناداتي
بإيقاع سريالي
يفرد جناحيه العملاقين
يؤم الأقاليم النائية
مضطر لأعقد صفقة
مع وحوش متناقضاتي
مع المرآة التي تمضغ وجهي في العتمة
مع حيوانات غريزتي المتوحشة
مع الندم الأشقر
الذي يقفز مثل لاعب الجمباز
على حافة رأسي
مضطر لحرق مراكب الصمت
والصراخ بحنجرة طائر حزين
أمام كنيسة النهار
مضطر لإفراغ العالم
من طحالب المسكوت عنه
ما تبطنه المياه من كلمات متجمدة
بتخفيف الوطء على أديم الأرض
بالتحديق في حركات الأشياء
بمساءلة عيون الغرقى
مضطر لإسعاد النملة
بوجبة صغيرة من الذرة
مضطر لأحرر الوردة من ثعالب الشر المحض
قوس قزح من عويل المقاتلات
شجر الفستق من تأويل العدو
ما تبقى من الضوء
من جنازير القتلة
لأحرر الشرفة والبستان
إبتسامات النساء الحلوة
الغد من كثافة الأقنعة
مضطر لأعقد صفقة مع المستقبل
أزجر الغيوم بعصا الساحر
أمدح حقول الأرز
تحت تصفيق أجنحة الكراكي
وأقول للحرية : أنت أصل الأشياء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...