رانية المهدي - الرسالة...

في تلك الليلة الكالحة.. لم يكن بيدي أو بيد غيري أن يصلح الأضواء.. الظلام سيد والآلام ترعى بكل جد.. لوعة الفراق وذلك الأمل القاتل في اللقاء. وتلك الزهرة العنيدة التي مالت وانزوت على نفسها بعد كل هذه السنوات لتتخلى عن أوراقها طواعية وتسقطها على تلك الرسالة الصفراء المهترئة التي لم تُقرأ بعد.. كأنها تذكرني بها عنوة ولكنها لا تعلم.. فلم أعد أقوى حتى على فتحها.

الهواء ثقيل.. لا أنكر له تلك الأنفاس الضعيفة التي يرسلها من آن لآخر لتحفظ الحياة.. فحالي معه كتاجر البندقية وذلك المرابي العجوز الذي يسرق ويبتسم في آن واحد.
توقفت مع ذاتي وتساءلت لماذا كنت ألهث على الطريق! لماذا لم أقرأ رسالتها يوما! لماذا لم أغفر لها! لماذا لم أنجب منها طفل له عينيها الجميلتين! عن ماذا كنت أبحث!
للمرة الأولى أعترف بالغباء.
فعلت أشياء مهمة في حياتي.. أما عن الأهم فلم أفعله يوما.
لحظات وينتهي كل شيء.. كل ما أتمناه أن أقرأ رسالتها.. أن أمرر يدي على تلك الحروف ربما شعرت ببعض القرب المفقود.. بذلك الدفء الهادئ.. والحنان الذي يغمر القلب فيذوب معه في عالم الأحلام.
أتذكرها عندما رحلت وهى تبكي.. أتذكر صوتها المتقطع الذي همس لي:
_يوما ما ستعرف ولكن بعد فوات الأوان.
الأن عرفت يا حبيبتي وقد فات الأوان.. آه من هذا العالم الذي عشته في دوائر من الخديعة.. سأغادره اليوم يا حبيبتي دون ذكرى تبقيني في عينيك بعد الرحيل.

رانية المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...