محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - انا غريب الأطوار كما يُخيل لي احياناً...

انا غريب الأطوار كما يُخيل لي احياناً
ليس بالشكل الشاعري
بالشكل المخبول قليلاً
يعني أنني لا اميل للوحدة الكئيبة تلك، وأكتئابي لا يُكلفني الالاف من اعقاب السجائر شهيد شتائم ليلية
لا احفر على الجدار اسماء وعناوين وخيالات جنسية باردة
ولا اغرق بالكامل في كوب من خمر
واُهذي بشخصيات من العصر الفكتوري
بل إكتئابي عادي
امسك ورقتي، وأنتحل دور الرب لبضعة أيام، اُفاوضه بأنني سادفع آرق ليلي، وغياب عن العالم الذي لا اساوي عنده قرن باعوضة رضيعة
سأختلق بالإنابة عنك
كثير من الشخوص الأليفة، المُحبة، والتي لا تعرف عن الحرب سوى إشاعات تصلها من خارج الدفتر
ولستُ صديقاً للمطر
ليس للأمر ايضاً بعُد شاعري
اردت لو استطيع أن أقول
في ليلة ممطرة
كانت الريح تنحني وتتضرع للأغصان الراحلة بالبقاء
في الساعة العاشرة
والأمطار تطرق النوافذ كحنين مُتعجل
حدث وإن قررنا أن نكف عن التشبث بالأبواب
حطم كل منا قفل بابه وقررنا أن لا نتشارك شتاء
اردت أن ابرر كرهي للمطر هكذا
لكننا لم نفترق منتصف الليل في ليلة ممطرة
او منتصف الظهيرة في شتاء كانون
او في صباح صيفي
كان فيه جميع الباعة الفريشة على ما يرام
لقد افترقنا برسائل نصية في فصل ليس في وجهه اي تجاعيد تعبر عنه
بكلمات باردة
بطعنات غير قاتلة البته
وبذاكرة كانت نائمة في ذلك الوقت
لهذا لا يمكنني أن اربط كرهي للمطر بحبيبة ما
ولا بالثورة
الشهداء الذين بكتهم السماء حين ذاك
شيعتهم العواصف
قبلت اطرافهم البرودة
كرهي سابق لذلك ايضاً
انا فقط
اتذكر أن امي تكره الأحذية المتسخة
وانا أكره كل ما يُثير غضب أمي
هكذا ابدو خارج الصيف
الصيف المتعرق، الصيف الذين تبدو فيه جميع النساء مُهيئات للتقشير، كبرتقالة باردة أمام أنظار رجل قادم من منجم
كما أنني لا اُحب الرواية التي تحشر نفسها خارج الليل في هوامش ظهيرة مُتعرقة بقرف
تلك التي تُطاردنا حتى المقهى
مثل الفتاة التي قالت لي
( لو أننا التقينا في الربيع
ليس كفصل
اقصد الربيع كمكان من الندى، والأفراح التي تسيل برفق نحو أزهار مُنهكة)
قلت لها ( اجل املك منزل فارغ)
لستُ مُستعداً لامرأة اخرى اكتبها
لكنني ربما بحاجة لاخرى تجعلني احرق كلماتيِ، اخرى تسحبني بعيداً عن البياض، تُدخن فوق صدري، ترى الكلمات تتجمع ككومات من الضباب وتتهشم آملة بيد تتشبث بها ، اخرى غريبة قليلاً تكره المطر والثلج، و مواسم الزيجات
كما أنني اُحب الليل
ذلك الشغب الذي تُحدثه الأشياء القديمة، الكتب القديمة، الفتيات القديمات، ببثورهن، والتبق المُراغ على وقع الألبسة المخلوعة، من يقتلن برفقتنا الوحدة ،بوحشية لذيذة ، بقناني العطر الفارغة،القداحة المُهترئة، الحنين الذي تهشمت اظافره في النافذة الخشبية، موسيقى جون ارديكر، واغنيات سام اسميز وسيمون، اُحب رائحة الفراغ المهول الذي يجعلني انهمك في قصيدة، فاخرج منها متعرق، بمثانة توبخني بألم
كما أنني اُحب القهوة دون شُبهة، يعني أنني لا اجعلها آلهة الصباح، تحت صوت فيروز، إنها فقط ضرورية، فيروز تحتاجها لتُغني وانا احتاج فيروز واليشا كيز للصباح
واعمل في جميع الحِرف سوى صناعة الموت
واتخيل أن الشعر هو تجمع لا مهول للمهن الملطومة في رأسها
فأنا حداد الكلمات الفولازية اطرقها ببعضها حتى تنزف، كمحارب روماني ضخم في الحلبة، أطرقها حتى تستوي، ثم اشكلها سيوف ودروع، واحياناً امام اعين القتلة لمقصلات
واعمل كمساعد بناء احمل على أكتافي الكثير من البيوت الجائعة حتى تلال القمح، المتكومة اسفل كروش التجار
ونجار مُبتدئ، اتودد للغابات، اسألها برب التوابيت آن تقرضني بعض افرعها
عملت في كل المهن المجروحة
لكنني لم يحدث قط أن جندتني قصيدة لصالح جريمة قتل، او لطعن حُب ثمل في زقاق مُظلم
واظنني احتفظ سراً بُقدرتي الخارقة على التذكر، مُدعياً النسيان
في مراوغة ساذجة للطعنات المختبئة كالقطط في الروح
و احب اللون الازرق بتطرف، لأنني احب الله بذات التطرف
الأزرق لون الأشياء التي تأنب الدهشة وتطالبها أن تضع الإجابات الصحيحة
مثلاً كيف تبدو السماء من الجهة الأخرى
كيف تبدو بلوزتها من الجهة الأخرى
كيف يبدو الله
ولي جرائمي التي كفرتها الحرب الآن، كأنني إغتسلت، لطالما أمنت البحر، البحر ومن شاركني كأس في مزاج جيد
لأنه بطريقة ما سيكون قد عرف أين يبرز مقبض الخنجر المغروز بقسوة في الروح، المقبض الذي اخفيه، كآخر حصن لمملكتي المتآكلة
لي جرائمي، وحصة حزينة من دمع امي وتجاعيدها
وحصة مُرتبكة من حزن والدي، ويديه التي تتساقط خبز، وصلوات غير مكتملة لله
لي حصة من بقع الدم التي ومضت في أسفلت العاصمة، حصة من نظرات القتلى الأخيرة، حين لمحوا سفينة العدم، حين أرادوا الركض بقلوب مثقوبة، حين شاهدوا الله فرِحاً بحصانه الذي لا يشبه شيء غيره
بظله المُقدس الذي لا يشبه ظل غيره
و بطريقته الرائعة في السخرية
طريقته التي لا تشبه.....
لي حصة من جرائم رائحة الخبز صباحاً، في حق بطون طحت ليلها بالدموع وحمصتها لدعوات دافئة
لي حصة من تلويحات اسلاف امتدت لي، انا غريق الأسف، وخانتني الرغبة المتجمدة اتجاه السطح
لي حصة من ملح عيون الأرامل، انا الذي اتودد لهن من نافذة شعر، تُطل على الفراشات الفارغة، بعد الواحدة حزناً
لي حصة من كل رُصاصة أجلتني
لنعش أكثر حَبكة
مثل أن اموت في شتاء كانون جائعاً تحت الثلج
او تحت امطار اغسطس مُبللاً ووحيداً
وانا أكره الأمطار
وأكره الموت أكثر
#عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...